Site icon IMLebanon

جيرو يحضّ الراعي على مبادرة… فيردّ داعياً فرنسا إلى توسيع مبادرتها

يحتفل اللبنانيون عموماً، والموارنة خصوصاً اليوم، بعيد شفيع الطائفة المارونية القديس مارون في قداس يترأسه رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، في كنيسة مار مارون – الجميزه. لكن ما ينغّص العيد هذه السنة هو غياب رئيس الجمهورية الذي غالباً ما يتصدر الاحتفال بهذه المناسبة، في رمزية تعوّدها اللبنانيون عموماً ولا سيما الموارنة منهم. كذلك ينغّص المناسبة غياب أيّ مؤشر حتى الآن الى إمكان وضع حد للشغور الرئاسي بانتخاب رئيس جمهورية جديد يكتمل به عقد المؤسسات الدستورية والفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها.

يحضر ملف الاستحقاق الرئاسي في الفاتيكان اليوم في لقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مع مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو.

وعلمت «الجمهورية» انّ جيرو سيبلّغ الى الراعي تأييد بلاده للفاتيكان في تجديد الثقة به. وسيتمنى على الراعي إطلاق مبادرة جديدة في اتجاه القيادات المسيحية لخلق دينامية مسيحية للإنتخابات الرئاسية، بعدما أخفق الوسطاء في خلق دينامية عربية ـ دولية.

ولكن، وبحسب معلومات نقلها بعض الذين التقاهم الراعي في الساعات الثماني والأربعين الاخيرة، أنه، وإن كان مستعداً لعدم توفير أي فرصة واتخاذ أي مبادرة تؤدي الى انتخاب الرئيس، فإنه سيبلغ الى جيرو أن تحميل بكركي هذه المسؤولية، وإن دلّت على ثقة بها، فهي غير قادرة وحدها على إنتاج حل إذا لم تتغير مواقف القيادات الإسلامية من الاستحقاق الرئاسي، لأنّ التموضع الحالي على صعيد الترشيحات يجعل من المتعذّر طرح ترشيحات جديدة، من شأنها أن تؤدي الى تأمين النصاب، فالإنتخاب.

كذلك سيدعو الراعي الموفد الفرنسي الى توسيع دائرة المبادرة الفرنسية، فتكون جماعية مثلما كان يحصل أيام الحرب في لبنان، من لجان ثلاثية أو رباعية أو خماسية تضمّ المؤثرين على مختلف القوى في لبنان.

خيرالله

ومن مار مارون في الجميزة، الى بلدة كفرحي في البترون التي أسّس فيها الموارنة أوّل كرسي بطريركي شغله البطريرك الاوّل وأبّ القوميّة اللبنانية مار يوحنا مارون، يتنقّل الهمّ الماروني وسط الشغور الرئاسي.

ودعا راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله الموارنة الى «عدم الخوف من فقدان رئاسة الجمهورية لأنّ الرئيس سيُنتخب عاجلاً أم آجلاً، كذلك ستبقى قيادة الجيش وحاكم مصرف لبنان معكم، وتديرونهما لمصلحة كل لبنان وليس لمصلحة الطائفة المارونية فقط».

وقال خيرالله، الذي سيرأس قداس العيد اليوم في كفرحي، لـ»الجمهورية»: «لا خوف على الموارنة، فمار مارون كان ناسكاً، ومار يوحنا مارون هو تلميذه، ويدعونا الى العودة الى الأصالة وعيش الحياة النسكية، والتخلّي عن الشهوات والسلطة الزائفة، والإنقلاب على الذات لتصحيحها». وذكّر بأنّ «الموارنة عندما قاوموا الامبراطوريات لم تكن رئاسة الجمهورية معهم».

ورأى «انّ السلطة أضعفت الموارنة وقسّمتهم وجعلتهم يتقاتلون، فخارج السلطة كنّا أقوى». ودعا الى عدم الخوف على لبنان، وقال: «انظروا الى اوضاع المنطقة، العراق مقسّم، الحرب مشتعلة في سوريا، اليمن على شفير الحرب الاهلية، أمّا نحن ففي ألف خير مقارنة بالمنطقة، وسيبقى لبنان الذي ساهم الموارنة في نقش صورته الحضارية المميزة».

وشدّد على «ارتباط الموارنة بأرض لبنان مثل بطريركهم الاوّل، وهم لم يفكروا يوماً ببناء وطن قومي للموارنة والمسيحيين، بل أرادوه بلد رسالة للجميع». ورحّب بالحوار «بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، وتكريسه ليصبح حواراً بين جميع اللبنانيين».

برّي

في هذا الوقت، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره إنّ الوضع الاقليمي لا يظهر فيه الآن ايّ مؤشر إزاء لبنان ومجمل الاوضاع في المنطقة. ولفت الى انّ الموقف الايراني يعتبر الاستحقاق الرئاسي شأناً داخلياً، وقال إنّ هذا الموقف تبلّغه جيرو من المسؤولين الايرانيين، ونقله الى جميع الذين التقاهم في بيروت الاسبوع الماضي.

واكد بري انّ الجلسة المقبلة من الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» لم يحدد موعدها بعد، مرجّحاً ان تنعقد بعد 14 شباط الجاري، ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري. واشار الى انّ البند الثاني على جدول اعمال الحوار، بعد الامن وإزالة التشنج المذهبي، سيكون موضوع رئاسة الجمهورية. واكد انّ ايّ تطور ايجابي لم يحصل في شأن هذا الاستحقاق حتى الآن.

سلام

ولم يغب الملف الرئاسي عن اللقاءات التي عقدها رئيس الحكومة تمام سلام على هامش مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن قبَيل عودته الى لبنان مساء أمس، واكد «انّ كل يوم يمر من دون انتخاب رئيس الجمهورية المسيحي الماروني، يؤدي الى تراكم مجموعة من السلبيات تؤثر على لبنان وصورته كنموذج فريد للتعايش في المنطقة».

وتناول سلام بالبحث ملف الاستحقاق مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي اكّد «انّ باريس ماضية في مساعيها وستواصل اتصالاتها مع جميع الاطراف الفاعلة للوصول الى نتيجة ايجابية في هذا الشأن». وأشار المتحدث باسم الـ«كي دورسيه» انّ فابيوس وسلام تحدثا عن «الفراغ السياسي» الناجم عن عجز مجلس النواب اللبناني عن انتخاب رئيس «وضرورة ان يتوصّل المسؤولون السياسيون الى تسوية تتيح انتخاب رئيس سريعاً».

كذلك بحث سلام في الاستحقاق الرئاسي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي شدد على ضرورة انتخاب رئيس «يكون ممثلاً حقيقياً للشعب وقادراً على القيام بالدور الوطني المطلوب منه»، مشيداً بأجواء الحوار في لبنان، آملا في «أن تؤدي الى تغييرات إيجابية في المناخ السياسي».

وتمنى سلام، خلال لقائه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، أن تساهم طهران في المساعدة على انتخاب رئيس مثلما دعمت تأليف الحكومة الائتلافية.

فأكد ظريف حرص بلاده «على رؤية رئيس جمهورية جديد في لبنان، وهي مستعدة لدعم أيّ اتفاق يتوصّل اليه اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً»، مضيفاً انّ «مصلحة ايران تقضي بحفظ الاستقرار في لبنان، وهي لا تريد حصول ايّ تدهور أمني فيه او على حدوده»، ومبدياً ارتياحه الى أجواء «الحوار الجاري بين قوى سياسية لبنانية أساسية».

«حزب الله»

في غضون ذلك، وبعد ايام على زيارة وفد «حزب الله» للرابية وتأكيده مجدداً دعم ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، أعلن الحزب بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد انّ الفراغ الرئاسي «لن يُملأ قبل أن يتفاهم اللبنانيون على العقلية والمنهجية التي سيلتزمها الحكم في لبنان، خصوصاً إزاء العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري». واعتبر «أنّ فراغاً تملؤه شخصيات لا تعرف الإتجاه الذي يجب أن تسلكه يمكن أن يُضيع البلد».

جنبلاط

ومن جهته دعا رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى «التفكير في صيغ جديدة للخروج من الواقع الراهن» في ما يتعلق بملف الاستحقاق الرئاسي.

وقال في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء»: «لعلّ أولى الأفكار للعبور نحو واقع جديد في هذا المجال تتمثّل بإعادة الإعتبار للبعد الوطني في هذا الإستحقاق بدلاً من حصره عند المسيحيين فقط، لأنّ من شأن ذلك أن ينتقص من موقعه الجامع كرئيس لجميع اللبنانيين يسهر على تطبيق الدستور وعمل المؤسسات».

ولفت الى «انّ وقتاً طويلاً مر من دون أن تتبلور أي تفاهمات جدية حول شخص الرئيس الجديد، وهذا يتطلب تعاون بقية الأطراف على قاعدة التشاور وليس الإستئثار بالقرار بطبيعة الحال».

وحذّر من أنّ «حالة الشغور تؤدي تدريجاً إلى قضم الصلاحيات الرئاسية من خلال تخطّي الأعراف السابقة وإنتاج أعراف جديدة عبر آليات متتالية يقرّها مجلس الوزراء، مما يكاد يعطي الإنطباع أنّ البلاد تسير في شكل طبيعي من دون الحاجة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية».

قزي

وقال وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «هناك محاولة لتحميل المسيحيين مسؤولية عدم انتخاب رئيس جمهورية جديد، في حين انّ هذا الاستحقاق هو استحقاق لبناني شامل، فلا يجوز ان يُحصر بالمسيحيين لأنّ الرئيس رئيس جميع اللبنانيين، ويجب ان لا يُهمّش المسيحيون لأنّ الرئيس مسيحي. وقد صدرت في الأيام الاخيرة مواقف، منها ما أُعلن في الإعلام ومنها ما قيل في الإجتماعات، عن أنّ على المسيحيين ان يتفقوا على رئيس، وكأنّ اتفاقهم يُنهي أزمة الرئاسة».

وسأل القزي: «إذا كان الأمر كذلك، فلماذا يجول الموفدون الدوليون، ولا سيما منهم الموفد الفرنسي، على إيران والسعودية وواشنطن والفاتيكان، إذا كان فعلاً سبب العرقلة القادة المسيحيون في لبنان؟ وإذا كانت الازمة فعلاً داخلية فما كان على جيرو أن يبحث في حل للرئاسة في تلك الدول».

وقال: «أخشى ما أخشاه هو أن يكون هناك مخطط لدى غير المسيحيين، وربما لدى اللبنانيين ايضاً، لتحميل مسيحيي لبنان، ليس مسؤولية عدم انتخاب رئيس فحسب، بل مسؤولية إلغاء منصب رئاسة الجمهورية، في إطار إعادة النظر في النظام اللبناني الذي يُحكى عنه كثيراً لدى جهات مختلفة».

كرة الفراغ

وقالت مصادر متابعة للملف الرئاسي إنّ وضع كرة الفراغ الرئاسي في ملعب المسيحيين بحجة أنّ الاستحقاق مسيحي وأنّ من مسؤوليتهم التوافق على الرئيس العتيد يشكّل تشويهاً للوقائع السياسية، لأنّ هذا الاستحقاق هو وطني بامتياز، ومن يتحمّل مسؤولية التعطيل هو القوى التي تقاطع جلسات الانتخاب الرئاسية.

واعتبرت أنّ الحوار القواتي-العوني مَيّز بين أمرين: طَي الصفحة الخلافية الماضية، وتعجيل الانتخابات الرئاسية الذي يتمّ فقط من خلال توفير النصاب لجلسات الانتخاب، وأيّ محاولة لتحميل هذا الحوار مسؤولية استمرار الفراغ هي في غير محلها، وإذا كان من مخاوف تتصِل بتدويل هذا الملف وسحبه نهائياً من اللبنانيين، فهذه المسؤولية تقع تكراراً على الفريق المعطّل للانتخابات الرئاسية.

تسليح الجيش

وفيما يواصل الجيش اللبناني معركته ضد الارهاب والمسلحين، خصوصاً في جرود عرسال ورأس بعلبك، تسلّمَ دفعة جديدة من الأسلحة والذخائر الأميركية بقيمة 25 مليون دولار.

وقال السفير الأميركي ديفيد هيل، الذي أشرف على تسليم هذه الاسلحة «انّ لبنان يعتبر الآن خامس أكبر مُتلقّ في عالم التمويل العسكري الخارجي الاميركي». وإذ اشار الى «انّ هذا السلاح هو السلاح الذي يستخدمه الجيش الاميركي»، عبّر عن افتخاره «بأنّ الجيش اللبناني سيستخدم هذا السلاح، إضافة إلى سلاح آخر كنّا قد قدّمناه سابقاً من أجل هزيمة التهديد المتطرّف والإرهابي المتمدّد من سوريا».

وقال: «نحن نقاتل العدو نفسه، لذلك كان دعمنا لكم سريعاً ومستمراً». ولفت الى «انّ هذا السلاح هو بالضبط ما طلبته قيادة الجيش اللبناني، وهو بالضبط ما يحتاجه الجيش».

وأسلحة فرنسية

في الموازاة، أبلغ فابيوس الى سلام، على هامش مؤتمر الامن في ميونيخ، انّ العمليات الاولى لتسليم الاسلحة الفرنسية الى لبنان في إطار الهبة السعودية البالغة ثلاثة مليارات من الدولارات، ستبدأ في نيسان المقبل.

علماً انّ عمليات تسليم الاسلحة التي مَوّلتها السعودية ستمتد ثلاث سنوات، وستتضمّن مروحيات مقاتلة ووسائل نقل وآليات مدرعة ومدفعية ثقيلة وسفن دورية مسلحة ووسائل اتصالات ومراقبة، ومنها طائرات بلا طيّار من نوع «س.د.ت.ي».

سلام

وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» انّ لقاءاته في ميونيخ شكلت مناسبة لعرض التطورات في المنطقة وما يمكن ان تؤول اليه المساعي السياسية الجارية، لافتاً الى انّ العالم يبدي اهتماماً بالمنطقة لكنه لم يتلمّس ايّ خطوات توحي بإمكان استعادتها الهدوء في وقت قريب، فكلّ الطرق مؤدية الى مزيد من الحروب، ولذلك فإنّ الطريق الى السلام بعيدة».

وأبدى سلام ارتياحه الى النتائج التي حققتها زيارته لميونخ، منوّهاً بنتيجة اللقاء مع فابيوس الذي حسم موعد البدء بتسلّم الاسلحة للجيش اللبناني، ما يقطع الطريق على المشككين بالعملية وكأنها انتهت بوفاة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز صاحب الهبة التي لا مثيل لها على الإطلاق.

مجلس وزراء

والى مشاركته اليوم في قداس مار مارون، يعاود سلام نشاطه العادي غداً حيث يتوقع ان يرأس اجتماعات للجان الوزارية ويستأنف البحث في بعض الملفات الطارئة والملحّة. وسيرأس قبل ظهر الخميس جلسة عادية لمجلس الوزراء على جدول أعمالها 42 بنداً ولا يتضمن ايّ قضايا خلافية أساسية ومهمة سوى تلك التي يمكن طرحها من خارج جدول الأعمال.

ولوحظ انّ هذا الجدول خلا من ملف ردم الحوض الرابع في المرفأ، على رغم الوعود التي قطعت لهذه الغاية، وعلى رغم ما نقل عن وزير الأشغال غازي زعيتر من استعداد لمناقشة هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء.