Site icon IMLebanon

النفط «يُسخِّن» العلاقات… برّي مستاء… وسلام لن يدعو اللجنة الوزارية!

إرتدادات محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، شكّلت الجاذب الأساس للاهتمام الداخلي، ولبنان على كلّ مستوياته، منَح نفسه صفة المراقب للحدث التركي، ورصَد اتجاهات رياحه، وحركة التطوّرات التالية له، والمدى الذي قد تبلغه ارتداداته، وتأثيراتها الآنية واللاحقة، سواء على المسرح التركي، أو على الساحة الإقليمية. وقد يبدو الحدث التركي مرشّحاً للتفاعل داخلياً وإلى مدى زمني مفتوح على شتّى الاحتمالات، وقد تتخطّى ارتدادتُه الحدود وتصل إلى دول الجوار التركي وربّما أبعد. وإذا كان لبنان بعيداً نسبياً من الحدث التركي وارتداداته المباشرة، إلّا أنّ ذلك يشكّل حافزاً إضافياً لرفع مستوى الجهوزية الداخلية وبناء التحصينات الوقائية من العواصف، مهما كان نوعها وأياً كان مصدرها. إلّا أنّ الصورة الداخلية تشي بغير ذلك، وتُنذر باشتباكات سياسية على جبهتَي «سلّة بري» وملفّ النفط.

تؤشّر الساعة السياسية إلى أنّ الجلسات الثلاث المتتالية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري بدءاً من الثاني من آب المقبل، قد أصبحت على مسافة أقلّ مِن أسبوعين، وسط أجواء غير مشجّعة ولا تنبئ بإمكان وصول الجلسات المحدّدة في 2و3و4 آب إلى الحلّ المنشود سياسياً، ورئاسياً وحكومياً وعلى مستوى القانون الانتخابي، بل حتى الآن ما زال الدخان قاتماً.

تلك الصورة السلبية تؤكّدها الأجواء السائدة مختلف القوى السياسية، حتى إنّ برّي لا يستطيع أن يعطي أملاً جدّياً في إمكان بلوغ حلول. ويلاحظ زوّاره عدمَ ارتياحه إلى نيّات المعرقلين الذين يَعتبرُ أنّهم يقومون بتعطيل الحلول خدمةً لـ«قانون الستين» ومحاولة فرضِه مجدّداً أمراً واقعاً، بما يُبقي الواقع السياسي على ما هو مِن الانقسامات والفروقات والمناكفات.

وردّاً على سؤال، قال برّي: «لقد قدّمتُ ما لديّ، ولن أستسلم، بل سأستمرّ بالبحث عن حلول، ويمكن أن نتجاوز كلَّ التعقيدات ونخرج بحلول إذا ما صَفت النيّات».

«توتّر نفطي»

من جهةٍ ثانية، انقطع حبلُ التفاؤل النفطي بشكل مفاجئ، ولاحَظ متابعون لهذا الملف بأنّه عاد إلى نقطة الصفر مع بروز فرملةٍ له، ربطاً بالتحفّظات التي أُبديَت حياله من بعض الفرقاء، بأنّ تفاهم عين التينة بين برّي و«التيار الوطني الحر»، تمَّ بمعزل عن القوى السياسية الأخرى، وكذلك بالتحفّظات التي أبداها رئيس الحكومة تمام سلام من أنّ هذا التفاهم لم يتمّ بصورة مثالية، مكملاً بذلك تحفّظات فريقه التي أكّدت أنّ هذا التفاهم يحتاج إلى توضيح واطّلاع القوى السياسية عليه.

وقال سلام أمام زوّاره أمس: «هذا الملف يحوط به الكثير من اللغط، وموقفي واضح وصريح، إنّه ملف وطني تقني بامتياز، يجب إبعاده عن المزايدات والمواقف السياسية. إنّها ثروة طبيعية نحتاج لاستثمارها بجهوزية ماليّة وفنّية وتجارية وإدارية كبيرة، لخوضها بخطى ثابتة وبرؤية واضحة غير مجتزَأة، لنعرف إلى أين يمكن أن نصل، ولذلك نعمل للوصول إلى مقاربة الملف بتوافق القوى جميعها، بما يضمن الشفافية».

وردّاً على سؤال، قال سلام: «لستُ منزعجاً، ولكنّني لن أدعو اللجنة الوزارية قبل تحقيق بعض الأمور. بالتأكيد إنّ ما حصَل (توافق عين التينة)، ليس الطريقة المثالية. وهمّي تحقيق التوافق بين الجميع حول الملفّ والاعتناء بمقاربته، واستكمال مستلزمات هذه المقاربة.

فالموضوع ليس قضية تحديد مربّعات وحسب، إنّما هناك أبعاد أخرى لها علاقة بمسار متكامل علينا المضيّ به برؤية مستقبلية واضحة وبقرار سليم، وأحاول تجميعَ كلّ هذه المستلزمات لخوضه بخطى واثقة وثابتة».

برّي : لن أسكت

إلّا أنّ رئيس مجلس النواب عبّر عن استيائه البالغ ممّا وصَفه التعطيل المتجدّد لملفّ النفط، معتبراً «أنّ وراء الأكمة ما وراءها» في هذا المجال، محذّراً من «أنّ تعطيل ملفّ النفط يشكّل خدمة لإسرائيل، «وأخشى أن تكون هناك أيادٍ خبيثة تعمل لمصلحة إسرائيل، وأن يكون هناك لبنانيون يتجاوبون مع هذا التعطيل، أنا لا أريد أن أتّهم أحداً، ولكنّني لا أفهم لماذا يُراد تعطيل النفط، بل لماذا يُراد خدمة إسرائيل»؟

ولفتَ برّي الانتباه إلى «أنّ الأمور كانت تسير بشكل طبيعي، إلّا أنّ هناك من تراجَع فجأةً، فهل تراجَع من تلقاء نفسه، أم أنّ هناك من ضغَط للتراجع والتعطيل؟ وقال: «هذا الموضوع شديد الأهمّية بالنسبة إلى لبنان، وبالتالي هو في منتهى الحساسية، وسيؤدّي هذا التعطيل المتجدّد له إلى مشكلة كبيرة في البلد، فليَعلموا أنّني لن أسكت، هذا الموضوع يجب أن يحصل لأنّ فيه مصلحةً حيوية للبلد».

خليل: النفط أولوية

وسألَ وزير المال علي حسن خليل: «هل يُعقل، منذ 3 سنوات ونحن ما زلنا نبحث عن تفاهم حول قانون النفط؟ وهل يُعقل عندما يُطلب منّا كقوى سياسية أن نتفاهم حول أيّ عنوان من العناوين، ومنها قانون النفط، وعندما نتّفق، يأتي مَن يقول لنا لماذا اتّفقتم وكيف اتّفقتم؟».

وقال: «مقاربتُنا لملف النفط، مقاربة وطنية خالصة، نريد من خلالها الإسراع والبدء في التنقيب عن النفط واستخراجه، إنّ هذا الأمر يشكّل أولوية ويفتح آفاقاً جديدة أمام البلد في كلّ المجالات السياسية والاقتصادية وفي العلاقات الدولية والمحلّية، ويعطي دفعاً نحو ارتباط الناس بوطنهم».

المستقبل… برّي

إلى ذلك، كانت لافتةً المقاربة الهادئة مِن شخصيات رفيعة المستوى في تيار «المستقبل» لموقف برّي. ووصَفت مصادر بارزة في «المستقبل» لـ«الجمهورية» العلاقة مع الرئيس برّي بأنّها ممتازة، نافيةً وجودَ محاولات من أحد لوضعِ إسفينٍ بين الطرفين، ما خلا بعض إعلام 8 آذار».

قبّاني

ولفتَ في السياق، قولُ رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النائب محمد قباني لـ«الجمهورية»: «إنّ الرئيس سلام ليس مستاءً مِن الاتفاق الذي تمَّ بين الرابية وعين التينة ، خصوصاً وأنّه كان دائماً في انتظار أن يتمّ الاتفاق بين الرئيس برّي والعماد ميشال عون والوزير جبران باسيل.

ولكن هناك مضمون الاتّفاق والرئيس سلام يتمهّل لدرسه، وهو لا يريد أن يَدخلوا إلى اجتماع اللجنة الوزارية ويَختلفوا من دون أن يكون قد كوَّن رأياً، يريد درسَ الموضوع قبل أن يطرحه». وعن موقف تيار «المستقبل»، أكّد قباني: «نحن مع المرسومين، ونحن مع تلزيم عدد من البلوكات أي مع مضمون الاتفاق الذي تمّ بين الرئيس برّي والوزير باسيل».

حوار «المستقبل»ـ الحزب

على صعيد آخر، يَفتح الأسبوع الحالي على نشاطات مكثَّفة، أوّلها اليوم الاثنين، حيث يَعقد مجلس الوزراء جلسةً ماليّة للبحث في الوضع المالي والاقتصادي، إذ يُفترض أن تناقِش مواضعَ الخَلل وأسباب العجز، مع عرضِ اقتراحات لعلاجات موضعية.

وثانيها غداً الثلاثاء، حيث يُعقد مساءً، الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة. ورَفضت مصادر بارزة في التيار مقولة إنّ «المستقبل» يشارك شكلياً في الحوار الثنائي مع «حزب الله»، لافتةً في الوقت نفسه إلى أنّ التصعيد السياسي في بيانات الطرفين هو مواقف سياسية.

وردّاً على سؤال عن الجدوى من المشاركة في حوار مع الحزب، طالما إنّ التصعيد السياسي بين الطرفين مستمرّ، أجابت المصادر: «تخَيّلوا لو أنّ التصعيد السياسي قائم، بالشكل الذي يتمّ فيه، وليس هناك مِن حوار مع «حزب الله»، فماذا ستكون النتيجة»؟

أضافت: «الحوار مِن الأساس كان له هدفان، الأوّل، هو محاولة الوصول إلى حلّ أزمة الفراغ في الرئاسة. وأمّا الهدف الثاني فهو تخفيض حدّة التشنّج السنّي ـ الشيعي في الشارع، في وقتٍ تلتهب الحرائق على أبواب البلد. الهدف الأوّل، مِن الواضح أنّه غير ناجح، وقد فشلَ، ولا يقدّم الطرف الآخر أيّ خطوة، ولا يزال يقاطع جلسات انتخاب رئيس الجمهورية.

أمّا الهدف الثاني، فلا نستطيع إلّا أن نعترف بأنّ وجود هذا الحوار يساهم في خفضِ حدّة التوتّر السنّي ـ الشيعي، فلولاه، لا سَمح الله، لانفجَر التوتّر وأحرِق البلد بكامله بلا استثناء، بكلّ طوائفه ومناطقه».

فضل الله

على صعيد آخر، تَعقد لجنة الإعلام والاتّصالات النيابية جلسةً قبل ظهر غدٍ الثلثاء في المجلس النيابي، لاستكمال البحث في ملفّ الإنترنت غير الشرعي، وما بلغَته التحقيقات القضائية في هذا الملف.

وعشيّة الجلسة، قال رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله لـ«الجمهورية»: «إنّ الاجتماع يأتي في سياق استكمال متابعة ملف الإنترنت غير الشرعي، وسنَطّلع من الجهات المعنية، وخصوصاً القضاء، على المعطيات المستجدّة حيال هذا الموضوع. ونحن في اللجنة منذ البداية أكّدنا أنّ هذا الملف سيتابَع للوصول إلى النتائج المرجوّة، بخاصةٍ لجهة محاسبة المتورّطين، أياً كانوا، وهذا الملف يُغلَق عندما تتمّ المحاسبة».