IMLebanon

 الإتصالات الدولية أثمرت.. ومواقف مُهمّة لنصرالله اليوم

لجمَت الاتصالات المحَلية والإقليمية والدولية الرفيعة المستوى احتمالَ حصول تدهوُر واسع في الأوضاع على حدود لبنان الجنوبية في ضوء التهديدات الإسرائيلية التي أعقبَت العملية التي نفّذها حزب الله في مزارع شبعا ضدّ قافلة عسكرية إسرائيلية وثأرَ فيها لشهدائه الذين سقطوا في الاعتداء الإسرائيلي عليهم في القنيطرة. وأظهرَت الاتصالات أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «بلع» الضربة الموجعة التي تلقّاها، بعدما عجزَ عن تنفيذ تهديده ووعيدِه، إثر تلقّيه معطيات تفيد أنّ ردّ حزب الله على أيّ ردّ على عملية المزارع سيكون أشدّ قسوةً من ردّه على اعتداء القنيطرة، فضلاً عن معطيات كشفَت أنّ المجتمع الدولي يعارض بشدّة نشوبَ أيّ حرب إقليمية، خصوصاً على الجبهتين اللبنانية والسوريّة، وذلك على حدّ قول مرجع كبير شاركَ في الاتصالات لتهدئة الأوضاع.

بعد هدوء عاصفة عملية «حزب الله» في مزارع شبعا وما تلاها من ردّ إسرائيلي ومواقف دولية ومحَلية، وتحرّك أممي واتصالات واسعة لاحتواء الوضع، نعمَت الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية أمس بهدوء مشوب بالتوتّر، إلّا أنّ طرفَي النزاع بقيَا على جهوزيتهما، فيما كثّفت قوات «اليونيفيل» دورياتها على طول الخط الأزرق بالتنسيق مع الجيش اللبناني.

نصر الله

وفي هذه الأجواء، تشخص الأنظار بعد ظهر اليوم إلى مجمّع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت لترَقّب ما سيقوله الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله في الاحتفال التأبيني لشهداء اعتداء القنيطرة، والذي سيشارك فيه رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي الذي وصل الى لبنان امس، وجدّد وقوف إيران الى جانب حق المقاومة، مؤكّداً في الوقت نفسه أنّها «تعوّل على أهمّية حفظ الأمن والاستقرار في لبنان، وعلى استتباب الأمن في المنطقة عموماً».

وفي حين رفضَ الحزب تسريبَ أيّ معلومة عن مضمون خطاب أمينه العام، مُدرجاً كلّ ما يُكتَب في شأنه في إطار التحليلات الصحافية والتكهّنات والتوقّعات، علمَت «الجمهورية» أنّ نصرالله سيطلق مواقفَ على مستوى عالٍ من الأهمّية، وربّما سيكشف بعض أسرار عملية مزارع شبعا.

الأمم المتحدة

وعشيّة كلمته، دعَت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، ايران، في اتصال هاتفي أجرَته مع مساعد وزیر الخارجیة الایراني أمير حسین عبداللهیان، الى المساعدة لإرساء الهدوء في لبنان، فأکّد لها، وفق وسائل الإعلام الإيرانية «حق المقاومة في الدفاع وصَدّ الاعتداء الإسرائيلي، وقال إنّ إسرائيل كانت هي البادئة باعتداء القنیطرة وباستهداف مقاتلي الحزب الذین یحاربون الإرهاب في الصفوف الأمامیة»، وأسفَ لـ»عدم إبداء الأمم المتحدة أيّ ردّات فعل تجاه العدوان الإسرائيلي».

وزارت كاغ أمس رئيس الحكومة تمّام سلام وقدّرت «تعبيرَه الواضح عن التزام القرار 1701 وأهمّية الحفاظ على أمن لبنان واستقراره»، وجدّدت قلقَ الأمين العام للأمم المتحدة من الوضع الأمني وخرق الـ 1701».

وأعلنَت أنّ «الأمم المتحدة تواصل المساعي الحميدة ودعوة جميع الأطراف الى التزام الحذر وضبط النفس لتفادي أيّ أعمال قد تزعزع استقرار الوضع». كذلك زارت كاغ النائب بهية الحريري وقالت: «نتواصل مع جميع الأطراف لتهدئة الوضع وتأكيد أهمّية الاستقرار والأمن وترسيخهما في لبنان».

إسرائيل

في هذا الوقت، اتّهمت إسرائيل ايران بالوقوف خلف عملية الحزب في مزارع شبعا، وقال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو: «هذه إيران نفسها التي تحاول الآن أن تحصلَ على اتفاق مع الدوَل العظمى سيبقي بيدِها القدرة على تطوير الأسلحة النووية، ونحن نعارض هذا الاتفاق بشدّة… وسنواصل الدفاع عن أنفسنا من أيّ تهديد، سواءٌ كان قريبًا أم بعيدًا».

وكشفَ وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون أنّ إسرائيل تلقَّت رسالة من حزب الله عبر «اليونيفيل» مفادُها أنّه «غير معنيّ بتصعيد الموقف بعد عملية المزارع». وقال: «إنّ الحزب ليس في حاجة إلى حَفر أنفاق للوصول إلى إسرائيل، وإنّ الوضع على الحدود اللبنانية مغاير للوضع في غزّة».

مجلس وزراء

وندّدَ مجلس الوزراء في جلسته أمس، برئاسة سلام، بالاعتداءات الاسرائيلية التي تعرّضَ لها بعض قرى الجنوب، ودعا الأمم المتحدة الى تحَمُّل مسؤولياتها في منعِ إسرائيل من تعريض السلم والأمن في هذه المنطقة من العالم للخطر.

وأبدى حرصَه على استتباب الامن والاستقرار في الجنوب وكلّ المناطق، «وضرورة تفويت الفرصة على العدوّ الاسرائيلي بجَرّ لبنان الى مواجهة واسعة تهدّد دوَل المنطقة وشعوبَها والسلم الإقليمي برُمّته». وأكّد موقف لبنان الثابت الملتزم القرار 1701 بكلّ مندرجاته وتمسّكه بدور«اليونيفيل».

ودعا إلى«رصّ الصفّ الداخلي في هذه المرحلة الدقيقة، والابتعاد فعلاً وقولاً عن كلّ ما يسبّب التفرقة، معتبراً «أنّ التصدّي لأيّ عدوان اسرائيلي يتمّ في المقام الاوّل بوحدة اللبنانيين وتضامنهم». وكانت عملية المزارع حضَرت في مستهلّ النقاش في الجلسة قبل الدخول في جدول الأعمال والبنود الواردة فيه.

فجرى «حوار هادئ ورصين» حسب قول أحد الوزراء الذي لفتَ الى انّ معظم الوزراء أحجموا عن طلب الكلام في الموضوع وتداعياته، فاقتصرَت المداخلات على مداخلةٍ لوزير العمل سجعان قزّي قبل أن يردّ عليه وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش.

مداخلة قزّي

فبعدَ مداخلةٍ لرئيس الحكومة، تحدّث قزي متوجّهاً إليه قائلاً: «لا بدّ من أن نتناول هذا الموضوع في جلسة اليوم، ليس للإثارة ولا للتصعيد، ولكن هل يمكن ان تحصل مثل هذه العملية انطلاقاً من الأراضي اللبنانية من دون أن يكون لنا موقف حكومي ثابت وموثّق، خصوصاً أنّنا نعرف انّ الحكومة لم تناقش ما حصلَ ولم تقرّر فيه ولم تُصدر قرارات سياسية في شأنه. فالتوافق على دورها وضعَنا في هذا الموقع وباتت مهمتنا من هذا المنظار تسيير شؤون الناس الى حين انتخاب الرئيس العتيد».

وأضاف: «موقفُنا المبدئي يقول:

أوّلاً، إنّنا ضدّ ما حصل، سواءٌ ردّت إسرائيل أم لم تردّ. وضد أن يكون لبنان منطلقاً لأيّ عملية كونه أكّد التزامه القرار 1701 واحترام مقتضياته.

وثانياً، لقد أدَنَّا اعتداءَ القنيطرة وتضامَنّا مع شهداء «حزب الله» وأسفنا لسقوطهم في الأراضي السورية في مهمّة خارج إطار المقاومة في الجنوب.

وعلى رغم ذلك، أضاف قزي متوجّهاً الى وزراء الحزب، «لماذا زجّ الجنوب ولبنان في هذه المعمعة وفي عملية لا نفهم ما ستكون عليه نتائجها وما سيُسفر عنها من ردود آنيّة وأخرى قد تظهر لاحقاً.

وكلّ ما نتمنّاه ان يلتزم الجميع كما نلتزم نحن مضمونَ البيان الوزاري الذي قال إنّ المقاومة تستخدم سلاحَها إذا اضطرّت لفعلِ عملٍ مقاوم بسبب اعتداء اسرائيلي على لبنان وليس على سوريا».

وقال: في المناسبة، فقد دفعَني هذا النقاش الى البحث في موضوع قرار الحرب والسلم ومَن هي الجهة التي تتّخذه؟ وكلّ ما نتمنّاه ان نستقيَ العبَر من المراحل الخطيرة التي عبرَها لبنان. فمصيرُه لم يعُد يتعلق بالرد على اعتداء اسرائيلي فحسب، بل بالمتغيرات التي تشهدها المنطقة». وسأل: «هل نريد ان نكون جزءاً من هذه المتغيّرات في المنطقة وتردّداتها؟ أو نريد ان نبقى في منأى عنها ونحافظ على تضامنِنا ووحدتنا؟».

فنيش يردّ

وردَّ فنيش على قزّي، فقال: «بدايةً، إنّ البيان الوزاري لا يمنعنا من المقاومة، وتالياً نحن لم نردّ على أرض غريبة، فمزارع شبعا حيث حصلَت العملية هي أرض لبنانية محتلة، وما يجري عليها له ما يبرّره ما دام ما حصلَ في مواجهة الاحتلال».

وفي حديث لـ«الجمهورية» أكّد فنيش «أنّ ما قامت به المقاومة هو ممارسة حقّ مشروع في منطقة لبنانية محتلة، فمزارع شبعا وبإجماع اللبنانيين هي أرض محتلة، وبالتالي من حقّنا أن نواجه احتلالاً لجزء من أرضنا، هذه نقطة يجب ان تكون واضحة.

فإذا كان لدى البعض شكّ في هوية المزارع ويعتبرها منطقة ملتبسة، فأيضاً تكون المقاومة قامت بعمل خارج الأراضي اللبنانية في نظر هذا البعض، فإذن لماذا سيفتعل إشكالية؟ كلّ ما هنالك هو أنّنا قمنا بواجبنا ومارَسنا حقّنا وردّينا على عدوان، ونواصل دورَنا في مواجهة احتلال لأجزاء من أرضنا».

وأضاف: «المقاومة على جهوزية للتعاطي مع أيّ تطوّرات ومستجدّات في إطار حرصِها على عدم تغيير معادلة الردع وفي إطار استكمال دورها للتصدّي للاحتلال الإسرائيلي وفي إطار حرصها على سيادة لبنان وأمنِه».

وعن الهدوء السياسي السائد، قال فنيش:»الجميع يدرك حَراجَة الموضوع، وفي النهاية إسرائيل هي مَن اعتدَت، فمهما كانت وجهات النظر، إذا بقينا متّفقين يكون أفضل من أن نختلف في مواجهة إسرائيل».

عريجي

وفي المواقف، قال وزير الثقافة روني عريجي لـ»الجمهورية»: «إنّ المقاومة ردّت على الاعتداء الاسرائيلي في القنيطرة في مزارع شبعا، وهي أرض لبنانية محتلة، وقد مارسَت حقّها في الرد ضمن السقف المتّفَق عليه، بينما الردّ الاسرائيلي كان قصفاً عشوائيا لأراضٍ لبنانية واستهدفَ القوات الدولية العاملة في الجنوب وأدّى الى استشهاد عنصر من الكتيبة الإسبانية، وهذا اعتداء على لبنان».

وعزا عريجي الهدوءَ السياسي واستيعابَ الداخل لما جرى على عكس ما كان يحصل جرّاء كلّ عملية للحزب ضدّ إسرائيل «إلى التطوّر الحاصل في المواقف الداخلية والوعي السياسي وحِرص جميع القوى على الهدوء بما يجنّب لبنان أيّ خضّات داخلية هو في غِنى عنها، خصوصاً أنّه يخوض حرباً شرسة ضد الإرهاب على حدوده».

عديد قوى الأمن

وفي جانبٍ من مناقشات جلسة مجلس الوزراء دار حوار في مشروع «زيادة عديد قوى الامن الداخلي ليصبح 35 ألفاً بدلاً من 29495. وبعد موافقة وزراء 14 آذار سجّل وزراء حركة «أمل» وحزب الله علي حسن خليل وحسين الحاج حسن وفنيش ملاحظات حول الحاجة لزيادة العديد إلى هذا الرقم.

وعرضَ وزير العدل أشرف ريفي لمبرّرات هذا المشروع منذ تعاظم المهمّات الأمنية الملقاة على عاتق قوى الأمن، ولفتَ الى أنّ هذه الحاجات المقدّرة بـ40 ألفاً كانت قبل النزوح السوري الذي فرَض تحدّيات أمنية كبيرة وخطيرة لا بدّ من مواجهتها لإعفاء الجيش من كثير من المهمّات التي يقوم بها في الشوارع الداخلية للمدن وفي التظاهرات والسجون والإضرابات الطالبية وغيرها من أعمال الشغب الداخلية».

وقال: «إنّه الوقت المناسب اليوم لطرحِ مشروع جديد يرمي إلى رفع العديد إلى أكثر من 40 ألفاً، فالنقصُ واضح في القدرات البشرية في مختلف الوحدات الأمنية، من القوى السيّارة الى الدرك والمفارز القضائية وحماية قصور العدل والمؤسسات الرسمية وتنظيم حركة السير». ولفتَ إلى أنّ أكثر من 1500 عنصر التحقوا بوحدة حماية الشخصيات في المديرية العامة لأمن الدولة.

وفي نهاية المناقشات طرحَ سلام حلّاً وسطاً برفعِ العديد من 29 ألفاً إلى 35 ألفاً في هذه المرحلة، على أن تليَها خطوات أخرى حسب الحاجة، فوافقَ أكثرية الوزراء وتحفّظَ وزراء «أمل» والحزب.

70 مليون يورو لكسروان

ومِن جهة ثانية، علمَت «الجمهورية» أنّ المجلس وافقَ على اتّفاقية هبة من بنك «التثمير الدولي» التابع للاتّحاد الأوروبي بقيمة 70 مليون يورو للمساهمة في مشروع الصرف الصحّي العائد لقضاء كسروان. كذلك وافقَ على اقتراح وزير العمل بتعديل التعويضات الشهرية لرؤساء وأعضاء المجالس التحكيمية ومفوّض الحكومة لديها.

المرفأ… بكركي تُصعّد

وفي ظلّ الشغور الرئاسي خرجَت قضية ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت من شقّها التقني، وتحوَّلت مسألةً وطنيّة مسيحية، خصوصاً بعدما تخطّى الجميع الإجماع المسيحي بقيادة بكركي، ولم يُؤخَذ برأي المسيحيين الذين اتّفقوا للمرّة الأولى على قضيّة معيّنة.

ويخيّم الغضب على بكركي التي لم يعُد أمامها خيار سوى التصعيد، معتبرةً أنّ الهدف هو القول للمسيحيين إنّه «لم يعُد لكم كلمة في هذا البلد، ولا أحد منّا يفهم لماذا هذا التمادي في تجاهلنا».

وما زاد من الغضَب والاستهجان المسيحيَين هو التطوّر الدراماتيكي في ملفّ الردم، وتمثّلَ برَفضِ مناقشة هذا الملف من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء، الأمر الذي أثارَ حفيظة بكركي التي كشفَت، على لسان النائب العام البطريركي المطران بولس صيّاح، عن الاتّجاه نحو التصعيد. وقال صيّاح لـ«الجمهورية»: «هناك نيّة بعَدمِ الردّ على مطالب المسيحيّين مجتمعين، وهذا الأمر نرفضه».

وأكّد أنّ «إجتماعات الأحزاب المسيحية مفتوحة، وهذه القضية لن تمرّ بلا رضى المسيحيين الموحّدين خلفَها». وقال بلهجةٍ غاضبة: «وَلَوه، حدا بيكون عندو حَوض وبيردموا !؟».

إلى ذلك، كشفَ مصدر وزاري لـ«الجمهورية» أنّ محاولات عدّة جرَت داخل مجلس الوزراء لطرحِ الملفّ من خارج جدوَل الأعمال، لكنّ الرئيس سلام رفضَ فتْحَ باب المناقشة.

واعتبرَ المصدر الوزاري نفسُه أنّ قضية الحوض الرابع وطنية واقتصادية قبل أن تكون مسيحية، ومن المستغرَب دفعُ الأموال من أجل إنشاء حوض، ومن ثمّ دفعُ الأموال وتلزيم المشروع بالتراضي من أجل إعادة ردمِ هذا الحوض.

حكيم لـ«الجمهورية»

من جهته، كشفَ وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«الجمهورية» أنّ حزب الكتائب يتعاطى مع هذا الملفّ بجدّية، ولن يقبلَ بأن يتمّ تجاهله، وسيُصرّ على طرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء في جلسته المقرّرة الأربعاء المقبل. (تفاصيل 11)