Site icon IMLebanon

جلستان للنفط حكومياً ونيابياً و«عجقة» مفاوضين تُعقّد ملف المخطوفين

يحتفل اللبنانيون بعد أيام بعيدي الميلاد ورأس السنة وفي قلوبهم غصة وأمل، الغصة لأنّ أنوار قصر بعبدا ما تزال مطفأة، وكرسي الرئاسة فيه خال من شاغله منذ 24 أيار الماضي. امّا الأمل فهو انطلاق حوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» يعوّل عليه ان يفضي الى توافق لبناني عام على انتخاب الرئيس العتيد في اقرب وقت، ودفع البلاد الى آفاق الانفراج.

ظلت الانظار في عطلة الاسبوع مشدودة الى القلمون حيث تدور فيها معركة طاحنة بين المجموعات المسلحة من «داعش» و«نصرة» اللتين تحتجزان العسكريين اللبنانيين الذين ارتفع منسوب الخوف على مصيرهم، فيما حذّر رئيس الحكومة تمام سلام من انّ «داعش» موجودة في منطقة عرسال على الحدود اللبنانية ـ السورية، واذا تمكنت من اجتياح لبنان فستفرض تطرّفها في كل مكان».

وقال سلام لصحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الفرنسية الأسبوعية: «لا نزال نجري محادثات لتسليم طائرات الهليكوبتر في بداية البرنامج عوضاً عن آخره حتى نتمكن من استخدام الصواريخ في أقرب وقت ممكن ضد الجهاديين الموجودين في الجبال». وأضاف: «داعش موجودة في منطقة عرسال على الحدود اللبنانية ـ السورية، واذا تمكنت من اجتياح لبنان فستفرض تطرّفها في كل مكان».

وإذ أشار إلى أنّ «غارات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على تنظيم «الدولة الاسلامية» و«جبهة النصرة» جناح تنظيم «القاعدة» في سوريا غير كافية ورمزية»، قال: «للتغلّب عليهم يجب الإنتشار على الأرض. لكن في هذه المرحلة من يريد أن يذهب إلى هناك؟».

وأوضح رئيس الحكومة تمام سلام أنّ «وزير الصحة وائل ابو فاعور لم يبلغني أيّ تفويض لأحد، ولم يصدر عنه أي بيان في هذا الاطار، بل سعى منذ البداية، وبجهد شخصي، إلى حلّ هذا الملف».

وعشيّة الاعياد، لم تسترح حركة الموفدين الدوليين والإقليميين الى لبنان، فيزوره اليوم رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني آتياً من دمشق حيث استهلّ منها جولته التي ستقوده لاحقاً الى العراق، والتقى الرئيس السوري بشار الاسد والمسؤولين السوريين، واعتبر أنّ «سوريا علّمت خصومها ممّن يدعمون الجماعات الإرهابية معنى المقاومة».

زائر إيطالي

في الموازاة، من المقرر ان يبدأ اليوم رئيس مجلس الشيوخ الايطالي السيناتور بييترو غراسو زيارة للبنان يلتقي خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري وسلام والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ووزير الثقافة ريمون عريجي، على ان يعقد مؤتمراً صحافياً بعد اللقاء مع سلام. وسيزور الجنوب غداً لتفقّد الكتيبة الايطالية العاملة في إطار قوات «اليونيفيل»، والاجتماع بقائدها الجنرال لوتشانو بورتولانو.

بري

وبينما لم يخرج الحوار الموعود بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» عن إطار التمنيات على رغم ترحيب الطرفين به، وفي غمرة التحضيرات لانطلاق الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، اكد بري أمام زواره أمس انّ هذا الحوار «سينطلق قبل رأس السنة بمشاركة قياديين من الطرفين»، واكد انّ «جدول اعمال الحوار مفتوح على كل المواضيع، ما عدا تلك التي اتفق على استبعادها، مثل الازمة السورية وسلاح المقاومة».

واضاف: «انا مستعد لاستضافة الحوار إذ انني سأرعى الجلسة الاولى، واذا احبّ الطرفان ان يجتمعا دوماً في عين التينة فأهلاً وسهلاً بهما». ولم يستبعد ان يشارك معاونه السياسي الوزير على حسن خليل في جلسات الحوار، وقال: «المهم هو التواصل المباشر بين الطرفين، وسنسعى لأن يكون هذا الحوار جدياً ومنتجاً بعيداً عن المناكفات، وأهمّ شيء هو التخفيف من الاحتقان، خصوصاً على المستوى السني ـ الشيعي في البلاد».

وكشف بري انّ المجلس النيابي سيعقد جلسة تشريعية مطلع السنة الجديدة فور انتهاء اللجان النيابية المشتركة من درس عدد من القوانين بات بعضها جاهزاً والبعض الآخر سيكون موضع مناقشة في الحكومة خلال الشهر المقبل.

وفي موضوع النفط والغاز عكسَ بري أجواء ايجابية، مشيراً الى «انّ الامور وضعت على السكة الصحيحة وسيعقد مجلس الوزراء جلسة لإقرار المرسومين المتعلقين بتحديد البلوكات البحرية وتلزيم التنقيب ومشاريع قوانين أخرى ذات صلة، مثل موضوع الضريبة. وفور ورود هذين المرسومين الى مجلس النواب سأدعو الى جلسة تشريعية لدرس هذه المشاريع وإقرارها».

من جهة اخرى، وفي ردّ على بعض التعليقات، ذكّر بري بأنه شكّل لجنة نيابية منذ زمن لمتابعة مسألة تنفيذ القوانين، كاشفاً أنّ «هناك ما يقارب 60 الى 70 قانوناً صدرت منذ سنوات متفاوتة لم تطبّق، ومنها ما يتعلق بالفساد والغذاء والمياه وحماية المستهلك وكثير من القضايا المطروحة».

وقال: «طلبت من اللجنة عقد مؤتمر صحافي مطلع السنة الجديدة لعرض هذه القوانين، مع العلم انّ هذه اللجنة تابعت وستتابع هذا الموضوع مع رئيس الحكومة والوزراء».

«حزب الله»

من جهته، لفت «حزب الله» بلسان وزير الصناعة حسين الحاج حسن «انّ تباشير التلاقي والحوار بين الافرقاء السياسيين في لبنان بدأت في اكثر من مكان، وعلى اكثر من صعيد، وهي ستستمر».

فيما أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي «جهوز المقاومة لتقديم نموذجها في أيّ حوار يجرى الحديث عنه»، ورأى «أنّ فائدة الحوار قد تكون كثيرة أو متواضعة، ولكن بالتأكيد من فوائده المهمة هو أن يختلف الحراك بين اللبنانيين من تحريض وتعبئة وتباغض إلى حوار هادىء يفتّش عن سُبل تنظيم الاختلاف والإفادة من نقاط الاتفاق والتفاهم».

واعلن انّ الحزب «يتعامل مع أي حوار بجدية كاملة ورغبة أكيدة في التوصّل إلى تفاهمات، وسنبذل الجهد لتحقيق التفاهم الذي يجب أن يشمل جميع القوى السياسية، فلا يكون تفاهماً ثنائياً». وقال: «سنكون معنيين بالتحاور في المواضيع التي تهمّ اللبنانيين في مجال تفعيل السلطة التنفيذية والتشريعية وفي ما يتعلق بقانون الإنتخاب وبالتحديات التي يواجهها لبنان، خصوصاً الإرهاب التكفيري منه».

التعطيل مسيحي

إلى ذلك رفض رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حديث تلفزيوني، مقولة استبعاد المسيحيين عن الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»، وقال: «إن هذا الحوار له علاقة بتخفيف التشنج الشيعي – السني الموجود في لبنان ولا علاقة له لا بإعادة هيكلة لبنان ولا بالبحث عن رئيس جمهورية جديد»، وأضاف: «المسيحيون موجودون في كل القضايا الوطنية ولا أحد يستطيع تغييبهم أو لديه النيّة لذلك».

وعن أن السنّة والشيعة في المنطقة هم من يقررون الرئيس الماروني في لبنان، رأى جعجع انه «لو قرّر العماد ميشال عون النزول غداً الى مجلس النواب وانتخاب رئيس، لكنّا انتخبنا الرئيس العتيد.

اذاً، المسألة ليست متعلقة بالسنّة والشيعة، ولكن للأسف في الوقت الحاضر من يُعطّل انتخابات رئاسة الجمهورية هو فريق مسيحي بالاضافة الى حزب الله»… وتمنّى حصول تفاهم مع عون حول موقع رئاسة الجمهورية «شرط ألا نُحصر بخيار وحيد دون سواه فهذا أمر غير منطقي، والأمور يجب أن تكون موضع أخذ ورد». وقال: «لو كنتُ رئيساً لجمهورية لبنان لكان مشروعي هو مشروع قوى 14 آذار، أي قيام دولة فعلية في لبنان وجمهورية قوية».

وفي سياق آخر جدّد جعجع التأكيد أنه «ضد قتال «حزب الله» في سوريا وهذا أمر لا يجوز، ولكن هذا لا يُبرر أن يقوم قسم من اللاجئين في عرسال بالهجوم على الجيش اللبناني، وهذا لا يُبرر بأيّ شكل من الاشكال أخذ نحو 30 جندياً رهائن، ثم يضعون شروطاً لإطلاق إسلاميين من السجون اللبنانية، فهذا أمر غير مقبول».

الراعي

على صعيد آخر، نبّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ «لبنان يمرّ بمرحلة دقيقة جداً تهدد كيانه، إذا ما استمر بلا رئيس للجمهورية، وإذا استمر الاستغناء عن الرئيس والتمادي في مخالفة الدستور والميثاق والتقاليد والأعراف». وكرّر الدعوة الى الصلاة «من أجل انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد».

موفَد جنبلاطي إلى عون

من جهة ثانية، وفي إطار التواصُل بينَ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، يَستقبل عون اليوم وزير الزراعة أكرم شهيّب موفَداً جنبلاطيّاً إليه. وهذه الزيارة الثانية لـ شهيّب إلى الرابية، إذ إنّه كان قد نقلَ سابقاً رسالة من جنبلاط إلى عون.

ملف العسكريين

الى ذلك، لم يحمل ملف العسكريين المخطوفين ايّ جديد، وفضحت «عجقة المفاوضين» عقم المعالجات وتفريخاً لمفاوضين ومبادرات عدة بين ليلة وضحاها قد لا تؤدي الى حل هذا الملف، بل قد تزيد الأمور تعقيداً لعدم تقديم الخاطفين بعد أيّ لوائح إسمية وأيّ ضمان بسلامة العسكريين.

الفليطي لـ«الجمهورية»

وقبل ان يسقط من لائحة المفاوضين الشيخ وسام المصري الذي بادر شخصياً بلا تكليف من أحد، ظَهرَ أمس مفاوض جديد هو نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي.

وبعد ساعات على تأكيد المصري انه ماض بوساطته وسيزور الخاطفين في جرود عرسال في الساعات المقبلة ليحمل من «داعش» لائحة بمطالبها وأسماء الموقوفين الذين تريد المقايضة بهم، أكد فليطي لـ«الجمهورية» انّ رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط كلّفه، عبر وزير الصحة وائل أبو فاعور، الوساطة مع الخاطفين. واعلن انه زار أمس جرود عرسال وقابلَ مسؤولي «داعش» الذين وافقوا على تكليفه.

والحجيري يسخر

وكان الفليطي، الذي تربطه «صِلة قرابة بعيدة» مع رنا الفليطي زوجة الدركي الشهيد علي البزال، زار الجرود صباح أمس وعاد منها ظهراً واطلع رئيس البلدية علي الحجيري على نتائج زيارته.

وإزاء صمت الفليطي، كشف الحجيري لـ«الجمهورية» انه سمع منه «كلاماً ايجابياً» لن يفصح عنه الآن. وأضاف أنّ «الزيارة ايجابية ويمكن ان تشهد الساعات والأيام المقبلة بشائر ايجابية لا ينتظرها أحد».

وعن دوافع تبشيره بهذه الخطوة، قال الحجيري: «لا بد للمسلحين من ان يقدموا على خطوة ايجابية، وربما تمّ الإفراج عن بعض العسكريين في هذه الساعات المقبلة».

وسئل: أنت وحدك تتحدث عن خطوة ايجابية، فما الذي تغيّر؟ فأجاب ساخراً: «كان يجب ان يقفل الموضوع قبل أشهر لولا وجود من يريد المتاجرة بالعسكريين، عدا عن رغبة البعض في الظهور على شاشات التلفزة».