Site icon IMLebanon

 تصميم أميركي على العقوبات.. وسعي لضبط إيقاع المشاكسات الوزارية

 

مع استمرار الملفات السياسية معلّقة حتى إشعار آخر، والملفان الرئاسي والانتخابي في مقدمها، واعتماد الحكومة سياسة التأجيل خوفاً من انهيارها، خرق الهدوء الحذر على الجبهة السياسية، لقاء عقد في «عين التينة» بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام، بعد جلسة مجلس الوزراء الخلافية في محاولة لضبط المشاكسات المتمادية. كما خرقته مواقف أطلقها الرئيس سعد الحريري وجدّد فيها اتهامه «حزب الله» وايران بالوقوف وراء تعطيل الاستحقاق الرئاسي.

صوّب الحريري مجدداً على «حزب الله» وإيران، وقال خلال مأدبة افطار أقامها في «بيت الوسط» على شرف السفراء العرب إنّ الحزب «دفع بتنظيمه العسكري إلى حرب مجنونة في سوريا، بطلب من إيران، دفاعاً عن نظام بشار الأسد في مواجهة شعبه، وانه يُجاهر بتدخله في عدد من البلدان العربية الأخرى، من اليمن إلى البحرين والعراق، في وقت يمنع بطلب من إيران أيضاً، اكتمال النصاب في البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية، منذ أكثر من عامين. هذا الواقع كَبّد لبنان المئات من القتلى والآلاف من الجرحى ووضَع بلدنا رغماً عنه، وللمرة الأولى منذ استقلالنا، في مواجهة الإجماع العربي، ما انعكس تراجعاً في الدعم العربي الحيوي لدولتنا، وإحجاماً للسيّاح والمستثمرين العرب عن بلدنا».

واعتبر الحريري انّ «الوضع الذي نعيشه هو وضع شاذ، ومؤقّت، لأنّ غالبية اللبنانيين ومن كل الطوائف والمذاهب، يتمسّكون بانتمائهم إلى العروبة، ويتمسّكون بالإجماع العربي، ويرفضون تدخّل إيران في شؤونهم كما في شؤون أي دولة عربية. ويرفضون، وإن كان رفض بعضهم صامتاً، أن تستخدمهم إيران حطباً في النار السورية، أو أدوات في فتنها المتنقّلة على امتداد العالم العربي».

وأكد الحريري اننا «سنواصل التضحية من أجل حماية بلدنا من نيران الفتنة ومن أجل الحفاظ على استقراره وصولاً للّحظة التي يعود فيها انتظام الدولة ومؤسساتها، كما سنواصل العمل على ترميم علاقاتنا العربية، وصولاً إلى عودة إخواننا العرب سيّاحاً ومستثمرين إلى أهلهم في لبنان، وإلى عودة لبنان كاملاً، إلى كنف العروبة الصافية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً».

حوري

في هذا الوقت، اكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري لـ»الجمهورية» انّ الحريري أكّد في خطابه الأول على ثوابت الطائف والعيش المشترك والدولة والدستور والمؤسسات، وأكد في الوقت نفسه على الدور الأخوي والمميّز للمملكة العربية السعودية منذ بداية الحرب الاهلية وحتى اليوم في كل المجالات.

وأجرى عرضاً موضوعياً في ما يتعلق بالانتخابات البلدية، بمعنى آخر عندما شرح عبارة «زَي ما هيّي» المقصود بها المناصفة وعدم التشطيب. وبالتالي، المقصود فيها العيش الواحد المشترك، وليس مصادرة الرأي الديموقراطي. لذلك اعتبر انه كان موفّقاً في هذا الخطاب».

وشدّد حوري على انّ تيار «المستقبل» هو «تيار عريض عابر للطوائف والمناطق، وهو في مرحلة قراءة متأنية لتفعيل الايجابيات واستخلاص العبَر لتجنّب السلبيات».

بري ـ الحريري

وسط هذا المشهد، وبعد التخبّط الحكومي في ملفّي سد جنة والنفايات، والأجواء التي سادت جلسة مجلس الوزراء امس الاول، قصد سلام «عين التينة» وعرض مع بري للأوضاع وعدد من الملفات المطروحة.

وقالت مصادر رئيس الحكومة لـ«الجمهورية» انّ «لقاء الساعة ونصف الساعة في عين التينة اتّسَع للبحث في كل القضايا المحلية والإقليمية والدولية التي عكست تردداتها على الساحة الداخلية، ومنها ملف النزوح السوري وما يخطّط له المجتمع الدولي بهدف الإفادة ممّا يعزّز أوضاع اللبنانيين ويخفف مخاطر المشاريع المشبوهة».

كذلك تركز البحث على القضايا الداخلية، ومنها التحضيرات الجارية لهيئة الحوار الوطني التي أضاف الرئيس بري الى جدول أعمالها في اجتماعها المقبل، ملف قانون الانتخاب، وتحديداً القانون المُحال من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي العام 2013 وهو الذي يتحدث عن 13 دائرة انتخابية ويعتمد النظامين الأكثري والنسبي فيها، والظروف التي دفعته الى هذه الخطوة والتي أدّت الى تجميد اللجان النيابية المشتركة البحث في القانون المختلط بين الأكثرية والنسبية الى ما بعد اجتماع الهيئة في 21 حزيران الجاري، عقب الفشل في إجراء مقاربة لقانون ينطلق من هذا المشروع يجمع عليه الأطراف او أكثريتها».

وأشارت الى انّ البحث تناول ايضاً العمل الحكومي وما آلت اليه معالجة بعض الملفات، من ملف سد جنة المعلّق على مناقشات جلسة يريد رئيس الحكومة ان تكون مخصصة للبحث فيه، مَخافة ان تعلّق الخلافات بشأنه البحث في البنود المقترحة في جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، وصولاً الى ما رافق إقرار ملف النفايات في جلسة أمس الاول، وما تقتضيه الخطوة من تحضيرات إدارية ومالية وقانونية».

ولفتت المصادر الى انه «في شقّ آخر من اللقاء ناقشَ الرجلان التطورات الأمنية وما بَذلته وتبذله القوى العسكرية والأمنية من جهود، فقَدّرا بكل المقاييس العملية النتائج التي تمّ التوصّل اليها والتي وَفّرت الحد الأدنى من الأمن والإستقرار في البلاد، على رغم مساعي المجموعات والخلايا الإرهابية الهادفة الى توتير الوضع الأمني وزرع القلق في نفوس المواطنين خلال شهر رمضان وبداية موسم الإصطياف.

غلايزر: القانون سيُنفّذ

في غضون ذلك، أعلنت الخارجية الأميركية انّ الإدارة الأميركية لا تزال تركّز على مواجهة نشاطات «حزب الله» في كلّ أنحاء العالم، بما في ذلك أنشطته الإرهابية العالمية.

وكان مساعد وزير الخزانة الأميركية لمكافحة تمويل الإرهاب دانيال غلايزر أعلن عَزم واشنطن تنفيذ قانون العقوبات ضد «حزب الله»، «ولكن بما يتّفق والحفاظ على قوة النظام المالي اللبناني وسلامته، «علماً أننا لا نستهدف أيّ مكوّن أو طائفة لبنانية، بل مجموعة واحدة هي حزب الله وأعضاؤه ومنظّماته».

وفي شهادة أدلى بها أمام إحدى لجان الكونغرس، أشار غلايزر إلى أنّ «قادة الحزب حاولوا التقليل من تأثير العقوبات الأميركية والأوروبية والخليجية في مواقف متعددة العام الماضي، وهذا مؤشّر على أنّ جهودنا تُثمر».

ولفت الى انّ «حزب الله يتلقى مئات الملايين من الدولارات من إيران، فضلاً عن ملايين أخرى من شبكة عالمية من المؤيّدين والشركات، كما يستخدم شبكة من الشركات والسماسرة لشراء الأسلحة والمعدات وغسل الأموال».

وقال: ركّزت واشنطن على «تقييد تمويل حزب الله داخل لبنان عبر تعاون واسع مع السلطات اللبنانية والمصارف، واستهدفت على الصعيد العالمي، الوكلاء والممولين في أوروبا وأميركا اللاتينية وشرق آسيا والشرق الأوسط، عبر تحديد ومعاقبة الجهات الراعية الإيرانية للحزب وتمكين المكلفين إنفاذ القوانين والإجراءات».

الهبر

في هذا الوقت، دانَ مقرر لجنة المال والموازنة النيابية النائب فادي الهبر هجوم «حزب الله» غير المسبوق على حاكم مصرف لبنان، وقال لـ«الجمهورية» انّ الحزب، إضافة الى تَفلّته خارج الحدود اللبنانية واضعاً أمن لبنان على كف عفريت، يَضع اقتصاد لبنان ومعيشة اللبنانيين على المحك عبر هجومه على المصارف والبنك المركزي والحاكم بشكل خاص، ما يشكّل إساءة لكرامة اللبنانيين على كل المستويات لا سيما المستوى الاقتصادي والمعيشي والتهويل على الودائع، وليس صعباً انتقالها الى الخارج، ما يؤثّر مباشرة في حاضر البلد ومستقبله».

أضاف الهبر: نحن نعتزّ بالملاءة الموجودة على مستوى الودائع والمصارف، ونعتزّ بحاكم مصرف لبنان الذي يشكّل حماية للوضع المالي والنقدي تحديداً، فهذا الهجوم المباشر عليه هو هجوم على السيادة الوطنية والاقتصادية والمعيشية ويشكّل سابقة.

فمنذ الاستقلال حتى اليوم لم يتهجّم أحد على موضوع على درجة عالية من الحساسية في ظل وضع اقتصادي متراجع.

واكد الهبر انّ «اللبنانيين يقفون خلف الحاكم ويدعمونه، والعقوبات الدولية على «حزب الله» والاحاطة الدولية تحترم مصداقية المصارف اللبنانية والبنك المركزي والعملية المالية والنقدية وحمايتها.

ونحن نستهجن خطاب الحزب العنيف الذي يضرّ بالشعب اللبناني بكل طوائفه ويؤثر في تراجع مداخيل الدولة أكثر، ويشكّل صدمة سلبية للأسواق اللبنانية خصوصاً اننا مقبلون على موسم اصطياف في ظلّ تراجع اقتصادي على كل المستويات».

الحوت

وفي ملف قانون الانتخاب، قال نائب «الجماعة الاسلامية» عماد الحوت لـ«الجمهورية»: اعتقد انّ قرار اللجان النيابية المشتركة تأخير اجتماعاتها الى ما بعد انعقاد طاولة الحوار الوطني يهدف الى تحميل القوى السياسية بشكل مباشر مسؤولية قانون الانتخاب والاتفاق حوله، لأنه من الواضح انّ هناك نوعاً من المماطلة، اذ انّ بعض القوى السياسية يريد ان يمرّر الوقت حتى يصل الى لحظة لا يكون فيها مخرج من العودة الى قانون الستين.

وبالتالي، كان لا بدّ من تحميل القوى السياسية مباشرة المسؤولية وإحالة الموضوع الى طاولة الحوار.

اضاف: إنطباعي انّ هناك من يدفع باتجاه البقاء على قانون الستين. هناك محاولات لمنع هذا الامر لكنّ منطق التعطيل ما زال غالباً. وبالتالي، اذا لم تتحمّل القوى السياسية مسؤولياتها ولم تقرأ نتائج الانتخابات البلدية جيداً، أعتقد انها ستصاب بخيبة جماهيرية لأنّ عموم الناس لم تعد تقبل البقاء على ما نحن عليه، لا من حيث التمديد ولا من حيث قانون الانتخاب.

حركة سفراء

وكان يوم أمس تميّز بحراك ديبلوماسي لافت على كل الجبهات، وشكّل الاستحقاق الرئاسي محور البحث. فزار السفير السعودي علي عواض عسيري «بيت الوسط» داعياً الحريري الى حضور مأدبة الافطار التي سيقيمها الاسبوع المقبل.

امّا سفير مصر محمد بدر الدين فشَدّد، بعد زيارته رئيس الحكومة في السراي الحكومي، على ضرورة استكمال كل الخطوات في المؤسسسات الدستورية وإنهاء الفراغ الرئاسي وإجراء انتخابات نيابية.

وحَطّ السفيران البريطاني يوغو شورتر والروسي الكسندر زاسبكين في الرابية، وعرضا مع رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الاوضاع في لبنان والمنطقة، ولا سيما رئاسة الجمهورية.

واطّلع السفير الالماني مارتن هوث من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على الخطوات العملية التي اتخذتها الوزارة في موضوع معالجة الأمور المتعلقة بأزمة النازحين السوريين في لبنان لجهة متابعة مؤتمر لندن للمانحين، وتطرّق البحث الى الأزمة الرئاسية اللبنانية وفرَص الخروج منها.