IMLebanon

الجيش يحسم ويُوسّع إنتشاره… وسلمان لبرّي: لبنان في قلبي

 

توزّعَ المشهد في الخارج أمس، بين مصر والمواجهات الدموية في مختلف محافظاتها بين المتظاهرين وقوّات الأمن في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، وإرجاء مجلس النوّاب اليمني جلستَه الطارئة لمناقشة استقالة الرئيس عبد ربّه منصور هادي، وبين السعودية حيث يترقّب العالم ومعه لبنان توجّهات الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز إزاء الملفات الساخنة، فيما أملت إيران أن توفّر الحكومة السعودية أرضيّةً للتعاون في المنطقة برؤيةٍ واقعية ومِن منطلق حُسن الجوار، وصولاً إلى سوريا التي أمطرَ «جيش الإسلام» عاصمتَها دمشق بقذائف صاروخية تسبَّبَت بقتل وجَرح عشرات الأشخاص عشيّة انطلاق جلسات الحوار السوري ـ السوري في موسكو اليوم.

وسّعَ الجيش من دائرة انتشاره في جرود منطقة رأس بعلبك، بعدما نجحَ في حسم الموقف الميداني لمصلحته وفرضَ الهدوء على جبهتها، مُوقِعاً في صفوف مسلحي «داعش» و«جبهة النصرة» عشرات القتلى والجرحى وهو ودّعَ أمس ثلاثة شهداء جُدد له سقطوا في هذه المعركة.

وأعلنَت قيادة الجيش عن توقيف 12 شخصاً من التابعية السورية خلال عملية دهمٍ في بلدة المرج – البقاع الغربي، للاشتباه بقيامهم بتأليف مجموعة إرهابية. وأوقفَت 5 أشخاص سوريين آخرين في المكان نفسه لدخولهم لبنان بطريقة غير شرعية.

السفارة الأميركية

وفي خضمّ تسارع التطورات الأمنية، لفتَت دعوة السفارة الاميركية في بيروت رعاياها في لبنان الى وجوب اتّخاذ الحيطة والحَذر في أثناء تجوّلهم حتى في المناطق التي تُعتبَر أقلّ خطراً، كذلك دعتهم في رسائل نصّية عبر الهواتف الخلوية، الى تجنّب السفر الى لبنان بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والامن.

وجاء في هذه الرسائل «أنّ هناك تقارير إخبارية صادرة في 23 كانون الثاني من العام 2015 تعلن انّ انتحارياً اعترف للسلطات اللبنانية بأنّ اهداف الارهابيين المستقبلية كانت تتضمّن كازينو لبنان في جونيه وفندق «لو رويال» في الضبيه». وأشارت الى أنّه «بعد فترة من الهدوء، تأتي هذه الاحداث لتذكّرنا بالمخاوف الامنية المستمرة في لبنان، حتى في المناطق التي تُعتبَر أقلّ خطراً من غيرها.

وبينما تعمل القوى الامنية اللبنانية على تفادي الهجمات الانتحارية بنجاح، تحضّ السفارة رعاياها في لبنان على اتّخاذ الحيطة والحذر وحفظ أمنهم»، داعيةً إيّاهم الى «الانتباه لأمنهم الشخصي في كلّ الأوقات، ومتابعة الأخبار»، كذلك دعتهم لعدمِ السفر الى لبنان.

جولة حوارية رابعة

سياسياً، وفي غياب أيّ معطى إيجابي يُبنَى عليه لإحداث حَلحلة الملف الرئاسي وانتخاب رئيس جمهورية جديد، تتّجه الأنظار مجدداً إلى عين التينة اليوم مع انطلاق الجولة الرابعة من الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله». ولم يستبعد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره ان يواصل المتحاورون البحث في الأوضاع الامنية والاستمرار في التركيز على تبديد التشنّج والاحتقان المذهبي.

وقد كان لبري حديث «على الواقف» مع الرئيس سعد الحريري لبعض الوقت في الرياض على هامش التعزية بالعاهل السعودي، تناولَ الحوار الجاري بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» والمراحل التي قطعَها حتى الآن في ظلّ الإصرار على الاستمرار فيه للوصول الى النهايات المرجوّة.

وتوقّعَت أوساط أن تكون هذه الجلسة استثنائية نظراً للأحداث التي سُجّلت بين الجلسة الأخيرة واليوم من اعتداء القنيطرة والرد المحتمل لـ«حزب الله» وكلام السيّد نصرالله يوم الجمعة المقبل، وصولاً إلى ما حصل في اليمن ووفاة العاهل السعودي وتجَدّد المواجهة بين الجيش والإرهابيين الذين سعوا بعد معركة عرسال إلى فتح ممر في جرود منطقة رأس بعلبك، ما يؤشّر إلى أنّ هذه المواجهة التي حسمَها الجيش قد لا تكون الأخيرة، وبالتالي كلّ هذه الملفات وغيرها ستجعل من جلسة اليوم محورية من أجل استكمال المهمّة الأساس المتصلة بتثبيت الاستقرار وتنفيس الاحتقان المذهبي.

أوغاسابيان

وعشيّة الجلسة، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب جان أوغاسابيان لـ«الجمهورية»: «إنّ قرار الحوار مع الحزب لا يزال موجوداً ومستمرّاً، وهو قرار استراتيجي، وذلك من أجل حماية لبنان وفي الوقت نفسه عدم جعله ساحة مفتوحة لكلّ المخاطر».

وأشار إلى «وجود تخوّف عند جميع العقلاء في لبنان على الوضع الامني فيه، من مغبّة الدخول في مواجهة عسكرية مع اسرائيل ومخاطر تلك المواجهة على الاستقرار الداخلي وحتى تأثيرها السلبي على الحدود، الأمر الذي يعطي الفرصة للمجموعات الإرهابية لكي تستغلّ الوضع على الرغم من أنّ ما حدث في القنيطرة هو أمرٌ مرفوض ومستنكَر».

وتوجَّه أوغاسابيان بـ«تحيّة تقدير واحترام» للجيش اللبناني، مثمِّناً بطولاته وتضحياته، وقال إنّ «هذه المؤسسة العسكرية بقيادتها الحكيمة هي الضمان للاستقرار في لبنان ولحماية حرّياته، وضمانٌ للحياة السياسية الديموقراطية فيه».

رعد

ومن جهته، قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «إنّ الحوارات التي تحصل الآن بين كلّ المكوّنات والأطراف على المستوى الثنائي أو أكثر من ذلك، تلقَى تشجيعاً وترحيباً وتأييداً ودعماً وإصراراً من المقاومة، على أن نخرج بنتائج لمصلحة الناس وكرامتهم والعدل الذي ينشدونه».

السعودية

وفي السعودية التي يزورها غداً الرئيس الاميركي باراك اوباما وعقيلته ميشيل، لتقديم واجب العزاء بالملك عبد الله بن عبد العزيز، فقد استمرّ توافد الشخصيات العربية والدولية لتقديم التعازي. وبعد عودة الوفد الرسمي اللبناني من الرياض، زارَها كلّ من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط وقائد الجيش العماد جان قهوجي على رأس وفد أمني للغاية نفسها.

ولدى تعزيةِ برّي للملك سلمان بالملك عبدالله توجَّه إليه قائلا: «كان لبنان موجوداً دائماً في قلب الملك عبدالله وإن شاءَ الله يستمرّ موجوداً في قلبك» فردَّ الملك سلمان: «بالتأكيد، لبنان في قلبي دائما».

وكان برّي، بُعَيدَ وصوله وسلام والوفد المرافق الى قصر الضيافة حيث استراحا لبعض الوقت، قد التقى وزيرَ الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وعرضَ معه لمجمَل الأوضاع في لبنان والمنطقة.

أمّا في بيروت فواصلَ السفير السعودي علي عواض عسيري وأركان السفارة تقبّلَ التعازي في قاعة مسجد محمد الامين، وكان من أبرز المعزّين أمس، الرئيس السابق ميشال سليمان ورئيس الحكومة تمّام سلام والرئيس فؤاد السنيورة ورئيس مؤسسة الانتربول الياس المر.

مواقف لنصرالله

وقبل أيام على إطلالة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله الثالثة بعد ظهر الجمعة المقبل، في احتفال تكريميّ ينظّمه الحزب لشهداء القنيطرة، في الضاحية الجنوبية لبيروت، أوضحَ نائبه الشيخ نعيم قاسم «إنّنا اتّفقنا على أن يعلن السيّد نصرالله لاحقاً الموقف الرسمي للحزب».

إلّا أنّه أشار إلى أنّ «الاعتداء على الموكب في القنيطرة تمَّ على بُعد 4 كلم من الحدود السورية ـ الفلسطينية»، وقال في ذكرى أسبوع الشهيد جهاد مغنية: «بين الحدود ووجود المجاهدين مساحة من الأرض يوجد فيها التكفيريون من «جبهة النصرة»، أي هناك شريط شبيه بشريط سعد حداد»، مشدّداً على أنّ «التماهي بين جماعة التكفيريين والإسرائيليين كبير».

وكشفَ قاسم عن أنّ معلومات الحزب «تشير إلى أنّ هذا الاعتداء على الموكب مباشَر ويستهدف «حزب الله»، وهي محاولة إسرائيلية لتكريس معادلة جديدة في إطار النزاع معها، علّها تتمكّن «من الأخذ بهذه المحاولات الجزئية ما لم تتمكّن من أخذه في الحروب التي خاضتها وفي معركتنا القائمة معها، ولكنّ إسرائيل ليست في وضعٍ يَسمح لها بفرض برنامجها ومعادلاتها، ولا تستطيع إخضاعَ المنطقة لحساباتها». وقال: «إنّها أعجزُ من أن ترسم خطوات وقواعد جديدة».

وأضاف: «ليكن معلوماً للجميع، سنتابع جهادنا وسنكون حيث يجب أن نكون دون أن يقف في وجهنا أيّ عامل من العوامل».

من جهته، ردّ رئيس المجلس السياسي للحزب السيّد ابراهيم أمين السيّد على التساؤلات الكثيرة حول وجود الحزب في القنيطرة، بسؤال: «لماذا لا نكون في القنيطرة لمواجهة العدوّ في محوريه العدوّ الصهيوني والتكفيري»، وأكّد أنّ «كلّ هذه التساؤلات لا تعنينا، فوجودُنا ينطلق من مسؤولياتنا واقتناعاتنا». واعتبرَ أنّ «ما حصلَ هو عدوان كبير أرادت اسرائيل من خلاله أن تأخذ الامور الى تطوّرات لها علاقة بمجمَل أزمات المنطقة».

إسرائيل

في هذا الوقت، عزّزَت إسرائيل قواتها على الحدود الشمالية ونصَبت منظومات «القبّة الحديد» لاعتراض الصواريخ. وهي اعترفَت رسمياً وللمرّة الأولى، بتنفيذ اعتداء القنيطرة.

وقال وزير دفاعها موشيه يعلون لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «إنّ الدوائر الأمنية لا تتّخذ قرارات لغايات سياسية انتخابية، وإنّ المجموعة التي تمّت تصفيتها خلال الغارة خطّطت لارتكاب اعتداءات نوعيّة ضد إسرائيل انطلاقاً من هضبة الجولان، من خلال التسَلّل الى تجمّعات سكنية داخل البلاد وإطلاق صواريخ على أهداف إسرائيلية». وهدّد يعلون بأنّ إسرائيل «ستضرب كلّ مَن يعتدي عليها – دوَلاً ومنظمات على حَدّ سواء – وستجعله يدفع ثمناً باهظا».

إلى ذلك، حطّ وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في موسكو للبحث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الوضعَ في الشرق الأوسط، وخصوصاً في سوريا، وآفاق التسوية الفلسطينية ـ الإسرائيلية والبرنامج النووي الإيراني».

وذكرَت الإذاعة الإسرائيلية أنّ ليبرمان سيبحث في موسكو الأوضاع المتوتّرة على الحدود مع لبنان. وتوقّعَت أن ينقل عبر روسيا «رسائل طمأنةٍ غير مباشرة إلى سوريا و»حزب الله» وإيران تؤكّد عدمَ رغبة إسرائيل في تصعيد الأوضاع، إلى جانب رفضِها السماحَ بإقامة قاعدة للإرهاب على حدودها في هضبة الجولان».

مجلس وزراء ببنود خلافية

على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء جلسةً عند العاشرة من قبل ظهر الخميس المقبل بجدول أعمال من 50 بنداً عمّمته الأمانة العامة للمجلس نهاية الأسبوع الماضي.

وقالت مصادر وزارية إنّ الجدول يضمّ بنوداً وقضايا خلافية، أبرزُها استئناف البحث في ملف الفيول والغاز أويل العائد لمؤسسة كهرباء لبنان، على رغم الخلاف الذي شهدته الجلسة الماضية بين وزراء تيار «المستقبل» الذين يصرّون على استمرار العمل بالعقود القائمة من دولة إلى دولة ما بين لبنان وشركة «سوناتراك» الجزائرية والكويت منذ سنوات، ومجموعة أخرى تطالب بالعودة الى منطق استدراج العروض لتشارك فيها شركات خاصة ترغب بالعودة الى هذا القطاع.

وفي جدول الأعمال قضايا أخرى تتّصل بطلبات الموافقة على صفقات بالتراضي في بعض العقود، وستثير ردّات فعل سلبية في الجلسة لِمَا يفوح منها من رائحة السمسرات والرشاوى. فضلاً عن بنود عاديّة تتحدث عن هبات ونقل اعتمادات من بندٍ إلى بَند وسِلفات حزينة لمؤسسات عامّة ووزارات وقبول هبات مختلفة.

أسلحة أميركية عاجلة

على صعيد آخر، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ وزارة الدفاع ومسؤولين لبنانيين تبَلّغوا أنّ الإدارة الأميركية قرّرَت تسريعَ تسليم الجيش كمّيات من الأسلحة والأعتدة الحربية في الأيام المقبلة، إذ ستنقَل من مستودعات للجيش الأميركي في الأردن وبعض القواعد في دوَل الخليج العربي، وتحديداً من الإمارات العربية المتحدة وقطر.

الحوار السوري

من جهة ثانية أفاد مراسل «الجمهورية» عمر الصلح من موسكو أنّ العاصمة الروسية ستفتح أبوابها اليوم أمام اجتماعات المعارضة السورية، وعلى رغم وصول الشخصيات المشاركة، فإنّ المعنيين في روسيا يرفضون الكشفَ عن لائحة المشاركين، ولم يتمّ منحُ وسائل الإعلام المحلية والأجنبية تراخيص لتغطية تلك الفعالية التي تعقَد في سرّية تامة.

وأفادت مصادر الخارجية الروسية أنّ موسكو قد وضعَت طوقاً محكماً حول تلك اللقاءات لكي لا يتمّ تسريب أيّ معلومات من شأنها أن تعوق الحوار بين أطراف المعارضة السورية، وأكّدت أنّ السوريين سيكونون وحدَهم على طاولة الحوار من دون أيّ حضور روسي باستثناء عمليات التنظيم والتنسيق بين المشاركين.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ قوى المعارضة إذا تمكّنَت من التوصّل الى برنامج محدّد للحوار مع الحكومة اليوم وغداً، فإنّ مندوب سوريا في الامم المتحدة بشّار الجعفري سينضمّ الى حلقة التشاور الأربعاء المقبل. وفي حال نجحَ اللقاء التشاوري بين المعارضة والجعفري فإنّ موسكو ستبدأ الإعداد الى مؤتمر حوار موسّع.