IMLebanon

الحوار يستكمل الخطة الأمنية.. وبوصعب ينهي سجال أبوفاعورـ حكيم

الحوار في صيغتِه العمَلية بين «المستقبل» و»حزب الله» انطلقَ أمس من خلال إجراء مقاربةٍ معمَّقة لكلّ الملفات والقضايا المطروحة، بدءاً من الاحتقان المذهبي السنّي-الشيعي بفعل الأزمة السورية، والأزمات الأخرى في المنطقة. وإذا كان مجرّد بدء هذا الحوار أدّى إلى ترييح المناخات السياسية، فكيف بالحريّ في حال تمَّ التوصّل إلى خطوات عملية وملموسة، الأمر الذي سيعيد تعويمَ الحوار والتعويل عليه من أجل معالجة كلّ القضايا الخلافية، خصوصاً أنّ الجلسة الثانية أثمرَت الاتّفاقَ على «استكمال تنفيذ الخطة الأمنية على كلّ الأراضي اللبنانية»؟ وفي هذا السياق كانت طبيعيةً جرعةُ الدعم التي تلقّاها هذا الحوار من الاتحاد الأوروبي في موقفٍ يعكس الرغبة الدولية في الحِرص على استقرار لبنان، كما تأتي استكمالاً لمواقف أخرى مرحِّبة وداعمة لهذا التوجّه، وفي طليعتها الرياض وطهران والقاهرة. وفي موازاة الحوار الإسلامي-الإسلامي تتّجه الأنظار إلى الحوار المسيحي-المسيحي عشيّة الجلسة الانتخابية الرئاسية غداً والتي على رغم أنّ نتائجها لن تختلفَ عن سابقاتها، إلّا أنّ تعاطي «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» معها سيختلف عن الجلسات التي سبقتها، حيث ستتراجع حدّة المواقف والاتّهامات المضادة، في ترجمةٍ عملية وأوّلية للانفتاح بين الطرَفين. وعلى خط آخر تتركّز الأنظار أيضاً على جلسة مجلس الوزراء بعد غدٍ الخميس لمتابعة آخر مستجدّات ملف العسكريين المخطوفين، فضلاً عن السجال بين وزيرَي الاقتصاد آلان حكيم والصحّة وائل ابو فاعور، الذي في حين تخوَّفَ البعض من أن يهدّد التضامن الحكومي، كشفَ وزير التربية الياس بوصعب لـ«الجمهورية» أنّه «تدخّلَ بين الصديقين ابو فاعور وحكيم، وأكّدا له أنّ السجال بينهما قد انتهى إلى غير رجعة». وفي سياق مكمِّل للمشهد السياسي تستأنف المحكمة الدولية بدءاً من يوم الخميس الاستماعَ إلى شهود جُدد في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.

وفي هذه الأجواء انطلقت في السادسة مساء أمس الجلسة الثانية من الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» في عين التينة، وأشار البيان الرسمي الصادر عن المجتمعين إلى أنّ هذه الجلسة التي «عُقِدت بحضور كلّ من مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري، الوزير نهاد المشنوق، والنائب سمير الجسر عن «المستقبل»، والمعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن «حزب الله»، وبحضور الوزير علي حسن خليل، وقد جرى النقاش فيها حول عنوان أساسي هو تنفيس الاحتقان المذهبي، حيث حصلَ تقدّم جدّي في هذا الإطار». وأضاف البيان: «من جهةٍ أخرى جرى الاتفاق على دعم استكمال تنفيذ الخطة الأمنية على كلّ الأراضي اللبنانية».

أوساط لـ«الجمهورية»

وقالت أوساط مطّلعة لـ«الجمهورية» أنْ كان هناك حِرصٌ في الجلسة الثانية على الخروج بخطوات عملية بغية إضفاءِ جدّية على الحوار وإخراجه من العموميات والنظرة التشكيكية لمؤدّياته، ورأت أنّ تنفيس الاحتقان المذهبي يكون من خلال مسارَين: الأوّل عبر الحوار والتواصل والتنسيق، والمسار الثاني عبر تنفيذ ما يتمّ التوافق حوله. وأكّدت الأوساط أنّ الأمور هذه المرّة تختلف عن المرّات السابقة، وأنّ كلّ ما سيعلَن الاتّفاق حوله سيذهب مباشرةً إلى الترجمة العملية.

المشنوق

وكان المشنوق أعلنَ من دار الفتوى أنّ «هدفنا الرئيسي تنفيس الاحتقان السنّي – الشيعي ثمّ البحث بالرئاسة، ما زلنا في البدايات، دعونا ننتظر، ونحن متفائلون دوماً».

أبي نصر

وقال النائب نعمة الله أبي نصر لـ«الجمهورية»: «لا تفاهمَ بين اللبنانيين إلّا بالحوار، وقد أثبتَت التجارب أنّ السلاح لم يكن مرّةً هو الحلّ، فعبر التاريخ قضايا اللبنانيين لم تكن تُحَلّ إلّا بالحوار، وعندما كانوا يلجؤون إلى السلاح كانوا يذهبون إلى الخراب».

وأضاف: «نحن مع الحوار، ليس فقط بين المسيحيين مع بعضهم البعض أو بين السُنّة والشيعة، وإنّما مع جميع اللبنانيين، ولا سبيلَ للحلّ إلّا عبر الحوار مهما طالت جلساته وتكرّرت».

وأضاف: «لكن، لكي ينجح أيّ حوار، يجب أن نتحرّر من الإيحاءات والانتماءات الخارجية ونجد أنفسنا حيث يجب، أي في المصلحة الوطنية اللبنانية. ولكنّ المهم: مَن يكفَل تنفيذ نتائج الحوار؟ فمقرّرات الحوار في العام 2006 لم تنفَّذ، فالعبرة إذن هي في النجاح والتنفيذ».

وفي كلّ الأحوال، مهما يكن من أمر فإنّ كلّ حوار بين اللبنانيين يهدّئ الساحة ويخفّف التشنّج ويعطي الفرصة لجميع السياسيين لكي يعيدوا النظر بمواقفهم».

ترحيب أوروبّي

ورحّبَ الاتّحاد الأوروبي بالحوار بين «الحزب» و»المستقبل»، «الذي يعطي إشارات جيّدة للشعب اللبناني وللمنطقة بأنّ الاختلافات يمكن تجاوزها».

وهنّأت سفيرة الاتّحاد الاوروبّي في لبنان أنجيلينا ايخهورست رئيس مجلس النواب نبيه برّي على الجهود التي بذلها في هذا المجال، وقالت: «إنّ هذا الجهد للحوار يعطي إشارات جيّدة أيضاً للأطراف الأخرى في لبنان، فهو مهمّ للجميع. الحوار ليس للحوار، بل حول أجندة واضحة تتضمّن النقاط التي هي مهمّة للبلاد. إنّها بداية جيّدة للعام الجديد مع انعقاد الجلسة الثانية لهذا الحوار الذي هو موضع اهتمام للجميع لجهة تجاوُزِ الخلافات بين الأطراف اللبنانية».

تنظيم الدخول السوري

ومع بدءِ تطبيق إجراءات الأمن العام التي حدّدت معايير دخول الرعايا السوريين الى لبنان، سادت حالة من الإرباك صفوفَ السوريين الذين يجتازون نقطة المصنع بالمئات، ولكن مقابل حالات التذمُّر والغضب التي أبداها السوريّون بدا الأمن العام متماسكاً جداً ومرتاحاً إلى الإجراءات ومنتظماً في طريقة تطبيقها، وقد ظهر ذلك هذا جلياً أمام المركز وفي داخله من خلال نقلةٍ نوعية كانت قد أشارت إليها «الجمهورية» عشية عيد رأس السنة حين تحدّثت عن ورشة في المصنع تقيمُها المديرية العامة للأمن العام لتنظيم دخول السوريين.

وقد انتظم السوريّون في صفوف موزّعة على حوالى 15 شبّاك للأمن العام ومعهم الأوراق المطلوبة، بينما توَلّت عناصر الامن العام في الخارج التدقيق في الاوراق التي يحتاجها السوري للدخول، وتزويد الداخلين بالتوجيهات اللازمة في حال اكتمال الملف أو النقص في الاوراق المطلوبة.

ومقابل الارتياح الذي أبداه الجانب اللبناني لتنظيم دخول السوريين وتحديد وجهتِهم ومدّة إقامتهم بحسب المعايير التي حدّدها تعميم الأمن العام، فإنّ بعداً سياسياً لم تخلُ منه هذه الخطوة وينتظر أن يتفاعل في الايام المقبلة ويرمي بثقلِه على العلاقات اللبنانية السورية التي تشهد للمرّة الأولى في تاريخها خطوةً كهذه».

إشعاعات… ونفايات

أمّا في الملفّات الحياتية الساخنة، فقد تكشّفَت أمس فضيحة جديدة تمثّلت بما أعلنَه وزير المال علي حسن خليل عن ضبط صفقة معدّات صناعية مشبَعة بالإشعاعات التي قد تتسبّب للإنسان بأمراض سرطانية. وقد تمّ إفشال محاولتين عبر المطار ومرفأ بيروت لإدخال هذا النوع من المعدّات الخطرة على الصحة العامة.

إلى ذلك، تبدو قضية النفايات قابَ قوسين أو أدنى من التفجّر، مع إعلان وزير البيئة محمد المشنوق أنّ كلّ لبنان مقبلٌ على تحَدٍّ كبير في 17 كانون الثاني الجاري، (موعد إغلاق مكبّ الناعمة)، الفرق الوحيد هو في درجة العشوائية التي ستشهدها المناطق: بعض المناطق، بيروت والقسم الأكبر من جبل لبنان، ستشهد حالة انتقال من نظام معيّن لإدارة النفايات الصلبة إلى لا نظام، أي فوضى عشوائية متمثّلة بمكبّات في مختلف الشوارع والأزقّة.

ولاحقاً ردَّ وزير الزراعة أكرم شهيّب على وزير البيئة، مؤكّداً أن لا تمديد للعمل في مطمر الناعمة، فمطمرُ الناعمة أصبح من الماضي».

حكيم وأبو فاعور

إلى ذلك، تحوَّلت قضية سلامة الغذاء إلى خلاف علنيّ بين وزيرَي الاقتصاد آلان حكيم والصحّة وائل ابو فاعور.

وقد عَقد حكيم أمس مؤتمراً صحافياً هاجمَ فيه بيانَ وزارة الصحة ووصفَه بأنّه «منحدر». واتّهمَ ابو فاعور باتّباع أسلوب المهرجانات الإعلامية في متابعة ملف سلامة الغذاء.

بوصعب

وكشفَ وزير التربية الياس بوصعب لـ»الجمهورية» أنّه تدخّلَ بين الصديقين ابو فاعور وحكيم، وأّكّدا له أنّ السجال بينهما قد انتهى أمس إلى غير رجعة، وأنّهما يحترمان بعضهما البعض، والعمل بينهما في الأيام المقبلة سيحكمُه التعاون لِمَا هو أفضل لمصلحة لبنان.

واستبعدَ بوصعب انعكاسَ التراشق الكلامي في أكثر من ملف على عمل الحكومة والتضامن الوزاري، أو أن ينتقل هذا التراشق إلى داخل مجلس الوزراء، مُبدياً اعتقادَه أنّ ما سيحصل هو كما حصلَ في المرّة السابقة، أي تشكيل لجان، وفي الأساس هناك لجنة مشتركة بقضية سلامة الغذاء.

وقال: «ليس ما يحصل يزعزع الحكومة، فما يمكن أن يزعزعَها هو إذا استمرّينا غيرَ حاسمين في كيفية إدارة الملفات في مجلس الوزراء، وإذا ظلّ كلّ طرف يعتقد أنّه قادر على أن يعرقل عملَ الطرف الآخر لمجرّد أنّ الفكرة لا تعجبه، لذلك يجب أن نعود إلى المبدأ الأساس الذي وُضع بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، والقائل بأنّ مَن يحسم هو الجهة السياسية التي لديها وزنٌ معيّن، لا أن يقرّر كلّ وزير بمفرده، وهنا نستطيع أن نتوسّع بالفكرة لنشير إلى أنّ هناك مواضيعَ يجب أن تذهب إلى التصويت، ولكن متى ومَن وأيّ فريق يعارضها؟، كلّ هذه الأمور يجب أن تُبحَث مجدّداً لأنّ هذه الأمور كما كانت تسير في المرحلة الأخيرة يمكن لأيّ وزير أن يعرقل أيّ ملف ساعةَ يشاء.

وفي موضوع النفايات، البَند الأوّل في جدول الأعمال، قال بوصعب: «أعتقد أنّه مهما كان نوع الاتفاق والتفاهم، فسيكون ناقصاً وليس الحلّ الأفضل والمناسب، لأنّنا نعمل من هذه القصّة وكأنّها قصّة قنبلة نووية وكأنّ لبنان هو البلد الوحيد في العالم لديه نفايات، فكيف استطاعَ العالم أن يحلّ هذه المشكلة وليس عنده أزمة، فيما تجتمع الحكومات في لبنان منذ 15 سنة ولا تجد حلّاً مناسباً لها؟ هناك مافيا كبيرة تحارب أيَّ شكل من أشكال الحل الأنسب للمواطن ولخزينة الدولة.

وقال: «نحن مع الخطة التي تريحنا من أحادية سوكلين، ولكن أيّ خطّة؟ فمَن لديه ملاحظات على الخطة يجب أن يتحدّث عنها في الجلسة، ونصيحتي: اللامركزية لمعالجة النفايات على مستوى الأقضية، ليس صحيحاً أنّ البلديات لا تستطيع حلّ مشكلتها، نحن لا ندع القصّة على عاتق بلدية واحدة بل نقول بأن يحصل حلّ على مستوى القضاء وتكون اتّحادات البلديات والبلديات مشاركةً فيه.

وعن إقفال المدارس بسبب العاصفة، قال بوصعب: «لن نكرّر خطأ العام الماضي عندما أقفلنا المدارس خمسة أيام، بينما تبيّنَ لاحقاً أنّ الطقس كان مشمساً، لذلك قرارُنا بإقفال المدارس يعتمد على التأكّد من جدّية العاصفة».

الحملات تقود إلى المعالجات

وفي ظلّ الحملات الإعلامية المتبادلة حول مصير مطمَر الناعمة ومواقف وزير البيئة محمد المشنوق وردّ وزير الزراعة أكرم شهيّب كشفَت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّ هذه الحملات فتحَت باب المعالجات الهادئة بعيداً من الأضواء الإعلامية لمواجهة الآثار السلبية المتوقّعة لعدم بَتّ دفاتر الشروط العائدة لملف النفايات الصلبة على جبهتَي الملاحظات التي رفعَها وزراء حزب الكتائب حول شكل دفاتر الشروط ومضمونها والأسعار المقدّرة لجمع النفايات وكنسِها ومعالجتها، ورفض وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي وأهالي المنطقة المحيطة بمطمر الناعمة.

وقالت المصادر إنّ اللقاء الذي عُقد بين وزير البيئة ووزير العمل سجعان قزي وحكيم سادَه جوّ من التفاهم، بعدما تقدّمَ وزيرا حزب الكتائب بمذكّرة من أربعة صفحات تُحدّد الملاحظات العلمية والمالية، والتي لقيَت تفهّماً عميقاً لدى المشنوق، فتمّ التوافق على استكمال الحوار خلال الساعات الـ 24 المقبلة، في اعتبار أنّ بعض الملاحظات لها أهميتها ولا يمكن تجاهلها على الإطلاق، على أن يصل الوزراء الثلاثة الى صيغة توافقية قبل جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس.

بوادر تفاهمات

وعلمَت «الجمهورية» أنّه لن يأتي نهار بعد غد الخميس إلّا وستكون الاتّصالات قد أنهَت عدداً من الإشكالات، ما سيؤدّي إلى التمديد لشركة سوكلين لفترةٍ تقنيّة، وكذلك لاستخدام مطمر الناعمة بحُكم الأمر الواقع من دون الحسم بالقدرة على البَتّ النهائي بدفاتر الشروط، ما سيؤدّي إلى تخصيص جلسة وزارية للبَتّ بها قريباً بالصيغة النهائية.