Site icon IMLebanon

إتّساع رقعة المواجهات والإحتجاجات.. والجميّل حذّرَ من الفراغ بعد الشغور

عادت الحدود اللبنانية-السورية إلى واجهة الأحداث مع تمدّد المواجهات من جرود عرسال إلى جرود بريتال في تطوّر عسكري-ميداني خطير يؤشّر إلى توجّه لدى «داعش» و»النصرة» بتوسيع رقعة المواجهة مع «حزب الله» ونقلها إلى داخل لبنان، ووضع الحزب في موقع المدافع، بعدما كان في الأشهر السابقة في موقع المهاجم، الأمر الذي يعني تسخيناً للجبهة الحدودية، وتوتيراً للوضع السياسي الذي شهد تعقيداً إضافياً وكبيراً، خصوصاً في حال أظهرَت التطورات أنّ هناك مخططاً لدى التنظيمات الإرهابية بالتمدّد إلى لبنان نتيجة واقعها المأزوم في العراق وسوريا. وإذا كانت الأسابيع المقبلة كفيلة بتوضيح الصورة على الحدود، فإنّ ملف المخطوفين العسكريين بدأ يلقي بثقله على الحياة السياسية مع توسيع الأهالي رقعة الاحتجاجات مهدّدِين بالتصعيد. ومن المنتظر أن تعود الحركة السياسية إلى نشاطها بعد جمودٍ فرضَته عطلة الأضحى، فيتوزّع الاهتمام بين التحضير لجلسة تشريعية جديدة يرجّح أن يتصدّر جدول أعمالها التمديد لمجلس النواب، وبين جلسة انتخابات رئاسية لن تختلف عن سابقاتها، وما بينهما لقاء يجمع الرئيس سعد الحريري بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من أجل تأكيد موقف لبنان في مواجهة الإرهاب وتعميم التجربة اللبنانية في العيش المشترك.

في موازاة تصاعد وتيرة الأحداث في المنطقة، وتقدّم «داعش» في كوباني السورية الحدودية ورفع رايتها على الجانب الشرقي من البلدة، تشخص الأنظار الى البقاع الذي شهد فصلاً جديداً من فصول المواجهة العسكرية في جرود بريتال بين «داعش» وجبهة «النصرة» من جهة و»حزب الله» من جهة أخرى، بعدما أحكم الجيش اللبناني طوقه على جرود عرسال، فيما اتّسعت رقعة احتجاجات اهالي العسكريين المخطوفين، فعزلوا البقاع من خلال قطع طريق ضهر البيدر بشكل كامل بالسواتر الترابية، بما فيها المنفذ الذي كان مخصّصاً للحالات الانسانية، وقطعوا طريق ترشيش ـ زحلة والطريق الدولية في بلدة القلمون لفترة، مهدّدين بخطوات تصعيدية بدءاً من اليوم، بإقفال طريق المطار وطرق أخرى في كسروان والمتن، في غياب أيّ جديد في ملف التفاوض لتحرير أبنائهم، فيما أعلن أمير «داعش» في القلمون لوكالة «الأناضول» أنّ الحكومة اللبنانية «تراوغ» في مفاوضات إطلاق العسكريين الأسرى لدينا، ومطالُبنا ليست تعجيزية».

وقد خيّم الهدوء الحذر على جرود بلدة بريتال عند الحدود اللبنانية ـ السورية، بعد المعارك الضارية بين الحزب والإرهابيين الذين هاجموا موقع عين الساعة التابع له وسيطروا عليه قبل أن يتمكّن من دحرهم وإيقاع عشرات القتلى في صفوفهم. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر في الحزب أنّ عشرة عناصر من الحزب قتلوا. أمّا حسابات المعارضة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي فأشارت الى مقتل 16 عنصراً من عناصر الحزب.

مصادر «حزب الله»

وفيما نشرَت جبهة «النصرة» أمس شريط فيديو عن المعركة تحدثت فيه عن اغتنامها الأسلحة التي كانت موجودة في النقطة، ومنها قاعدة صواريخ أميركية الصنع من نوع «تاو» مع عشرات الصواريخ، أكّدت مصادر قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية» فشلَ هجوم النصرة و«داعش» على مركز الحزب «بكلّ المعايير والمقاييس»، واستغربَت «صدور بعض المواقف الداخلية التي تقف الى جانب المهاجمين للمناطق اللبنانية، بدل الوقوف إلى جانب المدافعين عنها»، ووجدت في ذلك «أمراً خطيراً». ورأت المصادر في هذه المواقف «تبريراً لأفعال «النصرة» و»داعش» وتغطيةً سياسية لها».

جعجع و«14 آذار»

وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اعتبر أنّ تهرّبَ الحكومة من طرح موضوع انسحاب «حزب الله» من سوريا هو تهرّب مِن تحمّل المسؤولية، لأنّ «استمرار قتال الحزب هناك سيجرّ على اللبنانيين عموماً والشيعة خصوصاً مزيداً من المصائب والويلات نحن في غنى عنها».

من جهتها، أكّدت قوى 14 آذار تمسكها بحصرية الدفاع عن لبنان من قِبل الحكومة اللبنانية، من خلال نشر الجيش على طول الحدود مع سوريا ومؤازرته بالقوات الدولية كما يتيح القرار 1701».

سكّرية

وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» العميد المتقاعد النائب الوليد سكرية لـ«الجمهورية» إنّ الهجوم على مركز لـ»حزب الله» لم يكن مفاجئاً وإن كان الإرهابيون اختاروا عيد الأضحى لاعتقادهم أنّ الجميع منشغل بالعيد، لتحقيق مفاجأة، وفي الوقت نفسه لتنغيص فرحة العيد. وأكّد أنّ الحزب كان لهم بالمرصاد، فتدخّل فوراً لحماية مركزه وأوقع في صفوفهم خسائر فادحة وأجبرهم على العودة من حيث أتوا، وكانت ردّة فعله أكثر ممّا كانوا يتوقّعون.

ورفض سكّرية «مقولة إنّ الهجوم كان لفتحِ ممرّ آمن، بل كان بهدف إيقاع خسائر في صفوف المقاومة لا أكثر ولا أقلّ، أو بهدف جسّ نبض الحزب لمعرفة الخطوة التالية في المستقبل». وتوقّع أن يتكرر هذا العمل بأشكال مختلفة، ربّما ضد المقاومة أو ضد الجيش اللبناني في أماكن عدة من لبنان، أو ضد بلدة ما أو ضد مدنيين وخطفهم لأخذهم رهائن.

وإذ شدّد على وجوب معالجة هذا المرض في الجسم اللبناني، قال: «هذه مسؤولية الدولة اللبنانية، وترجمة موقفها تكون بمكافحة الإرهاب ميدانياً، وذلك عبر قرار في مجلس الوزراء باقتلاع هذه الظاهرة، واعتبار كلّ مَن يقف الى جانبها، مؤيّداً أو متستّراً بذريعة الانتماء الطائفي أو كونها معادية للنظام السوري، معادياً للدولة ومتآمراً على سلامتها. كذلك الترجمة عبر دعم الجيش بالإمكانات اللازمة، والتعبئة إنْ لزمَ الأمر واستدعاء الاحتياط».

وأشار الى أنّ «الدولة اللبنانية تأخّرت شهرين للسير في الاتجاه الصحيح، فهي اتكلت على تدخل قطر وتركيا، لكنّ هذا الاتكال صبّ في خانة هدر الوقت ليس إلّا.

فهؤلاء المسلحون يملكون مشروعاً ولا تستطيع الدوحة وأنقرة الطلب منهم اطلاقَ العسكريين المخطوفين والتخلي عنه». وقال إنّ على الدولة مواجهة هذا المشروع، وقد بدأت بالعمل الصحيح عندما فصلت عرسال عن جرودها وقطعت التموين والإمدادات عنهم ودخلت الى المخيمات لتوقيف المطلوبين.

وعن أوراق القوّة التي تملكها الدولة؟ أجاب: «أوّلاً: قطع التموين عنهم ومحاصرتهم، وهي بدأت بذلك فعلاً، لكنّ تبيان مفعول هذه الخطوة يتطلّب بعض الوقت لتخزينهم التمويلَ والمحروقات ربّما.

ثانياً: إعتقال مَن هاجموا مراكز الجيش الموجودين في المخيّمات ومحاكمتهم.

ثالثاً: هناك خطوات أخرى لا ضرورة لذكرها، لكن على الدولة أن تصعّد الضغط بما يؤثّر عليهم في المكان الذي يؤلمهم، ويُرغمهم على إطلاق العسكريين المخطوفين.

وقال سكّرية: «إنّ من يطالب بانسحاب الحزب من سوريا يتهرّب مِن تحمّل مسؤولية مواجهة هؤلاء المسلحين. ومن الأفضل أن يصمت إذا كان لا يرفض المشاركة في هذه المواجهة. وأكّد أنّ معنويات الحزب قوية جداً، فمَن قاتل اسرائيل لا يهاب 2000 مسلّح».

الانتخابات الرئاسية

على صعيد آخر، لم يخرج ملف الانتخابات الرئاسية بعد من دائرة المراوحة، فيما يحضر هذا الاستحقاق في اللقاء الذي يُعقد اليوم في قصر الإليزيه بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والرئيس سعد الحريري، إضافةً إلى التطورات المحلية والإقليمية والدولية.

الجميّل لـ«الجمهورية»

في الموازاة، عاد رئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميّل أمس الأول الى بيروت بعد سلسلة لقاءات أجراها في باريس على هامش زيارته الخاصة الى فرنسا في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.

وقال الجميّل لـ«الجمهورية» إنّه التقى الحريري الذي كان موجوداً في العاصمة الفرنسية وتداوَل معه في مختلف التطورات على الساحتين اللبنانية والإقليمية.

وتركّز البحث على أهمية القيام بأيّ جهد يؤدي الى حماية لبنان في هذه المرحلة بالذات، فالتطوّرات المأساوية في المنطقة تعطي الأولوية لضرورة حماية البلد من تردّداتها». وأكّد «أنّ وجهات النظر مع الرئيس الحريري كانت متوافقة على كلّ ما يجب القيام به لتحصل الإنتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن، والأولوية حتى اللحظة ما زالت لمرشح من قوى 14 آذار كما هو الاتفاق الأساسي في ما بيننا».

وأضاف: «شكّلَ الإجتماع مناسبة للتأكيد على اهمّية التحالف القائم بيننا، وأكّدنا أنّ قوة هذا التحالف بقدرته على الانفتاح واستيعاب الجميع انطلاقاً من المبادئ الوطنية والثوابت التي جمعت مكوّنات 14 آذار منذ سنوات وسنوات».

وردّاً على سؤال عبّر الجميّل عن تفهّم الحريري لمواقف الحزب التي تحترم الدستور والثوابت الوطنية. وقال: «إتّفقنا على وجوب ان لا ننتقل من الشغور الى الفراغ، بل من الشغور الى الإنتخاب، وأنا مرتاح الى موقف الحريري لجهة تقديمه الانتخابات الرئاسية على أيّ شأن آخر.

وحول ما تردَّد عن لقاء مع النائب وليد جنبلاط في باريس، سأل الجميل مستغرباً: «ما هي الحاجة للّقاء مع وليد بك في باريس؟ فنحن نعيش في لبنان ولقاءاتنا مستمرّة ولم يمرّ وقت بعيد على لقائنا سَوياً في بكفيا».

إلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ الجميّل أجرى أمس اتصالاً هاتفياً برئيس الحكومة تمام سلام مهنّئاً بعيد الأضحى المبارك، وشكّلَ الاتصال مناسبة للتشاور في مختلف التطورات الأمنية والسياسية، خصوصاً ملف العسكريين المخطوفين، وتبادلِ الآراء حول سُبل المعالجة.

الوساطة وشروط ابراهيم

على صعيد آخر، توقّفت الأنباء التي تحدّثت قبل أيام عن الوسيط القطري، عن تسجيل أيّ جديد في التفاوض لإطلاق العسكريين المخطوفين، قبل أن تقلعَ المبادرة التركية التي لم يتلمّس بعد أيّ من المسؤولين جديداً فيها منذ عودة سلام من نيويورك ولقائه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

تزامُناً، نقلت وكالة «أنباء الأناضول التركية» عن قيادي في جبهة «النصرة» أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم اشترط إفراج النصرة عن 3 عسكريين أسرى لديها ليسمحَ بإدخال أحد مقاتليها إلى عرسال للعلاج فرفضَت.

وفي هذا الإطار، أكّدَت مصادر معنية لــ«الجمهورية» أنّ ابراهيم هو مَن وضع هذا الشرط عندما طلبَ المسلحون نقلَ أحد قيادييهم الملقّب بـ»أبو مصغب» الى إحدى مستشفيات عرسال، في إشارة الى بداية استغلال بعض نقاط القوّة التي عزّزتها الإجراءات التي تقوم بها وحدات الجيش في الفصل ما بين عرسال البلدة وجرودها حيث يتمركز المسلحون.

وقالت المصادر إنّ المفاوضات التي انطلقت في شأن العسكريين المخطوفين على مستوى المبادرة القطرية مستمرّة وفق الشروط والمعايير التي رسمت مسارها من قبل، وهي ما زالت قائمة على الأسُس نفسها، وليست مرتبطة بمكان وجود الوسيط القطري، سواءٌ بقي في المنطقة أو انتقل إلى أيّ مكان آخر.

«عدم مهاجمة الأميركيين»

وفي مجال آخر، وفي معلومات تؤشّر إلى طبيعة العلاقة المستجدّة بين الولايات المتحدة وإيران، خلصَ أحدث التقارير الاستخباراتية الأميركية إلى أنّ قوّات النخبة الإيرانية التي تدعم الميليشيات الشيعية في العراق تلقّت أوامر مباشرة بعدم مهاجمة الاميركيين. وهذا التطوّر الملفت يمثّل تحوّلاً مذهلاً بالنسبة إلى فيلق القدس الإيراني، الذي كان يُعتبر في الأمس عدوّ أميركا الأخطر في المنطقة.

وفي هذا السياق، صرّح مسؤولون في المخابرات الأميركية لصحيفة «دايلي بيست» أنّ القرار الإيراني الواضح بعدم استهداف القوات الأميركية في العراق يعكس رغبة إيران في عقد صفقة نووية مع الولايات المتحدة الاميركية وبقية المجتمع الدولي قبل أن تنتهي صلاحية المفاوضات الحاليّة نهاية شهر تشرين الثاني.

وعلّق مسؤول استخباراتي أميركي رفيع مطّلع على الموضوع قائلاً: «إنّهم لا يسعون خلف الأميركيين»، وأضاف: «إنّهم يريدون إنجاح المفاوضات النووية، وأيّ حادث بين شبابنا وشبابهم لن يصبّ في مصلحة هذه المحادثات».