ثلاثة ملفات أساسية تتحكّم بالبلاد وبرِقاب العباد، ويتصدّرها ملفّ قانون الانتخابات النيابية السالك حتى الآن طرقاً متعرّجة، ويَليه ملفّ الموازنة العامة التي يتابع مجلس الوزراء اليوم البحثَ في أرقامها، وسط أجواء تفاؤلية بإمكان إقرارها، وملفّ سلسلة الرتب والرواتب التي أعيدَت إلى المجلس النيابي لإقرارها في جلسة اللجان المشتركة الاثنين، تمهيداً لإقرارها في الهيئة العامة للمجلس. أمّا التعيينات الأمنية فتقاطعت المعلومات على إنجازها وقرب إعلانها.
علمت «الجمهورية» أنّ مجلس الوزراء وبالتفاهم مع كلّ القوى السياسية، سيقرّ الاثنين المقبل مشروع الموازنة العامة، على أن تُعقد جلسة عادية الأربعاء في قصر بعبدا يتصدّر جدول أعمالها سلّة تعيينات عسكرية وأمنية في ستة مواقع هي:
– قيادة الجيش، حيث تمّ التوافق على تعيين العميد جوزف عون خلفاً لقائد الجيش العماد جان قهوجي بعد ترقيتِه إلى رتبة عماد.
– مدير عام لقوى الأمن الداخلي، والمرشّح له العميد عماد عثمان بعد ترقيتِه إلى رتبة لواء، خلفاً للّواء ابراهيم بصبوص الذي سيُحال إلى السلك الديبلوماسي ليعيَّن سفيراً.
– مدير عام أمن الدولة العميد طوني صليبا، بعد ترقيته إلى رتبة لواء خلفاً للّواء جورج قرعة، والعميد محمد سنان نائباً له.
– أمين عام لمجلس الدفاع الأعلى (عضو المجلس العسكري) خلفاً للّواء محمد خير.
كذلك ستشمل سلّة التعيينات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي سيقدّم استقالته من السلك العسكري لكي يُستدعى مدنياً، ليستمرّ في موقعه للسنوات الخمس المقبلة، وهي السنوات الفاصلة بين نهاية خدمته العسكرية في عامه التاسع والخمسين في الجيش كحدّ أقصى وعامه الرابع والستّين كمدني.
ولا يُستبعد أن تشمل سلّة التعيينات كذلك مركزَ المدير العام للجمارك خلفاً لشفيق مرعي، إذا تمّ الاتّفاق على هذا الأمر قبل جلسة الأربعاء. على أن تليَ هذه السلة تعيينات إدارية ستتكثّف الاتصالات في شأنها خلال الأيام المقبلة.
الانتخابات النيابية
وفي الشأن الانتخابي، لم تتبلوَر ملامح قانون الانتخاب العتيد بعد. وعلمت «الجمهورية» من مصادر عاملة على خط المشاورات بأن لا جديد تبلوَر حول القانون الانتخابي، إذ إنّ الأيام الفائتة لم تسجّل أيّ تقدّم، خلافاً للأجواء السائدة.
ونفَت هذه المصادر «أن يكون مشروع القانون المختلط قد تقدّمَ على ما عداه»، وأكّدت «أنّ ثلاث صيغ تسير بالتوازي، هي المختلط والصوت التفضيلي والنسبية الكاملة على اساس لبنان دائرة واحدة».
واستَبعدت المصادر نفسُها «أن يتمّ التوافق على صيغة معيّنة خلال أيام، لا بل خلال الأسابيع المقبلة، حيث إنّ العقبات لا تزال كبيرة، وكلّ فريق يُسوّق لصيغة انتخابية في وادٍ.
فالمختلط يواجه تعقيدات تتعلق بتوزيع الطوائف بين النسبي والأكثري حتى ولو كان قد تمّ التوصّل إلى اعتماد معيار واحد في توزيع المقاعد بين الأكثري والنسبي على الدوائر. أمّا الصوت التفضيلي والنسبية الكاملة فلا تزال دونهما «فيتوات» عدد من القوى السياسية».
«الوفاء للمقاومة»
وفي هذه الأجواء شدّدت كتلة «الوفاء للمقاومة» على وجوب «مراعاة أيّ اقتراح انتخابي للمعايير الدستورية ولمضمون المحدّدات التي ورَدت في وثيقة الوفاق الوطني، خصوصاً لجهة المناصفة والعيش الواحد أو المشترك، وكذلك لجهة صحّة التمثيل وفعاليته وشموله». وجدّدت «تمسّكَها بالنسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسّعة».
ورأت فيها «الصيغة الأكثر انسجاماً والتزاماً مع المعايير التي تحقّق للشعب اللبناني صحّة التمثيل وشموليتَه وفعاليته، ويشكّل اعتمادها نقلةً نوعية في مسار بناء الدولة القوية، وتجديداً في الحياة السياسية وتفعيلاً لها وصوناً للاستقرار السياسي في البلاد».
الموازنة
على صعيد آخر، يتابع مجلس الوزراء اليوم درسَ الموازنة العامة ويَعقد جلسته الثامنة في شأنها، حيث سيتابع درس ما تبقّى من مواد الموازنة المؤلّفة من تسعين مادة.
وفي خطوةٍ هي الأولى لمسؤول سياسي، قرّر وزير المال علي حسن خليل فتحَ يومٍ للقاءٍ مباشر عبر صفحته على الفيسبوك في الساعة الثامنة مساءً الاثنين للإجابة عن أسئلةٍ دعا إلى طرحها على هاشتاغ «المالية بخدمتك» وليس من خلال التعليق بل من خلال البثّ المباشر.
وقال خليل لـ«الجمهورية»: إنّ الخطوة التي ينوي القيام بها هي لتعزيز التواصل مع الناس وفتحِ المجال لهم للاحتكاك المباشر مع همومهم وأسئلتهم». وأوضَح «أنّ الأسئلة لن تقتصر على عمل وزارته، بل على كلّ القضايا السياسية والشأن الحكومي».
ورأى خليل «أنّ حكومة استعادةِ الثقة بالناس تفرض على الجميع، وكلٌّ من موقعه، أن يعمل ضمن هذه السياسة في كلّ المجالات وصولاً إلى تقديم قانون انتخاب عصري».
وكشفَ «أن لا جديد في ما خصَّ المشاورات القائمة حول قانون الانتخاب»، مؤكّداً «أنّ الثابت الوحيد هو أنّ كلّ القوى السياسية أصبحت على اقتناع راسخ بأنّها أمام قانون انتخاب جديد، حتى مَن كان منها يعتقد في الأمس أنّ العودة إلى الستّين لا تزال خياراً قائماً».
كنعان
وفي المواقف، قال أمين سر تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية»: «في الأساس، مشروع الموازنة لم يشمل سلسلة الرتب والرواتب، والإيرادات الضريبية لم تقترن بها، بل هما في المجلس النيابي منذ العام ٢٠١٣ وسيستكمل بحثهما الاثنين المقبل.
موقفُنا كـ«تكتّل» مع بتّ هذا الأمر المعلق منذ سنوات وربطِه بالإصلاحات المتفَق عليها في حينِه لكي لا يأتي التمويل من جيوب اللبنانيين، بل من ضبطِ الهدر ومكافحة الفساد».
وأضاف كنعان: «أمّا الموازنة، فالإصلاحات التي اتّفقنا عليها تؤسس لشفافية أكبر في الإنفاق وسقفٍ للاستدانة وتعزيز الرقابة على تنفيذ القروض والهبات، ما يعزّز الثقة بلبنان محلّياً ودولياً».
وذكّرَ كنعان رئيسَ المجلس النيابي وهيئة مكتب المجلس «بقانون تسوية أوضاع المتعاقدين في الإدارة، الذي علّق في الجلسة التشريعية الأخيرة على خلفية تحديد كلفتِه المالية ووعد الرئيس سعد الحريري ببته خلال ١٥ يوماً، وقد تجاوزنا هذه المهلة بأسابيع».
جعجع
في غضون ذلك، أعلنَ رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أنّ «القوات» ستقدّم استقالتها من الحكومة إذا شعرت بأنّها موجودة فيها وغير قادرة على تغيير الوضع القائم، لأنّها لا تهوى العمل الحكومي، بل هدفها تصحيح هذا الوضع». وأكّد «أنّ العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» من صلابة العماد عون وعناده، ومن صلابتي وعنادي أنا».
وقال: «إنّنا لا نسعى من خلال طرحِنا خصخصة الكهرباء إلى الاعتداء على وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل»، وأكد أنه «إذا كان لدى وزير الطاقة أيّ اقتراحات في وزارات الصحة أو الشؤون الاجتماعية أو الإعلام، فـ«القوات» جاهزة لها». وأضاف: «كلّنا في المركب نفسِه، ورأيُنا في الكهرباء هو للمساعدة، ولسنا في وارد اتّخاذ مكان غيرنا».
واعتبَر جعجع أنّ «لدى وزراء «التيار الوطني الحر» نيّة طيّبة لحلّ مشكلة الكهرباء، لكنّ المشكلة هي في تركيبات الإدارات اللبنانية وفي عمل الحكومة اللبنانية»، وذكّرَ بأنّ وزير الخارجية جبران باسيل «هو مَن وضَع سابقاً خطةً لتصحيح الكهرباء، وهو يريد تطبيقها، لكنّ الإدارات اللبنانية منعَته من ذلك».
وأكّد «أنّ المطلوب هو قرار تتّخذه الحكومة بالطلب من وزير الطاقة وضعَ دفترِ الشروط لمناقصة الكهرباء في لبنان في مهلة أقصاها 3 أشهر»، لافتاً إلى «أنّ ثمّة قانوناً صَدر عام 2014 يجيز لوزارة الطاقة تلزيمَ القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء».
الراعي يلتقي السيسي
على صعيدٍ آخر، توَّج البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته لمصر بلقاء الرئيس عبد الفتّاح السيسي وبابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثاني.
وأكّد السيسي «حرصَ مصر على تعزيز أمن لبنان واستقراره وأمن العراق وكلّ الدول العربية، خصوصاً في ضوء الظروف الراهنة التي تمرّ بها المنطقة بكاملها، والتى تفرض بذلَ مزيدٍ من الجهد لتحقيق التوافق الوطنى داخل البلدان العربية، فضلاً عن ضرورة الاستمرار في الحرب ضدّ الإرهاب وصولاً للقضاء عليه نهائياً، بحيث تتوافر الظروف الملائمة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة التى تتطلّع إليها الشعوب العربية.
دعم أسباني
من جهة ثانية، تفقّدت وزيرة الدفاع الأسبانية ماريا دولوريس دي كوسبيدال كتيبة بلادها العاملة في قوات «اليونيفيل»، والمتمركزة في قاعدة «ميغيل دي سيرفانتس» في إبل السقي – قضاء مرجعيون، بعدما التقت رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، معلنة التزام بلادها استقرار لبنان ومستقبله، ولا سيما من خلال الكتيبة الاسبانية المشاركة في «اليونيفيل».
وأضافت: «نقلت الى الرئيس الحريري أطيب تمنيات الحكومة الاسبانية لجهة نجاح العملية المهمة التي تقوم بها الحكومة اللبنانية من اجل استعادة وترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في لبنان».