في إطار مواكبة تفكيك الشبكات الإرهابية، تكشف «الجمهوريّة» عن مخطط اللبناني عيسى عبدالله غازي عوض وخفايا انتسابه الى تنظيم «داعش» ودوره في التحضير لتنفيذ هجماتٍ إرهابية تستهدف مقرّات رسميّة في الشمال وحواجز الجيش اللبناني، وصولاً الى أخذه القرار بتفجير نفسه ودخوله في نادي الإنتحاريين.
إنجاز جديد يدخل في سجلّ الأمن العام، يُضاف الى مسلسل الإنجازات السابقة في مجال محاربة الإرهاب وتعقّب الشبكات الإرهابية التي تغزو البلاد العربيّة، ويأتي إنجازُ إلقاء القبض على عوض كدليل إضافي على أنّ جهازَ الأمن العام يتعقّب مَن يحاول زعزعة أمن البلاد، حيث إنه لو قدّر للشبكات الإرهابية أن تنفّذ مخططاتها لكان لبنانُ غرق في مسلسلٍ دمويّ.
وهذا ما أثبتته إعترافات الموقوف عوض الذي ينتمي الى تنظيم «داعش»، والذي تنشر «الجمهورية» أبرزَ إعترافاته، ومحطاتٍ في مسيرته التي كانت ستنتهي بتفجير نفسه في أحد حواجز الجيش أو المقرات الرسمية أو إستهداف مواطنين أبرياء، خصوصاً أنه تنقّل بين طرابلس وجرود عرسال والقلمون، وخدم في مقرّ «داعش»، وكان على اتصال مع قيادات داعشية في الرقّة، وعاد الى طرابلس وبدأ بتعلّم تصنيعَ العبوات الناسفة لتنفيذ مخططات إجراميّة، لكنّ تعقبَ الأمن العام له وإلقاء القبض عليه أفشل كلّ مخططاته ومَن يقف وراءه.
بداياته
ولد عوض في 2 كانون الثاني 1998 من أمّ تدعى رنا ميقاتي، عازب، متعلم (مستوى ابتدائي)، يقيم في طرابلس منطقة ضهر المغر، شارع النصر، بناية الزعيم الطابق الثالث. رقم هاتفه 511237 – 70 واستخدمه لغاية 22-7-2014 و71-602638 استخدمه لغاية 18-11-2014، وكان يستخدم أخيراً رقمَ هاتف فيليبيني يتيح له استخدامَ تطبيقات الانترنت.
أوقف بتاريخ 23-10-2015 من قبل الأمن العام بناءً على إشارة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر وأحيل الى القضاء للتوسّع بالتحقيق معه على خلفية معلومات تؤكد انتمائه الى تنظيم «داعش» وتكليفه من الارهابي نبيل سكاف بتنفيذ عملية انتحارية تستهدف أحد مراكز الجيش اللبناني أو سراي طرابلس.
طريق الإرهاب
بدأ عوض دراسته في دوحة الأدب في طرابلس، ضهر المغر، ومن ثمّ في مدرسة لبنان، وانتقل الى مدرسة النور ليعود الى دوحة الأدب لغاية الصف الخامس ابتدائي. باشر إلتزامه الديني عام 2011 من خلال تردّده الى مسجد ضهر المغر (إمامة الشيخ عثمان) ومن خلال الشيخ اللبناني عبدالله حسين (معروف داخل سوق العطارين في طرابلس)، ولاحقاً أصبح يؤيّد الفكر السلفي من خلال ترداده الى مسجد التقوى وسماعه للخطب والدروس الدينية التي كان يلقيها الشيخ سالم الرافعي، وأصبح يتابع خطب الاخير عبر موقع الـ youtube والتي كانت ترسل في بعض الأحيان عبر خدمة الواتساب ضمن «مجموعة اخبار طرابلس الشام» والتي كانت تتمحور عن الجهاد في سبيل الله. وشارك مع صديقه اللبناني فاروق طارق البياض، (مواليد 1990 وملقب بأبو خطاب)، في الكثير من التظاهرات التي كانت تدعو اليها التيارات السلفية، ومنها التظاهرة التي تلت توقيف الارهابي شادي المولوي.
بداية العام 2013، أبلغه اللبناني البياض بوجوب المشاركة في المعارك التي كانت تحصل بين جبل محسن وباب التبانة، وأحضر له بندقية حزبية (من مجموعة الشيخ سالم الرافعي) وأخضعه لدورات على إستخدامها داخل مسجد عبد الواحد في سوق العطّارين خلال أوقات الليل. وأقرّ بمشاركته في معظم جولات المعارك التي كانت تحصل بين المنطقتين تحت إمرة مجموعة الموقوف في سجن رومية زياد علوكه عند محور البرانية.
البيعة لـ«داعش»
أيّد مطلع عام 2014 مع صديقه اللبناني فاروق بياض تنظيمَ «داعش» من خلال تردّدهما الى مسجد عبد الواحد، والذي كان يتردّد إليه اللبناني بلال العتر (عمره نحو 30 عاماً، ملقب أبو عمر) والأخير كان يحدّثهما بشكل دائم عن التنظيم المذكور وعن ضرورة الجهاد في سبيل الله. وخلال شهر أيار من عام 2014، غادر صديقه فاروق البياض الى تركيا عبر مرفأ طرابلس، ومنها التحق بتنظيم «داعش» في الرقة، وقد قام بتجنيده اللبناني بلال عنتر.
وفي شهر حزيران من عام 2014، عُلم أنّ المدعو بلال العتر التحق بتنظيم «داعش» في القلمون، وأنه دخلها عبر جرود عرسال، وقد تواصل معه الأخير بعدها عبر الواتساب وزوّده برقم شخص لبناني يُدعى غسان محمد عكاري (عمره نحو 30 عاماً وملقب أبو آدم من منطقة القبة)، للتواصل معه بهدف تنسيق التحاقه شخصياً بتنظيم «داعش» في سوريا.
خلال هذه الفترة، بايع عوض تنظيم «داعش» مبايعة عموميّة، وذلك من خلال مجموعة «أخبار طرابلس والشام» على خدمة الواتساب حيث أرسل عبارة البيعة الآتية: «أبايع أبو بكر البغدادي، على المنشط والمكره، في العسر واليسر، إلّا أن نرى كفراً بواحاً، من الله فيه برهان».
الرحلة الى عرسال
إنتقل في شهر تموز من عام 2014، وبالتنسيق مع اللبناني العكاري عبر تطبيق الـ talk، من مدينة طرابلس- ساحة النور، الى منطقة عرسال مروراً بمنطقة الهرمل، بواسطة سيارة نوع bmw فضّية اللون، يقودها سائق سيارة أجرة لبناني يدعى يوسف (يجهل هويته، ومرسل من قبل المدعو عكاري)، مقابل مبلغ 50 دولاراً أميركياً، وكان يرافق السائق شخصٌ لبناني يدعى محمد (يجهل كامل هويته وهو من مدينة بيروت)، وبوصولهما الى بلدة عرسال وتحديداً الى مسجد أبو طاقية، تواصل مع اللبناني العتر الذي قام بملاقاتهما وإدخالهما الى جرود ميرة حيث مقرّ «داعش».
التحق عوض بمقرّ «داعش»، وكان المسؤول عنه شخص سوري ملقب أبو أسامة البانياسي (يبلغ من العمر نحو 35 عاماً، وتبيّن أنه السوري عبد الحكيم، وملقّب أيضاً أبو عائشة وقتل في شهر شباط من العام الحالي نتيجة خلافات داخل التنظيم) وخضع عوض لدورة تدريبية حول كيفية إستعمال الأسلحة الحربية، وكلّف بمهام الحراسة الليلية في محيط المقرّ، وكان اللبناني العتر في تلك الفترة مسلحاً عادياً (أصبح حالياً أميراً شرعياً للتنظيم في الرقة بحسب آخر المعلومات).
العلاقة مع الميقاتيين
التقى عوض خلال وجوده في جرود ميرة بقريبَيْه اللبنانيَين عمر أحمد ميقاتي (إبن خاله)، وبلال عمر ميقاتي اللذين حضرا لزيارته داخل المقرّ، وعادا الى مقرّهما في جرود قارة (يُذكر أنّ الميقاتيَين موقوفان في رومية). وقد أنكر مشاركته في معركة عرسال الأخيرة أو تلقيه أيّ دورة تفخيخ أو تصنيع عبوات خلال وجوده في القلمون.
خلال وجوده في جرود القلمون، حصلت معركة عرسال مع الجيش اللبناني، في 2 آب من العام الماضي، وأُشيع بين المقاتلين الموجودين في مقرّ وادي ميرة أنّ عناصر تنظيم «داعش» قاموا باختطاف العسكريين في الجيش اللبناني، ونقلهم الى مقرّ أبو حسن الفلسطيني في جرود عرسال، وادّعى عدم معرفته بأيّ تفاصيل حولهم لكونه كان يتواجد داخل مقرّ وادي ميرة مع كلٍّ من السوري أبو محمد (يجهل كامل هويته) وشخص لبناني ملقّب أبو جليبيب من منطقة البقاع (قتل منذ نحو 6 أشهر خلال قتاله في الرقة).
وادّعى عوض أنه وبعد نحو 15 يوماً، هرب من مقرّ تنظيم «داعش» في وادي ميرة لاشتداد القصف السوري على الجرود وعاد الى بلدة عرسال التي دخلها بمفرده مروراً بحاجز الجيش اللبناني، مبرزاً هويّته اللبنانية وقد تمّ التحقيق معه من قبل أحد الضباط المتواجدين على الحاجز، حيث ادّعى أنه كان يقوم بزيارة خالته في أحد مخيّمات النازحين خلف الحاجز.
العودة الى طرابلس
بعد عودته الى طرابلس، قام عوض بتحميل تطبيق التلغرام، وتواصل من خلاله مع صديقه اللبناني فاروق البياض الموجود في الرقة بهدف الاطمئنان وقد أبلغه الأخير بوجود شخص لبناني يدعى نبيل سكاف (ملقّب أبو مصعب) يؤيّد تنظيم «داعش» ويسعى لتنشيط عمله في طرابس، وطلب منه التواصل معه.
خلال معركة الأسواق الأخيرة في طرابلس (بعد عيد الأضحى 2014)، شارك الى جانب مجموعة نبيل سكاف في الاشتباكات ضدّ الجيش اللبناني وكان مركزه بالقرب من مسجد القاسمية في سوق العطارين مع كلّ من اللبنانيين دباح الصاطم وأحمد كسحة (ابو عمر)، وأبو محمو صباغ، وأبو الدرداء (خالد منصور)، وشخص سوري ملقب الدرداء وابو المغيرة السوري.
وبتاريخ 30 آب 2015، تواصل مجدَّداً مع سكاف عبر التلغرام وطلب منه الأخير تجهيز نفسه لتنفيذ عملية انتحارية تستهدف أحد مراكز الجيش اللبناني (لم يحدّد له الهدف) وقد وافق على طلبه، وأعلن استعداده أن يكون انتحارياً أو انغماسياً إلّا أنه لم يتمّ تزويده بالحزام الناسف على أن يتم تحديد النقاط التي سيكلف باستهدافها في مرحلة لاحقة.
وردّ على طلب سكاف بالعبارات التالية: «بدي طعميهم الـ c4 وtnt قاصداً حواجز الجيش اللبناني أو سراي طرابلس فيما لو تمّ البدءُ بالتخطيط لتنفيذ العملية الانتحارية. وأكد أنّ الأخير كان يرسل له عبر موقع الـyoutube فيديوهات حول كيفية تصنيع العبوات.
تصنيع العبوات
وأكد عوض أنه تدرّب من خلال اللبناني أبو محمود الصباغ (عمره نحو 35 سنة، وينتمي الى «داعش» ومتوارٍ عن الأنظار) حول كيفية تصنيع العبوات الناسفة وفقاً للتركيبة الآتية: خلط 45 في المئة من مادة tnt و35 في المئة من السكر، و20 في المئة من بودرة الالمينيوم ووضعها ضمن علبة حديدية وثقبها في الوسط ووضع الصاعق بداخلها، تمهيداً لتفجيرها وذلك من خلال تطبيق الواتساب حيث أرسل له الصباغ صورة عن ورقة مكتوبة بخط اليد تبيّن كيفية تصنيع العبوات.
منذ نحو ثلاثة أشهر بدأ يتواصل عبر تطبيع التلغرام مع اللبناني محمد عمر إيعالي الملقب بأبو البراء اللبناني، (تعرّف اليه منذ نحو سنة ونصف من خلال تردّده الى مسجد التقوى والأخير موجود مع «داعش في الرقة)، ومنذ نحو 3 أسابيع كلفه الأخير بالعمل على تجنيد شبان من مدينة طرابلس بهدف الانتقال الى سوريا والقتال الى جانب داعش، وطلب منه إبلاغ شخص لبناني يدعى زياد رفاعي (ملقب أبو الوليد عمره نحو 27 عاماً ومتوارٍ عن الأنظار) تجهيزَ مجموعة مهمتها مهاجمة مراكز الجيش في طرابلس للسيطرة على نقاط لم يحدّدها له ولهذه الغاية أبلغ الرفاعي بطلب المدعو ايعالي من دون أن يحصل هذا الامر لغاية الآن.
بيان الأمن العام
وفي هذا الإطار، أوضح الأمن العام في بيان، أنه ومتابعة لنشاطات المجموعات الارهابية والخلايا النائمة التابعة لها ونتيجة عمليات الرصد الدقيقة، دهمت المديرية العامة للامن العام بناءً الى اشارة القضاء المختص منزل اللبناني (ع.ع) في محلة القبة – طرابلس وأوقفته لانتمائه الى تنظيم ارهابي والتخطيط لتنفيذ عملية انتحارية في لبنان.
وأشار إلى أنه «نتيجة التحقيق معه، اعترف بمشاركته في المعارك التي حصلت بين منطقتَي باب التبانة وجبل محسن، بالاضافة الى مبايعته تنظيم «داعش» الارهابي والالتحاق في صفوفه في جرود القلمون حيث خضع لدورات تدريب عسكرية وقيامه بتجنيد عدد من الشبان اللبنانين للقتال في صفوف التنظيم المذكور في سوريا، وشارك بعد عودته الى لبنان في المعارك الاخيرة التي جرت ضدّ الجيش اللبناني في اسواق طرابلس الى جانب مجموعة الارهابي اللبناني (ن.س) الذي كلفه بتصنيع عبوات ناسفة والتحضير لتنفيذ عملية انتحارية ضدّ مراكز الجيش اللبناني أو ضدّ سراي طرابلس في توقيت يحدَّد لاحقاً بغية ضرب الاستقرار الداخلي وإشعالالفتنة». وبعد انتهاء التحقيق معه أُحيل الى القضاء المختص والعمل جارٍ لرصد وتوقيف باقي الاشخاص المتورّطين.