IMLebanon

التهديد يُوتر الشارع و«الخليَّة» تُواكب والتحضيرات للحوار تُستأنَف

العنوان السياسي ما زال يتمحوَر حول الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً مع الزيارة المفاجئة في توقيتها لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع إلى المملكة العربية السعودية، والتي جاءت بعد انتهاء جولتَي الموفد الرئاسي الفرنسي جان فرنسوا جيرو ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، حيث برَز بوضوح الاهتمام الدولي بملف رئاسة الجمهورية من زاوية الاستقرار الذي لا يمكن ترسيخه إلّا من خلال إقفال الشغور وانتظام مؤسسات الدولة، لأنّ استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدّي إلى انزلاق لبنان في أتون الحرب السورية وتحوّلها إلى أزمة إقليمية. وإذا كانت السعودية حرصَت على وضع جعجع في صورة التطوّرات في المنطقة على أبواب الجولة الجديدة من المفاوضات الغربية النوَوية مع إيران والحراك الروسي في الملف السوري ونتائج قمّة الدوحة، غير أنّ ما استدعى هذه الزيارة لا يمكن فصله عن تطوّرات الملف الرئاسي التي تسارعَت وتيرتُها أخيراً من خلال التقاطع الروسي-الفرنسي على رئيس توافقي وصولاً إلى الموقف الفاتيكاني الذي عبّر عنه السفير البابوي المونسنيور غبريال كاتشيا، بتأكيده أنّ «الأجواء المحَلّية والإقليمية والدولية مهيّأة لانتخاب رئيس جمهورية جديد في وقتٍ قريب».

لم يسترح العالم، ومعه لبنان، من وطأة الإرهاب المتنقّل في الدول وإنْ اتّخذَ أشكالاً مختلفة. وكانت محطته أمس في أوستراليا التي تشارك الى جانب الولايات المتحدة الأميركية في الحملة ضد تنظيم «داعش»، كذلك في بلجيكا وفرنسا.

إلّا أنّ الشرطة الاوسترالية تمكّنت من تحرير الرهائن الذين احتجزهم مسلّح ايراني لساعات في مقهى في سيدني، في عمليةٍ أسفرَت عن سقوط قتيلين، أحدُهما المحتجز نفسه. كذلك استطاعت السلطات البلجيكية تحرير رهائن احتجزهم مسلحون في إحدى شقق منطقة «غنت» غرب العاصمة، على رغم الإعلان انّه لم تبرز ايّ مؤشرات مباشرة على الارهاب، واعتقلت فرنسا شبكة في احدى الشقق في منطقة «تولوز» للإشتباه في أنّها ترسل «جهاديين» إلى سوريا.

أمّا في لبنان، فقد أشعلت تهديدات جبهة «النصرة» و»داعش» باستئناف قتل العسكريين المخطوفين بعد شائعة وقف التفاوض، قلوبَ اهاليهم، ووتّرت ساحة رياض الصلح التي ارتفعت فيها سحب دخان الإطارات المشتعلة، وطالبوا باستئناف التفاوض واعتماد مبدأ المقايضة، مُهدّدين بأن التصعيد وارد في أيّ لحظة.

التقدّم… صفر

وما نشرَته «الجمهورية» أمس الأوّل عن أنّ التقدم في ملف التفاوض هو صفر، تأكّد على لسان عضو خلية الأزمة، وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي قال للأهالي «إنّ خلية الأزمة لم تقرّر وقفَ التفاوض ولم تعتبر انّ العسكريين شهداء حرب، ونحن كحزب اشتراكي لا نقبل بهذا الأمر وهو ليس مطروحاً في ايّ مكان، ولكن للأسف المفاوضات عادت لنقطة الصفر». كذلك نقل الأهالي عن رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل الذي زاروه أنّ الكتائب مع مبدأ المفاوضات التي تؤدّي إلى المقايضة.

ابراهيم: أوراق قوّة

وفي السياق، أوضحَ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس أنّه «تمَّ اتّباع قنوات تفاوض مع الخاطفين، وكلّها كانت غير مباشرة، لكنّ كثيراً منها سقط للأسف»، وقال: «نحتفظ بأوراق قوّة كثيرة، ونريد إجماعاً أكبر حولها للإنطلاق بالعمل»، وأكّد أنّ «الحكومة وخلية الأزمة داعمة لهذا العمل»، ولفتَ الى انّ «القنوات لم تقفل، وهناك قنوات عدّة مفتوحة، لكن لا أحد يحلّ مكان الدولة، لأنّ العسكريين هم أبناء الدولة ويجب عليها استعادتهم».

وأضاف ابراهيم: «في لبنان يقولون: «عندما يكثر الطبّاخون تحترق الطبخة»، ولكلّ واحد اختصاص، وكثيرون من محبتهم وحرصهم على البلد والمؤسسة ذهبوا بأدوار بعيدة في هذا الملف»، وشدّد على أنّ «العمل في ملفات كهذه لا يحتاج الى عواطف بل الى العقل والصلابة»، وتمنّى أن ينتهي الموضوع غداً، وأكّد أنّه يعمل بموضوعية وواقعية، وعندما يصل الى نتيجة سيُعلنها للرأي العام».

وكشفَ ابراهيم أنّه سيتمّ افتتاح مركز للامن العام في عرسال خلال الأيام المقبلة، لأنّ هناك عدداً كبيراً من النازحين لا يخرجون من عرسال لاعتبارات عدّة، كذلك سيتمّ افتتاح مركز آخر في شبعا بعد أسبوعين».

خليّة الأزمة

وفي هذه الأجواء، تعقد خلية الأزمة اجتماعاً لها في الخامسة عصر اليوم في السراي الحكومي. وعلمَت «الجمهورية» أنّ الوزير علي حسن خليل لن يحضر هذا الإجتماع ترجمةً للكلام الأخير لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طلب فيه ان يُترَك ملف العسكريين في عهدة الأمنيين. لكنّ غياب اليوم لا يعني أبداً انسحابه نهائياً من الخلية، حسبما أوضح هو بنفسه لـ»الجمهورية» التي استفسرَت منه هذا الموقف، مؤكّداً أنّه لا يزال يدعم كلّ الخطوات التي تقوم بها الخلية وكلّ قراراتها».

وستناقش الخلية في اجتماعها مستجدّات الإتصالات الجارية على أكثر من مستوى، خصوصاً تلك المتصلة بالحركة التي قامت بها «هيئة العلماء المسلمين».

وحتى ساعة متقدّمة من ليل أمس لم يُعرف ما إذا كانت لسلام أيّ مبادرة يمكن أن يُطلع أعضاء الخلية عليها اليوم، وسط معلومات تحدّثت عن مشروعٍ ما يناقشه مع المعنيين في دائرة ضيّقة للغاية.

وكان ريفي أكّد مساء أمس لـ»الجمهورية» من موسكو أنّه لم يتبلّغ قبل سفره أيّ دعوة لعَقد اجتماع للخلية هذا الأسبوع. وهو سيعود الى بيروت قبل جلسة مجلس الوزراء. لافتاً إلى «محادثات غير رسمية أجراها مع كبار مسؤولي وزارة العدل الروسية قبل ان يلتقي نظيرَه اليوم للتوقيع على اتّفاقيتَي تعاون بين البلدين، تتناولا تنسيقاً عدلياً وقضائياً على مستويات عدّة».

هيئة العلماء المسلمين

وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية وأخرى أمنية لـ»الجمهورية» إنّ المبادرة التي أطلقتها «هيئة العلماء المسلمين» ربّما انتهَت عند حدود الإعلان عنها، بعدما تبيّنَ أنّ الإجماع المطلوب للتكليف من قِبَل مكوّنات الحكومة كاملةً غيرُ متوافر، على الأقلّ في المرحلة الراهنة.

مجلس وزراء

توازياً، توقّعَت مصادر متابعة أن لا يكون ملف العسكريين ومستجدّاته بعيداً عن مناقشات مجلس الوزراء الذي سيستأنف جلساته الخميس مع عودة رئيس الحكومة تمام سلام من باريس، ويبحث في جدول أعمال فضفاض من نحو 83 بنداً مختلفاً، يحوي عدداً من القضايا المؤجّلة، التربوية والاجتماعية والمالية والإدارية، ومنها إعادة طرح ملف الترخيص لجامعات خاصة جديدة وفروع لأخرى، على رغم رفضه مرّات عدة، إضافة الى بحث ملفات من خارج جدول الأعمال. وخصّص الوقت الكافي للتوقيع على عشرات المراسيم التي تحتاج تواقيع الوزراء الـ 24 تمهيداً لنشرها في الجريدة الرسمية.

وفي المعلومات أنّ سلام، وبعد أن يجدّد دعوته الى انتخاب رئيس جمهورية جديد، سيقدّم عرضاً لنتائج زيارته الى العاصمة الفرنسية وما حقّقَته، خصوصاً على مستوى تزخيم وتسريع برامج تسليم الأسلحة الفرنسية التي اشتراها بموجب الهبة السعودية العسكرية بملياراتها الثلاثة والتي سيبدأ تسليم الدفعة الأولى منها في نهاية كانون الثاني العام المقبل، على ان تنتظم عملية التسليم بدءاً من منتصف شباط المقبل وعلى دفعات، وفق برنامج واضح مرتبط بالقدرة على تسليم الأسلحة التي يحتاجها لبنان بالمواصفات التي اختارتها قيادة الجيش نوعاً وكمّاً وتسليحاً.

إتفاقية الأسلحة

وكان قائد الجيش العماد جان قهوجي وقّع أمس في اليرزة مع ممثل شركة «أوداس» الأميرال إدوارد غييو، في حضور السفير الفرنسي باتريس باولي، ملحق اتّفاقية الأسلحة والأعتدة العسكرية الفرنسية في إطار الهبة السعودية المقدّمة للجيش اللبناني بقيمة نحو ثلاثة مليارات دولار.

ونقلَت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر حكومي في بيروت أنّ الاميرال غييو «سيزور الرياض قريباً لتوقيع ملحق الاتفاقية». وقال: «يفترض ان ترسل السعودية دفعة ماليّة أولى من 600 مليون دولار».

وأضاف: «سيبدأ تسلّم الأسلحة بعد شهرين من ذلك، على ان تستمر عملية التسليم لثلاث سنوات»، مشيراً إلى أنّ العقد يشمل «سبعَ مروحيات «غازيل» وصواريخ «هوت» مضادة للدروع وغيرها من الأسلحة والتجهيزات.

مصدر عسكري رفيع

وبدوره، أوضحَ مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «الملاحق ستذهب بعد توقيعها الى السعودية للمصادقة عليها ودفع الأموال لتبدأ بعدها عملية تسليم الأسلحة»، وطمأنَ إلى أنّ فرنسا قد وافقت على كلّ لوائح الأسلحة التي سلّمها الجيش إليها، وسيبدأ تسليم السلاح المتوافر في فترة قريبة، على ان يتمّ تحضير الأسلحة الأخرى». واعتبر المصدر أنّ «السلاح الفرنسي سيشكّل عنصر قوّة للجيش اللبناني، يضاف إليه السلاح الأميركي».

جعجع

سياسياً، برَز أمس لقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وليّ العهد السعودي والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود. وذكر المكتب الإعلامي لجعجع أنّ الطرفين «استعرضا الأوضاع السياسية في المنطقة بدءاً من العراق مروراً بسوريا وفلسطين وصولاً إلى لبنان، حيث كان هناك توافق على ضرورة حصول الانتخابات الرئاسية اللبنانية بأسرع وقت ممكن».

أضاف البيان أنّ الأمير مقرن أكّد لجعجع وقوف السعودية دائماً إلى جانب لبنان، و«ستبقى تدعمه في كلّ الخطوات التي من شأنها تعزيز استقراره وسيادته وأمن شعبِه». وشكرَ جعجع له وللمملكة الهبات التي قدّمتها لدعم الجيش اللبناني، ما سيمكّنه من مواجهة الإرهاب وكلّ الأخطار المحدقة بلبنان».

السفير البابوي

وفي المواقف من الاستحقاق الرئاسي، أكّد السفير البابوي المونسنيور غبريال كاتشيا أنّ «الأجواء المحَلية والإقليمية والدولية مهيّأة لانتخاب رئيس جمهورية جديد في وقتٍ قريب». وأكّد خلال استقباله رئيس الرابطة المارونية سمير أبي اللمع أنّ «الفاتيكان يبذل مساعيَه مع السياسيين اللبنانيين من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت. كذلك يضع في رأس أولوياته استتبابَ الوضع الامني والاقتصادي، وتوطيد الاستقرار في لبنان».

برّي حرّكَ ملفّ النفط

على صعيد آخر، حرّكَ رئيس مجلس النواب نبيه بري الملف النفطي امس، من خلال ترؤسه اجتماعاً ضمَّ وزير الطاقة أرتور نظريان ورئيس لجنة الاشغال والطاقة النائب محمد قباني وهيئة إدارة قطاع النفط بحضور المستشار علي حمدان.

وشدّد بري على وجوب إقرار مرسومَي النفط في أسرع وقت. واعتبر أنّه «لم يعد جائزاً الاستمرار في هدر الوقت، فيما العدوّ الاسرائيلي يوقّع الاتفاقيات ويفرض الأمر الواقع في البحر، بحيث أخشى أنّنا عندما نباشر في العمل، سنكون كمَن يجلس على حصيرة بينما يجلس العدوّ على سجّادة».

وكشفَ «أنّ الخلاف على موضوع تلزيم التنقيب عن النفط في البلوكات اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة قد ذُلّل بعدما كان البعض يقترح العرض في بعض البلوكات».

وأوضح برّي أنّ العرض يجب أن يكون في كلّ البلوكات، «لأننا إذا عرضنا البلوكات الجاهزة وأهملنا البلوكّين اللذين تقرصِن إسرائيل منهما مساحة 870 ميلاً بحريّاً، فهذا يعني كأننا تخلّينا عن هذين البلوكين، الأمر الذي لا ينبغي أن نقع فيه». وأكّد أنّ لبنان يتمسّك بكلّ مساحة منطقته الاقتصادية الخالصة.

خطة لبنان للاستجابة للأزمة

وكان كرّر سلام في حفل إطلاق خطة لبنان للاستجابة للأزمة في السراي أنّ «الدعم المالي الفعلي الذي حصلنا عليه كان ضيئلاً بالقياس إلى حجم الدعم المطلوب.

كما أنّ الإجماع الذي تبدّى في الإعراب عن القلق من الانعكاسات الأمنية المحتّمة لهذا الوضع ومخاطره على استقرار البلاد، لم يترجَم من الأسرة الدولية بإجراءات عملية تتناسب مع هذه التهديدات. ونستثني من ذلك بالطبع، الهبة التي قدّمتها المملكة العربية السعودية والدعم الذي تقدّمه دوَل صديقة عديدة للجيش اللبناني».

وأكّد أنّ «ما نأمله هو أن لا تكون خطة لبنان للاستجابة للأزمة مجرّد جرس تنبيه، وإنّما خريطة طريق ملموسة تسمح للمانحين بأن يركّزوا على قطاعات معينة ليضخّوا فيها أموالاً كافية لإحداث الفارق المطلوب»، لافتاً إلى أنّ «عامل الوقت ليس في مصلحتنا، لأنّنا نواجه أيضاً تصاعداً للهجمات من المتطرّفين الإرهابيين. وليس هناك شكّ في أنّ تدهورَ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية من شأنه أن يدفع أعداداً كبيرة من الشبّان اليائسين إلى الانجراف في وَهمِ تحقيقِ أمَلٍ بغدٍ أفضل عبر اتّباع طريق العنف».

الحوار

وعلى صعيد الحوار المرتقب بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، علمَت «الجمهورية» أنّ السيّد نادر الحريري الذي عاد من الولايات المتحدة الاميركية الى بيروت، من المنتظر أن يعقد اجتماعاً مع وزير المال علي حسن خليل خلال الساعات المقبلة لاستكمال تحضيرات هذا الحوار.

شجرة الميلاد في بكركي

وتأكيداً على ثقافة الحياة والفرَح المسيحي، ولأنّ النور يدخل في صلب ثقافة المسيحيين، افتتحَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تساعية الميلاد، في حضور حشد من المؤمنين، فأضاء مغارة وشجرة الميلاد في بكركي بمشاركة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير ووفد أساقفة أوستراليا وعدد من الأساقفة والكهنة وجوقة الأخوة في الإكليريكية البطريركية – غزير.

وقال الراعي في كلمته إنّ «مغارة الميلاد تُعلّمنا أنّ الربّ بتدبيره لم يولد في أيّ منزل لكي يقولَ لنا إنّ البيت الحقيقي الذي يريد أن يولد فيه هو قلب الإنسان ليكون فيه الحب، وعقلُ الإنسان لتكون فيه الحقيقة، وفي إرادة الإنسان ليكون الخير الفاعل في المجتمع. ولذلك نحتاج للاهتمام أكثر في هيكلنا الروحي وفي داخلنا، في عقولنا وقلوبنا ونفوسنا وإراداتنا».

داعياً إلى «الصلاة من أجل حماية كنيسة المسيح في العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط، ولكي يبقى إنجيل يسوع المسيح إنجيل المحبّة والسلام والأخوّة والغفران والمصالحة، إنجيل قدسيّة الحياة البشرية وكرامة الشخص البشري المفقودة في العالم الذي انطلقَ منه إنجيل الخلاص».