شهدَ لبنان عشية انطلاق الجلسة الحوارية الأولى بين تيار»المستقبل» و»حزب الله» يوماً إيرانياً طويلاً، أطلق خلاله رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني مواقف لافتة من جملة قضايا، فأكّد أنّ بلاده تدعم كلّ حوار، خصوصاً الحوار بين «المستقبل» والحزب، وشدّد على أنّ الحاجة ملِحّة لمَلء الفراغ الرئاسي، مؤكّداً أنّ «المسيحيين اللبنانيين هم المعنيون الأساسيون في هذه القضية، ويجب أن يضافروا جهودهم»، وجدّد دعمَ طهران للمقاومة، قائلاً إنّ بعض التيارات فاعلة اكثر من الدوَل، مثل «حزب الله» وحركة «حماس»، وشدّد على وجوب محاربة الإرهاب التكفيري.
الحوار ينطلق اليوم
ففي السادسة من مساء اليوم ينطلق الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» من عين التينة برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وحضوره، وكذلك حضور وزير المال علي حسن خليل.
وسيحضر عن الحزب: معاون الأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل، وزير الصناعة حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله، وعن تيار «المستقبل»: وزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر والسيّد نادر الحريري.
وقالت مصادر تواكب التحضيرات الجارية لـ«الجمهورية» إنّ الحديث عن جدول اعمال متكامل ببنود واضحة ومرقّمة غيرُ موجود الى اللحظة، وإنّ الأفكار المطروحة كثيرة وموسّعة بانتظار ان يجلس الجميع حول الطاولة ليقرّروا لاحقاً البنود التي سيتناولها الحوار.
وكشفَت المصادر أنّ ظروفاً طارئة قدّرَها برّي دفعَته الى تقديم موعد الإجتماع الى اليوم بدلاً من نهاية الأسبوع الجاري، نظراً إلى بعض المخاوف الأمنية التي تحتاج الى مثل هذا اللقاء سريعاً لتخفيف الإحتقان لدى اوساط الطرفين وفي مناطق حسّاسة. وأكّد برّي أهمّية الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» في هذه الظروف، معتبراً أنّ هذا الحوار هو عيديّة للّبنانيين.
تقدير إيراني للحوار
وحظيَ الحوار بدعم إيرانيّ، إذ اعتبرَ لاريجاني أنّ القوى السياسية في لبنان لديها من النضج ما يؤهّلها لإيجاد الحلول للأزمات الداخلية اللبنانية، مشيراً إلى أنّه يقدّر مبادرة الرئيس نبيه بري بشأن الحوار بين التيارات الفاعلة بلبنان.
… وأمل سعودي
وفيما أكّد وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل حِرص بلاده على «أمن لبنان وسلامته واستقراره في ظلّ الأجواء الملتهبة المحيطة به في المنطقة»، أملَ السفير السعودي علي عواض عسيري في ان تشهد المرحلة المقبلة خطوات ايجابية للبنان نتيجة تفاعل النيّات الطيّبة والحراك السياسي الذي يقوم به أطراف كثُر لنستقبلَ عاماً جديداً يكون منطلقاً للحوار البنّاء وتضافر الجهود وتعزيز الوحدة الوطنية».
لاريجاني
وكان منسوب الحركة الديبلوماسية تجاه لبنان ظلّ مرتفعاً على رغم زحمة السير، وقد توزَّعت بين عين التينة والسراي الحكومي وتقاسَمَها كلّ من لاريجاني ورئيس مجلس الشيوخ الايطالي بيترو غراسّو، في حين زار السفير الاميركي دايفيد هيل معراب ومطرانية بيروت للروم الارثوذكس، على أن يزور الرابية اليوم.
فقد استهلّ لاريجاني زيارته الى لبنان باستقبال الأمین العام لحرکة «الجهاد الإسلامي فی فلسطین» عبدالله رمضان شلح، فی مقرّ السفارة الإیرانیة، قبل أن ينتقل بين عين التينة والسراي الحكومي ويحاضر في كلّيةِ الحقوق في الجامعة اللبنانية في الحدث، ليختتم يومَه بمؤتمر صحافي في فندق «فينيسيا»، بعدما استقبل وفداً من الفصائل الفلسطينية.
ولاريجاني الذي يلتقي أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله أكّد في محاضرته أنّ إيران ولبنان يتمتّعان بعلاقات وثيقة واستراتيجية فيما بينهما، موضحاً أنّ إيران وقفَت الى جانب لبنان في الظروف الصعبة.
ورأى أنّ هناك منظمات فعّالة اكثر من بعض الدوَل، مثلاً «حزب الله تيّار فاعل في الشرق الأوسط، والمقاومة تُعتبَر رمزاً قوياً، وكذلك حركة حماس والجهاد الإسلامي تُعتبَر رمزاً قوياً وصائباً في المقاومة، وهناك تيّارات إرهابية مدمِّرة مثل داعش، ويجب عدم إغفال هذه التيارات».
في عين التينة
ومن عين التينة حيث أولمَ برّي على شرفه، ثمَّنَ لاريجاني عالياً مبادرة برّي «التي أفسحَ من خلالها المجال للحوار الأخوي البنّاء بين التيارات السياسية الفاعلة على الساحة اللبنانية». واعتبر أنّ «كلّ القوى المؤمِنة بفكرة المقاومة والممانعة ينبغى ان تركّز في هذه المرحلة على أمرَين أساسيَّين: الأوّل يتعلق بالتصدّي للكيان الصهيوني، والثاني التصدّي ومواجهة ظاهرة الإرهاب والتكفير المتفشّية للأسف الشديد في هذه المنطقة.
إنّنا نشعر بسرور عندما نرى أنّ الأطراف المنادية للحلّ السلمي بدأت تزداد أكثر من السابق. وآمل في أن تتاح الفرصة في المرحلة المقبلة لبلوَرة هذه الأفكار السياسية التي من شأنها أن تعمل على حلّ هذه الأزمة».
أمّا برّي فأكّد «أنّ الحرب الدولية الجوّية في العراق وسوريا لن تؤدّي إلى استتباب الأمن، وأنّ المطلوب نشر التوعية الإيمانية الحقيقية والتنمية في خطّ موازٍ».
وشدّد على أنّ «الحلّ في سوريا داخليّ سياسيّ، وليس جغرافيّاً، وهو لن يتحقّق مع وجود حدود مفتوحة أمام السلاح والمسلحين والتدفّقات الماليّة».
وقال: «إنّ الأساس الذي يجب ان يقوم عليه الاستقرار في الشرق ينطلق من إعادة بناء الثقة في العلاقات الايرانية-السعودية على رغم كلّ ما حصل ويحصل. وإنّ لبنان يرتّب الجغرافيا البشرية النموذجية لصَوغ هذه العلاقة». وتساءَل برّي: «أمَا آنَ الأوان لاكتشاف كذبة الربيع بتحقيق الديموقراطية بالقوّة وفي شرق أوسط مع الأسف غير مؤهّل لها»؟
مؤتمر صحافي
ومساءً، عَقد لاريجاني مؤتمراً صحافياً في فندق فينيسيا شدّد خلاله على وجوب حلّ الأزمة السورية سلمياً، وأكّد أنّ إيران تعمل مع روسيا لحلّ أزمات المنطقة، ونحن نتعامل بشكل صادق، أمّا بعض الدول فنحن لا نثق بطبيعة عملها، ومنها اميركا، لأنّ خطواتها العملية لا تؤيّد الحلّ السلمي، بل تدعم وتغذّي التطرّف وتدعو في ذات الوقت لمحاربته». وكرّر أنّ الحلّ في سوريا لا يكون إلّا سياسياً، آملاً أن «تتطلع السعودية إلى الدور الإيجابي لها في هذه المنطقة».
وعن الملف الرئاسي اللبناني، قال: «سمعتُ أنّ هناك بعضَ المشاورات. لقد حصلت مشاورات معنا، والحاجة ملِحّة لمَلء الفراغ الرئاسي، والجمهورية الاسلامية الايرانية تدعم أيّ حَلحلة في هذا الملف». وشدّدَ على أنّ «المسيحيين اللبنانيين هم المعنيون الأساسيون في هذه القضية، ويجب أن يضافروا جهودَهم».
وأكّد أنّ بلاده «تؤيّد ما يتّفق عليه الأفرقاء السياسيّون واللبنانيون، ونخشى أنّه إذا تدخّلنا وقمنا بأيّ عمل أن يتّهموا ويقولوا إنّ هذه مبادرة مجوسية، لأنّنا عندما دعمنا مقاومة وشعبَ لبنان في وجه إسرائيل، قالوا إنّ هذه حرب شيعيّة مع اسرائيل. وعندما دعمنا المقاومة الفلسطينية قالوا إنّها حرب فارسية مع إسرائيل».
وقال: «لا داعيَ لأحد أن يرسم خطوطاً حُمراً لمقاومةِ لبنان وشعبه، فلبنان قد حوّل وضع أولمرت إبّان تموز 2006 إلى جنازة سياسية، ويجب أن يبقى الشعب اللبناني أبيّاً مرفوعَ الرأس».
وأعلنَ أنّ «إيران تدعم كلّ حوار، لا سيّما الحوار بين المستقبل و»حزب الله»، فهذا التعبير إيجابي، لأنّ لبنان لا يمكن أن يتعايش شعبُه إلّا بالتلاقي والحوار. والمصلحة اللبنانية العليا لا يمكن أن تقوم إلّا بالحوار».
رئيس مجلس النوّاب الإيطالي
في الموازاة، أملت إيطاليا في انتخاب رئيس الجمهورية في أقرب وقت، وأعلنَت استعدادَها للاستمرار في دعم لبنان في كلّ المجالات، وأكّدت أنّه مرجعية لاستقرار المنطقة ككُلّ.
وقال رئيس مجلس الشيوخ الايطالي بيترو غراسّو الذي جالَ على برّي ورئيس الحكومة تمّام سلام أمس والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ويزور الجنوب اليوم «إنّ لبنان هو موضع قوّة في الشرق الأوسط، وإنّ عملَ ودورَ قوات «اليونيفيل» في الجنوب هو إقرارٌ بأهمّية هذا الدور»، كاشفاً أنّه تحدّثَ مع الأمين العام للأمم المتحدة بانكي مون شخصياً لاستمرار دور «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني. وأملَ في أن تُحَلّ قضية العسكريين المخطوفين في أقرب وقت.
وأجرى غراسّو مع الراعي جولة أفُق تمحورَت حول وضع المسيحيين في المنطقة وسط ما يتعرّضون له من تهجير في العراق وسوريا، إضافةً إلى وضع مسيحيّي لبنان، والشغور في سدّة رئاسة الجمهورية، حيث تمّ التأكيد على أنّ إيطاليا تحضّ الجميع على انتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت ممكن، وأنّها تقدّر الدورَ الذي يلعبه البطريرك الراعي كحاملٍ لهموم المسيحيين والمصِرّ على انتخاب رئيس.
الراعي
على صعيد آخر، أكّد الراعي «أنّ الكنيسة لا تتراجع في مخاطبتها ضمائرَ المسؤولين السياسيين حتى لو انزعجوا، وهُم فعلاً ينزعجون». وتحدّث ضمن إطار حلقات التنشئة المسيحية التي تقيمها بكركي لرعاياها من مختلف المناطق اللبنانية، عن معنى الميلاد وأهميته بالنسبة للّبنانيين، مؤكّداً أنّ المسيح الآتي سيحرّرنا، وهو كالشمس، ولا سلام ولا حقيقة في العالم من دونه، مشيراً إلى أنّ الحكّام الأقوياء في العالم هم الذين يتحلّون بالإيمان وبمخافة الله، ويُرضون الله بأعمالهم، والرؤساء الحقيقيون هم الذين يعملون للخير العام، مؤكّداً أنّ مهمّة الكنيسة حمايةُ الحقيقة والعدالة وسلامة المواطن، واعتبرَ أنّ مأساة الشعوب في العالم هي بسببِ أطماع أصحاب السلطة الذين تستعبدهم السلطة من دون الإحساس بمآسي البشر، لافتاً إلى أنّ لبنان كلّه يهاجر، وثُلث شعبِه يعيش تحت مستوى الفقر، وحوالى 10 ملايين نازح سوري يسرحون في العالم، وكلّ ذلك سببُه جَشَع المصالح والسلطة.
واستشهد الراعي بكلام قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، فقال: «يجب على الكنيسة أن لا تصمتَ أمام الظلم والشَرّ، ولا أحد يستطيع إسكاتها». وذكّرَ بقول مار بولس الذي شبَّه الكنيسة بعامود الحقّ، وهي التي تتكلم بالمبادئ والثوابت الاجتماعية، مؤكّداً أنّ الكنيسة ستبقى دوماً صوت الضمير لكلّ مسؤول.
مجلس وزراء
على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء آخر جلساته لهذا العام في السراي الحكومي لمناقشة جدول اعمال متواضع ضمَّ 11 بنداً، أبرزُها البند الخاص بملف دفتر الشروط للمناقصات العامة الخاصة بالنفايات الصلبة، في ضوء الصيغة النهائية التي أنجزَتها اللجنة الوزارية مطلعَ الأسبوع الماضي، وتعَذّر البحث به في الجلسة الماضية لورودِه من خارج جدول الأعمال.
ملفّ العسكريين
وعشيّة الجلسة، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ المجلس سيناقش خلال الجلسة ما يتصل بالمستجدات الخاصة بالتفاوض الجاري بشأن ملف العسكريين المخطوفين وفوضى المفاوضين المحَلّيين وغيرهم، ما انعكسَ سلباً على العلاقات بين أعضاء خلية الأزمة الوزارية التي لن تجتمع هذا الأسبوع قبل معرفة تفاصيل المبادرات الجاري طرحُها من خارج إطار الخلية الوزارية على رغم الأجواء التي تحدّثت عن تجاوب إثنين من أعضائها هما وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل أشرف ريفي بانتظار فهمِ مواقف الأطراف الأخرى.
وكان وزير الصحة وائل ابو فاعور قد طلب موعداً عاجلاً من سلام، وطرح عليه الظروف التي أملت طلبَ وساطة نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي وما نتجَ عن الزيارة الأولى الى جرود المنطقة وحصيلة لقائه بقادة الخاطفين.
ولم تتوفّر أيّ تفاصيل عن الطرح الجديد لأبو فاعور الذي احتفَظ بصمتٍ مطبق حول ما تحقّق، وكذلك تكتّمت مصادر سلام عمّا دار في اللقاء، على رغم تأكيدها لـ»الجمهورية» بقاءَه على امتعاضه ممّا يجري مثلما عبّر خلال إطلالته التلفزيونية امس الاوّل بتأكيده أنّ تصرّف ابو فاعور شخصيّ، ولم يتبلّغ بخطواته مسبقاً.
من جهته، قصدَ الوزير أكرم شهيّب الرابية، وأكّد بعد لقائه رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أنّ أحداً «ليس ضد المقايضة لعودة أبنائنا المخطوفين طالما هم خارج الحدود اللبنانية».
في غضون ذلك يزور أهالي العسكريين في العاشرة والنصف من صباح اليوم نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، وهم التقوا أمس وزيرَي الداخلية والعدل نهاد المشنوق وأشرف ريفي.
ملفّ الخلوي
وفي الملف الخَلوي، تجتمع اللجنة الوزارية المكلّفة بَتَّ التراخيص الخاصة بإدارة قطاع الخلوي في التاسعة من صباح اليوم برئاسة سلام وحضور وزير الإتصالات بطرس حرب ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش.
ويتابع المجتمعون البحث في دفتر الشروط الذي أعدَّه حرب في ضوء ملاحظات أعضاء اللجنة لإطلاق مناقصة إدارة القطاع وسط أجواء توحي بأنّ بَتّ التقرير النهائي غير وارد اليوم مهما ضاقت المهلة الفاصلة عن انتهاء العقد السابق في إدارة القطاع، ما يؤدّي حتماً إلى اقتراح بالتمديد الإداري والتقني ستّة أشهر أقلّه لإدارتَي الشركتين بالتركيبة الحاليّة القديمة.