Site icon IMLebanon

 جيرو إلتقى الحريري ويستعِدّ لزيارة الفاتيكان… وتقدُّم في الحوار

شخصت الانظار مساء أمس الى عين التينة، حيث عقدت الجولة الثالثة من الحوار بين «المستقبل» و»حزب الله». هذا الحوار الذي أثبت لغاية اليوم جدواه وفعاليته على مستويين: تقريب المسافة بين الفريقين المتنازعين، وهذا ما ظهر على أثر تفجير جبل محسن الذي لم يُحمّل فيه الحزب، للمرة الأولى، مسؤولية التفجير بسبب استجلابه الإرهابيين ربطاً بقتاله في سوريا. والمستوى الآخر يتصل بالقضايا الأمنية التي كانت عملية سجن رومية إحدى ثمارها، فضلاً عن التصميم الواضح لاستكمال الخطة الأمنية، الأمر الذي تمّ التأكيد عليه بالبيان الصادر عن المجتمعين أمس. وإذا كانت أهداف الحوار الأساسية تبريد الأجواء السياسية وتحصين الوضع الأمني، يبقى السؤال الأساس هل سيتمكن هذا الحوار من خرق جدار الفراغ الرئاسي بالتقاطع في منتصف الطريق مع الحوار القواتي-العوني من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ وفي سياق الحدث الباريسي الذي ما زال يتفاعل والمخاوف من أي ردود فعل على السفارة الفرنسية في بيروت، اتخذت القوى الأمنية إجراءات احتياطية في محيط السفارة الفرنسية تحسّباً لاحتجاجات ضد «شارلي إيبدو»، علماً أنّ باريس تشكل رافعة للقضايا العربية والإسلامية بدءاً من القضية الفلسطينية وصولاً إلى السورية.

انعقدت جلسة الحوار الثالثة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» مساء أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق عن «المستقبل». وغاب النائب سمير الجسر بسبب سفره الى الخارج. كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة صدر البيان التالي: «عقدت جلسة الحوار الثالثة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» في مقر الرئاسة الثانية، وجرى البحث في التطورات التي حصلت خلال الاسبوع الماضي أمنياً وسياسياً والتقييم الايجابي لانعكاسات الحوار الجاري عليها.

وتمّ التشديد على حماية القرارات الوطنية التي تحصّن الساحة الداخلية. واستمر النقاش في النقاط التي تمّ تناولها سابقاً، وحصل تقدم واضح فيها بما يفتح آفاقاً امام نتائج تساعد على تثبيت الاستقرار الوطني».

أوساط لـ«الجمهورية»

وقالت أوساط قريبة من المجتمعين اطّلعت على أجواء الجلسة الثالثة إنّ الجدية التي سادتها لم تختلف عن الجلستين السابقتين، وانّ الطرفين شددا على أهمية الحوار عندما يواكب بنتائج عملية على الأرض. وأكدت الأوساط لـ«الجمهورية» أنّ التقدّم الملموس سياسياً وأمنياً جعل المسؤولية مضاعفة على «المستقبل» والحزب من أجل استكمال هذا التوجه وصولاً إلى إقفال الثغرات الأمنية ومعالجة أسباب الاحتقان في الداخل المتصلة بانتشار الأعلام والمراكز الحزبية.

ورأت الأوساط أنّ هذا الحوار الذي يحظى بترحيب دولي وعربي ولبناني يشكل مظلة أمان للبنان، وأنّ الطرفين يدركان جيداً المسؤولية الملقاة عليهما في هذه الظروف التاريخية التي تمر بها المنطقة ولبنان.

الخطة الأمنية

وفي سياق متصل تتوالى الإنجازات الأمنية في الداخل في ظل ارتفاع منسوب التأهب وتعزيز الاجراءات المشددة والاحترازية في كل المناطق والاستمرار في تعقّب الخلايا الارهابية.

وقالت مصادر امنية واسعة الإطلاع لـ»الجمهورية» انّ كثافة الثلوج التي تساقطت على السلسلة الشرقية على طول خطوط المواجهة بين عناصر «حزب الله» والجيش السوري من جهة ومسلّحي «جبهة النصرة» و«داعش» من جهة أخرى، جمّدت الأعمال العسكرية الى الحدود القصوى، ولم تفد المعلومات إلّا عن استطلاع تقوم به وحدات من الطرفين للمواقع المتقابلة في ظروف مناخية صعبة.

وأكدت مراجع أمنية ما نشرته «الجمهورية» أمس الأول من أنّ «الساعة الصفر» لأيّ خطة امنية في البقاعين الشمالي والأوسط لم تحدد بعد، بناء لطلب القادة العسكريين الذين ابلغوا المعنيين انّ المعطيات التي كانت تتحكم بالخطوات والتدابير السابقة، خصوصاً في جرود المنطقة قد تبدّلت، وانّ العملية تحتاج الى اعادة تقويم للوضع هناك قبل تنفيذ ايّ خطة عسكرية وامنية جديدة.

وأضافت: «إنّ التعديلات التي طرأت على خريطة انتشار المسلحين غير الشرعيين في جرود المنطقة خلطت بين عناصر الحزب وتنظيمات أخرى تضمّ مسلحين لبنانيين وسوريين من احزاب مختلفة من أنصار النظام السوري تجوب المنطقة في طريقها الى المواجهة المفتوحة بين الطرفين في المنطقة وانّ الجيوب التي ستستهدفها الخطة تقع ما بين هذه المواقع العسكرية، وانّ ايّ عملية في المنطقة يمكن ان تشكّل التباساً نحن في غنى عنه في الوقت الراهن.

ولذلك، فإنه من المتوقع ان يؤجّل البحث في تنفيذ الخطة في المنطقة على رغم ما تبلّغه وزير الداخلية نهاد المشنوق في اكثر من مناسبة خصوصاً على طاولة حوار عين التينة قبل ان تتوضح أهداف الإنتشار المسلح والسماح للمسلحين المطلوبين من القوى الأمنية بحرية الحركة في المنطقة ما لم يكن بعضهم يشارك في العمليات العسكرية مع الحزب.

الحدود الشمالية

وتوقفت مراجع امنية امام تجدد الإعتداءات العسكرية السورية على القرى اللبنانية في شمال عكار والواقعة على الجهة اللبنانية من النهر الكبير الجنوبي بعدما تجدد سقوط القذائف المتفرقة عند مجرى النهر الكبير وسقطت أربع منها في خراج بلدة الدبابية ومحيطها.

وقالت لـ«الجمهورية» انّ الإتصالات التي واكبت القصف تركزت على معرفة الأسباب التي تدفع بالجيش السوري الى تعريض أمن اللبنانيين للخطر، علماً انّ ايّ عمل عسكري لم تشهده المنطقة امس واليوم الذي سبقه عندما استهدفت سيارة لعسكري لبناني في الجيش أصيب نتيجة استهدافه برصاص رشاش ثقيل.

موقف سعودي

وكان السفير السعودي علي عواض عسيري أمل في أن يكون الحوار بين «المستقبل» والحزب جاداً، وانّ «تكون الإرادة السياسية صادقة في هذه الحوارات البنّاءة التي في مقدمتها مصلحة الوطن والامن والاستقرار».

وهنّأ رئيس مجلس النواب نبيه بري على جهوده، وبارك الخطوات التي يبذلها لمصلحة لبنان «خصوصاً انني سمعتُ منه حرصاً على ان يكون هناك اتفاق وحوار جاد يكون له نتائج ملموسة.

ولدى سؤاله: هل الانقسام المسيحي ـ المسيحي مفيد للمسيحيين وللبنان وهل يفيد السنة مثلاً؟ أجاب عسيري: «بالطبع لا، فوحدة الصف المسيحي وترميم العلاقة المسيحية هما امران اساسيان، وهذا ما نأمل في ان يصِل اليه الحوار الذي يجري بين القوى السياسية المسيحية، وحتى لو لم يتفقوا في السياسة إلّا انه يجب ان يصلوا الى اتفاق على الثوابت ونأمل في أن يصلوا عبر هذا الحوار الى اختيار رئيس للجمهورية، فالاختيار الاول هو للمسيحيين وللبنانيين كافة».

وقال: «نحن نقول للبنانيين اختاروا رئيسكم ونحن نبارك لكم ونرى انّ هذه المسؤولية مسؤولية اللبنانيين، الجهود الفرنسية تُشكر، ونحن لمسنا ونلمس حرصاً من الفرنسيين على الاستقرار في لبنان، ولكن هذه المسؤولية هي مسؤولية اللبنانيين بالدرجة الاولى في اختيار رئيسهم وحكومتهم ومستقبلهم».

جيرو يلتقي الحريري

إلى ذلك ترصد المراجع السياسية والديبلوماسية حركة الموفد الفرنسي فرنسوا جيرو الذي أنهى زيارةً إلى السعودية أمس الأوّل التقى خلالها القيادة السعودية في القصر الملكي ومساعدي وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ جيرو التقى الرئيس سعد الحريري الثلثاء الماضي في الرياض وعرضَ معه لنتائج زيارته الأخيرة الى طهران ولقاءاته في الرياض مع المسؤولين السعوديين.

وتبَلّغ الحريري من جيرو ما يمكن اعتباره تراجعاً إيرانياً ملحوظاً عن استعدادهم السابق الذي أوحى له بإمكان إحراز تقدّم بشأن التفاهم على انتخاب رئيس جمهورية جديد من خارج السباق الحاد بين بعض المرشّحين اللبنانيين الذين فشلوا في كسبِ الأكثرية المطلوبة في مجلس النواب في لبنان، ما دفعَ جيرو الى التفكير مليّاً بإمكان البحث عن وسائل أخرى تؤهّله لإحداث خرق ما كان يأمل فيه بعدما اعتقد أنّه نال تفويضاً إيرانياً بلا رصيد.

ويستعدّ جيرو الذي عاد إلى باريس في الساعات الماضية لزيارة الفاتيكان مطلع الأسبوع المقبل، وهو ينتظر تحديدَ مواعيد نهائية له ما بين يومَي الاثنين أو الثلاثاء على مستوى المكلّفين بالشؤون الخارجية في الدولة ومسؤولين آخرين يواكبون حركة الاتّصالات التي يقوم بها منذ أن بدأ مهمّته قبل أربعة أشهر على الأقلّ.

ومن المتوقع أن يعود جيرو الى بيروت قبل نهاية الشهر الجاري لاستكمال المهمّة التي كلّفه بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونقلَ حصيلة مشاوراته في الرياض والفاتيكان وطهران.

تصريحات نصر الله

وسطَ هذا المشهد، تفاعلَت تصريحات الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله في الداخل، وظلّ صدى إعلانه الاستعداد لأيّ حرب مقبلة مع اسرائيل يتردّد فيها، فرأت عبر إعلامها «أنّ صواريخ «فاتح 110» تُعرّض بنيتَها التحتية للخطر، كالمصافي في حيفا، ومبنى وزارة الدفاع في تل أبيب، أو مطارات في شمال إسرائيل ووسطها.

إلّا أنّ كلام نصر الله عن البحرين لم يمرّ مرور الكرام لدى أهلها، فبعدما دانت الجامعة العربية بشدّة تصريحاته «العدائية»، وصفَ وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد الأمينَ العام لحزب الله بـ»الإرهابي»، ولفتَ الى أنّ بيان الجامعة العربية شدّد على ضرورة وقوف لبنان مع أشقّائه كما وقفوا معه دائماً في السرّاء والضرّاء.

واعتبرَ أنّ «وفد لبنان في اجتماع الجامعة العربية فضّل التمسّك بوحدة وطنية زائفة على التضامن العربي ولم يتوانَ عن الوقوف معه دائما». وقال: «لبنان بلد عظيم حَكمه رجال وشيوخ كرام مثل بشارة الخوري وكميل شمعون وصائب سلام ورفيق الحريري، أمّا اليوم فيا للأسف يتحكّم فيه «إرهابيّ عميل».

جنبلاط

وكان رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط اعترض على مواقف نصر الله المتعلقة بالبحرين مؤكّداً أنّه لا يجوز التشبيه بينها وبين إسرائيل مهما بلغَ عمق الاختلاف السياسي، داعياً «الى الأخذ في الاعتبار أنّ مئات الآلاف من اللبنانيين يقيمون في دوَل الخليج ويساهمون مساهمة فاعلة في مجتمعاته ويستفيدون من خيراته، وحتى إنّ التحويلات المالية الكبيرة لهؤلاء اللبنانيين الى ذويهم في لبنان تلعب دوراً هاماً في الصمود الإقتصادي اللبناني. ومن غير المفيد على الإطلاق إصدار مواقف سياسية في هذه المرحلة الحسّاسة لا تراعي هذا الأمر».

فرعون

وإذ اعتبر وزير السياحة ميشال فرعون أنّ كلام السيّد نصر الله جاء مفاجئاً في التوقيت، قال لـ«الجمهورية»: «إنّ الغطاء الخارجي والداخلي لتحييد لبنان لا يزال قائماً، وعلى أساس هذه التسوية تألّفَت الحكومة وكنّا نتلمّس لدى وزراء الحزب دائماً الإصرار على تثبيت الاتفاق السياسي على الأمن والتخفيف من أسباب التوتّر والاستفزاز في مسائل داخلية، ما سهّلَ تعاونَ الجميع ورفعَ الغطاء عن الإرهاب، وكذلك سهّلَ العملية الأمنية في سجن رومية وثبّتَ الخطة الأمنية.

ومن جهة ثانية يُعَدّ هذا الكلام للأسف بمثابة رسائل تقفز فوق لبنان لترتبط بملفات أخرى ربّما تكون جزءاً منها محادثات الغرب مع إيران في ملفّها النووي، ما يجعلنا نستنكر عودة ورقة «حزب الله» إلى الأوراق الاقليمية، لأننا شاهدنا كم كانت كلفة ذلك باهظة عندما بدأ التوتّر لدى إحالة الملف النووي الى مجلس الأمن الدولي في العام 2006».

وقال فرعون: «واضحٌ أنّ الحزب وإيران يعملان على تحييد لبنان في الداخل الى أقصى الحدود، إلّا أنّ هذا الكلام المفاجئ في توقيته نعتبره من الرسائل الاقليمية المرتبطة ببعض الملفات، في حين أنّ الجميع يعمل على تحييد لبنان بينما نحن لا نملك الشجاعة بعد للعودة الى «إعلان بعبدا» والطلب رسمياً بتحييد لبنان، فخشبة الاستقرار الحقيقي هي استغلال هذا الهامش الذي تؤمّنه الدوَل لتحييد لبنان لنقوم بدورنا بالخطوات المطلوبة.

وأضاف: نأسَف لسوء التفاهم مع البحرين ومع دوَل خليجية أخرى كان بدأ في عهد الحكومة السابقة، ما خلقَ بعض التوتّر في العلاقات والحذر وسوءَ التفاهم حتى على وزير السياحة في حينه، ونحن بدورنا فعلنا الكثير لإعادة فتح قنوات ما بين الحكومة ودوَل الخليج وإزالة كلّ سوء تفاهم.

صحيح أنّه كلام غير رسميّ إلّا أنّه ليس بالأمر السليم والمفيد أن يعود فريق الى عاداته القديمة في هذا الظرف بالذات واستفزاز أيّ دولة تربطنا بها علاقات وطيدة فهذا الكلام غير مقبول».

سعَيد

بدوره، قال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية» إنّ كلام السيّد نصر الله عن موضوع البحرين «لا يُلزم إلّا نفسَه وليس اللبنانيين». وشدّد على انّ المطلوب من الحكومة وتحديداً من وزير الخارجية جبران باسيل ان يحميَ العائلات اللبنانية التي تعيش في الخليج من هفوات بعض السياسيين أو من مواقف قد تعرّضهم، من خلال إشارة تصدر عن مجلس الوزراء بأنّ كلام نصر الله لا يلزم إلّا نفسَه».

وإذ استبعدَ سعيد أيّ لقاء في الأفق بين الرئيس سعد الحريري والسيّد نصر الله، ولفتَ الى أن لا أحد يحاول التكلم بموضوع رئاسة الجمهورية بشكل جدّي، والكلام المهمّ الذي قاله هو أنّ «حزب الله» يمتلك ترسانة أسلحة وهذا كلام تهديدي إيراني موجّه الى الخارج وليس الى الداخل».

أضاف سعيد: «إنّ الطرف السنّي بموضوع الحوار أمّنَ غطاءً للجيش في طرابلس وعرسال وعبرا، وفي الأمس قام بآخر واجباته عبر دخول مبنى «ب» في سجن رومية، وإزاء ذلك نطرح سؤالاً: هل أقدمَ «حزب الله» على إزالة لافتة أو صورة واحدة من بيروت»؟ هذا يعطي الجواب على انّ هذا الحوار غير متكافئ بالنيّات وبالأفعال».