IMLebanon

التسوية الحكومية الأمنية تتمدَّد ديبلوماسياً والترشيحات لمنع المفاجآت

مؤتمر باريس يؤكد دعم بغداد في حربها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وهذه الإشارة كافية لتأكيد أن المواجهة الأساسية محصورة بالعراق في المرحلة الأولى، ما يعني أن المجتمع الدولي ليس في وارد الدخول في أي مواجهة إلا في حال وجود شريك داخلي، الأمر الذي أصبح متوافراً في العراق. الرئيس الأميركي باراك أوباما يحذر النظام السوري من استهداف الطائرات الأميركية التي تدخل المجال الجوي السوري، لأن أي استهداف من هذا النوع سيؤدي إلى تدمير «الدفاعات الجوية السورية عن آخرها». وهذه الرسالة الأوبامية تشكل جواباً حاسماً للنظام السوري بأن التعاون معه غير مطروح على الإطلاق. الخارجية الأميركية أكدت «نحن لا ننسّق ولن ننسّق عسكريّاً مع طهران، وربّما تتاح فرصة أخرى في المستقبل لمناقشة مسألة العراق». وهذه الرسالة الأميركية أيضاً تميّز بين التنسيق العسكري في مواجهة «داعش» الذي لا يشمل طهران، وبين التنسيق السياسي الذي يمكن أن يشملها بعد انتهاء الضربة العسكرية. وفي هذا السياق أيضاً أعلن البيت الأبيض أنّ أي اجتماع بين الرئيس أوباما ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني ليس مقرّراً على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وإذا كان عنوان المرحلة دولياً توزيع المهام بين القوى المشاركة في التحالف ضد «الدولة الإسلامية»، فإن عنوان المرحلة لبنانياً مزدوج: متابعة قضية العسكريين المخطوفين التي سلكت الطريق المطلوب، والانتخابات النيابية بين إتمامها في توقيتها وبين التمديد.

الحدث الدولي لم يحجب الاهتمامات المحلية، وخصوصاً أن مشاركة لبنان في التحالف الدولي جعلته في قلب هذا الحدث، ومن الواضح أن هذه المشاركة متفق عليها بين كل القوى السياسية، وما يصدر من مواقف من هنا وهناك لا يخرج عن سياق تسجيل المواقف، أو بهدف إيصال رسالة واضحة بأن لبنان يتعامل مع المجتمع الدولي بالقطعة لا بالجملة، بمعنى أن استهداف «الدولة الإسلامية» شيء، فيما التفكير في استهداف النظام السوري شيء مختلف تماماً، وبالتالي هذه المشاركة ليست «شيكاً» على بياض، إنما محصورة ومحدّدة في الزمان والمكان.

وعلى الطريقة اللبنانية في تسويات الـ6 و6 مكرّر، ومقولة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»، جاءت التسوية الأخيرة التي وفَّقت بين مشاركة لبنان في التحالف ضد الإرهاب الذي استهدفه في عرسال وغيرها، وبين التشديد على عدم استبعاد أي دولة واحترام سيادة الدول والقانون الدولي في إشارة إلى سوريا وإيران.

وقد دلّت هذه التسوية مراراً وتكراراً إلى أن لبنان بحكم المحيَّد عن أزمات المنطقة، وأنه لولا الاستحقاقان الرئاسي والنيابي، لكان يمكن الحديث عن «صفر» مشاكل في ظل تحييد القضايا الخلافية في هذه المرحلة. فالتعاون بين قوى 8 و14 آذار لم يسبق أن شهدت أي حكومة مثيلاً له منذ حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى، إذ هناك اتفاق واضح على تبريد المناخات السياسية، ومواجهة التحديات الأمنية، والتمسّك بالحكومة كإطار جامع للمكونين.

وفي الوقت الذي يرجّح أن ينسحب التفاهم الأمني والديبلوماسي على التمديد لمجلس النواب على رغم ضبابية الصورة والمواقف المتناقضة، فإنّ الاستحقاق الوحيد الذي سيبقى عالقاً هو الانتخابات الرئاسية التي لا مؤشرات توحي بالحلحلة وكسر الجمود القائم.

مبادرة «14 آذار»

وفي سياق الحراك باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي زاره النائب سامي الجميّل أمس، ويزوره نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان اليوم، كشفت أوساط في قوى 14 آذار لـ«الجمهورية» أنها كانت بانتظار عودة رئيس المجلس من السفر، من أجل أن تطلب موعداً منه ترجمة لمبادرتها الرئاسية، وقالت إنّ من غير المناسب أن تبدأ لقاءاتها مع أي طرف قبل أن تلتقي رئيس مجلس النواب، وبالتالي ستبادر بعد هذه المحطة إلى طلب مواعيد مع سائر القوى السياسية الوسطية وفي 8 آذار.

وأكدت أن هذه المبادرة ستظهر مجدداً من هي القوى المسهلة لانتخابات رئاسة الجمهورية والقوى المعطّلة لها، وأملت أن تتمكن من الاتفاق على مبدأ التسوية الرئاسية مع الطرف الآخر، من خلال قبوله انتخاب مرشح تسوية، ليصار بعدها إلى البحث عن الشخصية التي تنسجم مع طبيعة المرحلة السياسية. وشدّدت أنها لن تيأس من الدفع باتجاه إنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية، وإطلاق المبادرة تلو الأخرى وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد.

عدوان

وقال النائب عدوان لـ«الجمهورية» إن الهدف من لقائه الرئيس بري اليوم هو البحث في كل القضايا المتصلة بالمجلس النيابي عشية انتهاء مدته، وتحديداً في العمل التشريعي الضروري بدءاً من عقد جلسة مخصصة فقط للقانون الخاص بإصدار سندات اليوروبوند، وصولاً إلى سلسلة الرتب والرواتب.

وأكد عدوان أن الأيام المقبلة ستشهد تظهيراً واستمراراً لمبادرة 14 آذار، وشدد أن على رغم محورية الملفات الخارجية والداخلية، يبقى الاستحقاق الرئاسي في طليعة اهتمامات «القوات» و14 آذار.

سعيد: لنقاش مع «حزب الله»

وفي هذا السياق بالذات، قال منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد، بعد لقائه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، إن «مبادرة 14 آذار بحاجة إلى نقاش مع «حزب الله» وليس مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد عون، لأن الحزب هو صاحب العلاقة في هذا الموضوع، اذ إنه المعرقل لانتخاب الرئيس، وقد استخدم عون كوسيلة من أجل التعطيل».

إقفال باب الترشيحات

وعشية إقفال باب الترشيحات النيابية منتصف هذه الليلة، وصلت حتى يوم أمس إلى 289 ترشيحاً، كما كشف مصدر في وزارة الداخلية، وأضاف: إن موجة الترشيحات لم تشكل قناعة لدى المرشّحين بأن الانتخابات النيابية حاصلة في مواعيدها، وخصوصاً في ظل اتفاق مبدئي على التمديد ما زال يفتقد الصيغة النهائية التي ستعتمد في الشكل والمضمون والمهل.

فالمرشحون بالعشرات وخصوصاً من الكتل النيابية الأساسية الذين تقدموا بترشيحاتهم خشية حصول أي مفاجأة تؤدي إلى فوز بعض المرشحين بالتزكية من الذين تقدموا بترشيحاتهم ضمن المهلة القانونية ولم يسمع بهم أحد من قبل.

ومن المقرر أن يعقد وزير الداخلية نهاد المشنوق مؤتمراً صحافياً منتصف هذه الليلة لحظة إقفال باب الترشيحات، للإعلان عن عدد المرشحين النهائي.

الخاطفون يوسعون مطالبهم

وعلى صعيد ملف العسكريين المخطوفين، كشفت مصادر المعلومات المسرّبة من دوائر المفاوضات الضيقة التي تتولاها قطر وتركيا مع كل من «جبهة النصرة» و»داعش»، أنهما رفعا من سقف مطالبهما في الساعات الأخيرة من خلال إضافة لوائح لموقوفين في السجون السورية من بين القياديين والمناهضين للنظام السوري.

وقالت المصادر إن رفع سقف المطالب ارتفع بمجرّد قبول الأتراك والقطريين المباشرة بحركة المفاوضات، علماً أن الطرفين يناقشان مع الجانب اللبناني منذ أسابيع عدة أفكار مختلفة يمكن ان تشكل مدخلاً الى المفاوضات.

وفي هذه الأجواء، يتوقع أن يعود المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم اليوم الى بيروت برفقة الوفد القطري المفاوض، من دون أي إشارة إلى احتمال أن ينضم وفد من المفاوضين الأتراك المكلفين أيضاً هذه المهمة بالتنسيق مع الجانب اللبناني.

محاكمة الإسلاميين

ومساء أمس التقى رئيس الحكومة تمام سلام وزير الداخلية نهاد المشنوق وقوّما نتائج الإتصالات التي أجريت في قطر، كذلك ناقشا الإستراتيجية الواجب اعتمادها بعدما أعلن رسمياً عن بدء الوساطة القطرية – التركية والظروف التي واكبتها وما هو متوقع منها.

وعلى صعيد آخر، التقى الرئيس سلام وزير العدل أشرف ريفي وناقش معه الإجراءات المتخذة من قبل القضاء لتسريع محاكمة الموقوفين الإسلاميين.

وعلمت «الجمهورية» أن سلام طلب الاجتماع بريفي، بعدما نقل إليه وزير الصحة وائل أبو فاعور رسالة من النائب وليد جنبلاط تتصل بهذا الملف.

وقالت المصادر إن ريفي وضع سلام في ما أنجزه المجلس العدلي إلى اليوم في أكثر من 24 ملفاً من الملفات الـ39 العائدة للموقوفين، ووضعه في صورة الزيارة التي سيقوم بها عند الثانية من بعد ظهر اليوم إلى مجلس القضاء الأعلى للبحث في هذا الموضوع، والتحضيرات الجارية وسط توقعات بحسم هذا الملف بمجمله في ملهة أقصاها نهاية العام الجاري. وإلى ذلك، يعود مجلس الوزراء إلى الإجتماع عصر يوم الخميس المقبل وعلى جدول أعماله حوالى 45 بنداً عادياً.

البقاء في سوريا

وفي خضمّ الاستعدادات الدولية لاستهداف «الدولة الإسلامية»، أكّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أنّ «المرحلة اليوم تفرض على «حزب الله» أن يبقى حيث هو في سوريا أكثر من أي يوم مضى، لأن لبنان فرضت عليه معركة تكفيرية، ودخل مرحلة جديدة جعلت ما بعد عرسال ليس كما قبلها، وبات في قلب المعركة التي فرضت عليه، وبالتالي هذه المعركة تستوجب تغييراً في الأولويات الوطنية».

تنصيب المفتي

وعلى خط آخر، من المتوقع أن تشكل مناسبة تنصيب المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان اليوم محطة وطنية بامتياز في المواقف التي سيطلقها دريان، كذلك في العدد الكبير من الشخصيات الروحية والزمنية التي ستحضر هذا الحفل.