IMLebanon

الحريري يستبق الحوار بمشاورات… وعون بعد جنبلاط مع المقايضة

إعلانُ الرئيس الأميركي باراك أوباما «فتحَ عهد جديد مع كوبا» من دون أن يستبعدَ البيت الأبيض زيارة أوباما إلى كوبا، وتأكيد الرئيس الكوبي راول كاسترو أنّه اتّفقَ مع الرئيس الأميركي على «إعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين والتي قُطِعت قبل أكثر من نصف قرن»، يشكّل مكسَباً لأوباما على مستوى السياسة الخارجية عشيّة استلام الجمهوريين للكونغرس، حيث يسعى إلى التعويض عن السياسة الداخلية بخطواتٍ خارجية من قَبيل إنشاء التحالف الدولي في مواجهة «داعش»، كما تسديد ضربات موجعة لروسيا وإيران من الباب النفطي -الاقتصادي. وفي موازاة الديبلوماسية الأميركية حافظَ الحراك الديبلوماسي الرئاسي على وتيرته المعتادة، وكأنّ عواصمَ القرار متفرّغة للشأن اللبناني، ما يؤشّر إلى أنّ الخَرق في هذا الملف غيرُ مستبعَد إطلاقاً ولو بَعد حين. وقد واكبَ رئيس تيار «المستقبل» الحراك المكثّف بمشاورات رئاسية وحوارية بدأها مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع واستكملها مع وفدٍ من «المستقبل» توجَّه أمس إلى الرياض.

إنشَدَّت الأنظار أمس إلى الرياض، حيث تَكثّفَت الزياراتُ اللبنانية، فقد توجَّه إليها مساءً رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة، ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، والنائبان السابقان غطاس خوري وباسم السبع، ومدير مكتب الحريري، نادر الحريري.

وقالت مصادر واسعة الاطّلاع رافقَت حركة الاتّصالات الأخيرة بين «بيت الوسط» والرياض لـ»الجمهورية» إنّ هذه المشاورات العلنية التي يخوضها الحريري جاءت على جبهتين: رئاسية وحوارية.

الأولى على خلفية النتائج التي أفضَت إليها محادثات جعجع في الرياض، وتحديداً مع الحريري، والتي تناولت البحث في أفضل الوسائل للخروج من أزمة انتخاب رئيس الجمهورية العتيد.

وفي هذا الإطار كان لافتاً أنّ من بين اللقاءات البارزة التي عقدَها جعجع مع أركان القيادة السعودية لقاءً مع كلّ من رئيس الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز ومدير المخابرات السعودية الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز، في اعتبار أنّ الصداقة سابقة بين جعجع ووليّ العهد بالوكالة الأمير مقرن بن عبد العزيز.

والثانية، على جبهة الحوار المنتظر بين «المستقبل» و»حزب الله»، حيث سيتأكّد الموعد في الساعات المقبلة، وتحديداً بعد عودة وفد «المستقبل» من السعودية.

وقالت مصادر مطّلعة إنّ بعض أعضاء الوفد سيعودون صباح اليوم الى بيروت ومن بينهم المشنوق، ليتسنّى له المشاركة في جلسة مجلس الوزراء اليوم، فيما ستتأخّر عودة كلّ من السنيورة ونادر الحريري وخوري بعض الوقت.

وفي المعلومات المتوافرة أنّ للسنيورة ملاحظاتٍ عدّة حول مضمون جدول أعمال الحوار مع «حزب الله» على رغم أنّ التفاهم النهائي عليه لم يتمّ بعد. ويراهن برّي على أنّ هذا الموضوع سيُبَتّ به أو يقرّب التفاهم بشأنه في اللقاء الأوّل للحوار، وتحديداً في الملف الأمني، حيث يصرّ «المستقبل» على إجراءات توقف عملية تسليح وتجنيد المواطنين السُنّة في شرق صيدا ومحيطها وبعض المناطق في إطار ما يسمّيه الحزب «سرايا المقاومة»، وهو ما أثارته كتلة «المستقبل» في اجتماعها الأخير، بالإضافة الى ملفّ ما يسمّيه «المستقبل» «أمن عرسال وحصارها» فيما يصرّ الحزب على اعتبار هذا الأمر من مهامّ الجيش اللبناني الذي يواجه المجموعات المسلحة في محيطها وجرودها تحديداً.

وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي توقّعَ أمس انعقادَ أوّل جلسة للحوار بين «المستقبل» والحزب قريباً، وطمأنَ الى أنّه ما يزال على تفاؤله، مؤكّداً أنّ الأجواء إيجابية.

جلسة تمهيدية

وفي السياق نفسه توقّعَت مصادر مطّلعة أن تُعقد الجلسة الحوارية الأولى قبل عيد الميلاد، وقالت إنّها ستكون ثلاثية وتضمّ، كما بات معروفاً، نادر الحريري عن «المستقبل»، والمعاون حسين خليل عن «حزب الله»، والوزير علي حسن خليل عن حركة «أمل»، ويرأسها برّي الذي يحضر اللقاء الأوّل.

أمّا اللقاءات الأخرى فسيقتصر الحضور على نادر الحريري و»الخليلَين». وتوقّعَت المصادر ان تكون هذه الجلسة جلسة تمهيدية تُعَدّ انطلاقةً للحوار، على أن يبدأ العمل الجدّي مطلع العام الجديد.

«14 آذار»

وفي المواقف من الحوار، أكّدَت الأمانة العامة لقوى 14 آذار أنّ الدعوة إلى الحوار يجب أن تصل إلى جوهر الأزمة المتمثّل بسلاح «حزب الله»، وبانسحاب ميليشياته الفوري من سوريا وباحترام الدستور و»إعلان بعبدا» وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ولا سيّما الـ 1559 والـ 1701.

بريطانيا: لانتخاب رئيس

وبعد المواقف الأميركية والفرنسية والروسية والسعودية والفاتيكانية وغيرها، جاء الموقف البريطاني الذي حضّ القادة اللبنانيين على التحاور من أجل انتخاب رئيس جديد يقود لبنان في مواجهته للتحدّيات الكثيرة التي تعترضه.

وأكّد الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط توبايس إلوود الذي وصل الى بيروت امس وجالَ على رئيسَي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام دعمَ بريطانيا المستمر لأمن لبنان واستقراره وازدهاره. وأضاف: «يجب ألّا نستخفّ بالتحدّيات التي تواجه لبنان، وسنبقى الى جانب الدولة اللبنانية في مكافحة الإرهاب».

فيّون في بيروت

وفي سياق متّصل، يصل مساء غدٍ الجمعة إلى بيروت رئيس الحكومة الفرنسية السابق فرانسوا فيون، في زيارة خاصة يلتقي خلالها عدداً من القيادات السياسية والاقتصادية والحزبية، وفق برنامج سيعلَن تباعاً. وقالت مصادر دبلوماسية إنّه لا يمكن التقليل من أهمّية الزيارة، وهو سيلتقي عدداً من القيادات اللبنانية الذين له علاقات خاصة ومتينة معهم.

ملفّ الانتخاب

في المقابل، انسحبَ التمديد للمجلس النيابي تمديداً لعمل لجنة التواصل النيابية التي أرجأت اجتماعها المقرّر اليوم الى ما بعد الأعياد، بعد تعليق «القوات اللبنانية» مشاركتَها فيها.

وقال برّي إنّه سيُجري مشاورات حول نتائج عمل لجنة التواصل، ليُبنَى على الشيء مقتضاه، مؤكّداً أنّه لا بدّ من الوقوف على رأي رئيس الجمهورية في صيغة قانون الانتخاب قبل عرضِها وإقرارها في الهيئة العامة للمجلس.

أمّا رئيس لجنة التواصل النائب روبير غانم الذي زار برّي فأكّد أنّ لجنة التواصل النيابية مستمرة بمساعيها للوصول إلى توافق بشأن قانون الإنتخابات. وعن مهلة الشهر التي حدّدها بري للّجنة وإمكانية عقد جلسة لإقرار قانون جديد، أوضحَ غانم أنّ بري «عندما سمعَ أصواتاً من هنا وهناك بأنّه لا يجوز إجراء انتخابات بغياب رئيس الجمهورية ومن دون الأخذِ برأيه في قانون الانتخاب الذي سيُعتمَد، أكّد عدمَ تحديد جلسة في غياب رأس السلطة من منطلق احترام رئيس الجمهورية والأخذ برأيه في القانون».

ملفّ العسكريين

في غضون ذلك، ظلّ ملف العسكريين المخطوفين يدور في حلقة مفرَغة، في غياب أيّ معطى جديد يُنبئ بوجود حلّ قريب لإطلاقهم.

وأعلنَ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون صراحةً موافقتَه على المقايضة ضمن القوانين اللبنانية، ودعا إلى انتداب ضابط من قوى الامن وآخر من الجيش لمواكبة الاهالي وإطلاعهم على آخر المعلومات بشأن أبنائهم.

وقال عون لدى استقباله وفداً من أهالي العسكريين: «بمجرّد أن أصبحَ العسكريون مخطوفين لدى الإرهابيين، صار هناك أمرٌ واقع يقضي بالتفاوض،

وكلّ تفاوض لا بدّ أن يكون له ثمن. ولكنّ السؤال: لماذا تركوهم يرحلون عندما كانوا مطوَّقين؟! لا يدّعي أحدٌ أنّهم لم يكونوا موجودين في عرسال.. عندما تدخّلَ العلماءُ المسلمون في الموضوع قالوا إنّ المخطوفين سيتحرّرون، وقد قال «أبو طاقية» آنذاك «هؤلاء أولادُنا وهم في ضيافتنا»، وأعتقد أنّهم ظهروا على شاشات التلفَزة يشربون وإيّاهم القهوة.

إذاً، الخطأ حصلَ منذ بدء المشكلة. كان من المفترَض أن تحَلّ هناك على الأرض، فلا تُفتَح طريق الانسحاب للمسلحين قبل أن يطلِقوا العسكريين. أمّا اليوم وبعدما وقعَت الواقعة، المهم أن يبقى العسكريون على قيد الحياة، وليس العكس». وجدّد عون التأكيد أنّه «يجب على الدولة أن تدفع الثّمن، والمقايضةُ يجب أن تحصلَ وفقاً للشرائع والقوانين اللبنانية».

أمّا الأهالي فهدّدوا بكشف كلّ من يعرقل إطلاقَ أبنائهم، وقرّروا تأليفَ لجنةٍ لمتابعة الملف والقيام بجولة على رؤساء الأحزاب. وقالوا في مؤتمر صحافي: «قرّرنا وضعَ النقاط على الحروف وكشفَ كلّ سياسيّ معرقِل»، وأكّدوا أنّ عون «ليس معرقلاً للتفاوض، وأنّه مع أيّ ثمَن يُخرج المخطوفين من الأسر».

مجلس وزراء

وفي موازاة ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسةً قبل ظهر اليوم، ويُتوقّع أن لا يخرج عن الأجواء المألوفة التي لا تعكس تشنّجاً.

وسيبحث المجلس من خارج جدول الأعمال موضوع النفايات الذي أكّدَت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» أنّ الاتفاق حوله بدأ ينضج، ورجّحت أن تسير كلّ الاطراف بدفاتر الشروط، التي أعدَّها مجلس الإنماء والإعمار، في جلسة اليوم، أو كحدّ أقصى في جلسةٍ لاحقة.

طهران تنتقد واشنطن والرياض

وفي سياق آخر، وفيما كانت مدينة فيينا السويسرية تشهد جولةً جديدة من المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة «5 1» بعد تمديدها الشهرَ الماضي سبعة أشهر إضافية، استأنفَت إيران حملتها على الولايات المتحدة الاميركية، وانتقاداتها الواسعة للسعودية، وجدّدَت في الوقت نفسه دعمَها لسوريا والعراق.

فقد أكّد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين امير عبد اللهيان من العاصمة الروسية أنّ طهران وموسكو تتابعان بجدّية استراتيجيتهما في دعم سوريا والعراق، ووصفَ رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء حسن فيروز آبادي التحالفَ الدولي ضد «داعش» بأنّه حركة استعراضية، وقال: «إنّ السعودية هي مَن أسَّس التيارات الوهابية والإرهابية والتكفيرية»، واتّهمَها «بإنفاق الأموال التي تصلها من عائداتها النفطیة علی هذه الجماعات، وبالعمل علی تقویتها وتعزیزها».