مع بدءِ العد العكسي لتاريخ 15 نيسان وتزايُد ضغط المهَل القانونية وارتفاع حظوظ التمديد النيابي في موازاة ارتفاع منسوب خطر دخول البلاد الفراغ بسبب عدم التوصل الى قانون انتخاب يرضي الجميع بعد لعُقمِ المناقشات، وفي انتظار ما ستتمخّض عنه جلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل في قصر بعبدا والمخصّصة لمناقشة هذا القانون، استبقَ الرئيس سعد الحريري الهجوم النيابي عليه في جلسة المناقشة العامة، بتأكيد التزام الحكومة إجراءَ الانتخابات النيابية، مبدياً حرصه على ان يعرض في جلسة الاثنين مشروع قانون يُرسل الى المجلس النيابي بعد إقراره. وإذ اعتبرت بعبدا وبكركي انّ عدم الوصول الى قانون بعد 12 سنة هو «أمر معيب». أعلنَ «حزب الله» في المقابل «أنّنا أقرب من أيّ وقتٍ مضى إلى إقرار النسبية في انتظار الاتفاق على بعض التفاصيل»، منبّهاً بلسان احد نواب كتلته نوّاف الموسوي، الى «أنّ أيّ قانون لن يمرّ من دون إقرار النسبية».
علمت «الجمهورية» أنّ دوائر القصر الجمهوري حددت امس موعداً لوفد من حزب الله مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، سيلتقيه فور عودة الوزير جبران باسيل من اوستراليا، والمرجح ان ينعقد هذا اللقاء غداً السبت.
وفي المعلومات انّ وفد الحزب الذي ابدى الحرص على حضور باسيل اللقاء المنتظر مع عون، سيحمل الى رئيس الجمهورية صيغةً لقانون الانتخاب، قالت مصادرُه انّها «صيغة تلمّ البلد وتحفظ حجم «التيار الوطني الحر» وتصحّح التمثيل من دون ان تخرّب البلد».
ولفتت الى انّ هناك اكثر من طرف سياسي اجمعَ على انّ الصيغة التي قدّمها باسيل تنطوي على «نفَس» إلغائي لبعض القوى السياسية. وكشفت انّ بالاضافة الى الملاحظات التي قدّمها «الحزب» لباسيل ستكون هناك ملاحظات أُخرى. وتوقّعت ان يكون عون «إيجابياً في تلقّيها».
تحضيرات في بعبدا
وعلمت «الجمهورية» أنّ التحضيرات بدأت في القصر الجمهوري للبحث في قانون الإنتخاب الذي سيكون على طاولة مجلس الوزراء الإثنين المقبل، وأنّ التعليمات صدرت الى الأمانة العامة للمجلس لتعميم الدعوة الى هذه الجلسة اليوم او غداً على ابعد تقدير، عقب التفاهم الذي تمّ بين رئيسي الجمهورية والحكومة وأُبلغ الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وضَع امكاناته في التصرف للإسراع في التوافق على قانون انتخابي جديد.
وكشفت مصادر لـ«الجمهورية» انّ جلسة الاثنين ستناقش كلّ صيغ قوانين الانتخاب الاكثر تداولاً. واستبعدت ان يتمّ الاتفاق على ايّ منها في الجلسة نفسها.
وقالت ان موعد 15 نيسان الجاري الذي بدأ الجميع يضع المؤسسات الدستورية بالعمل تحت ضغطه هو في السياسة حاسمٌ لكنّه لا يسقِط المهل، فما لم تستطع الدولة انجازَه خلال اكثر من 20 عاماً وهذه الحكومة خلال 4 أشهر لا احد ينتظر ان ينجزه مجلس الوزراء في جلسة واحدة. وتوقّعت ان يكون هناك جلسات متتالية تُستكمل بعد عطلة عيد الفصح.
وسألت المصادر مَن قال انّ هناك جلسة لمجلس النواب للتمديد في 15 أو 17 نيسان؟ فهذه اولاً فترة اعياد، ثانياً ما دامت المناقشات مستمرة وهي ستزخم مطلع الاسبوع المقبل، وما دامت النيّة موجودة لاقرار قانون جديد، فموضوع المهل يصبح ثانوياً.
وعلمت «الجمهورية» انّ لقاءات جانبية حصلت اثناء انعقاد جلسة المناقشة العامة كان محورها الحديث عن قانون الانتخاب وتمّ الاتفاق على تكثيف اللقاءات خلال الايام المقبلة لإحداث خرق في جدار ازمة القانون.
من سيطلب التمديد
وذكرت المعلومات انّ بري تمنى على عون والحريري ان تبادر الحكومة الى طلب تمديد ولاية مجلس النواب بالصيغة الدستورية لأنّ صدور مثل هذا الطلب من الحكومة متى تقرّر توقيته يعني توافقاً شاملاً على الخطوة.
وإنّ طلباً من هذا النوع سيكون مدعوماً، لا بل متسلّحاً بأكثرية وزارية متمثلة بثلثي اعضاء الحكومة، وهو ما يعطي دفعاً معنويا قوياً للعملية بدلاً من الطلب هذه المرّة من نائب او مجموعة نواب تقديم اقتراح قانون بالتمديد.
وعليه رجّحت المصادر اللجوء الى مخرج يعزّز التوافق على هذه الخطوة كأن ترفق الحكومة مشروعها لقانون الإنتخاب العتيد بطلب التمديد للمجلس النيابي لأسباب تقنية في مقدّمة القانون الجديد أو في الأسباب الموجبة أو في أيّ مادة من مواده يصار الى تحديدها لاحقاً وفق ما يقول به الدستور.
وقالت مصادر دستورية لـ«الجمهورية» انّ اتخاذ الحكومة مثل هذه الخطوة وخصوصا في جلسة تعقد برئاسة عون ستلغي الحديث عن مهلة الشهر التي يمكن ان يستخدمها رئيس الجمهورية للطعن بطلب التمديد امام المجلس الدستوري والتي كان البعض ومنهم رئيس مجلس النواب يحتسبها مشدداً على اهمية طلب التمديد ضمن مهلة تزيد على الشهر قبل نهاية ولاية المجلس في 20 حزيران المقبل لإعطاء الرئيس مهلة ليمارس الحق في الطعن إن أراد ذلك قبل العودة الى مجلس النواب لتأكيد مثل هذا الأمر.
الراعي في بعبدا
وقد حضر الملف الانتخابي في قصر بعبدا في لقاء رئيس الجمهورية مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي قال: «لا يمكن ان نقبل الوصول بعد 12 عاما إلى الاستحقاق الانتخابي بلا قانون، وهذا أمر معيب والرئيس يرفضه كليا». وناشد المجلس النيابي «القيام بواجبه وإجراء انتخابات عادلة وشاملة تبيّن اننا بلد ديموقراطي تتمثل فيه القوى اللبنانية جمعاء».
وأضاف «نوجه النداء مجدداً، لعدم الوصول إلى الاستحقاق بلا قانون لأننا لا يمكن ان نقبل بهذا الأمر، ولا يكفي ترداد المقولة المثلثة لا للفراغ ولا للتمديد ولا لقانون الستين».
وعلمت «الجمهورية» انّ اللقاء كان شاملاً لم يوفر الملفات المتعددة الوجوه السياسية والأمنية والإقتصادية والنازحين السوريين، المطروحة على بساط البحث في الداخل والخارج، وإن كان التركيز على ملف قانون الإنتخاب قد حاز الوقت الاكبر، وذلك عندما بادر البطريرك الى التأكيد انّ المواقف التي تتحدث عن الإصرار والحاجة الى قانون جديد للإنتخاب يجب ان تترافق مع قرارات تنفيذية لمِثل هذه الوعود، فلا تكفي الإشارة الى سلسلة اللاءات من دون الإشارة الى «نعم» واحدة كبيرة وجدية تترجم بوضع القانون الجديد كما قال الراعي.
كذلك خصّص جزء من اللقاء للبحث في نتائج القمة العربية وحصيلة اللقاءات الثنائية التي عقدها عون مع الملوك والرؤساء العرب بالإضافة الى نتائج زيارته الفاتيكان وجرت مطابقتها مع نتائج الزيارات الأخيرة التي قام بها الراعي الى عاصمة الكثلكة وتحديداً حول توجهات البابا وما يقوم به في سبيل القضايا العربية، وخصوصا مواقفه من الأوضاع في لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة ومصير المسيحيين في المنطقة.
مصادر بكركي
من جهتها، اكدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» انّ لقاء عون ـ الراعي الذي دام ساعة وطرح كلّ ملفات الوطن كان ايجابياً جداً خصوصا ان التفاهم يسود بين بكركي وبعبدا حول كل المواضيع، و«لا يجرّبنَّ احد دقَّ اسفين بيننا».
ولفتت المصادر الى انّ «الراعي دعا عون الى قداس الفصح نظراً لما لهذه المشاركة من اهمية، خصوصاً انه قداس القيامة الاول بعد انتخاب الرئيس وإنهاء الشغور».
واكدت «ان التوافق تام في ملف قانون الانتخاب وان البطريرك يعلق كل آماله على انتاج قانون جديد في ضوء اصرار رئيس الجمهورية عليه». واشارت الى «انّ الهم الاجتماعي حضَر في اللقاء وأكد الراعي دعمه توجُّه عون الى محاربة الفساد».
المواجهة مستمرة
وفي هذه الاجواء، يتابع مجلس النواب عصر اليوم فصول المواجهة مع الحكومة، بعد ثلاثة أشهر على منحِها الثقة، وهي المواجهة الاولى في العهد الجديد. وكانت المواقف النيابية في اليوم الاول من جلسة المناقشة دعت الحكومة الى تحمّل مسؤولياتها في ملفات عدة اثارَها النواب ابرزها قانون الانتخاب والوضع الاقتصادي والمعيشي وملفات الكهرباء وسلسلة الرتب والرواتب والموازنة العامة والنفايات ومكافحة الفساد والهدر والنفط.
بعبدا تراقب
وعلمت «الجمهورية» انّ الرئيس عون تابع لحظة بلحظة المواقف النيابية وسارع الى التدقيق في مضمون كثير منها فور اطلاعه على عناوينها طالباً المزيد من التفاصيل حول حيثيات بعض الكلمات ومقاصدها، وخصوصاً الحديث المباشر لبعضهم عن حجم الرشاوى وتلك التي شكّلت مسّاً بالمال العام.
الحريري
وكان الحريري، وبعد اجتماع عقَده مع رئيس مجلس النواب، افتتح اليوم الاول من جلسة المناقشة العامة بكلمة ذكّر فيها بالتزام الحكومة في بيانها الوزاري «بقانون جديد للانتخابات، وبإجراء الانتخابات النيابية وفقاً لهذا القانون»، لافتا الى انّ» مسألة القانون الجديد عمرُها سنوات وهي مسألة وضِعت في عهدة القوى السياسية الممثلة جميعها في مجلس النواب، واكثريتها موجودة في الحكومة».
وأكّد الحريري انّ الحكومة «عند التزامها بإجراء انتخابات نيابية وبرفضِ الفراغ في السلطة التشريعية»، معتبراً انّ «المدخل الى هذا الامر هو إنجاز قانون جديد، وأنا احرص في مجلس الوزراء على ان نعرض مشروع قانون قريباً إن شاء الله، يوم الاثنين المقبل سنعقد جلسة، وعندما نقرّه نرسله الى المجلس النيابي».
قوى الأمن
من جهة ثانية، وفي الخلاف الحاصل بين قوى الامن الداخلي وحركة «أمل» حول التعيينات الاخيرة، علمت «الجمهورية» انّ وزير المال علي حسن خليل ابلغَ الى الحريري نيتَه الإقدام على اجراءات مالية اضافية تتعلق بالمناقلات والمخصّصات، وأنّ الخلاف لن ينتهي إلّا بتغيير مَن عيَّنهم المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، ولا حلّ إلّا بعودته عن هذا التعيين.