Site icon IMLebanon

 الحركة تستعيد زخمها مطلع الأسبوع وتدابير جديدة لدخول السوريِّين

يشكّل عام 2015 امتداداً طبيعياً لعام 2014 الذي انتهى بمناخات داخلية حوارية إسلامية-إسلامية ومسيحية-مسيحية، كما انتهى بفراغ رئاسي وتمديد نيابي وجهوزية أمنية فرضَت نفسَها بعد مواجهات عرسال وطرابلس ونجاح الجيش اللبناني بتثبيت الاستقرار الذي سَمح للّبنانيين المقيمين والمغتربين في تمضية فترة أعياد هادئة وهانئة. ويمكن القول إنّ هذه الفترة هي الأولى من نوعها منذ العام 2005 على رغم أنّ التعقيدات والعناوين والملفات الخلافية ما زالت نفسها، والفارق الوحيد، ربّما، هو وصول أطراف النزاع إلى قناعةٍ بأنّ الحسمَ في لبنان مستحيل، وأنّ إدارة الأزمة، بانتظار أن تنجليَ الصورة الإقليمية، تشكّل مصلحةً لجميع اللبنانيين.

ودّع لبنان أمس رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي في مأتم مهيب جمع حلفاء الراحل وخصومه الذين اجتمعوا لوداعه في مدينته طرابلس التي أبى أن يغادرها إلّا بعدما اطمأنّ إلى استباب وضعها الأمني بعد نجاح الجيش اللبناني في إعادة الهدوء إلى ربوعها بفعل الحزم الذي اتّبعه والغطاء السياسي الذي توفّر له.

وما ينطبق على الفيحاء ينسحب على كل لبنان، حيث شكّل التوافق السياسي مظلة أمان للبنانيين على رغم التحديات الماثلة على الحدود، خصوصاً أنّ التوافق في لبنان هو مفتاح الحلول السياسية والمعبر إلى الاستقرار.

فأيّ جردة سياسية للملفات الخلافية، من قتال «حزب الله» في سوريا إلى سلاحه في الداخل ودور لبنان والفراغ الرئاسي وغياب الرؤية الواحدة لقانون الانتخاب والإصلاح السياسي ومواجهة الفساد وجدول أعمال الحكومة وغيرها من الملفات، تُظهر أنّ المشترك السلبي ما زال نفسه وهو غياب الحلول، فيما المتحوّل الوحيد هو تقاطع قوى الصراع على إدارة الملفات الخلافية من خلال تحييدها بالحد الأقصى عن يوميات اللبنانيين وهمومهم الحياتية.

وقد ساهم في هذا التحييد، واستطراداً التبريد، التقاطع الخارجي الدولي-الإقليمي على الاستقرار في لبنان إلى درجة أنّ أحد السفراء الغربيين قال في مجالسه إنّ أعضاء مجلس الأمن مختلفون على كل قضايا العالم تقريباً باستثناء لبنان، الأمر الذي ينطبق أيضاً على السعودية وإيران. وبالتالي، في حال لم يطرأ أو يستجد تطوّرات دراماتيكية في الأزمة السورية أو العراقية أو النووية، يرجّح أن يكون الستاتيكو الحالي طويلاً.

الحركة تعود تدريجاً

وبعدما ودّع اللبنانيون عاماً واستقبلوا عاماً جديداً سيطلّ عليهم بالأبيض مع العاصفة الثلجية المرتقبة، توسعت دائرة الآمال في أن تنسحب هذه الصورة البيضاء على ملف الاستحقاق الرئاسي، فتُكتب نهاية سعيدة لملفات الحوار السني ـ الشيعي والمسيحي ـ المسيحي والمعركة ضد الإرهاب وقضية العسكريين المخطوفين وغيره من الملفات الشائكة والمتشعبة.

فبعد الإجازة القسرية التي فرضتها عطلة الاعياد، تعاود عجلة الحركة السياسية في البلاد الدوران تدريجياً، خصوصاً انّ الشهر الجاري حافل بالمحطات أقربها مطلع الاسبوع، موعد انطلاق الجلسة الحوارية الثانية بين تيار «المستقبل» و»حزب الله»، لتليها محطة يوم الاربعاء وهي جلسة انتخاب رئيس جمهورية جديد، ثم جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس.

وما بين هذه المحطات تتواصل الاستعدادات للقاء المرتقب بين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، والذي مُهّد له بإسقاط متبادل للدعاوى على إعلاميين ووسائل إعلام عند الطرفين.

وفي موازاة التحضيرات الجارية لهذا اللقاء، قالت أوساط قريبة من «المستقبل» و»التيار الوطني الحر» إنّ الاتصالات بينهما لم تتوقف، وهي تتخذ أشكالاً مختلفة، وأشارت إلى اتصال المعايدة الذي أجراه الرئيس سعد الحريري مع عون لتهنئته بالأعياد، والذي شكّل مناسبة لتأكيد انّ الحوار نهج يجب مواصلته، وأن يكون قائماً بين مختلف الأطراف.

عون و«القوات»

وعلمت «الجمهورية» انّ عون، الذي سيطلّ في حوار متلفز مساء غد الاحد، اطّلع من وفد «حزب الله»، الذي زار الرابية عشيّة عيد رأس السنة لتهنئته بالعيد، على أجواء الجلسة الحوارية الأولى بين الحزب و«المستقبل»، وقد أبدى ارتياحه الى هذا الحوار وتشجيعه له، وأبلغ الحزب بدوره انّ الحوار مع «القوات» أصبح قريباً والمسألة مسألة أيام، وانه وافق على هذا الحوار على قاعدة انه هو المرشّح للرئاسة.

من جهته، وضع الحزب عون في أجواء زيارته الاخيرة الى بكركي.

الراعي و«حزب الله»

وعلمت «الجمهورية» انّ هذه الزيارة تخللتها خلوة استمرت لساعة ونصف الساعة بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ووفد الحزب في احدى الغرف الجانبية نزولاً عند رغبة البطريرك الذي استقبل الحزب بحفاوة لافتة، فيما كان المهنئون بالأعياد في صالون الصرح.

وفي المعلومات انّ الراعي سعى بشتى الوسائل إلى إقناع الحزب بالتدخّل لدى عون والضغط عليه للنزول الى مجلس النواب أو بالعدول عن الترشيح على ان يختار بنفسه المرشّح البديل الذي يرضيه ويرضي حلفاءه ويقبل به الفريق الآخر. إلّا انّ الحزب كان حاسماً في رفضه هذا الطلب، وأبلغ البطريرك انه يدعم ترشيح عون حتى النهاية وهو معه في هذا الموضوع كيفما اتجه.

وكان الراعي قال «إنّ الجميع بدأ يشعر بالحاجة الملحّة إلى رئيس للبلاد، فمن دونه يتعطّلُ عملُ المجلس النيابي ويتعثّر عمل الحكومة، وتتأثر سلباً مسيرة الدولة السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية والاجتماعية».

وشجّع في قداس رأس السنة ويوم السلام العالمي مبادرة الحوار بين مختلف الاطراف السياسية في لبنان «لكسر الجمود وإزالة التشنّج وبدء خطوات متبادلة ومشتركة لإيجاد الحلول للمعضلات الراهنة السياسية والاقتصادية والأمنية».

مجدلاني

وفي المواقف، استعجل عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب الدكتور عاطف مجدلاني انتخاب رئيس جمهورية جديد، لكنه استبعد حصول ذلك في جلسة السابع من الجاري، إلّا انه أبدى تفاؤلاً بحصول حلحلة في هذا الملف خلال الاشهر الثلاثة المقبلة. وقال مجدلاني لـ«الجمهورية»: «انّ ايّ حوار بين طرف وآخر لا يمكن الّا ان يُفضي الى نتائج ايجابية».

وأضاف: «إنّ المهمة الاساسية للحوار بين المستقبل والحزب يجب ان تكون تخفيف حدة الاحتقان في البلاد، واعتقد انّ الخطوة الاولى لذلك تكون عبر انتخاب الرئيس».

وشدّد على ان «لا حل امامنا غير الحوار وضروري ان يستمر، والأهم من ذلك أن يعطي نتيجة». وإذ أبدى حذره في هذا الموضوع، قال: «اعتقد انّ الحوار اليوم بات مطلب الجميع خصوصاً مطلب «حزب الله» بعد تطوّر الاوضاع الاقليمية والخسائر التي يُمنى بها في سوريا، ودخوله في مستنقع من الصعوبة بمكان ان يخرج منه، فأقلّ ما يطالب به هو تبريد الاجواء الداخلية، لذلك المستفيد الأول من الحوار هو الحزب».

قانصو

بدورِه، قال النائب عن حزب «البعث» عاصم قانصو لـ«الجمهورية» إنّ مسألة انتخاب رئيس جمهورية ليست مطروحة في الحوار، فالمطروح هو تهدئة الوضع الداخلي من خلال تنفيس الاحتقان السنّي ـ الشيعي ومكافحة الإرهاب. واستُبعدت مسألتان تفجّران الوضع: سلاح الحزب ومشاركته في القتال في سوريا.

لذلك هذا الحوار سيكون محدوداً جداً، وانعكاساته على الوضع الداخلي ستترجَم هدوءاً، هذه هي أبعاده و«أكتر من هيك ما في شي» ولن يوصلَ إلى انتخاب رئيس جمهورية ولا الى انتخابات نيابية». والأمر نفسه سينسحب

على اللقاء بين عون وجعجع، إذا حصل.

ووصفَ قانصوه انتخاب الرئيس بأنّه «صعب لأنّ الامر يستلزم تفاهماً كاملاً حول مصير البلاد التي باتت على كفّ عفريت». ورأى أنّ «على البعض الكفّ عن المكابرة والكلام الفارغ»، ودعا إلى «التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لضربِ الإرهابيين، وذلك في سبيل مصلحة لبنان».

وقال: «هناك طريقتان لحلّ قضية العسكريين المخطوفين لا ثالث لهما: إمّا المقايضة بشكل سرّي وبعيداً من الإعلام عن طريق رئيس الحكومة وقائد الجيش. لكن حتى اليوم يبدو أنّ المقايضة لم تنفع، فالجميع أيّدَ مبدأها، إنّما الإرهابيون ليس عندهم كلمة شرف أو أخلاق، والتجارب معهم في العراق وسوريا تجارب مرّة.

وإمّا السير بالحلّ العسكري، فالعسكريّون خُطِفوا على أرض لبنانية ونُقِلوا إلى أرض لبنانية، وعلى الجيش أن لا ينتظر أوامر من أحد. فالدملة الإرهابية الموجودة في عرسال يجب أن تُفقأ وتُستأصَل، وإلا سترتدّ علينا.

وقال قانصو: «إنّ زيارة الرئيس بشّار الأسد إلى حي جوبر، ولقاءَه جنودَه هناك بمناسبة رأس السنة، لها دلالاتها الكبيرة، وفي مقدّمها أنّه لا يزال ثابتاً وقوياً وكلّ الحلول المطروحة ليست واردة، على العكس، سوريا ذاهبة باتّجاه تحرير البلد من كلّ الإرهاب بقوّة جيشها، وكذلك العراق بقوّة جيشه. هذه هي خريطة الطريق بين العراق وسوريا: إنهاء وضع الإرهاب بالقوة الذاتية المتمثلة بالجيش العربي السوري والجيش العراقي، ولا علاقة لقوات التحالف التي «تخبّص» كثيراً وتعطي مساعدات لـ«داعش»، شأنها شأن الأتراك.

تمديد عمل المحكمة

في مجال آخر، قرّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تمديدَ ولاية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان 3 سنوات بدءاً من 1 آذار 2015. وأكّد في بيان نُشِر على موقعِه الرسمي «من جديد التزامَ الأمم المتحدة دعمَ عمل المحكمة الخاصة بلبنان لتقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة وضمان عدم الإفلات من العقاب لأنّه لن يتمّ التسامح في مثل هذه الجرائم الكبرى». وأضاف: «تتطلّع الأمم المتحدة إلى استمرار التعاون والدعم من حكومة لبنان».

عيّاش لـ«الجمهورية»

وقال المحامي في المحاكم الجنائية الدولية وهبي عيّاش لـ«الجمهورية»: «إنّ قرار الأمين العام روتيني يأتي تطبيقاً للمادة 21 من الضميمة – الإتفاق بين الامم المتحدة والحكومة اللبنانية، التي تنصّ على أنّه بعد مضيّ 3 سنوات على بدء عمل المحكمة يقوم الطرفان بالتشاور مع مجلس الأمن باستعراض ما تحرزُه من تقدّم في أعمالها، وإذا لم تكتمل أنشطة المحكمة في هذه الفترة يمدَّد الإتفاق للسماح بإنجاز أعمالها لمدّة أو مدَدٍ إضافية يحدّدها الأمين العام بالتشاور مع الحكومة اللبنانية ومجلس الأمن». ولفتَ عيّاش الى أنّ الامين العام «ليس ملزماً بأخذ رأي الحكومة اللبنانية، بل التشاور معها ليس أكثر».

تدابير جديدة للأمن العام

وعشيّة عيد رأس السنة، اتّخذَت المديرية العامة للأمن العام تدابير جديدة لدخول السوريين الى لبنان، توجِب الاستحصالَ على سِمات وأذونات لمدَدٍ محدّدة، وتحصر السوريين المستفيدين منها بـ 6 فئات، بحيث لا يُسمح بدخول من لا يمكن تصنيف سبب زيارته ضمن الفئات المحدّدة في تعميم الأمن العام.

أبي نصر

وحيّا النائب نعمة الله أبي نصر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على هذا التدبير، الأمر الذي يُشعرنا أنّ هناك دولةً تحمي حدودَها، واعتبر أنّه لو طبّق هذا التدبير منذ سنوات لكُنّا تلافينا كثيراً من الخضّات الأمنية في البلاد.

وقال أبي نصر لـ«الجمهورية»: قد تكون هناك أسباب مبرّرة لزيارة لبنان، كاستعمال مطار بيروت أو السياحة أو تصريف أعمال في شركات، لكنّ أعداد هؤلاء لا تتعدّى بضعة الآلاف، أمّا السوري الذي يدخل الى لبنان لتأييد فلان أم علتان أو للانضمام الى بعض الحركات المخِلّة بالأمن والمشاركة في الأحداث التي حصلت والتفجيرات التي شهدَتها البلاد، فهذا «ما إلو شِغل عنّا»، حتى إنّ الذين يأتون للإقامة فقط فاستيعاب البلد محدود نظراً إلى الكثافة السَكنية والأوضاع السياسية المالية والاقتصادية التي يتخبّط فيها لبنان، لذلك تدبير الأمن العام محِقّ، وكان من المفترض أن يُطبَّق قبل نزوح مليون ونصف مليون سوري، إلّا أنّنا نشعر من خلال هذا التدبير بأنّ هناك جهازاً يعمل لصالح دولة يُفترَض أن تكون مستقلة».

النفايات أوّل بند

على صعيد آخر، سيعود مجلس الوزراء الى الاجتماع يوم الخميس المقبل في الثامن من الشهر الجاري في السراي الكبير بعد طول غياب استمرّ حوالى أسبوعين. ذلك أنّ آخر جلسة للمجلس عُقدت يوم الثلاثاء في 23 كانون الأوّل العام الماضي وغاب عن الانعقاد طيلة هذه الفترة، بعدما تبلّغَت رئاسة الحكومة بوجود أكثر من ثلث الوزراء خارج لبنان لتمضية فترة الأعياد.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ جدول الأعمال الجديد الذي عمّمَته الأمانة العامة للمجلس أمس على الوزراء يضمّ 56 بنداً، واحتلّ بند استكمال البحث بدفتر الشروط الخاص بتلزيم جمع النفايات الصلبة البند رقم واحد، بعدما أرجِئ البَتّ به أكثر من مرّة. وذلك بهدف بَتِّه في أوّل الجلسة، بالنظر الى الأهمية التي يعطيها رئيس الحكومة لهذا الملف، في ظروف يعتقد أنّها ستكون معقّدة بفعل المواقف المتشنّجة التي نمَت على هامش النقاش حوله.

ولفتَت المصادر إلى أنّه بالإضافة الى المواجهة المحتملة مع بعض الوزراء المعارضين لمضمون دفتر الشروط وبعض ما فيه، فإنّ المواجهة الحقيقية ستكون بين الحكومة وأهالي الشحّار ومحيط الناعمة – عين درافيل والقرى المجاورة، الذين يستعدّون لتطبيق الوعد الذي قطِعَ لهم بإقفال المكبّ مطلع العام. وهم يرفضون ما تبلّغوه من إشارات بأنّ التمديد التقني لأشهُر قليلة قرار لا بدّ منه لأسباب تتّصل بالتأخير الحاصل في البَتّ بدفاتر شروط تلزيم جمع وكنس النفايات ضمن المهلة التي تسمح بتوفير المكبّات البديلة لمطمر الناعمة.

سِجال حكيم-أبو فاعور

وقد حفلَ يوم أمس بسجال حادّ بين وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم ووزير الصحّة العامة وائل ابو فاعور، إذ بعد أن أوضحَ المكتب الإعلامي لحكيم أنّ وزارة الاقتصاد غير معنية بالإجابة عن الأسئلة التي تمّ طرحها في البيان الصادر عن مكتب وزير الصحة، وتأكيده «أنّ وزارة الاقتصاد والتجارة الساعية دوماً إلى محاربة الغش والفساد، بعيداً عن البيانات الإعلامية والمؤتمرات الصحافية، مستمرّة في أداء مهامّها في حماية المستهلك وصحّته»، ردَّ المكتب الإعلامي لأبو فاعور على الردّ بالقول: «نقترح تغييرَ إسم الوزارة من وزارة الاقتصاد الوطني الى وزارة الاختصار الورقي والاقتصاد في المهمّات، التي كما فهمنا من بيانها لا تتعدّى حدود توقيع البيانات الجمركية، أي إنّها وزارة الأعمال الورقية بامتياز».