IMLebanon

سلام: لن نخضع للإبتزاز… وحوار «المستقبل» و«حزب الله» قريباً

لم تكن دموع لبنان قد جفّت بعد على أسطورته صباح وعملاقِه سعيد عقل، حتى بكى مجدّداً حزناً على 6 عسكريين جُدد انضمّوا إلى قافلة الشهداء في مسيرة طويلة يبدو أن لا نهاية لها في معركته المفتوحة ضدّ الإرهاب والإرهابيين. وقد سجل ليلاً تصدّي الجيش بمختلف الاسلحة لمسلّحين حاولوا التسلل في اتجاه مراكزه في وادي عطا في جرود عرسال.

سقط للجيش أمس 6 شهداء جُدد وجريح واحد، في مكمن مسلّح غادر تعرّضت له دورية عسكرية في جرود رأس بعلبك. وقد جاء هذه المكمن في غمرة الابتزاز الذي تمارسه جبهة «النصرة» و«داعش» ضد الحكومة وأهالي المخطوفين العسكريين، والذي أكّد رئيس الحكومة تمام سلام «أنّنا لن نخضعَ له»، وبعد إماطة اللثام عن الإنجاز الجديد الذي سجّلته المؤسسة العسكرية والمتمثّل باعتقال سجى الدليمي، إحدى زوجات زعيم «الدولة الإسلامية» ابو بكر البغدادي، والتي كانت خرَجت من سوريا في إطار صفقة إطلاق راهبات معلوﻻ، وكذلك توقيف زوجة المسؤول في «النصرة» أنس شركس المعروف بـ«أبي علي الشيشاني» في منطقة حيلان زغرتا وكان برفقتِها شقيقها راكان الذي تردد انه متورّط في قضية العسكريين المخطوفين.

وأفاد بيان لمديرية التوجيه انّ دورية تابعة للجيش تعرضت في منطقة جرود رأس بعلبك أثناء قيامها بمهمّة مراقبة، لمَكمن نصبته مجموعة إرهابية، ودار اشتباك نتج عنه استشهاد ستة عسكريين وإصابة سابع بجروح غير خطرة. وعلى الأثر استقدم الجيش تعزيزات إضافية إلى المنطقة، واتخذت الوحدات العسكرية الإجراءات الميدانية المناسبة».

واتصل سلام من بروكسل بقائد الجيش العماد جان قهوجي معزياً باستشهاد العسكريين، ومتمنياً الشفاء العاجل للجرحى. وأكد له التضامن الكلّي مع المؤسسة العسكرية، ووقوف جميع اللبنانيين خلف الجيش في معركته مع الارهاب. كذلك اتصل بوزير الدفاع سمير مقبل للغاية نفسها.

مصدر عسكري

وشدّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ «زوجة البغدادي وابنه، ما زالا موجودين في وزارة الدفاع، وانّ الزوجة تخضع للتحقيق وهي اعترفت بأنها زوجة زعيم «داعش»، لافتاً الى أنّ «هذا الاعتقال يشكل إنجازاً نوعياً للجيش، ويدلّ على جهوزية المخابرات وإصرارها على ملاحقة الخلايا الإرهابية». ولفت المصدر الى أن «للحكومة القرار في ما إذا كانت ستعتمد هذا الإعتقال ورقة للتفاوض مع خاطفي العسكريين، لأنّ الجيش يستمرّ في القيام بواجباته، أما المفاوضات فهي من عمل الحكومة».

وفي هذه الأجواء، قالت مصادر وزارية وامنية لـ«الجمهورية» انّ المكمن الذي نصب للجيش في جرد رأس بعلبك عكس تداعياته على حركة الإتصالات الجارية ما بين الخاطفين والمفاوض اللبناني، وأدى الى تجميدها على الأقل في الساعات المقبلة في انتظار استكشاف الظروف التي رافقت الإعتداء على الجيش في منطقة تقع ضمن الأراضي اللبنانية. ولفتت هذه المصادر الى انّ الإتصالات تكثفت وفتحت بين المراجع العسكرية والسياسية لتقويم ما حصل في شكله وتوقيته ومواجهة تداعياته.

العسكريون الشهداء

وليلاً، نعت قيادة الجيش شهداءها، وهم: الرقيب علي سعدو يزبك من مواليد 15/4/1981 شمسطار – قضاء بعلبك، الجندي مشهد عباس شرف الدين من مواليد 12/4/1988 المعلقة – قضاء زحلة، الجندي محمد علي سليمان من مواليد 1/10/1989 حنيدر – قضاء عكار، المجند محمد حسين سليم من مواليد 26/9/1992 بوداي – قضاء بعلبك، المجند ربيع حسين هدى من مواليد 28/9/1994 عيات – قضاء عكار، والمجند علي أحمد محمد من مواليد 7/12/1994 حبشيت – قضاء عكار.

قزي

وفي هذا الإطار، قال وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «انّ الجريمة التي ارتكبتها مجموعة المسلحين تدل على انّ الخاطفين لا يريدون حلاً للقضية، لا عبر الوسيط القطري ولا الوسيط اللبناني ولا ايّ وسيط آخر، وأثبتوا بإصرارهم على ارتكاب الجرائم عدم جديتهم في توفير الظروف التي يمكن ان تؤدي الى عملية تبادل، او مثلما يسمّيها البعض بالمقايضة أو ما شابه من المفاوضات وباتت العملية في مكان آخر».

ودان قزي جريمة الإعتداء الإرهابية وتقدّم بالعزاء من الجيش قيادة وضباطاً ورتباء، وشدد على «أهمية وقوف اللبنانيين الى جانب المؤسسة العسكرية لعبور المرحلة الخطيرة التي نعيشها بأقل الخسائر الممكنة».

قضية المخطوفين

وفي هذه الأجواء، يستمر التفاوض لإطلاق المخطوفين العسكريين لدى الإرهابيين، ومن المنتظر ان يسرّع الاتصال الهاتفي الذي أجراه سلام مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في عودة الموفد القطري (السوري الجنسية) أحمد الخطيب الى لبنان، علماً انّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يستعد للتوجّه مجدداً الى سوريا في خلال الساعات المقبلة لاستكمال البحث مع المسؤولين السوريين في موضوع إطلاق موقوفات في السجون السورية.

سلام: لن نخضع

وتمنى سلام على أمير قطر «تفعيل الوساطة القطرية لمساعدة الحكومة على تحرير العسكريين ورفع المعاناة عن أهاليهم»، فأكد له الأخير «اهتمامه الشديد بمساعدة لبنان واللبنانيين في هذه المحنة، واعلن انه سيعطي تعليمات فورية للمولجين بهذا الملف بمتابعته واجراء الاتصالات اللازمة. وجدّد سلام شكره وتقديره لأمير قطر «على موقفه الانساني».

من جهة ثانية، قال سلام أمام الجالية اللبنانية في بلجيكا «انّ لبنان لن يخضع للابتزاز في قضية العسكريين المحتجزين»، مؤكداً «انّ الحكومة تنطلق في المفاوضات من قواعد وأصول ولن نتخلى عن قواعدنا لنصبح رهينة للآخرين». وقال: «إنّ ارواح ابطالنا امانة، ولكننا لن نخضع للابتزاز، فلا يبتزّ أحد 4 ملايين لبناني ولا يبتزّ أحد جيش لبنان، نحن حريصون على حياة 26 مخطوفاً، ولكننا حريصون في الوقت نفسه على حياة وأرواح 4 ملايين لبناني».

الأمن العام

في هذا الوقت، نفت المديريّة العامّة للأمن العام ان تكون سلّمت العقيد في «الجيش السوري الحر» عبد الله حسين الرفاعي الموقوف لديها إلى «حزب الله» لمقايضته وشخصين آخرين موقوفين لديه لتحرير عماد عيّاد. واكدت أن «لا علاقة للأمن العام بعملية المقايضة التي جرت بين الحزب و«الجيش الحرّ». وأشارت الى «أنّ الرفاعي لا يزال موقوفاً في الأمن العام بعد إحالته اليه من الجهات القضائية المختصة، وأنّ مصيره مرتبط بمجرى المفاوضات الهادفة الى إطلاق العسكريين المخطوفين».

«النصرة»

وليلاً، نقلت وكالة «الأناضول» عن «جبهة النصرة» إعتبارها أن «الحكومة اللبنانية أظهرت اليوم ضعفها باعتقال النساء واطفال وأنها حليفة لـ«حزب الله» عندما اعتقلت نساء أهل السنّة». وقالت: «لن نكتفي بإعدام الجندي محمد حمية أو قتل جميع العسكريين انتقاماً لكل عرض انتُهك أو طفل ذُبح أو شُرّد»، لافتة إلى أنّ «العسكريين اللبنانيين لدينا أسرى حرب». وأعلنت «أننا حاولنا مراراً فتح باب المفاوضات في شأن العسكريين الأسرى لدينا لكنّ الجيش اللبناني لم يتجاوب».

الحوار

على صعيد آخر، تتركز الاهتمامات على الحوار المرتقب بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره مساء امس ارتياحه الى أجواء الاتصالات الجارية لتحضير جدول أعمال هذا الحوار بعد عودة السيد نادر الحريري مستشار الرئيس سعد الحريري من الخارج واجتماعه بوزير المال علي حسن خليل الذي سيَليه اجتماع آخر، وأكد أنّ الأجواء إيجابية جداً إزاء الجدول، مشيراً الى ان ليس هناك أيّ تناقض في هذا الجدول وبين الحزب و«المستقبل».

وأكد بري انّ الجلسة الأولى للحوار ستُعقد برعايته في عين التينة، «وبعدها، فليختر المتحاورون الأمكنة التي يشاؤون لمتابعة الحوار فيها». وتوقّع أن تنعقد هذه الجلسة قريباً.

وأشار بري الى أنّ الحوار سيتناول القضايا المطروحة راهناً، ولن يغوص في أي مواضيع أخرى يمكن أن تشكّل معوقاً له.

وعلمت «الجمهورية» انّ جدول الأعمال سيتناول بالدرجة الاولى موضوع الاستحقاق الرئاسي لجهة إنجازه باتفاق بين الجميع على رئيس توافقي، كذلك سيتناول موضوع قانون الانتخاب وسبل تبديد التشنج المذهبي والأجواء المشحونة في البلاد بما يوسّع دائرة الإستقرار الأمني والسياسي.

«المستقبل»

في غضون ذلك اعتبرت كتلة «المستقبل» النيابية أنّ إعلان الحريري استعداده للحوار مع حزب الله «من شأنه تبريد الاحتقان والإفساح في المجال للبحث في سُبل التوافق لانتخاب رئيس جمهورية جديد»، وإذ شددت على أنّ مبادرته «لا تحمل ايّ تراجع عن المواقف الأساسية التي شكلت ولا تزال موضع خلاف مع الحزب وعلى وجه التحديد دوره ودور سلاحه غير الشرعي في أكثر من منطقة في لبنان وخارجه وعلى وجه الخصوص في سوريا عبر مشاركته في القتال الى جانب النظام السوري في مواجهة شعبه، وكذلك موضوع المحكمة الدولية و»إعلان بعبدا». واعتبرت «انّ مبادرة الحريري هي بمثابة فرصة ونافذة مفتوحة يجب اغتنامهما والاستفادة منهما خدمة للبنان وشعبه ومصالحه الوطنية العليا».

«التكتل»

ومن جهته أعلن تكتّل «التغيير والإصلاح» انه سيسلك «كلّ وسيلة متاحة في الوثيقة والدستور والسياسة لوضع حدٍّ للانقلاب على الدستور الذي يترافق مع فسادٍ سلطوي بامتياز قبل أيّ شيء آخر».

وذكّر بطلب رئيس «التكتّل» النائب ميشال عون، دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد لتفسير المادة 24 من الدستور، وشدّد على «أنّ إقرار قانون انتخاب جديد يجب أن يكون المدخل إلى إعادة تكوين السلطة كما هي الحال في الديموقراطيات البرلمانية، إذ تجري الانتخابات النيابية في ظلّه، ومن ثمّ يجري انتخاب رئيس الجمهورية، وإلّا اللجوء إلى مبادرة رئيس التكتّل بانتخاب الرئيس مباشرةً من الشعب.

لجنة قانون الانتخاب

في هذا الوقت، تتابع لجنة التواصل النيابية المكلفة درس قانون الانتخاب الجديد أعمالها، فتجتمع الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في مجلس النواب برئاسة النائب روبير غانم، لمتابعة درس اقتراح القانون الانتخابي المختلط الذي قدّمه عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزي.

سلام اختتم زيارته

وكان سلام اختتم أمس زيارته لبروكسيل بعدما التقى رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال ورئيس البرلمان مارتن شولتس ورئيس الإتحاد الأوروبي جان كلود يونكر والممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فريديريكا موغيريني، وشارك في جلسة للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي خصّصت لمناقشة الوضع في لبنان، وأجاب عن اسئلة عدد من النواب الأوروبيين، وبعضها تناول موضوع تدخّل «حزب الله» في سوريا، فقال: «عندما تشكّلت الحكومة تمكنّا من التوافق على بيان وزاري يتضمن نقطة مهمة وافقت عليها جميع القوى بما فيها «حزب الله»، وهي مبدأ «النأي بالنفس» ولم يتمّ التزام هذا المبدأ، ولكننا سنستمر في المحاولة لإبعاد كل الأطراف عن الأتون السوري». وانتقد «اللامبالاة الدولية تجاه الأزمة في سوريا وتركها تصِل الى ما وصلت اليه»، واكد انّ «الحل السياسي هو الحل الوحيد للمشكلة السورية».