Site icon IMLebanon

الرئاسة إلى دائرة الضوء وبصيصُ نور في نفق المخطوفين وقهوجي إلى واشنطن

لا تبَدّل في قواعد الاشتباك السياسي، وهذا أقلّه ما أظهرَته جلسة مجلس الوزراء التي امتصّت السجال السياسي الذي أعقبَ عملية «حزب الله» في «شبعا»، حيث بدا واضحاً أنّ قوى 14 آذار لا تنوي لغاية الآن ترجمة اعتراضها السياسي داخل مجلس الوزراء، ما يعني أنّ الأمور مرشّحة للاستمرار على ما هي عليه. وفي موازاة السجال السياسي والملف الحكومي والتمديد النيابي الذي باتت طريقه سالكة، أعاد الرئيس سعد الحريري ملفّ رئاسة الجمهورية إلى دائرة الضوء، إثر اللقاء الذي عقده مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، كما اللقاء المرتقب مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في روما مطلعَ الأسبوع المقبل، إنْ لوضعِه في صورة اجتماعه مع هولاند، أو لبحث الخطوات الآيلة إلى الخروج من حالة الفراغ. وفي قضية العسكريين المخطوفين خيّمت الأجواء الإيجابية التي عكستها تصريحات أهاليهم أمس وحديثهم عن إيجابيات وتطمينات لسير المفاوضات، فيما كشفَ قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي يسافر إلى الولايات المتحدة اليوم مشروعَ «داعش»، في الوقت الذي أكّد «حزب الله» أنّ الأزمة طويلة لسنوات، في موقفٍ يتقاطع مع المواقف الدولية التي تتوقّع أن تطول المواجهة مع «الدولة الإسلامية».

فيما الإرهاب المنظّم ضد المؤسسة العسكرية مستمرّ، خصوصاً في البقاع والشمال، كشفَ قائد الجيش أنّ «داعش» تعمل من أجل ربط جبال القلمون في سوريا ببلدة عرسال، ومن ثمّ بمنطقة عكار وأخيراً في الشمال، وأضاف: «لحسن حظنا نجحنا في دفعهم مرّة أخرى إلى الجبال، ولكنّني متأكّد من أنّه لو نجح «داعش» لكان تسبّب في حرب أهلية جديدة».

وقال قهوجي في مقابلة مع صحيفة «لو فيغارو»: «إكتشفنا الدوافع الحقيقية لـ»داعش» عندما سألنا أحد قادتها، وهو أحمد جمعة، بعد اعتقاله في أوائل شهر آب في عرسال»، وهو اعترفَ بالتخطيط لهجوم ضد الجيش.

واتّهم قهوجي «داعش» بأنه يريد إشعال حرب أهلية بين الشيعة والسنّة في لبنان، وقال إنّ هذا هو هدف التنظيم وهذا ما أكّده لنا جمعة.

وأضاف: «إنّ «داعش» يعتمد على خلايا نائمة في طرابلس وعكار، وتدعمه فئة هامشية من الطائفة السنّية، والتنظيم يريد الوصول إلى البحر، وهو ليس لديه مثل هذا الممرّ بعد، لا في العراق ولا سوريا.»

وعن الأسلحة التي يحتاجها الجيش في المواجهة، قال قهوجي: «نحتاج الى طائرات هليكوبتر وإلى دعم جوّي لقواتنا البرّية»، وقال: «نجحنا في تزويد بعض مروحيات بوما التي توفّرت لنا سابقاً من فرنسا بصواريخ وزنُها 400 كلغ، ولكنّنا بحاجة الى أسلحة أكثر تطوّراً.

وتمكّنا من مهاجمة «داعش» أحياناً ومن وقت الى آخر، ولكن يجب أن نوليَ الاهتمام الى أنّ الجنود السبعة والعشرين من عسكريّينا لا يزالون بين أياديهم». وشدّد على التمييز بين اللاجئين وبين الإرهابيين، مُعرباً عن أسفه لوجود صوَر تُظهر أنّ بعض المتمردين لجَؤوا إلى المخيمات في محيط عرسال.

وتابعَ قهوجي: «يمكن أن يكون جنودنا مارسوا القوة مع البعض، ولكن عندما ترون التعذيب الذي مارسوه في حقّ جنودنا يمكنكم أن تفهموا ردّة الفعل. وفي مطلق الأحوال فإنّ الجيش قد اجرى تحقيقاً في حوادث معيّنة حصلت». وكان قهوجي زار رئيس الحكومة تمام سلام امس وعرض معه لتطورات الاوضاع في لبنان.

إلى الولايات المتحدة

وفي السياق نفسه، كشفَ مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ «زيارة قهوجي الى أميركا اليوم، ستستمرّ أسبوعاً، يلتقي خلالها كبار الضبّاط والقيادات العسكرية الأميركية من أجل بحث سُبل التعاون بين الجيشين الاميركي واللبناني، والتسليح الاميركي للجيش، والتنسيق في محاربة الإرهاب، والدعم الذي ستقدّمه واشنطن من أجل ضبط الوضع والحفاظ على الاستقرار ومواجهة التحديات في الداخل وعلى الحدود».

«حزب الله»

في الموازاة، رأى «حزب الله» أنّ الأزمة في المنطقة «طويلة لسنوات وأن لا أفق لحلّ أيّ موضوع، وأننا في مرحلة استنزاف وإضاعة وقت وانتظار».

واعتبر أنّ المخطط التكفيري انكشف من بوّابة عرسال، ولا يستطيع أحد أن يقول غير هذا بعد أن تجلّت الأمور وأصبحت مكشوفة للجميع. وكرّر الحزب القول بلسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّه لولا الحزب «لأنجَزت «داعش» إمارتها على الحدود الشرقية للبنان، وكنّا أمام منطقة لسَعد حداد التكفيرية على غرار سعد حدّاد الإسرائيلية، ولكانت «داعش تقيم حواجز في جونية وبيروت وصيدا وفي كلّ منطقة في لبنان.

ووصف مطالبة البعض بانسحاب الحزب من سوريا كـ»المطالبة بإلغاء المقاومة ضدّ إسرائيل»، وأكّد أنّ الحزب لن يترك لبنان مكشوفًا لا لـ«داعش» ولا لجبهة «النصرة» ولا لإسرائيل، واصفاً هذه المطالب بأنّها «أقرب إلى الهرطقة منها إلى المقترحات».

وإذ اعتبر قاسم أنّ إنجازات الحزب في لبنان «ليست عادية بل عظيمة جدًا»، لفتَ الى انّ ما حصل في عين ساعة وعسال الورد «هو جزء من التضحيات الطبيعية التي لولاها ولولا غيرها من التضحيات لما حقّقنا هذه الإنجازات».

سعيد

وتعليقاً على كلام قاسم، قال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «يصرّ «حزب الله» على إهانة المسيحيين بشكل واضح، عندما يعتبر أنّه حصل على وظيفة جديدة، ألا وهي تحويله الى جيش المسيحيين في لبنان من أجل حمايتهم من خطر «داعش» أو غير «داعش».

لقد بدأ هذا الكلام همساً وأصبح على لسان الشيخ نعيم قاسم كلاماً واضحاً. إنّني أؤكّد أن لا أحد يستطيع ولا يمتلك حقّ إهانة أيّ طائفة في لبنان، وبالتحديد إهانة المسيحيين على هذا الشكل.

وإذا كان هناك من أخطار على لبنان فمن مسؤولية الدولة اللبنانية إزالتها، وإذا لم تعُد ـ لا سمح الله ـ قادرة، فالمسيحيّون ليسوا بقاصرين وليسوا بحاجة الى حماية «حزب الله»، فهم علّموا الجميع المقاومة، وسيستمرّون فيها».

وأضاف سعيد: «هو يستجدي أيضاً شراكة الولايات المتحدة الاميركية، عندما يقول إنّها فشلت في ضرب الارهاب، وكأنّه يقول لها عليكم أن تتشاركوا مع «حزب الله» من أجل الحصول على نتائج افضل من التي حصلتم عليها.

فمَن يَستجدِ الشراكة عليه أيضاً أن يتواضع في كلّ شيء آخر، وأن لا يُمعن في إهانة المسيحيين. إنّ حائط المسيحيين ليس واطياً حتى يهينهم الشيخ قاسم. ولا يكفي ان يكفّ «حزب الله» عن إصراره على إهانتهم، بل نطالب أمينَه العام السيّد حسن نصر الله باعتذار واضح وصريح، لأنّ ما حصل هو استخفاف بهم وبتاريخهم».

أهالي المخطوفين

على صعيد آخر، يواصل أهالي العسكريين المخطوفين اعتصامَهم في ساحة رياض الصلح. وقد اجتمع وفد منهم امس لساعتين مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ورئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير في السراي الحكومي.

وعلى رغم الغموض الذي يسود هذا الملف فقد أرخى الاجتماع مناخاً إيجابياً انفراجياً في هذه القضية، حسب ما أكّد الأهالي الذين أعلنوا إثر الاجتماع الذي دام ساعتين، «أنّنا أخذنا تطمينات، والمفاوضات تسير على ما يرام».

وجدّد ابراهيم امام الوفد التأكيد انّ المفاوضات ليست سهلة، وقد أوقفَت في مرحلة من المراحل مسلسلَ القتل، من دون ان يخفيَ أنّ أحد الوسطاء أوقف قتلَ أحد العسكريين في ليلة عصيبة، لافتاً إلى الظروف التي رافقت هذه العملية في مرحلة كانت الأدقّ والأخطر. ولفت الى انّ الجهود قائمة لحماية العسكريين أوّلاً، ومِن بعدها ضمان عودتهم بانتظار الوصول الى مرحلة نميّز فيها في ما هو قابل للبحث من المطالب وما لا يمكن البحث فيه.

كذلك نقلَ الأهالي عن ابراهيم تأكيده أنّ الاتصالات لم تتوقّف، داعياً إياهم الى عدم الأخذ بكلّ ما يُعتبر تسييساً للقضية أو أن تكون سبباً في الوصول الى فتنة داخلية. فالقضية ليست قضية طائفة ولا فئة لبنانية، فهم أبناء مؤسسات أمنية وعسكرية، ولن يتهاون أحد بمصيرهم.

وكان الشيخ طلال طالب قالَ بعد لقاء السراي تعليقاً على الحلقة المفقودة التي أشارَ إليها وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور: «لا حلقة مفقودة ولا قطبة مخفية»، مضيفاً: «وُعِدنا بعودة أبنائنا». وأكّد أن «لا تصعيد لتحرّكات الأهالي، ونحن باقون في الخيَم».

أهداف الخاطفين

وفي هذه الأجواء، قالت مصادر واسعة الاطلاع تواكب المساعي الجارية إنّ ما يمارسه الخاطفون من ضغوط نفسية على الأهالي لا يمكن ان يستمر، ولا يمكن ان يتحوّل الجميع رهينة لمشاريع تؤدّي الى الفتنة أو إلى المسّ بوحدة المؤسسة العسكرية أو زرع الشقاق بين الجيش وأهالي العسكريين أو في داخل المؤسسة العسكرية.

وأشارت المصادر إلى أنّ جزءاً من الاتصالات يركّز على وقف هذه الممارسات لأنّها لن تؤدّي غاياتها. فقضية العسكري محمد عنتر الذي قيل إنّه التحق بجبهة «النصرة» قديمة العهد وهو فارٌّ من الخدمة منذ أسبوعين تقريباً، وفي حقّه بلاغ بحث وتحَرّ ولم يكن وقتَ فراره في الخدمة.

وكانت المعلومات التي تسرّبت عن عودة الموفد القطري الأخيرة الى عرسال قبل أيام أشارت الى أنّ السعي قائم لتقسيم الملف الى مسارات عدة والفصل بين ما يعني العسكريين المخطوفين وجثث المسلحين اللبنانيين الذين يمكن أن يكونوا من «حزب الله»، وصولاً إلى القضايا الأخرى الأكثر تفصيلاً.

الحوار مع «النصرة» لاحقاً

وكشفَت معلومات لـ«الجمهورية» أنّ المفاوضات ما زالت الى اليوم محصورة بـ«داعش»، ولم تشمل بعد بشكل جدّي جبهة «النصرة»، بانتظار مزيد من الوقت، فالعلاقات بين الوسيط القطري و«النصرة» مغايرة لما هي عليه مع «داعش»، ولن تكون أصعب، وتنتظر بعض الوقت للإقلاع أوّلاً على الجبهة الأولى مع «داعش».