IMLebanon

حركة لإنقاذ الحكومة والرئاسة وتقدُّم عــلى جبهة الحوارات

المعايدة التي وجّهها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع إلى رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون عبر تويتر دلّت إلى أنّ الحوار بينهما يتقدّم، ولو ببطء. وعلى رغم تفاوت تقدير كلّ منهما للوقت الذي سيستغرقه هذا الحوار من أجل أن يتوّج باتفاق، إلّا أنّ الإشارة التي مرّرَها رئيس «القوات» بكلامه عن اتّفاق كامل، أي نوع من Package Deal، كانت لافتةً، كونها تؤشّر إلى معطيَين: أوّلاً، أنّ الرئاسة ضمن هذا الاتفاق حكماً، وثانياً أنّ هناك نيّات حقيقية للالتقاء في مساحة مشترَكة. وعلى خط الحوار بين «حزب الله» و»المستقبل» الذي عَقد مساءَ أمس جلستَه السادسة، يمكن التوقّف أمام معطيَين أيضاً: دلّت التطوّرات أنّ قرار الحوار استراتيجيّ على رغم التناقض الجوهري بين الفريقين، والذي ظهرَ جليّاً في خطابَي الرئيس سعد الحريري والأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله. وأنّ الأمور في لبنان ستبقى تحت السيطرة سياسياً وأمنياً ما لم تطرَأ تطوّرات إقليمية دراماتيكية. وفي موازاة الحوارَين أطلقَت عودة الحريري ديناميةً سياسية على مستويَين: عودة الحياة إلى «بيت الوسط» الذي يزدحم بالاستقبالات السياسية، وآخرُها مساء أمس، حيث عرضَ الحريري مع عون لمجمَل الأوضاع، في إشارةٍ إلى ثبات العلاقة منذ اللقاء الأوّل بينهما في باريس. وتحرّك الحريري على أكثر من مستوى: حكومة، حوار، 14 آذار و»المستقبل». ويبقى أنّ النقاش السياسي في البلد يتركّز على آليتين: آلية حكومية من أجل معاودة الحكومة اجتماعاتها وتنشيط عملها وتفعيل إنتاجيتها، وآليّة استراتيجية لمكافحة الإرهاب، والتي كان أطلقَها الحريري وتلقّفَها نصرالله، وفتح الحوار بينهما النقاش حول آليّاتها.

في موازاة استمرار البلاد عرضةً للعواصف الطبيعية، وآخرُها العاصفة «ويندي»، استمرّت العواصف السياسية فيها، بدءاً من الشغور الرئاسي مع أمدِه الطويل بعد فشلِ الجلسة الانتخابية التاسعة عشرة في انتخاب رئيس جمهورية جديد وترحيل هذا الاستحقاق إلى موعد جديد في 11 آذار المقبل، مروراً بالشلل الحكومي والتخوّف من تكريسه واقعاً بعد تعليق جلسات مجلس الوزراء بفعل عدم التوصّل إلى اتفاق على آليّة عمله.

برّي قلِق

وفي هذه الأجواء، عبّرَ رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن قلقه من شلل المؤسسات الدستورية، ونقلَ النواب بعد «لقاء الأربعاء» عنه أنّه لا يجوز استمرار هذا الوضع الشاذّ، والمطلوب معالجته في أسرع وقت ممكن على المستويات كافّةً نظراً لانعكاساته على الوضع العام في البلاد.

وحضّ برّي رئيس الحكومة تمام سلام على فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي لتمكينِه من عقد جلسات تشريعية، وأنّه لا يزال ينتظر هذا الأمر، وشرحَ موقفه في شأن آليّة عمل مجلس الوزراء وتوقيع المراسيم، مؤكّداً وجوب حسم هذا الموضوع لتمكين الحكومة من العمل وأداء دورِها واستئناف جلسات مجلس الوزراء لتفادي مزيد من التداعيات السلبية على البلاد.

السفير البابوي

في غضون ذلك، أبدى الفاتيكان حِرصه على متابعة تفاصيل الوضع اللبناني عن كثب. ودعا السفير البابوي كابريال كاتشيا بعد زيارته الحريري إلى تكاتف جهود كلّ الأطراف أينما كانوا لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، نظراً لما يشكّله من دعامة للبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة كلّها، وأكّد أهمّية الحوار الدائر حالياً في لبنان بين مختلف الأطراف.

عون ـ الحريري

ومساء أمس لبّى عون دعوة الحريري إلى العشاء، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل والنائب السابق الدكتور غطاس خوري، وجرى عرض لمجمَل الأوضاع السياسية في البلاد وآخر المستجدّات الإقليمية. واستُكمِل البحث إلى مائدة عشاء أقامَها الرئيس الحريري على شرف عون.

غطّاس في الرابية

وكان سبَق لقاء «بيت الوسط» بين عون والحريري زيارةٌ قامَ بها مستشار رئيس «المستقبل» غطاس خوري إلى الرابية أمس الأوّل موفَداً من

الحريري، وتناولَ مع عون التطوّرات الأخيرة على مختلف الصُعد، ولا سيّما جديد التحضيرات الجارية للحوار المنتظر بين التيار و«القوات».

وعلمَت «الجمهورية» أنّ خوري الذي شكرَ لعَون مشاركة وفد وزاري ونيابي في الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد نقلَ دعوةَ الحريري إلى عون للعشاء.

بوصعب

وقال عضو «التكتل» الوزير الياس بوصعب لـ«الجمهورية»: «إنّ اللقاء بين عون والحريري استكمالٌ للحوار الذي بدأ في السابق وأدّى الى تأليف الحكومة منذ سَنة، واستكمال للانفتاح بين التيّارين، والاعتراف بأهمّية الشراكة بين المكوّنات الأساسية في الوطن. فالأمل يأتي عندما يكون الأفرقاء الأقوياء يتحاورون للاتّفاق على حلّ».

إلّا أنّ بوصعب شدّد في الوقت نفسه على أنّ «هذا اللقاء لا يُلغي تفاهمَ كلّ فريق مع حلفائه، بل هو مزيد من الانفتاح، وهذا أمر ضروريّ، خصوصاً في ظلّ الفراغ الذي يعيشه لبنان والأزمة التي تنتج عنه، ولا حلّ إلّا بالتفاهم والتواصل بين الأفرقاء المعنيين الذين يمثّلون شريحة كبيرة من اللبنانيين».

وقال، ردّاً على سؤال: «مِن الواضح أنّ العامل المشترك في كلّ هذه الانفتاحات والحوارات باتّجاه «حزب الله» والرئيس برّي والرئيس الحريري والدكتور جعجع، هو الرابية».

وشدّد بوصعب على أنّ «التواصل بين الطرفين لم ينقطع، إنّما وتيرتُه كانت تخفّ وتقوى بحسب الظروف، ولقاء اليوم (أمس) هو الثاني بين الطرفين منذ نحو شهر، لأنّ اللقاء الأوّل عُقد في الرياض على هامش التعازي بالملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وتمّ الاتفاق على استكمال الحوار بينهما في وقتٍ قريب».

إلى ذلك كشفَت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» عن مشروع لقاءٍ لأقطاب قوى 14 آذار في الساعات المقبلة، بعد سلسلةٍ من اللقاءات المنفردة التي شهدَها «بيت الوسط» في الساعات الماضية.

الحوار السنّي ـ الشيعي

ومساء أمس انعقدَت جلسة الحوار السادسة بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسرعن تيار «المستقبل». كما حضرَ الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة صدرَ البيان التالي:

«جرى استكمال الحوار بروح جدّية في المواضيع المطروحة، وحصل تقييم إيجابي للخطة الأمنية في البقاع والخطوات التي حصلت على صعيد نزع الأعلام والصوَر في المناطق المختلفة والالتزام الجدّي بها.

ودعا المجتمعون القوى السياسية والمرجعيات للمساعدة على وقف ظاهرة إطلاق النار في المناسبات أياً كان طابعها. وجرَت مقاربة للدعوات المتبادلة حول سُبل الوصول إلى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، وفتح النقاش حول آليّاتها».

وكشفَت مصادر المجتمعين لـ»الجمهورية» أنّ أجواء النقاش كانت إيجابية جداً، وكأنّه لم يكن هناك خطابات في البلد، وأنّ المجتمعين استكملوا الحوار من حيث انتهى في الجلسة السابقة، والنقطة الأساس في النقاش هي استراتيجية مكافحة الإرهاب وكيفية إيجاد الأطُر الكفيلة ببناء خطة وطنية استراتيجة لهذا الهدف انطلاقاً من النقاط المشتركة في خطابَي الحريري والسيّد نصر الله. وقد تمَّ الاتفاق على فتح الباب واسعاً أمام هذا البند للنقاش.

قاسِم

وكان نائب الأمين العالم للحزب الشيخ نعيم قاسم أكّد «استمرارَ الحوار بين الطرفين، «لأنّه حقّق نتائج إيجابية وعملية حتى الآن»، ودعا «إلى قيام القيادات السياسية والحزبية بدورها الفاعل في التأثير على جمهورها لمواكبة الحوار وعدم اتّخاذ مواقف تصعيدية تنعكس سلباً على أجوائه» .

بدوره، أكّد النائب سمير الجسر استمرارَ الحوار مع الحزب «تحت عنوانين: تخفيف الاحتقان المذهبي، ورئاسة الجمهورية».

المشنوق

وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق إنّ «الحوار قائم على إيجاد الآلية الطبيعية والدستورية لتنفيذ الاستراتيجية بوجه الإرهاب»، وأكّد أن «لا تفاهم أو اتّفاق خارج إطار الدولة»، وأوضحَ أنّ «نقاط الخلاف يتمّ وضعها جانباً من أجل بحث ما يمكن الاتّفاق عليه».

واعتبر المشنوق «إذا كان الوجود في سوريا جنون فالوجود في العراق أجنّ»، وقال هل نسأل «السيّد نصرالله على أيّ محطة ستنزلنا خلال ذهابنا إلى سوريا؟ أنا أرفض كلّ هذه المسألة، والحريق يطال كلّ اللبنانيين، وهو أكبر من لبنان»، وأكّد أنّ «الخطة الأمنية شاملة وستستمرّ، والأولوية للمناطق المختلطة والتي تشكّل أسباباً للاستفزاز»، وسأل: «مَن كان يصدّق أنّ صوَر بشّار وحافظ الأسد تُزال من جبل محسن؟ والخطة ستصل إلى كلّ المناطق»، وكشفَ أنّ «الحريري وعون يتحدّثان بآليّة الحكومة، وأنا مصِرّ على أنّ ثمّة عقبة إقليمية كبرى تَحول دون انتخاب رئيس، والعقبة من إيران».

حوار الرابية ـ معراب

وعلى ضفّة الحوار المسيحي ـ المسيحي، علمَت «الجمهورية» أنّ اجتماعات ستُعقَد في اليومين المقبلين لوضع الأطُر النهائية للمرحلة الثانية من التفاوض بين الرابية ومعراب والتي ستتوّج بلقاء بين عون وجعجع الذي أكّد أمس قائلاً: «نعمل على تخطّي بعض العقبات ونسعى لإنجاح الحوار بين «القوات» والتيار الوطني الحر».

حوار «تويتري»

وسبقَ هذا الحوار الموعود حوار «تويتري» بين الطرفين، فكتبَ جعجع لمناسبة عيد ميلاد عون: «أتمنّى قبل عيد ميلادك القادم أن نكون قد أتمَمنا اتّفاقنا الكامل، وكلّ عام وأنت بخير»!

وجاء ردّ عون سريعاً فغرّد قائلاً: «شكراً للمعايدة، وآمل في أن يكون اتفاقنا ناجزاً مع نهاية زمن الصوم فنقدّمه هديةً للّبنانيين تترافَق مع فرح القيامة».

كنعان

وقال أمين سرّ تكتّل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان لـ»الجمهورية»: «يفترَض أن نتسلّم نهاية الأسبوع النسخة المنقّحة من إعلان النوايا ليُبنَى على الشيء مقتضاه، ممّا يعني انتهاء المرحلة الأولى من التفاوض وبدء التحضير للدخول في ترجمة النوايا والتي في مقدّمها ملف رئاسة الجمهورية. ولقد نجحنا في تجاوز عدد من الصعوبات والعراقيل نظراً إلى الأهمّية التي يعلّقها اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً على هذا التفاهم المرتقَب بين المسيحيين».

آليّة العمل

وفي هذه الأجواء، تستمرّ جلسات مجلس الوزراء معلّقةً حتى التوصّل إلى اتّفاق على آليّة عمله. وحدّد باسيل أمس من السراي الحكومي موقفَ «التكتل» من هذه الآليّة فأكّد أنّه مع التوافق، و»لكن لا نسمح بالتعطيل الذي يتيح لشخص بمفرده أن يتفرّد برأيه، ولا أن يسريَ العمل بشكل عادي في ظلّ غياب رئيس للجمهورية ويتمّ استسهال غيابه».

وقال: «اعتُمد مبدأ التوافق في المواضيع المطروحة على جدول الأعمال من دون المسّ بصلاحية رئيس الحكومة، وصولاً إلى كيفية نقاش المواضيع وبحثها، ومن بداية الاتفاق كان واضحاً أنّ المكوّنات الأساسية للحكومة التي تؤمّن هذا التوافق هي مَن يضع الإطار التوافقي، إنّما لا يُسمَح لأشخاص متفرّدين، سواءٌ أكانوا من داخل كتَل سياسية أو لم يكونوا، ولأسباب خاصة مهمّة أو غير مهمة بالتسبّب في تعطيل أمور تؤدّي إلى تعطيل مضاد».

جلسة في 26 الجاري

وعلى رغم كلّ الأجواء السلبية التي رافقَت المناقشات الجارية من أجل التوافق على الآلية الجديدة للعمل الحكومي، كشفَت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ الحصيلة التي جمعَها الرئيس سلام ستدفعه إلى توجيه الدعوة نهاية الأسبوع الجاري إلى جلسة للمجلس يوم الخميس المقبل في 26 شباط للبحث في الآلية الجديدة

خليّة الأزمة

على صعيد آخر، عاودَت خلية الأزمة الوزارية اجتماعاتها بعد فترة انقطاع، فعقدت اجتماعاً عصر أمس في السراي برئاسة سلام وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، ووزراء المال علي حسن خليل، الصحة وائل ابو فاعور، الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي، ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، الامين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، وجرى البحث في ملف العسكريين المحتجَزين.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الاجتماع دامَ أقلّ من ساعة عرضَ في خلاله اللواء ابراهيم آخر التطورات المتعلقة بملف العسكريين المخطوفين وأجواء زيارته الاخيرة الى قطر.

كذلك علمَت «الجمهورية» أنّ احتمال عودة قطر الى لعب دور الوسيط مع «جبهة النصرة» يرتفع منسوبُه، وإن لم يسجّل أيّ تطور جديد، إلّا أنّ الأمور بدأت تأخذ منحى مختلفاً ينتظر ان تتّضح معالمها في الايام المقبلة، خصوصاً أنّ ابراهيم سيضطرّ لزيارة عواصم يمكن أن تلعب دوراً في هذا الملف.

وعليه، يتوقّع أن تنشط حركة الاتصالات في الايام المقبلة، وسيطرق ابراهيم أبواباً جديدة يمكن ان يكون لها دور مؤثّر في هذا الملف.

وكانت مصادر مطّلعة ذكرَت لـ»الجمهورية» أنّ المجتمعين تداولوا في معطيات جديدة عبّرت عنها جملة من الإتصالات الهادئة التي قام بها وسطاء محليون وعرب بعد تجدّد الحديث عن الوساطة القطرية بوسيط جديد بعيداً من الأضواء.

وكشفت أنّ أمام المعنيين بالملف أياماً قليلة لتبيان أهمية ما تحقّق من تقدّم. وقال أحد المعنيين إنّ الانتظار يومين أو ثلاثة أمرٌ لا بدّ منه لاكتشاف مدى جدّية ما هو قائم من اتصالات وعروض جديدة لا بدّ أن تنتج حراكاً، ولكن من الصعب التقدير بين ما يمكن أن يحمله من إيجابيات أو عدمه.

الفليطي لـ«الجمهورية»

وتوقّف المجتمعون أمام الزيارة التي قام بها وفد من بلدة عرسال الى سلام تقدّمَه نائب رئيس البلدية والوسيط في الملف عينه أحمد الفليطي الذي رفضَ في اتصال أجرَته معه «الجمهورية» ليلَ أمس الإشارة الى ما حمله الى سلام مكتفياً بالقول إنّ الزيارة تنمَوية ومطلبية بامتياز.

وعن جديد الاتصالات وحصيلة الحركة التي تجدّدت بين عرسال وجرودها، قال إنّه قدّم ما لديه من معطيات للرئيس سلام وكلّ من يعنيه الأمر، ولن يكشف عن أيّ تطور لئلّا يحمّلوه مسؤولية ما قد يحصل.