IMLebanon

برّي يَتوقّع حواراً بين العيدَين… والحريري يستدعي «المُستقبليّين» إلى الرياض

إتّجهَت الأنظار أمس إلى المملكة العربية السعودية إثرَ استدعاء الرئيس سعد الحريري قيادات في تيار «المستقبل» إليه لاجتماعٍ يتزامَن مع وجود رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع هناك. فيما أعلنَ السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري أنّ بلاده ترى «أنّ انتخاب رئيس للجمهورية أولوية، وهو شأنٌ لبنانيّ بامتياز، معتبراً أنّ الدور الرئيسي في ذلك يكون للّبنانيين عموماً وللمسيحيين خصوصاً». وهذا الحراك في المملكة أشاع في الأوساط السياسية اللبنانية أنّ شيئاً ما يُطبَخ في شأن الاستحقاق الرئاسي الذي كان تحرّكَ على إثر زيارة الموفدَين الروسي ميخائيل بوغدانوف والفرنسي فرنسوا جيرو الأخيرة لبيروت، فيما يستعدّ لبنان لاستقبال رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني مطلع الأسبوع المقبل في زيارة تكتسب أهمّيةً كونها تأتي على وقعِ تواصل إيراني ـ فرنسي وإيراني ـ روسي تمَثّل بزيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان لموسكو أمس. ولوحظ أنّ كلّ هذه التطوّرات تتلاحق في وقتٍ تُراوح أزمة العسكريين المخطوفين مكانها، فيما تستمرّ الحرب الدولية ضد «داعش» التي توعّدَ الرئيس الأميركي باراك أوباما مجدّداً أمس بـ»القضاء» عليها.

في إطار الحراك الرئاسي الجاري في الرياض إنعقدَ لقاء بين الرئيس سعد الحريري وجعجع. وعلمَت «الجمهورية» أنّهما بحثا في الملفات الآتية:

أوّلاً، جولة شاملة على ملفات المنطقة وتعقيداتها، وتحديداً الملفّين السوري والعراقي.

ثانياً، الفراغ الرئاسي وضرورة حصول الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت.

ثالثاً، دعم الجيش اللبناني للحفاظ على الاستقرار في مواجهة المحاولات الرامية إلى العبَث بالأمن.

رابعاً، التمسّك بمشروع قانون الانتخابات المختلط وضرورة إقراره.

خامساً، وضع 14 آذار عشيّة الذكرى العاشرة لانطلاق «انتفاضة الاستقلال»، وأهمّية هذه الحركة من أجل سلام لبنان ومستقبله.

سادساً، أهمّية الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» من أجل تخفيف الاحتقان السنّي – الشيعي وترسيخ الاستقرار.

وأكّد جعجع أن «لا أحد يستطيع الإدّعاء أنّه مسيحي ويعمل لمصلحة المسيحيين، ولكن في الوقت عينه يعطّل موقع الرئاسة»، معتبراً «أنّ الحلّ يكون إمّا بأن ننزل جميعنا الى المجلس النيابي وننتخب رئيساً جديداً ونهنئه جميعاً، وإمّا فلنتفاهم بكلّ بساطة بدءاً من الأفرقاء المسيحيين وصولاً الى جميع اللبنانيين على اسم توافقيّ ننتخبه رئيساً لكي لا نفسحَ في المجال أمام الجميع للتدخّل بانتخاباتنا الرئاسية».

وكان جعجع التقى في الرياض رئيس الاستخبارات العامة السعودية الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز آل سعود ووزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.

مواقف دولية

في هذه الأثناء تواصلت المواقف الدولية المشدّدة على وجوب إنهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جمهورية جديد في أسرع وقت. وفي هذا السياق استعجلَ السفير الأميركي ديفيد هيل انتخابَ الرئيس مؤكّداً وجود دعم دولي واسع النطاق للبنان، وقال بعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام: «فيما يعمل لبنان على تعزيز سياسة النأي بالنفس عن النزاع في سوريا، يعمل الشركاء الدوليون على تقديم الوسائل الملموسة له لتمكينه من ذلك».

وإذ لفتَ الى أنّ التحديات تبقى كبيرة، أكّد ثقته في «أنّ الأجهزة الأمنية في لبنان، مع الدعم الدولي، يمكنها مواجهة هذه التحديات». إلّا أنّه لفتَ الى أنّ «مع هذا الدعم الواسع ينبغي أن لا يكون هناك أيّ شكّ في أنّ الشعب اللبناني يستطيع، ويجب ان يستطيع، إنتخاب رئيس بعيداً من أجندات خارجية أو تدخّل». وقال: «ينبغي أن تكون عملية اختيار الرئيس للّبنانيين وحدَهم، ولكن ينبغي العمل على ذلك بسرعة.

وأنا أعتقد أنّه بمجرّد أن يتمّ مثل هذا الاختيار، فإنّ المجتمع الدولي سيدعم النتيجة. لا يوجد أيّ سبب أو أساس منطقي للتأخير، ولا ينبغي أن يكون هناك أيّ توقّعات لأحداث خارجية مستقبلية قد تؤثّر على النتائج بطريقه أو بأخرى. إنّ الانتظار هو دعوة الى عدم الاستقرار وتآكل المزيد من مؤسسة الرئاسة، أمّا المضيّ قدُماً في انتخاب رئيس فيخدم مصالحَ لبنان وشعبه».

الأمم المتّحدة

ومن بكركي، تحدّث نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون عن توافقٍ مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «على ضرورة ملء الشغور الرئاسي» ، وشدّد على اهمّية ان تعاود المؤسسات اللبنانية عملها، متمنّياً ان يكون ممكناً تأمينُ صيغةٍ لإيجاد رأسٍ للدولة.

وقال: «أنا متأكّد من أنّ اللبنانيين الخلّاقين يهتمّون بأن يتحلّى قادتهم بحسّ المسؤولية فيتّفقوا جميعاً على مرشّحٍ توافقي، لأنّ هذا بلا أدنى شك أمرٌ لبنانيّ بَحت، وليس علينا نحن من الخارج إيجاد أيّ صيغة، بل على اللبنانيين إيجاد الحلّ». وأكّد «أنّ الأمم المتحدة مهتمة بإيجاد حلّ يُعيد للبنان مؤسساته والمكانة التي يستحقّها».

بري وقانون الانتخاب

وعلى خط قانون الانتخابات، يستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم رئيس لجنة التواصل النيابية المكلّفة إعداد قانون الانتخاب روبير غانم للاطّلاع منه على نتائج اجتماعها أمس، في ضوء إعلان «القوات اللبنانية» تجميدَ مشاركتها فيها.

وقال برّي أمام زوّاره أمس «إنّ هذا الموقف «القواتي» لا يُنهي أعمال اللجنة والمهلة المحدّدة لها حتى مطلع السنة الجديدة». وذَكّر بما كان قاله رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في جلسة التمديد للمجلس النيابي من أنّه لا يمكن إقرار قانون الانتخاب في غياب رئيس الجمهورية، وأنّه لا بدّ من انتظار انتخابه لكي تكون له كلمته» وقال برّي: لقد توافقنا على ذلك، وهو ما كرّرتُه مراراً، لكن لا يمكن التراجع عن هذا الموقف الآن، ولا الذهاب الى الهيئة العامة لمجلس النواب كما تطالب «القوات» حتى لا نتجاوز وجود رئيس الجمهورية ودوره».

وعن جلسة تفسير المادة 24 من الدستور التي طالبَ بها رئيسُ تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، قال برّي: أجريتُ المشاورات وتبيّن لي أنّ نصابَ الثلثين لعقدِ الجلسة لن يكتمل بسبب الخلاف عليه، لأنّ هناك لدى البعض رأياً مغايراً لرأيي الذي يقول بأنّه لا يمكن عقد جلسة لتفسير الدستور إلّا بنصاب الثلثين، لأنّ التفسير قد ينطوي على تعديل للدستور، فيما البعض يعتبر أنّ النصاب هو النصف زائداً واحداً، ما يعني صرفَ النظر عن الجلسة».

على صعيد الملف النفطي أكّد برّي أنّه تمّ التوافق داخلياً على موضوع تلزيم البلوكات النفطية على قاعدة إعطاء الأولوية لتلزيم بلوكات الجنوب، «لأنّه حيث توجد أطماع إسرائيلية يجب أن نثبتَ حقوقَنا».

موقف «القوات»

وكانت «القوات» أعلنَت أمس تعليقَ مشاركتها في عمل لجنة التواصل، ورفضَها ربط قانون الانتخاب بالرئاسة، وطالبَت برّي بتحديد موعد لجلسة عامّة تناقَش فيها كلّ القوانين الانتخابية.

وقال عضو كتلة «القوات» النائب جورج عدوان بعد جلسة اللجنة، إنّنا «لن نضحكَ على الناس، وإنْ كان ثمّة نيّة لإقرار قانون انتخابات فنحن أكثر الناس متحمّسين له، ويمرّ إجبارياً بتحديد موعدٍ لجلسة عامة». ورأى «أنّ ثمّة مَن يريد أن تكون لجنة التواصل مجرّد أداة لتمرير الوقت في مسألة الرئاسة التي لن تكون قريبةً حسب ما يتبيّن للأسف».

الحوار

وفي موضوع الحوار بين تيار المستقبل و«حزب الله» انعقدَ مساء أمس اجتماع جديد بين وزير المال علي حسن خليل والسيّد نادر الحريري العائد من واشنطن، تابَعا خلاله البحثَ في جدول أعمال هذا الحوار.

وردّاً على سؤال، قال برّي لزوّاره: «لا يزال هناك أملٌ في عقد جلسة أولى للحوار بين العيدَين». وإذ لم يفصِح عن مضمون جدول الأعمال «في انتظار حصول التطابق بين موقفَي الطرفين»، أكّد أنّه أدرَج موضوعَي إنتخابات رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب في مسوّدته التي قال «إنّ هناك تطابقاً بينها وبين جدولَي حزب الله و«المستقبل».

قضية المخطوفين

من جهة ثانية، ظلّت قضية المخطوفين العسكريين تتربّع على عرش الاهتمامات المحَلّية، فيما نفَت جبهة «النصرة» توكيلَ الشيخ وسام المصري أو تفويضَ وسيط للتفاوض في شأنهم.

في هذا الوقت، خيّمَ الوجوم على أهالي العسكريين الذين يزورون الرابية اليوم للقاء عون، إذ لم يلمسوا أيّ جديد في قضية أبنائهم .وقد حصلَ إشكالٌ بينهم وبين حرّاس السراي الحكومي الذين منعوهم من الوصول إلى مدخله أثناء انعقاد خلية الأزمة برئاسة سلام .

وقد حضرَ الاجتماع وزراءُ الدفاع سمير مقبل، والداخلية نهاد المشنوق، والصحة وائل ابو فاعور، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير.

وفيما غابَ وزيرُ الخارجية جبران باسيل المقاطع أساساً لعملِ اللجنة، والموجود في الارجنتين، ووزيرُ العدل أشرف ريفي الموجود في موسكو، إرتأى وزير المال علي حسن خليل في الدقائق الأخيرة المشاركة في الاجتماع لإبلاغ المجتمعين مباشرةً الموقف من أداء الخليّة وضرورة اتّخاذ خطوات جدّية لإطلاق العسكريين وبَتّ موضوع مرجعية التفاوض وآليته، ثمّ غادرَ الجلسة بعد 45 دقيقة لارتباطه بموعد.

وقال المشنوق قبيل الاجتماع: «ليس هناك فوضى داخل خلية الأزمة بين ما هو سياسيّ وما هو أمني، قناة التفاوض معروفة، وهي تعمل، واللواء عباس ابراهيم هو رئيس المجموعة الأمنية، والجميع متّفقون على هذا الأمر».

وجدّد التأكيد «أنّ المدخل الى استئناف التفاوض هو تعهّد الجهات الخاطفة خطّياً بعدمِ قتلِ العسكريين، ونحن لا نقفلُ الأبواب أمام كلّ مَن يريد المساعدة، وهيئة العلماء المسلمين هي مَن تبرّعت بالمساعدة مشكورةً». وكان المكتب الإعلامي للمشنوق أوضحَ أن «لا صحّة لما تمّ تداوله عن أنّ الحكومة ستعتبر العسكريين المخطوفين «شهداء حرب».

«التكتّل»

وأكّد تكتّل «التغيير والإصلاح» أنّه «لا يعارض أيّ مقايضة تحفظ كرامةَ الدولة وتُعيد المخطوفين». وقال وزير التربية الياس بوصعب بعد اجتماع «التكتّل»: «منذ اليوم الأوّل أُبلِغنا في مجلس الوزراء أنّه لا توجد مفاوضات رسمية، إنّما هناك تواصل غير مباشر من أجل وقف إطلاق النار لساعتين وإخراج العسكريين وبعدَها يُسمَح للمسلحين بالخروج من الأراضي اللبنانية حفاظاً على أرواح أهالي عرسال»، وقال: «عندما تمّ وقف النار فوجئنا بأنّه سُمِح للإرهابين بالخروج من عرسال من دون تسليم الجنود المخطوفين».

وأضاف: «حتى هذه اللحظة لم يُعرَض علينا أيّ حلّ في مجلس الوزراء لقضية العسكريين». وأكّد «أنّ الكلام عن رفضٍ لحلول أو موافقةٍ هو كلام في غير مكانه، فنحن لا نعارض أيّ مقايضة تحفظ كرامةَ الدولة وتُعيد المخطوفين».

«الكتائب»

وشدّد رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل إثر زيارته برّي على «ضرورة بذل كلّ الجهود الممكنة من أجل عودة العسكريين المخطوفين إلى أهاليهم واستعادة الاستقرار». وقال: «في مجلس الوزراء نحن متضامنون لحلّ المسألة، وعندما تتوافر إمكانية التفاوض يجب أن نسير بها، ومجلس الوزراء مؤتمَن على هذا الأمر ويجب أن نصل إلى نتيجة».

«المستقبل»

من جهتها، كتلة «المستقبل» كرّرت مطالبتها الحكومة «السيرَ بقوّة وحَزم وجدّية وتصميم على مسارات تحرير العسكريين والمسارعة إلى وقف الفوضى والتفَلّت الإعلامي، ووقف سَيل التصريحات اللامسؤولة لبعضهم، ولا سيّما تلك المنسوبة إلى بعض الأجهزة، وإنهاء حال الفوضى وعدم الوضوح في التفاوض نتيجة تعَدّد المتعاطين بهذا الشأن، والتقدّم على مسارات التفاوض والمقايضة المسؤولة تمهيداً للوصول إلى إنجاز هذا العمل الوطني والإنساني بتحرير الرهائن وإعادتهم إلى عائلاتهم، ووقف الابتزاز والمماطلة التي يتعرّض لها الأهالي والشعب اللبناني بأقرب فرصة ممكنة».

وإذ كرّرَت موقفَها الثابت بأنّها «إذ تولي المسؤولية والصلاحية الكاملة في بَتّ هذا الموضوع لرئيس الحكومة، فإنّها تؤكّد ضرورة تعاطي الجميع مع هذا الموضوع بمنهجية مختلفة عن السابق بطريقة تطَمئنُ الرأي العام والأهالي ليكونوا على ثقةٍ بأنّ الأمور تُعالَجُ باستقامةٍ ووضوح وسَير مباشَر نحو الهدف، وهو إطلاق العسكريين».