Site icon IMLebanon

الحوار يُمهّد لملء الفراغ الرئاسي… والجيش يُضيّق على الإرهابيِّين

فرضَت عطلة الأعياد مراوحة داخلية في متابعة الملفات السياسية، وفي مقدّمها ملف الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله»، والذي ستُستأنَف جلساته في 5 كانون الثاني المقبل، فيما تنشط التحضيرات والاتصالات لعقدِ اللقاء المرتقب بين رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والذي لم يحدَّد موعده رسمياً بعد. وقد انسحبَت المراوحة الداخلية على المشهد الإقليمي، وأكّدَ «حزب الله» بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم «أنّ المنطقة اليوم في حال مراوحة، فلا حلول ولا غلبَة ولا إنجازات، كما أن لا حلّ قريباً في لبنان لكثير من القضايا العالقة، لارتباطه بالمشروع الموجود في المنطقة».

ما خلا الجديد الأمني، بدا الروتين الإداري قاتلاً بعدما تجمّدت الحركة السياسية والحكومية في البلاد بفعل الأعياد قبل أن تنطلق بزخمها مباشرةً بعدها.

وأوضحت مصادر وزارية مطلعة لـ»الجمهورية» أنّه لن يكون هناك جلسة لمجلس الوزراء قبل الثامن من الشهر المقبل بعد عبور الأعياد الرسمية، بما فيها عيد الميلاد لدى الطوائف الأرمنية في السادس من كانون الثاني المقبل وعيد المولد النبوي الشريف في الثالث منه.

ولفتَت المصادر إلى أنّ بوادر المواجهة بين رئيس الحكومة تمام سلام وبعض مكوّنات الحكومة باتت محتملة وتتعزّز يوماً بعد آخر، بعدما أطلقَ سلام عدداً من إشارات التحذير ممّا قد يؤدّي إليه النقاش في بعض الملفات الكبرى بلا جدوى ولكن تحت سقف التضامن الحكومي.

وأشارت الى انّ سلام سيتحدث قبل ظهر اليوم في اللقاء السنوي الأول له مع موظفي السراي الحكومي وممثلي الوحدات الحكومية العاملة تحت إدارة رئاسة الحكومة وإشرافها في حضور الإعلاميين المعتمدين لدى السراي، وسيطلق جملة مواقف حول بعض الملفات الوطنية، بعد أن يكرر الدعوة الى انتخاب رئيس الجمهورية كأولى الخطوات المطلوبة لاستقرار البلد، وانطلاق العمل المؤسساتي كاملاً في ظلّ التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة.

الحوار

وعلمَت «الجمهورية» أنّ كلّ جلسات الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» ستُعقَد في مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة بناءً على رغبةٍ أبداها الطرفان لرئيس مجلس النواب نبيه بري فلبَّاها بترحاب.

وأبدَت مصادر معنية تفاؤلها بالجلسات المقبلة بناءً على الأجواء التي سادت الجلسة الأولى، حيث قال أحد المشاركين فيها «إنّ جميع أعضاء الوفدين تكلّموا إيجاباً وكأنّهم يتحدثون لغة واحدة، إذ لم يصدر أيّ موقف سلبي عن أيّ منهم كان يُمكن لآخر ضمن الوفد الواحد أن يبني عليه ليصعّد، أو يردّ عليه عضو في الفريق الآخر، فإذ بالجميع تحدّثوا بإيجابية، مُبدين الرغبة في أن يصل الحوار الى النتائج المرجوّة منه».

وأكّدت المصادر نفسها أنّ هذا الحوار يكتسب أهمية لأنه نموذج للحوار السعودي ـ الايراني، وأكثر من ذلك إنّ أهميته تكمن في أنّه يشكّل دافعاً إلى الآخرين لكي يتحاوروا في ما بينهم، خصوصاً في الساحة المسيحية، إذ إنّ الجميع ينتظرون من القيادات في هذه الساحة أن توحّد خياراتها وموقفها في موضوع رئاسة الجمهورية حتى يسهل في ضوء ذلك انتخاب رئيس جمهورية جديد».

وعندما سُئلت هذه المصادر: هل هناك إمكانية لحصول توافق بين عون وجعجع؟ فأجابت:» إنّ ما بين عون وجعجع لا يُقاس بما بين تيار«المستقبل» و«حزب الله»، فها هما جلسا يتحاوران على طاولة واحدة».

وكانت المواقف من الحوار بين «المستقبل» وحزب الله تقاطعَت على الترحيب به والأمل في أن يُشكّل اللبنة الاولى في مدماك تحطيم جدار الأزمة الرئاسية.

وقال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «إنّ هذا الحوار مفيد للبنان لأنه يقرّب بين وجهات النظر في معالجة بعض القضايا»، وأكّد أنّ «اللقاء الأول كان إيجابياً»، واعتبر أنّ «مسار الحوار هو المسار الصحيح في هذا البلد، ليس فقط بين الحزب و»المستقبل»، بل بين أيّ أطراف موجودة على الساحة»، ودعا الجميع الى «سلوك الطريق الذي يحمي لبنان».

من جهته، أوضح وزير الصناعة حسين الحاج حسن «أنّ بعض المواضيع لن تكون جزءاً من هذ الحوار، لأنّ البعض قد لا يرغب في تغيير موقفه من بعض القضايا»، لافتاً الى وجود «مساحات وقضايا مشتركة نستطيع أن نتحاور فيها ونحدِث فارقاً في حياة اللبنانيين».

وأضاف: «نحن ننظر الى هذا الحوار بإيجابية، ونريد أن نحقق بعض الإنجازات منه، وإن لم تتحقّق كلّ المطالب فليتحقق بعضها، وهذا انعكسَ وسينعكس إيجاباً على حياة اللبنانيين». من جهته، اعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض أنّ «الحوار هو الإطار الأكثر ملاءمةً لمعالجة المشاكل والخلافات الداخلية».

السنيورة

وكان رئيس كتلة «المستقبل» النائب فؤاد السنيورة، قال في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الوزير محمد شطح، إنّ «حوار المستقبل مع الحزب «هو من أجل إفساح المجال لإحياء فكرة التمسك بلبنان ولتجاوز مأزق الشغور الرئاسي الذي يجب العمل بجدّية ومثابرة للخلاص منه»، معتبراً «أنّ رفض الحوار هو كمن يعلن اليأس من صيغة لبنان».

النفط بين برّي وسلام

ومن جهة ثانية قالت مصادر تسَنّى لها الاطّلاع على بعض ما دار في اللقاء بين برّي ورئيس الحكومة تمام سلام إنّه «كان هناك توافق في النظرة الى موضوع النفط، وعلى أهمية إسراع الحكومة في إصدار المرسومين المتعلقين بتحديد البلوكات البحرية وتلزيم التنقيب عن النفط والغاز، بغية الدفع بهذا الملف الى الأمام».

وفُهِمَ أنّ سلام أبدى خلال اللقاء الحرص على إصدار هذه المراسيم بإجماع كلّ أعضاء مجلس الوزراء والحؤول دون امتناع أيّ وزير عن توقيع هذين المرسومين لأنّ من شأن ذلك أن يعوق صدورهما، كون مجلس الوزراء يمارس حالياً صلاحيات رئيس الجمهورية بسبب الشغور الرئاسي.

وفي هذا الإطار كان برّي التقى قبل استقباله سلام وزيرَ الطاقة آرثور نظاريان فأبدى ارتياحَه الى موقفه.

وأشارت المصادر الى أنّ لبنان يحتاج الى خمس سنوات لكي يبدأ استخراج النفط والغاز وتصديرهما منذ لحظة البدء بالتنقيب. وأكّدت أنّ هذا القطاع سيؤمّن نحو 60 إلى 70 ألف فرصة عمل للّبنانيين، بدايتها 10 آلاف فرصة في لحظة بدء التحضير للتنقيب.

وردّاً على سؤال: هل يمكن توقّع أنّ سنة 2015 سنة النفط والغاز؟ قال برّي أمام زوّاره: «أنا بدّي ضلّ إشتغِل بهالملف، وإذا في حدا عندو استثمار تاني بيجيب المال للبنان، يخبّرنا عنّو».

إستقالة أبو زينب

وفي هذه الأجواء، وفيما واصلَ «حزب الله» جولاته على الفاعليات المسيحية الدينية والسياسية لمناسبة الأعياد، لفتَ المراقبين أنّ جملة تطوّرات شهدَها الحزب في الآونة الأخيرة، من أبرزها ثلاثة:

التطوّر الأوّل، تمثّلَ بكشف النقاب عن توقيف الحزب قبل أشهر أحد مسؤوليه المدعوّ محمد شوربة بتهمة العَمالة لإسرائيل، علماً أنّ شوربة يتولى مسؤولية التنسيق في وحدة العمليات الخارجية المرتبطة بالأمن العسكري للحزب والتي تعرَف بالوحدة «910»، والمسؤولة عن العمليات الأمنية التي ينفّذها الحزب في الخارج، وقد أحبَط «عمليات أمنية» خارجية للحزب ضد مصالح إسرائيلية.

وتمثّلَ التطور الثاني بالحديث عن اتّجاه لاستدعاء نائب في الحزب الى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. أمّا التطور الثالث فقد برز أمس، وتمثّلَ باستقالة القيادي في الحزب الحاج غالب أبو زينب من مهمّاته في متابعة شؤون الملف المسيحي.

أبو زينب

إلّا أنّ هذه الاستقالة التي فاجأت الوسَطين السياسي والإعلامي لم تفاجئ الحزب الذي كان على عِلم بها، حسبما قال أبو زينب لـ»الجمهورية»، مشيراً إلى أنّه قدّم استقالته منذ نحو شهر وقد وافقَ الحزب عليها.

لكنّ ابو زينب الذي رفض الإفصاح عن دوافع هذه الاستقالة متوقّعاً أن يُنسَج حولها كلامٌ كثير وكبير، شاءَ وضعَ النقاط على الحروف عبر تأكيدِه أوّلاً أنّها «مسألة خاصة وليست للنقاش في الإعلام»، وحرصِه ثانياً على التوضيح أنّه استقالَ فقط من مهمّاته عن متابعة شؤون الملف المسيحي، وليس

من الحزب، مؤكّداً أنّه لا يزال عضواً في المجلس السياسي للحزب ويعمل تحت لوائه وسيكمل نضاله ومسيرته الجهادية فيه بشكل طبيعي «ما يدلّ على اقتناعي بهذا الخط وبثوابته تحت رعاية الأمين العام للحزب سماحة السيّد حسن نصر الله وتوجّهاته».

ولدى الإلحاح عليه للبَوح بحقيقة دوافع خطوته كرّر التأكيد «أنّ المسألة ليست للنقاش في الاعلام، بل هي مسألة خاصة». وقال: «إنّ المرحلة الآن هي مرحلة استراحة ومن ثمّ ننطلق مجدّداً في العمل».

وأشار ابو زينب الذي كان في عداد وفد الحزب الذي زار كلّاً من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة لتهنئتهما بعيدَي الميلاد ورأس السنة، أنّه قد أبلغَ إليهما أنّ متابعة الملف المسيحي ستصبح في عهدة شخص آخر غيره في حزب الله.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الحزب رشَّح عضو المجلس السياسي في الحزب الحاج محمود قماطي لتوَلّي المهمة التي استقال ابو زينب منها، علماً أنّ قماطي هو المسؤول عن ملفّ الأحزاب في «حزب الله».

قماطي

من جهته أكّد الحاج قماطي لـ«الجمهورية» أن «لا علاقة لاستقالة الحاج ابو زينب بالوضع العملي للملف المسيحي ولا بالوضع التنظيمي للحزب، الموضوع يتعلق بوضعِه الخاص».

وقال: «كنّا معاً في ملف الأحزاب والقوى اللبنانية، وفي الملف المسيحي عملنا معاً، وكنّا ننسّق ونتعاون في كلّ الأمور، علماً أنّنا كنّا معاً أيضاً في نسجِ وثيقة التفاهم مع «التيار الوطني الحر»، وأنجزناها معاً، كذلك كنّا في لجنة الحوار مع بكركي مع المطران سمير مظلوم والأمير حارث شهاب، وفي لقاء الأحزاب أيضاً نحن نتعاطى مع «التيار الوطني الحر» و«المرَدة» و«الطاشناق»، وكثيرٌ من الملفات المتداخلة في ما بيننا كانت مدعاةً للتعاون المستمر،

ولكن بسبب استقالة الحاج غالب اليوم كُلّفتُ متابعة هذا الملف لأنّ ذلك من الطبيعي نتيجة التعاون السابق والتداخل القائم داخل لقاء الأحزاب مع القوى المسيحية، ونسجّل للحاج غالب جهداً مميّزاً بَذله خلال الفترة الماضية وطوّرَ العلاقات وحَقّق إنجازات مهمة في هذا المجال، ونحن إنْ شاء الله سنتابع هذه المسيرة والإنجازات إلى أن يُكلّف الحاج غالب، إمّا العودة إلى الملف عندما ينتهي وضعُه الخاص وإمّا أن يُكلَّف مهمّة أخرى».

إجراءات الجيش

وفي انتظار اكتمال الحوار الداخلي فصولاً، يمضي الجيش قدُماً في إجراءات حماية لبنان وتعزيز الاستقرار، فيستمر في سدّ المنافذ أمام الإرهابيين وتضييق الخناق عليهم في جرود بلدة عرسال.

وفي هذا الإطار، نفّذ الجيش إجراءات مشدّدة على حدود عرسال منعاً لتسلّل المسلّحين، خصوصاً بعد توافر معطيات عن نيّة المجموعات المسلحة تنفيذ هجوم وشيك على أطراف السلسلة الشرقية لفتحِ ثغرةٍ نحو الأراضي اللبنانية بعد إقفال الجيش كلّ المعابر غير الشرعية وتضييق الخناق عليها، فضلاً عن منعه اللبنانيين والسوريين، من العبور في اتّجاه جرد عرسال أو العكس، عبر حاجز وادي حميّد، إلّا بعد الحصول على تصريح مسبَق من المخابرات.

وأثارَت هذه الإجراءات امتعاضَ المجموعات المسلحة في جرود عرسال والعرساليّين معاً، وأوردَت «داعش» على مواقع التواصل الإجتماعي بياناً تحت عنوان: «حتى لا تُعاد تجربة القُصير»، تُهدِّد فيه من مخاطر إغلاق الجيش المنافذ في جرود عرسال، وقال البيان: «الجيش اللبناني مَكَر ليحاصر المجاهدين في جرود القلمون بعد معارك النبك ويبرود، ويمنع عنهم الطعام والحاجات»، مطالبة أهل السُنّة بـ«الإتّعاظ من حرب القُصير ووقف نزف الدماء، ومبايعة أمير المؤمنين «البغدادي»، ومحذّرةً إيّاهم من سقوط جرد القلمون وسيطرة «حزب الله».

من جهتهم، أقفلَ أهالي عرسال طريق عين الشعب ورأس السرج بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً، فيما أقفلَ عددٌ من أصحاب الكسّارات في الجرود، الطريقَ قرب حاجز الجيش في وادي حميد، قبل أن يفضّ الجيش اعتصامهم. وأكّدت المؤسسة العسكرية مساءً أنّ إجراءات الجيش المتّخَذة على الطرق المؤدية إلى الجرد، تهدف إلى حماية أهل عرسال من تنقّل الإرهابيين.

الراعي

وتزامنَت إجراءات الجيش مع زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس للبقاع معزّياً عوائلَ شهداء الجيش محمد حمية وعباس مدلج وعلي البزّال. وأكّد «أنّ دماءَ الشهداء الذين سقطوا هي الضمان الأساسي لحماية لبنان»، وأملَ في عودة العسكريين المخطوفين، داعياً الخاطفين إلى إطلاقهم لكي يعودوا إلى عائلاتهم، وباركَ «عملَ الحكومة وكلّ مساعيها لتحرير هؤلاء العسكريين»، ودعا إلى الحفاظ على العيش المشترك.

كذلك دعا إلى «الصلاة من أجل الاستقرار في لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد». واختتم جولته بقدّاس في كنيسة مار نهرا في بتدعي لراحة نفس المرحومين صبحي ونديمة الفخري، وناشدَ آل جعفر مجدَّداً تسليمَ القتلة، لكي ينفتحَ أمامهم باب المصالحة، مؤكّداً أن «لا مصالحة من دون عدالة».

جنبلاط إلى القاهرة

على صعيد آخر، سافرَ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى القاهرة، في زيارة يرافقه خلالها النائب السابق أيمن شقير.