Site icon IMLebanon

موفد فرنسي بعد الروسي في بيروت.. وأمّهات المخطوفين للإلتِحاق بأبنائهنّ

في تطور لافت، أعلنت قطر إنهاء وساطتها لإطلاق العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و«جبهة النصرة» وقال بيان لوزارة الخارجية «أن جهود الوساطة جاءت لأسباب إنسانية، وانطلاقاً من حرص دولة قطر على الحفاظ على أرواح الأبرياء، وذلك بعد طلب من الأشقاء في لبنان الوساطة القطرية»، وأكد البيان أن القرار جاء نتيجة فشل الجهود المبذولة. وأعربت الخارجية عن بالغ أسفها لمقتل الجندي اللبناني، مجددة حرص دولة قطر على بذل الجهود الديبلوماسية كافة من أجل الحفاظ على الأرواح. وجاء هذا التطور في وقت طغَت قضية العسكريين المخطوفين على مجمَل الاهتمامات الداخلية في عطلة نهاية الأسبوع، في ضوء تصعيد أهاليهم، إثر استشهاد العريف في قوى الأمن الداخلي علي البزّال، والذي سيواصلونه هذا الأسبوع وفق معادلة جديدة: «إن استُشهِد أيّ عسكري آخر فلن يكونَ ثأرُنا في عرسال بل في السراي». وإذ رفعوا الصوتَ أكثر مطالبين بإنقاذ من تبَقّى من هؤلاء العسكريين من براثن «داعش» و«جبهة النصرة» اللتين تواصلان التهديد بقتلِ آخرين منهم، لم تحقّق الوساطات والمفاوضات أيّ تقدّم، وتحوّلَت خليّة الأزمة التي تتولّى هذا الملفّ «أزمةَ خليّة» على حدّ قول رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس نتيجة كثرةِ المفاوضين وغياب آليّة جدّية ووحيدة يُترَك لها هذا الأمر لتعالجَه، ولوقفِ سياسة الابتزاز التي يمارسها الخاطفون عبر التهديد المتكرّر بقتل عسكريّين.

فيما تسارعَت الخطوات والاتصالات لاحتواء أيّ فتنة محتملة في البقاع بعد استشهاد البزّال، تفاعلت أمس قضية العسكريين المخطوفين، إذ سيواصل أهاليهم تصعيدَهم هذا الأسبوع وفق معادلة جديدة هي: «إن استشهد أيّ عسكري آخر فلن يكون ثأرنا في عرسال بل في السراي».

وفي حين واصلت البزّالية استقبال المعزّين من جميع الاطياف، قرّرت أمّهات بعض العسكريين المخطوفين الذهاب إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» في جرود عرسال للانضمام إلى أولادهن، بعدما فقدن الأمل في التحرّك الحكومي لإطلاقهم.

خليّة الأزمة

وفي هذه الأثناء تكتّمَ أعضاء «خليّة الأزمة» المكلّفة متابعة قضية المخطوفين على ما دارَ في اجتماعها الاستثنائي السبت الماضي برئاسة رئيس الحكومة تمّام سلام، واكتفت ببيان رسمي أشار الى أنّ اللقاء جاء استثنائياً بعد استشهاد البزال «الذي يُعتبر شهيداً لكلّ الوطن وليس فقط لعائلته».

وأكّد المجتمعون «أنّ لبنان يقف اليوم صفّاً واحداً متراصّاً في هذه المواجهة الكبيرة من أجل إطلاق العسكريين المختطفين وحماية أمننا الوطني».

وأشاروا إلى أنّ «خلية الأزمة اتّخذَت القرارات المناسبة في إطار مسؤوليتها عن هذا الملف».

برّي

وردّاً على سؤال عن ما بعد استشهاد علي البزّال، في قضية العسكريين المخطوفين، قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمام زوّاره أمس: «يبدو أنّ اجتماعات خلية الأزمة ما تزال تراوح مكانها، وباتت خليّة الأزمةِ أزمةَ الخليّة، وصِرنا في ضَياع «ترلام ترلام».

وسُئل، لماذا؟ فأجاب: «إنّ كثرة المفاوضين تزيد الأزمة تعقيداً، فيما المطلوب إعطاء الخبز للخبّاز، والخبّاز في هذه الحال هو الأمن فليتولَّ مسؤول امنيّ يتّفقون عليه إدارة هذا الملف والتفاوض فيه بالتنسيق مع رئيس الحكومة».

وإذ رفض بري الخوض في التفاصيل حول سُبل معالجة هذا الملف، قال: «لدينا كثير من أوراق القوّة، ولكنّنا حتى الآن لم نُحسِن استعمالها. ليس أيّ كان يستطيع التفاوض لإطلاق المخطوفين، فهناك مَن هم متخصّصون في هذا المجال ويجب ان يأخذوا دورَهم، لأنّ هناك أكثر من جهة تفاوض». وأضاف: لقد ساهمتُ في تحرير المخطوفين الثلاثة من آل الحجيري ولكنّنا لم نتسلّم حتى الآن جثة أيّ شهيد من العسكريين المخطوفين الذين استشهدوا».

سلام يحذّر

وكشفَت مصادر مطّلعة لـ»الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة طلب من القوى الأمنية والعسكرية رصدَ ردّات الفعل على جرائم الخاطفين وضبط الوضع الأمني منعاً لأيّ فتنة داخلية تسعى اليها المجموعات الإرهابية من خلال تحريض اهالي العسكريين ضد المؤسسات العامة والحكومية، وتوسيع دائرة الإتصالات لمنع اعتداء أيّ لبنانيّ على آخر «منعاً لأيّة فتنة نعرفُ من أين تبدأ لكن أيّ منّا لا يُقدّر نتائجَها أو تحديدَ موعد نهايتها».

وعرضَ المجتمعون، حسب ما تسرّب لـ«الجمهورية»، لتفاصيلِ المفاوضات الأخيرة التي سبَقت إستشهاد البزّال والظروف التي رافقته في غياب الموفد القطري الذي غادرَ بيروت بعد زيارةٍ دامت 24 ساعة.

وتوافقَ المجتمعون على التشكيك في قدرة المبادرة القطرية على توفير أيّ خطوة تُطَمئن الى أنّ نيّات الخاطفين جدّية في أيّ مفاوضات وهُم لا يتورّعون عن ممارسة نصبِ المكامن لوحداتِ الجيش الذي يطالبونه بضمان أمن اللاجئين السوريين وسلامتِهم، في وقتٍ يستغلّون تجمّعاتهم في مناطق عدّة للغدر بالجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى. وعُلم أنّ أعضاء اللجنة توزّعوا الأدوار لتوسيع مروحة الاتصالات لاستيعاب الوضع واقتراح الخطوات التي مِن شأنها تعزيز الموقف اللبناني في مواجهة الإرهابيين.

إلى الأمن العام

وقالت مصادر مطلعة إنّه في إطار المساعي الجارية لوقف مسلسل قتلِ العسكريين المخطوفين أُحِيلت زوجة الشيشاني آلاء العقيلي إلى الأمن العام للتعاطي مع ملفّها على أساس موضوع الإقامة غير المشروعة وتزوير أوراق ثبوتية. كذلك يجري البحث في حلّ لقضية الموقوفة سجى

الدليمي الزوجة السابقة لأبي بكر البغدادي.

الجرّاح

في وقتٍ لعبَ عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجرّاح وفاعليّات عرسال دوراً سابقاً في التفاوض لتحرير العسكريين، أكّد الجرّاح لـ«الجمهورية»، أنّه «لن يتدخّل مجدّداً في المفاوضات، لأنّ الحكومة تفاوِض في هذا الملف»، داعياً إيّاها الى «حسم موقفها سريعاً، والمقايضة لتحرير جنودنا، لأنّ هذا الملف دخل أفقاً مسدوداً نتيجة التعقيدات الأخيرة التي أدّت الى استشهاد البزّال، وكلّما تأخّرَت يصبح من الصعب حلّه».

وفي وقتٍ يرتفع مستوى الاحتقان السُنّي – الشيعي بقاعاً على خلفية استشهاد البزّال، لفتَ الجرّاح الى أنّ «تيار «المستقبل» والفاعليات البقاعية تقوم بكلّ ما بوسعِها لاحتواء الفتنة»، مشيراً إلى «عدم وجود تنسيق مباشَر بين «المستقبل» و»حزب الله»، بل إنّ اتصالاتنا تشمل المرجعيات الشيعية الدينية في بعلبك والبقاع، لأنّ الفتنة ممنوعة».

موفَد فرنسي

وفي هذه الأجواء وصلَ مساء أمس إلى بيروت المبعوث الخاص لوزير الخارجية الفرنسي ومدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو في زيارة يلتقي خلالها مختلف القيادات السياسية والرسمية والحزبية لاستجماع المعلومات حول سُبل مساعدة لبنان في ملفّات عدّة، ولا سيّما منها ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتأتي زيارة جيرو لبيروت قبل زيارته طهران في 15 من الشهر الجاري للبحثِ في بعض الملفات، ومنها الاستحقاق الرئاسي اللبناني.

وسيعود جيرو في ختامِ محادثاته الى باريس التي سيزورها سلام بعد غدٍ الأربعاء وحتى السبت المقبل، حيث سيلتقي الرئيس فرنسوا هولاند وعدداً من المسؤولين الفرنسيين الكبار ويبحث معهم في ثلاثة مواضيع، هي: الهبة السعودية البالغة ثلاثة مليارات من الدولارات وترجمتها عملياً وسريعاً بالبدء بتسليح الجيش اللبناني، دور فرنسا في حضّ المجتمع الدولي على مساعدة لبنان في تحمّل عبء النازحين، والدور الفرنسي ـ الإيراني في استعجال انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لأنّ استمرار البلاد بلا رأس يعرّضها لمخاطر كثيرة قد تصل الى حدود انهيار لبنان الدولة التي تشكّل نموذجاً للتعايش ومساحةً للتفاعل بين الحضارات، ولذا يجب تعزيز صيغتِها وتعميمها وتحييد لبنان عن أزمات المنطقة.

إنتخابات الرئاسة

ومن جهة ثانية أكّد برّي أن لاجديد بعد في موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية في ضوء جلسة الانتخاب المقرّرة الأربعاء المقبل.

وردّاً على سؤال حول موضوع الحوار المنتظَر بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» قال برّي: إنّ جدول أعمال الحوار أُنجِز ولكنّه يحتاج الى وضع اللمسات الأخيرة، وسينعقِد حتماً قبل نهاية الشهر الجاري.

واستغربَ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، تعليقاً على الحوار، «النظرية التي يشيعها البعض من أنّ «السُنّة والشيعة ذاهبون إلى الحوار من أجل الاتفاق على رئيس جمهورية مسيحي»، قائلاً: «إنّ السُنّة والشيعة سيتحاورون لتخفيف الاحتقان الموجود بينهم، للأسف، في ظلّ المواجهة الكبرى في المنطقة ككلّ، وهذه خطوة مبارَكة بحدِّ ذاتها، ولكنّ البحث في رئاسة الجمهورية والمسائل الوطنية الكبرى يحتاج الى وجود ومشاركة جميع الأفرقاء، وبالتالي لا يجب أن نُحمّل هذا الحوار أكثر ممّا يحمل، وأن نضع له أهدافاً أكبر من أهدافه المرسومة».

ووجَّه جعجع نداءً إلى عون قائلاً: «لا يُمكننا ترك الأمور كما هي. إنّ موقع رئاسة الجمهورية يتآكل رويداً رويداً، مهما كانت الظروف والأسباب والخلفيات لا يمكننا ترك موقع الرئاسة الأولى فارغاً، وبالتالي يا جنرال أمامك خياران: إمّا أن يتوجَّه تكتّل «التغيير والإصلاح» الأربعاء المقبل الى مجلس النواب، فنكون، أنا وأنت، مرشّحين للرئاسة، وفي ظلّ وجود لعبة فعلية لا يعود بإمكان المرشّحين غير الفعليّين الاستمرار.

أمّا الخيار الثاني، ولكي لا يستمرّ التباكي على الأطلال والقول إنّ السُنّة والشيعة يتحاورون ليختاروا لنا رئيساً، فهو الجلوس معاً للتفاهم على بعض الأسماء ونتوجّه بها إلى مجلس النواب»، مشيراً إلى أنّ «المبادرة لا تزال حتى الآن بين أيدينا، ولكن لا يمكننا أن نطلب من الكون انتظارَنا والبعض يعطّل رئاسة الجمهورية».

الراعي

من جهته، استهجَن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «ما يحدث في لبنان، على المستوى السياسي، من إمعان في تفريغ مؤسسات الدولة، وانتهاك الدستور والمراسيم والقوانين والأعراف، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وسَلب المال العام، والتغطية السياسية للفساد والتجاوزات والاستيلاء على أملاك الدولة والاعتداءات على المواطنين في أرواحهم وممتلكاتهم، وسائر الجرائم».

ورأى الراعي أنّه «لا يمكن التمادي في صمّ الآذان عن صراخ المواطنين في محَنِهم المعيشية والاقتصادية والأمنية، وفي خنقِ صوت الله في الضمائر الداعي إلى عمل الخير والعدل وتجنّبِ الشرّ والظلم»، داعياً إلى «الصّلاة الجماعية في الرعايا والأديار والمؤسسات لانتخاب رئيسٍ للجمهورية، وإخراج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية».

غارات إسرائيلية على دمشق

من جهةٍ ثانية، وفي ظلّ الانشغال الدولي بالمساعي الروسيّة لِجَمع الحكومة السوريّة والمعارضة، واستعداد موسكو لاستضافة شخصيات من المعارضة السورية الداخلية بعد غدٍ، فضلاً عن زيارة وزير الخارجية السورية وليد المعلم لطهران اليوم، واللقاء المرتقَب في الساعات المقبلة بين الوسيط الدولي للسلام ستيفان دو ميستورا مع وفدٍ من المعارضة السورية في مدينة غازي عنتاب التركية، شنَّ الطيران الحربي الإسرائيلي أمس غارتين قُربَ دمشق، من دون أن تتسبَّبا بخسائر بشرية، وفقَ ما أفادت الوكالة العربيّة السوريّة للأنباء الرسميّة «سانا».

وذكرَت «سانا» أنّ «العدوّ الإسرائيلي شنّ عدواناً آثماً على سوريا، عبر استهدافه منطقتين آمنتين في ريف دمشق، في كُلّ من الديماس وقُرب مطار دمشق الدولي المدني، ما أدّى إلى خسائر مادّية في بعض المُنشآت».

واعتبرَت أنّ «هذا العدوان المُباشَر، الذي تنفّذه إسرائيل، يأتي نُصرةً للإرهابيّين في سوريا، بعد تسجيل قوّاتنا المُسلّحة انتصارات مهمّة في دير الزور وحلب ومناطق أخرى»، مُشيرةً إلى أنّ «ذلك يُؤكّد ضلوعَ إسرائيل المُباشَر في دعم الإرهاب في سوريا مع الدوَل الغربية والإقليمية المعروفة».

وبَثّت القناة العاشرة الإسرائيلية أنّ إسرائيل «مستمرّة في سياستها القاضية بمنعِ نقلِ سلاحٍ خارق للتوازن من سوريا إلى «حزب الله».