تزدحم أجندة الأسبوع المقبل بمواعيد، أبرزُها جلسة الحوار الوطني في 21 حزيران والتي يعوّل رئيس مجلس النواب نبيه برّي عليها لمقاربة قانون الانتخاب الجديد بطريقة إيجابية، ثمّ جلسة اللجان النيابية المشتركة في 22 الجاري لمواصلة النقاش في القانون المختلط، وتتبعها الجلسة 41 لانتخاب رئيس الجمهورية في 23 الجاري، علماً أنّها ستكون كسابقاتها من حيث عدم اكتمال النصاب، وتليها مساءً جلسة الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله». ويُختتم الأسبوع بخطاب يلقيه الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله عصر الجمعة المقبل في ذكرى اغتيال مصطفى بدر الدين. إلّا أنّ هذه المحطات السياسية، على أهمّيتها، لم تحجب الاهتمامَ بالأوضاع الأمنية في البلاد، في ضوء تفجير فردان الذي استهدف بنك «لبنان والمهجر»وحرّكَ المخاوف من تفجيرات أخرى.
أكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنه «منذ فترة، وصلت معلومات أمنية إلى مخابرات الجيش عن نيّة مجموعات القيام بتفجيرات في الداخل وزعزعة الاستقرار، فتحرّك الجيش بسرعة ونفّذ عمليات في أكثر من منطقة، وكان أبرزها القضاء على خلية لـ«داعش» في خربة داوود في عكّار».
ولفتَ المصدر إلى أنّ «المعلومات التي بحوزة السفارات ويتم تداولها في الإعلام حالياً، وصَلت إلى الجيش سابقاً، ولا معلومات جديدة عن تهديدات أو وجود مجموعات إرهابية أو تحذيرات من أعمال جديدة».
وشدّد على أنّ «الجيش مستمرّ بتدابيره الأمنية المشدّدة في العاصمة بيروت وكلّ المناطق لحماية الاستقرار».
المشنوق
وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«الجمهورية»: إنّ الكلام الذي يُثار حول تفجيرات من هنا وهناك هو كلام غير موثّق ومبني على اتصالات يكون هدفها التخويف اكثر منها الحقيقة والواقع. وأضاف: الوضع الامني لا يزال تحت السيطرة، وانفجار فردان عنوانه وطبيعته مختلفان ولا علاقة له لا بالتحذيرات ولا بالمعلومات عن تفجيرات في المناطق ولا بالتحقيقات السابقة.
وكان المشنوق قد أكّد بعد خروجه من اجتماع مجلس الوزراء أمس أنّ «المعلومات التي وصلت الى السفارات قديمة، عمرُها أكثر من شهرين، وقد وصلت حديثاً إلى السفارات وتتصرّف على أساسها».
أضاف: نحن أخَذنا كلّ الاحتياطات منذ علمنا بهذه المعلومات، إنّما ليس هناك من شيء جديد يبرّر التحذيرات التي صدرت عن السفارات.
وأشار المشنوق إلى أنّ التفجير الذي حصل في منطقة فردان «لا يأتي في سياق التفجيرات السابقة، لأنّ عنوانه مختلف وطبيعته مختلفة، ولا علاقة له بالتحقيقات وبالمناطق وبالتحذيرات التي صدرت عن السفارات».
ولفت إلى أنّ تلافي الخطر يكون بما تقوم به الأجهزة الامنية، مؤكّداً أنّ «المعلومات المتداولة جاءت نتيجة توقيف أشخاص منذ اكثر من سبعة أسابيع»، وأنّ «بعض الكلام المتداوَل غير موثّق.
كاغ في لندن
إلى ذلك، التقَت المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ في لندن كبارَ المسؤولين في المملكة المتحدة، وتركّزت المحادثات على القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، ومنع التطرّف العنيف، والفرَص الملموسة لترسيخ الاستقرار في لبنان وحمايته من تداعيات الأزمة في سوريا، وتأمين المساعدات الإنسانية والإنمائية الطويلة الأمد.
ومِن المتوقع أن تقدّم كاغ إحاطة إلى مجلس الأمن في نيويورك في 7 تمّوز المقبل.
مجلس وزراء
في هذه الأجواء، وفي غياب الوزيرَين الكتائبيَين سجعان قزي وآلان حكيم، انعقَد مجلس الوزراء في السراي بنصاب ثمانية عشر وزيراً وبتفاهمات جَعلت الحكومة تقرّ بنوداً على جدول أعمالها وتتّفق على جلسات اخرى للملفات الخلافية الكبيرة.
وبحسبِ معلومات «الجمهورية»، فإنّ الرئيس تمّام سلام قال في بداية الجلسة: في ظلّ الأوضاع المتردية، أعلنَ أخيراً زميلان استقالتهما إعلامياً وأحدثا مزيداً مِن البلبلة والضعضعة في البلاد، ولأنّ الاستقالة إعلامية، والإعلام أخَذ مداه وكنّا نتمنّى منهما لو استمرّا معنا في تحمّل المسؤولية في ظلّ هذه الظروف الصعبة، وبما أنّني لم أتبلّغ لا شفوياً ولا خطياً الاستقالة، فإنّني أعتبر عدمَ حضورهما اليوم غياباً.
وأضاف: بغياب بعض الوزراء سيؤجَّل البحث في البنود المتعلقة بوزارتَيهما.
ثمّ طلبَ وزير الأشغال العامة غازي زعيتر الكلام، وقال: طالما الاستقالة إعلامية أتمنّى أن يشير إليها وزير الإعلام في تلاوة المقرّرات، وأن يقول إنّ مجلس الوزراء لم يتبلغ بعد، والاستقالة إعلامية.
وتوالت المداخلات التي انتقدت طريقة تظهير الاستقالة، وخصوصاً لجهة القول إنّ الكتائب لن تغطّي الفساد والصفقات. ومن بين المداخلات ما قاله الوزير روني عريجي: نحن نتمنّى أن يعودا عن قرارهما وأن يكونا بيننا، لكنّ التبريرات التي أعطيَت غير محِقّة، نحن لسنا مفسِدين ولا فاسدين، ونحن أخَذنا الكثير من القرارات رغماً عنّا، حفاظاً على الحكومة والمصلحة العامة، لأنّ الوضع السياسي دقيق ولا يتحمّل، بالإضافة الى أنّهما كانا جزءاً من قرارات اتّخذها مجلس الوزراء.
فرعون
وطالبَ الوزير ميشال فرعون بدوره بأن «تكون هناك مساحة أكبر لمناقشة ملفّات مبنية على أسُس قانونية أو علمية أو قضائية وليست سياسية، لأنّ عدم البتّ بهذه الملفات دفعَ وزراء الكتائب الى اتّخاذ موقف الاستقالة».
وأضاف: هناك 3 إلى 4 ملفات تعمل على «تسميم» العمل الحكومي، وهي: إستكمال تنفيذ خطة النفايات، سَد جنّة، أمن الدولة والاتصالات، وهي ملفات تحتاج الى مساحة أكبر من النقاش، ونَعلم أنّ الأمور التي تحمل عناوين سياسية كبيرة متروكة لطاولة الحوار، أمّا نحن فنستطيع اتّخاذ قرارات بالملفات الملقاة على عاتقنا.
وبَعد النقاشات، آثرَ معظم الوزراء أن يناشد سلام وزيرَي الكتائب العودةَ عن الاستقالة، فردّ سلام: كيف أطلب منهما العودة عن الاستقالة، وأنا لم أُبَلّغ بها؟
أوجيرو
ثمّ دخلَ مجلس الوزراء في نقاش جدول الأعمال، وعند الوصول الى البند المتعلق بـ«أوجيرو»، طلب وزير الداخلية تأجيلَ البحث، لأنّ الوقت لم يعُد يسمح، لكنّ وزير الاتصالات بطرس حرب أصرّ على مناقشته وقدّم تقريراً وصفَه الوزراء بالتقني والإداري، ما أثار حفيظة كلّ مِن الوزيرين وائل ابو فاعور والياس بوصعب.
وخاطبَ ابو فاعور حرب بالقول: عَم تِضحك علينا. ليس هذا ما طلبناه، هذه أمور إدارية، بينما نحن طلبنا نقاطاً محدّدة وواضحة. فتدخّلَ بوصعب مطالباً بتقرير جديد، مذكّراً بالنقاط التي يطالب بها تكتّل «التغيير والإصلاح» من شهر شباط الماضي، والمتعلقة بالإنترنت غير الشرعي، والعقد بين «أوجيرو» ووزارة الاتصالات الـ fiber optique إضافةً الى التخابر الدولي.
فردّ حرب متوجّهاً إلى ابو فاعور: نحن لسنا قضاةً لمحاكمة الموظفين، والملف قضائيّ. فأجاب ابو فاعور: والقضاء لا يَفعل شيئاً به. فقال حرب: لنحوّل الملف إذاً سياسياً، ونتعاطى معه على هذا الأساس. ثمّ قدّم مداخلة وُصِفت بالوجدانية، ردّ عليها ابو فاعور بالتراجع عن كلامه واعتبارِه غيرَ مقصود، وهدفه ليس التجريح.
وعليه، طلبَ سلام من حرب إعدادَ تقرير جديد بالنقاط المطلوبة ورفْعَه الى مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوماً.
ووَعد سلام الوزراء بأن يخصّص جلسة لسَد جنّة وأخرى للاتصالات، وتقرّر عَقد جلستين الأسبوع المقبل، الاولى يوم الاربعاء لمناقشة جدول الاعمال، والثانية الجمعة لمناقشة مشاريع مجلس الإنماء والإعمار.
عرَيجي
وقال عريجي لـ«الجمهورية»: هدوء جلسة اليوم سَمح بتمرير بنود جدول الأعمال، ونأمل في ان يستمرّ المجلس بهذه الوتيرة من التعاطي مع المواضيع بإيجابية، خصوصاً غير السياسية والبعيدة من التجاذبات. كنّا نتمنّى أن يكون وزيرا الكتائب معنا، فنحن لا نحبّذ الاستقالات ونفضّل ان يكون تصويب العمل الحكومي بمشاركة الجميع ومِن داخل الحكومة.
قزّي
وعن أسفِ رئيس الحكومة لاستقالة قزي وحكيم وتنويه الوزراء بأدائهما في الحكومة، قال قزي لـ«الجمهورية»: لا أستطيع إلّا أن أشكر الرئيس سلام على التفاتتِه، وزملائي الوزراءَ على إشادتهم بي وبزَميلي آلان حكيم، وأؤكّد أنّه يوجد في هذه الحكومة وزراء شرَفاء وغير منغمِسين بالفساد غيرَ وزراء الكتائب، فنحن لا نحتكرُ وحدنا العفّة والنزاهة. وحين تحدّثَ الشيخ سامي الجميّل لم يكن يعني كلّ الوزراء تحديداً، إنّما كان يتحدث عن ذهنية معيّنة في مقاربة بعض البنود المتعلقة بالصَفقات.
الجميّل: الاستقالة خطّياً
وكان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل قد كشفَ أنّ «الحزب سيبلّغ استقالتَه رسمياً إلى رئيس الحكومة، وبعدها سنصبح خارج وزاراته والحكومة.
ورأى أنّ «هذه الحكومة انتهت صلاحيتها وانتقلت من العجز إلى الضرَر، ولذلك دعَونا سلام الى الاستقالة لوضع الجميع أمام مسؤولياته. وقال: الاستقالة بداية لمسار تغييري شامل في النمط السياسي السائد المبني على الصفقات والمحاصَصة والتواطؤ على مصالح الشعب اللبناني.
وقالت مصادر كتائبية لـ«الجمهورية» إنّ الخطوة جاءت لوقفِ محاولات الإتجار بموقف الحزب، خصوصاً تلك التي اعتبرَتها «قنبلة صوتية» وأخرى شكّكت فيها ووصفَتها بأنّها «فولكلورية» ومجرّد بالون سياسي للتعمية على حقيقة الموقف الكتائبي الذي لا يبغي الإتجارَ بالخطوة ولا استثمارَها، على غرار ما يَعتقد البعض من الساعين الى المقارنة والتشبيه بينها وبين خطوات أخرى يهدّد بها البعض الذي مارسَ المقاطعة الوزارية أحياناً لقاء مصلحة آنيّة أو شخصية». وأكّدت «أنّ القرار جدّي وليس للمناورة، ولن تكون خطوة ناقصة. فالاستقالة إمّا أن تكون نهائية أو لا تكون.
ولكن للأسف هناك بعض من يلجَأ الى مِثل هذه الأساليب تزلّفاً أو مراوغةً، فيما الموقف الكتائبي «جدّي إلى النهاية وليس للمساومة كما يَعتقد هؤلاء».
وأشارت المصادر إلى أنّ الكتاب الذي سيُرفَع إلى سلام هو عِلم وخبَر بما حصل، وأنّ الحزب طرَح مصير الاستقالة على مراجع دستورية لتقولَ كلمتَها في الخطوات التالية وما يترتّب عليها بغياب رئيس الجمهورية.
أبوفاعور
وفي سياق الاتصالات، قصَد أبو فاعور «بيت الوسط» للتشاور مع الرئيس سعد الحريري في التطورات، ولفتَ بعد اللقاء إلى «أنّ الأمور الحاصلة اليوم دقيقة، والوضعُ صعب، ولا بدّ من التصرّف بمسؤولية من قبَل كلّ القوى السياسية».
وقال: نحن والرئيس الحريري، وبالتفاهم مع رئيس الحكومة تمام سلام، نسعى إلى أكبر إنتاجية ممكنة في مجلس الوزراء وتفادي الموضوعات المتفجّرة في هذه الفترة، من أجل الحفاظ على ما تبقّى من دلائل للدولة اللبنانية، أي المؤسسة الوحيدة العاملة، وهي مجلس الوزراء.
تهديد إسرائيلي
من جهة أخرى، صرّح وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنّ «حزب الله» لا يستطيع أن يشكّل تهديداً لوجود إسرائيل، موضحاً مع ذلك أنّه بإمكانه أن يلحِق ضرَراً جسيماً بالجبهة الداخلية وبالبُنى التحتية وبالمطارات والموانئ ومصادر الطاقة.
ورأى أنّ احتمال اندلاع مواجهة أخرى في لبنان ليس كبيراً حاليّاً، إلّا أنّ الحرب قد تندلع من دون أن يرغبَ الأطراف في ذلك. ولفتَ إلى أنّ هذه الحرب ستؤدّي إلى دمار لبنان وخرابه ورحيلِ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.