IMLebanon

 تضامُن وزاري حول «القنيطرة».. ونصـرالله يتحدّث الجمعة

مُدّدت مرحلة حبسِ الأنفاس ثمانية أيام إضافية، في انتظار أن يضعَ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله حدّاً لكلّ التساؤلات عن مرحلة ما بعد اعتداء القنيطرة الإسرائيلي، في كلمةٍ يلقيها في مجمع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الجمعة 30 كانون الثاني الجاري، في ذكرى شهداء الحزب. وقد أرخى هذا الاعتداء بظلالِه على جلسة مجلس الوزراء وأنتجَت الاتصالات السياسية والمواقف التي سبقَته إجماعاً على إدانته مع التذكير بضرورة احترام القرار 1701 الذي تخرقه إسرائيل في استمرار. وأكّد «أنّ أيَّ تصَدٍّ لهذهِ الاعتداءاتِ يَتحقّقُ بوَحدةِ اللبنانيينَ وتضامنِهم». ونقلَ الوزير محمد فنيش موقفَ الحزب إلى المجلس، شاكراً جميعَ الذين واسوه بمواقف إنسانية ووطنية، وأكّد «أنّ المقاومة بمقدار شجاعتها فهي حكيمة وحريصة على مصلحة لبنان، وبالتالي لا داعيَ للمخاوف، كما أنّها لن تسمح لإسرائيل بأن تكرّس قواعد جديدة، أن تعتدي ولا يكون هناك ردّ». أضاف: «هذا عدوان، والمفروض إدانتُه بغَضّ النظر عن الخلاف حول سوريا، وإذا كان هناك مَن يريد أن يطالب باحترام الـ 1701 فهو يجب أن يطالب إسرائيل التي تخرقه بشكل متكرّر باعتداءاتها على لبنان».

في غضون ذلك، جدّدت إيران تهديدها إسرائيل بصواعق مدمّرة وأكّدت أنّ جميع الاهداف الاسرائيلية «واقعة في مرمى صواريخنا ذاتياً وعملياً» ودعاها نائب القائد العام للحرس الثوري العميد حسين سلامي الى انتظار الردّ وقال: «ينبغي علينا أن نستهدف أمن الكيان الصهيوني الذي يُعتبر عنصرَ استراتيجيةِ الامن الاميركي، ومن هذا المنطلق فقد بنينا من هنا الى حدود فلسطين المحتلة هيكلية قدرة حقيقية».

وأكّد انّ صواريخ «شهاب» يمكن اطلاقها من هنا، ومن جوار حدود الكيان الصهيوني يمكن لقذائف حزب الله والمقاومة الفلسطينية ان تفعل ما يفعله صاروخ «شهاب».

من جهته، اعلن نائب قائد فيلق القدس العميد اسماعيل قاآني انّ «الحرس الثوري» و»حزب الله» سيقضّان مضاجع اسرائيل. وخاطب الاسرائيليين بالقول: «لا حاجة لأن تغضبونا، فأبناء هذا الشعب البواسل جاهزون للدفاع عن الاسلام، ويعرفون كيف يقتصّون منكم، ونحن نتقدّم الى الأمام خطوةً خطوة».

إسرائيل

أمّا الجيش الاسرائيلي فواصلَ تعزيزاته على الحدود الشمالية، واستدعى مجموعات الاستنفار للمرابطة في التجمّعات السكنية المحاذية للحدود الشمالية، ونصَب الحواجز العسكرية في هضبة الجولان.

مجلس الوزراء

هذه التطوّرات لم تغِب عن جلسة مجلس الوزراء أمس الذي صالَ وجال فيها من دون ان يتعرض التضامن الوزاري لأيّ اهتزاز، التزاماً بروحية الحوار الجاري بين حزب الله وتيار «المستقبل» والذي يعطي الأولوية لتبديد الاحتقان والتشنّج السياسي والطائفي والمذهبي.

«مجلس من وين ما بتدقرو صار بيتوجع»، عبارةٌ اختصرَ فيها الوزير أكرم شهيّب واقع مجلس الوزراء، الذي شبعَ لكمات تطرحه ارضاً ثمّ ينهض في كل مرة قبل ان يكمل الحَكَم صفعته الثالثة على الارض، وهو ينهض لأنّ المطلوب أن لا ينهزم بقرار من «الباب العالي»، لكن في كل مرّة ينهض يكون فيها منهكاً أكثر من قبل.

جلسة الأمس، وإن اجتازت اختبار القنيطرة والبحرين بموقف موحّد، فإنها قلبت الطاولة على منهجية العمل الحكومي، وبات مطلب إعادة النظر بها مدخلاً للجلسات المقبلة، حسب قول عدد من الوزراء.

واقترحَ الوزير جبران باسيل «ان تُحترَم الآلية المتفَق عليها والتقيد بأصول التعاطي اللائق والمتساوي والمنطقي لأنّ المصلحة هي التي يجب ان تحكم وليس النكايات».

وعلمَت «الجمهورية» أنّه بعد انتهاء النقاش السياسي الذي اتّسمَ بهدوء وإيجابية لافتين، على عكس ما توقّع البعض، بدأ البحث في جدول الاعمال، وسرعان ما توتّر الجوّ لدى الحديث عن المراسيم.

وبعد تأجيل بند دفتر شروط العقود النفطية بسبب تجدّد اعتراض وزراء «المستقبل» الذين استمهلوا لمراجعته مع الخبراء المعنيّين، انتقل النقاش الى بند تغطية اعتماد بقيمة 30 مليون دولار اميركي لزوم استكمال أعمال ضرورية لمشروع طريق صور- الناقورة، علماً انّ هذا البند مؤجّل للمرة الثالثة وتسبّب بشِجار حاد بين الوزيرين علي حسن خليل والياس بوصعب في الجلسة السابقة، فطلب باسيل معاودة النقاش فيه.

وأوضحَ وزير الاشغال غازي زعيتر انّ هذا المبلغ لم يُنقل من صندوق اوتوستراد المصنع ـ القاع ـ الحدود الشمالية، الى صور ـ الناقورة إنّما هو وفرٌ لدى مجلس الإنماء والإعمار بحسب القانون الرقم 246 الصادر عام 1993 والمتعلّق بمشاريع الطرق، ومذكّراً بأنّ في العام 2001 اتُفِق مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري على استبدال هذا الاوتوستراد الذي كانت كلفته 400 مليون دولار بطريق شتورا ـ رياق ـ بعلبك، بعدما تبيّن انّ هناك صعوبات تقنية وفنية في تنفيذه على حدود السلسلة الشرقية، فوافقَ مجلس الوزراء في حينه على هذا الاستبدال».

وهنا تدخّلَ الوزير وائل ابو فاعور، فقال: «إنّ هناك وزراء في وزاراتهم لا يعملون بنحو متوازن في التعاطي مع كلّ المناطق»، الامر الذي اثار حفيظة زعيتر فأكّد انّه ارسلَ جدول توزيع موازنة الطرق للعام 2014 فجاءت حصة بعلبك ـ الهرمل الأقل فيها.

وأضاف: «في الماضي أُعطِيت وزارة الاشغال سِلَف خزينة وصلت قيمتها الى 400 مليار ليرة مع موازنتها، امّا في عهدي فقد اُعطيت مبلغ 120 مليار ليرة هو موازنة 2005 زائداً القانون الرقم 238، فكيف لي تغطية كلّ مشاريع الطرق في كلّ لبنان؟».

وهنا احتدّ النقاش، فوقفَ زعيتر سائلاً:« أين حصة بعلبك ـ الهرمل من خطة النهوض التي أقِرّت بقيمة 750 مليار ليرة؟ فالجميع يعلم انّ حصتها كانت صفراً، فإذا أردتم الكلامَ لديّ الكثير لأقوله في هذا المجال».

وهنا تدخّل باسيل قائلا: «إنّ مبلغ الـ 20 مليون دولار المرصود لأوتوستراد صور ـ الناقورة ليس للطريق الرئيسية، بل لطرق فرعية، وهذا مخالف للقانون».

ودار سِجال ونقاش عقيم استمرّ 3 ساعات، انتهى الى طلب رئيس الحكومة تمام سلام إقرار البند والانتهاء منه، وقال: «كل مَن يريد ان يتحفّظ عنه فليتحفّظ». فتحفّظَ الوزراء بوصعب وباسيل وميشال فرعون. تجدرُ الإشارة هنا الى انّ هذا البند هو البند الثاني، بعد ملف النفايات، الذي يوافق عليه مجلس الوزراء من دون نَيل توقيع 24 وزيراً.

آليّة العمل

هذا التوتّر، دفعَ مجلس الوزراء الى معاودة النقاش في منهجية العمل الحكومي، فانتقدَها وزراء، وقال بعضهم: «إن إعطاءَ حقّ الفيتو لكلّ وزير داخل الحكومة يعرقل عملها، ولا يجوز ان يوقِف وزير بمفرده بنوداً في جدول الاعمال». وخرجَ الوزراء ممتعضين من أجواء الجلسة، ما دفعَ الوزير آلان حكيم الى القول: «صَلّوا لكي يكون لنا رئيس جمهورية فننتهي من هذه المسرحية».

بوصعب

وقال بوصعب لـ«الجمهورية»: «وصلَت الأزمة داخل مجلس الوزراء الى حافة الهاوية، ولن نستطيع متابعة العمل الحكومي بإنتاجية قبل معالجة مشكلة مفهوم البعض للآلية الذي يعرقل عمل المجلس».

شهيّب

وقال شهيّب لـ«الجمهورية»: «هناك أوجاع بالجملة في هذا البلد، فإلى وجع الأمن والسياسة والغذاء أضَفنا وجعَ مجلس الوزراء الذي هو من نوع آخر». وأضاف: «نحن نعتمد على حكمة الرئيس سلام وصبره في إدارة الجلسات، لكن لا بدّ من ان نجدَ آليّة لتسريع الإنتاجية وتطوير العمل الحكومي لأنّ الواقع السياسي يجبرنا على إنجاح عملنا». وتابع: «في القضايا الوطنية والميثاقية التوافقُ هو المطلوب، لكن في البنود العادية يجب ان يُعاد النظر في طريقة عملنا من أجل إنتاجٍ افضل في هذا الوضع السياسي والامني والاقتصادي الصعب».

القنيطرة والبحرين

أكّد مصدر وزاري لـ«الجمهورية» أنّ الرئيس تمام سلام جنّبَ في جلسة مجلس الوزراء امس حكومتَه خضّات كانت متوقَّعة، وشدّد على أهمّية

الحوار العلمي والتقني بعيداً من الخلافات السياسية، موضِحاً الموقف الحكومي من الاعتداء الإسرائيلي في القنيطرة والأزمة مع البحرين وبقيّة الدول الخليجية التي تدعمها.

وأكّد «أنّ لبنان الرسمي لا يمكنه تحمّل وِزر مواقف أطراف، أيّاً كان دورها، تدينُ هذه الدولة وسياستَها أو تلك»، رافضاً التدخّل في الشؤون الداخلية لأيّ دولة عربية، مؤكّداً «أنّ الموقف الحكومي الذي يصدر من هذه القاعة هو ما يُلزم لبنان، وليكن لكلّ طرَف مواقفُه ممّا يريد»، مشدّداً على «أنّ التضامن الحكومي هو رأسمال هذه الحكومة».

مداخلات ووزراء

ولكنّ ذلك لم يحُل دون أن يطلب بعض الوزراء التحدّث في هذا الموضوع، وبادرَ وزير العمل سجعان قزّي الى الحديث لافتاً الى أنّه «لا يمكننا ان نمرّ على ما حصلَ في القنيطرة أو البحرين وكأنّه لا علاقة له بالسياسة ومحظورٌ الحوار حوله».

وقال: «نثير ما جرى في سوريا من باب تقديم العزاء إلى الزميلين فنَيش والحاج حسن بسقوط عناصر الحزب شهداء في القنيطرة نتيجة اعتداءٍ ارتكبَته اسرائيل على أراضي دولة عربية، ونحن ندينه بغَضّ النظر عن الموقف من النظام السوري والمعارضة التي يواجهها وتدخّل حزب الله في الأزمة السورية».

وأضاف: «إنّ ما حَدث يدفعنا الى التمنّي أن لا ينعكس ما جرى على الوضع في لبنان والاستقرار فيه، فلبنان لا يتحمّل مزيداً من الخضّات وردّات الفعل التي تتجاوز في خطورتها قدرتَنا على تحمّل نتائجها، وكلّنا يعرف أبعادَ هذه الغارة وأهدافَها، وأوّلُها الزَجّ بلبنان في أزمات المنطقة».

وقال قزّي: «إنّني أدعو الى مواجهة سياسية وأمنية من خلال بعض الخطوات التي لا بدّ منها، وهي: تعزيز الوحدة والوطنية، استكمالُ تنفيذ الخطط الأمنية وتنفيذ ما تقرّر من خطوات لضبط الوضع، ضبط الحدود وتحييد لبنان عن الحرب الدائرة في سوريا وتداعياتها على الجوار السوري، والأهمّ انتخاب رئيس للجمهورية».

ودانَ حرب في مداخلته اعتداءَ القنيطرة، وترَحَّم على الضحايا، لكنّه دعا إلى التوقّف مليّاً حول طريقة حصول هذا الاعتداء وماذا كان الضحايا يفعلون هناك، وقال: بمقدار ما أثبتوا شجاعة، بمقدار ما يجب أن نكون حكماءَ، من أجل تجنيب لبنان العدوان والمخاطر».

وفي سياق آخر، حصلَ سجال بين حرب وبوصعب الذي اتّهمه من دون أن يسمّيه بأنّه يعرقل توقيعَ المراسيم، فردّ حرب بأنّه لن يوقّع أيّ مرسوم قبل درسه والاطّلاع عليه، وشدّد على «أنّ الوزير لا يبصم بل يدقّق»، فاتّهمه بو صعب بـ«العرقلة لأسباب سياسية»، وأيّدَه باسيل في موقفه، فردّ حرب مذكّراً بأنّه «كان مع التصويت على المراسيم، فيما وزراء «التكتّل» كانوا يؤيّدون تمريرَها بالإجماع»، وأضاف: «لا أستطيع توقيعَ أيّ شيء غير مطّلع عليه، وسأوقّع حين يتسنّى لي درس الملف».

جسر جلّ الديب

ومن جهةٍ ثانية تحدّثَ وزير العمل لافتاً إلى «أنّ البحث في هذه المشاريع يذكّرنا بمصير وصلة جلّ الديب وما أدّت إليه الوعود بتوفير تمويلها». فردّ وزير المال علي حسن خليل لافتاً إلى أنّه تمّ رصد 37 مليار ليرة لمشروع بديل لجسر جلّ الديب وهي في طريقها الى الحجز والتوفير تمهيداً لصرفِها في تنفيذ المشروع حسب ما اتّفقنا عليه سابقا».

نهر الكلب ـ طبرجا

وعندها سألَ قزي عن مصير القانون الموجود في مجلس النواب الذي يوفّر قرضاً بمبلغ 70 مليون يورو لوصلة نهر الكلب ـ جونية ـ المعاملتين ـ طبرجا، فاتُفق على «السعي إلى إقرار القانون في مجلس النواب في أسرع وقت ممكن لوضعِها قيدَ التنفيذ وبالسرعة القصوى».

وعكة الراعي

ووسط الأجواء السياسية الملبّدة، والسعي إلى حوار مسيحي يفضي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ألمَّت بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وعكة صحّية استدعَت دخوله الى مستشفى سيّدة المعونات، وبعد أن سرَت إشاعات عن تعرّضِه لفالج في الرأس، نفى راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون في اتّصال مع «الجمهورية» هذه الأخبار جملةً وتفصيلاً.

وأكّد أنّه زار الراعي واطمأنّ الى صحّته في المستشفى، وتحدّث معه عن أوضاع البلاد، وعن وضع أبرشيته، وساد اللقاءَ جوّ من الفكاهة و«التنكيت»، لافتاً إلى أنّ «الراعي دخل المستشفى لإجراء فحوص بعد تعرّضِه لوعكة صحّية، وهو في صحة جيّدة، وكلّ هذه الإشاعات غير صحيحة».

التحالف ضد «داعش»

وعلى صعيد الأزمة في سوريا والعراق، أعلنَ وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنّ العراق وشركاءَه الدوليين حقّقوا مكاسبَ مهمّة في حربهم ضد «داعش» وتمكّنوا من القضاء على الآلاف من مقاتلي هذا التنظيم المتشدّد و50 في المئة من قادته.

وقال كيري في اجتماع لدوَل التحالف في لندن، إنّ القوات العراقية، مدعومةً بنحو 2000 ضربة جوّية، تمكّنَت من استعادة 700 كلم مربّع من الاراضي التي كانت تحت سيطرة «داعش». ورأى «أنّ التحالف في استطاعته فعل المزيد ووقف تدفّق رؤوس الأموال والمقاتلين الأجانب».