Site icon IMLebanon

«داعشي» كبير في قبضة الجيش… وباريس تنتظر طهران

إنشغلَ العالم بتطبيع العلاقات الديبلوماسية بين الولايات المتحدة وكوبا بعد 65 عاماً من العداء بينهما، في وقتٍ أعلنَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّه سيزور إيران التي يستعدّ جيشُها لمناورات عسكرية كبرى في 25 الجاري لاختبار أسلحة وتكتيكات جديدة، فيما يبدأ أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني زيارةً رسمية إلى تركيا تستغرق يومين يبحث خلالها مع الرئيس رجب طيّب أردوغان ومسؤولين أتراك القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة. أمّا لبنان فبدا أنّه دخلَ باكراً مدار عطلة عيدَي الميلاد ورأس السنة بعدما رحّلَ مسؤولوه ملفَّي الرئاسة وقانون الانتخاب وملفّات أخرى إلى السنة الجديدة، وأرجأ مجلس الوزراء ملفّاته الخلافية مجدّداً إلى جلسة لاحقة، كملفَّي الكلّيات المحدثة في بعض الجامعات الخاصة والنفايات. أمّا ملفّات الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، والعسكريين المخطوفين، وسلامة الغذاء، فحافظت على حضورها القوي في المشهد السياسي.

وأشار بوتين، خلال مؤتمره الصحافي السنوي الذي نقلته وكالة أنباء سبوتنك الروسية، إلى أنّهُ لا يستبعد زيارة طهران، مضيفاً أنّه سيتّفق ونظيرَه الإيراني حسن روحاني على بعض المواقف والإجراءات المتعلّقة بالقضايا الإقليميّة، حيث تأتي هذه الزيارة في وقتٍ استؤنِفَت المفاوضات النووية بين طهران ودول مجموعة «خمسة زائداً واحداً».

وأكّد بوتين الاستمرار في تنفيذ اتّفاق بناء محطة الطاقة النوويّة في إيران، في وقتٍ رَجّح مراقبون أن يكون الملفّ السوري ومبادرة الوسيط الدولي ستيفان دو ميستورا على جدول محادثات بوتين وروحاني.

واستغربَ بوتين كيفَ أنّ الملفّ النووي الإيراني لم يُحَلّ حتّى الآن، قائلاً: «نحن قريبون جدّاً من حَلّ هذه القضية. برأيي إنّ القيادة الإيرانيّة تُبدي مرونةً كبيرة جدّاً في هذا الملفّ. أنا لا أفهم لماذا لم يَتمّ حتّى الآن توقيع اتفاق نهائي يتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني، وآمل في أن يتحقّق ذلكَ في القريب العاجل». وأضاف أنّ العلاقات الاقتصاديّة مع طهران ستتطوّر بنحو كبير في حال التوصُّل إلى الاتفاق النووي النهائي.

إلى ذلكَ، رجّحت مصادر أن يَكون الملفّ اللبناني مُدرَجاً على طاولة البحث بين بوتين وروحاني، خصوصاً أنّ موسكو كانت أوفَدت نائب وزير الخارجيّة ميخائيل بوغدانوف إلى بيروت أخيراً، في مُحاولةٍ منها لإنهاء الفراغ الرئاسي.

وفيما تتواصل ضربات التحالف الدولي ضد «داعش» وأخواتها، وليس آخرها ما كشفَه رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي أنّ الغارات الأميركية في العراق قتلت ثلاثة من قادة «داعش» الكبار، مضى الجيش اللبناني في تحقيق مزيد من الإنجازات العسكرية، فتمكّنَ من تسديد ضربة جديدة في مرمى الإرهابيين تمثّلَت بالقبض على قياديّ «داعشي» كبير.

وفي هذا الإطار، كشفَ مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «مخابرات الجيش قبضَت منذ يومين على قياديّ مهمّ وبارز في تنظيم «داعش»، كان يخطّط لتنفيذ أعمال إرهابية». وأدرجَ هذا التوقيف « في سياق التوقيفات المهمّة التي تشكّل ضربةً موجعة للتنظيمات الإرهابية».

وأكّد أنّ ما حصل» يأتي ضمن المتابعة المستمرّة للوضع الأمني، ويشكّل ورقة قوّة في يد الحكومة لكي تفاوض عليها في قضية العسكريين المخطوفين، خصوصاً أنّ الموقوف يُعَدّ من القياديين الداعشيّين البارزين» .

ومن جهة ثانية، لفتَ المصدر إلى أنّ «ما حصل في عرسال يأتي في سياق المناوشات المفتوحة مع الإرهابيين، حيث إنّ مجموعةً منهم حاولت الاقتراب من مراكزنا في وادي عطا، ما دفعَ الجيش إلى الردّ بعنف وأوقعَ في صفوفها إصابات، ثمّ مشّط المنطقة».

وعن المواجهات العسكرية المحتدمة بين المجموعات المسلحة في القلمون، أكّد المصدر أنّ «الاشتباكات التي تدور هناك بعيدة من الحدود اللبنانية ولا تؤثّر علينا»، وقال: «إنّ الجيش يتعاطى مع الجميع في اعتبارهم إرهابيين، ولذا فإنّه لا يفضّل أن ينتصر فصيلٌ على آخر».

الحوار

وفي وقت عاد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والوفد المرافق الى بيروت مساء أمس من الرياض، تواصلت المحادثات التي يجريها الرئيس سعد الحريري مع وفد كتلة «المستقبل» الذي مدّد إقامتَه هناك ساعات إضافية لاستكمال الاتّصالات في الملف الرئاسي ونتائج زيارة جعجع، إضافةً إلى ملفّ الحوار مع «حزب الله».

وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ الحريري توسَّع في البحث مع أعضاء الوفد ليشملَ تفاصيلَ كثيرة، ولا سيّما منها تلك المتصلة بجدول أعمال الحوار على وقع الإشارات التي أطلقها راعيه رئيسُ مجلس النواب نبيه برّي، وتأكيده أنّ الجدول قابلٌ للبحث بما يرضي طرفَيه من عناوين، وأنّه لن تكون هناك أيّ مشكلة في بنوده، وأنّ النيّة مفتوحة على إمكانية الحوار في أيّ بند. وغير صحيح أنّ شيئاً يحظّر البحث فيه في مثل هذه اللقاءات التي يمكن الطرفين التفاهم على أيّ بند يمكن مناقشته.

وردّاً على سؤال حول الجديد في التحضيرات الجارية للحوار، قال برّي أمام زوّاره إنّه ينتظر عودة بعض المسؤولين في «المستقبل» من لقاءاتهم مع الرئيس سعد الحريري في الرياض، مشيراً إلى أنّ الأجواء إيجابية، ومكرّراً التأكيد أنّ الجلسة الأولى من هذا الحوار ستنعقد قريباً.

وفي المقابل، أكّد «حزب الله» بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم «دعمَ أيّ حوار بين أيّ جهتين أو أكثر» مشيراً إلى أنّ الحوار»لن يكون سلبياً ولا موجّهاً ضد أحد طالما إنّه منطلق من البحث عن المشتركات والحلول».

وقال: «لا داعي لبعض المتصدّرين إعلامياً أن يُتعِبوا أنفسَهم بجدول الأعمال وما هو ممنوع وما هو مسموح، فالمتحاورون قادرون على إنتاج جدول الأعمال المناسب لهم، وبما أنّ التصميم على انطلاقة الحوار محسومٌ فلا مشكلة في التفاصيل».

جيرو

إلى ذلك، علمَت «الجمهورية» أنّ موفد الرئيس الفرنسي فرنسوا جيرو قرّر التريّث أيّاماً قبل استئناف جولته الخليجية والإيرانية، وذلك في انتظار جوجلة نتائج زيارته إلى بيروت.

وقالت مصادر ديبلوماسية أوروبية إنّ اللقاء الأخير الذي جمعَه بقيادة «حزب الله» انتهى إلى قراءة سلبية قد تدفع إلى التريّث في أيّ خطوات مقبلة يمكن أن تقوم بها الديبلوماسية الفرنسية، خصوصاً في اتّجاه طهران.

لاريجاني

وربطَت المصادر بين التأجيل الفرنسي وزيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني لبيروت نهاية الأسبوع الجاري، وهو سيلتقي برّي ورئيس الحكومة تمام سلام وقيادة «حزب الله»، من دون استبعاد أن يلتقي قيادات لبنانية قبل أن يزور دمشق.

وفي المعلومات أنّ الاتّصالات التي جرَت بين باريس وطهران دفعَت إلى تأجيل زيارة جيرو إلى حين عودة لاريجاني من المنطقة إلى بلاده. بعدما لمّحت مصادر مطّلعة على الأجواء الإيرانية إلى أنّ ما نُشِر عن تفويض إيراني شامل للموفد الفرنسي ليس دقيقاً أبداً، وأنّ موفدين إيرانيين موجودون أسبوعياً في بيروت ويمكنهم البحث في ملف لبنان وفي أيّ جديد مع أيّ مسؤول، فرنسيّاً كانَ أم من أيّة دولة أخرى.

العسكريّون المخطوفون

ومن جهةٍ ثانية، وعلى رغم مجاهرة القوى السياسية في البلد بأنّها لا تمانع حصولَ مقايضة في ملف العسكريين المخطوفين لا يزال هذا الملف عالقاً.

وأكّد سلام في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء «أنّ خلية الأزمة مستمرّة في مهمتها من دون انقطاع توصّلاً إلى تحرير العسكريين، وأنّ المفاوضات الصعبة والمعقّدة تسير ببطء، إلّا أنّه من المؤمل أن تؤدّي إلى النتيجة المتوخّاة، وهي الإفراج عن المخطوفين».

أبو فاعور والثمن

وكان وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي زار برّي شدّد على وجوب «التحرّك سريعاً في ملف العسكريين، وأن يكون هناك أيضاً اقتناعٌ بأن لا بدّ من تقديم تضحياتٍ ما، ولا بدّ من القبول بأثمان، لأنّه لا يوجد دولة في العالم فاوضَت من دون أن يكون هناك أثمان مقابل ذلك». وقال: لو كانت هناك أثمانٌ جرى تصنيفها كأثمان موجِعة فإنّها تبقى أقلّ ثمناً وأقلّ كلفةً إذا ما تمّت استعادة العسكريين».

الأهالي في «بيت الوسط»

في هذا الوقت واصلَ الأهالي جولاتهم على المسؤولين والقيادات، وكانت وجهتُهم هذه المرّة «بيت الوسط»، فاجتمعوا مع الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري. وأكّدوا أنّ «زيارتهم هذه كانت بهدف ربط بعض الأهداف والتأكّد من موقف «المستقبل» في شأن «المقايضة». وأشاروا إلى أنّ «الحريري أكّد لهم أنّهم كتيّار ليسوا ضدّ المقايضة»، آملين في أن «تكون خطواتهم التالية في الاتجاه نفسِه لإعادة أبنائهم».

النفط والغاز

على صعيد ملفّ النفط والغاز، أكّد الرئيس برّي أمام زوّاره أمس أنّه يولي هذا الملف أهمّية كبيرة ويجري في شأنه اتّصالات ومشاورات داخليّاً وفي مختلف الاتجاهات لدفعه إلى نهاياته السعيدة ولتمكين لبنان من الاستفادة منه.

وذكر برّي أنّه سيستقبل اليوم القائد الجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» الجنرال لوتشيانو بورسلانو ويثير معه الدور الذي على الأمم المتحدة وقوات «اليونيفيل» القيام به لمساعدة لبنان على حماية حقوقه في المنطقة الاقتصادية الخالصة البحرية واستعادة ما قرصَنته إسرائيل منها.

وأشار برّي إلى أنّه طلبَ من سفير لبنان في الولايات المتحدة الأميركية أنطوان شديد أن يستطلع من الإدارة الاميركية أسباب توقّف موفدها آموس هوكستين المكلّف معالجة النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل عن مهمته، بعدما خلفَ فريديريك هوف في هذه المهمة قبل بضعة أشهر.