على وقع التحضير الدولي لضرب «داعش» وأخواتها في العراق وسوريا، والذي يبدو أنه بدأ «على الخفيف» وقد اقترب من بغداد أمس، يبقى الداخل اللبناني منشغلاً بمصير الاستحقاقين الرئاسي والنيابي، فالأول ما زال متعثراً وجلسة 23 أيلول الجاري ستَلقى مصير سابقاتها، لأنّ أيّ تقدم، ولَو كان بسيطاً، لم يحصل بعد، على ما اكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية» أمس، كاشفاً انّ الاتصالات مستمرة في الكواليس. فيما الثاني آيل الى تمديد جديد للولاية النيابية بعد اعتراف وزارة الداخلية بعجزها عن إجراء الانتخابات، متذرّعة بالاوضاع الامنية…
ووسط التطورات الاقليمية المتسارعة في ضوء التحالف الاقليمي ـ الدولي المقرر للقضاء على «داعش»، كشف مرجع لبناني مسؤول أنّ هناك اتصالات تجري على مستويات محلية وإقليمية ودولية عليا تحضيراً لقمة روحية إسلامية ـ مسيحية عالمية ستعقد قريباً في مقر الأزهر الشريف في القاهرة، يشارك فيها، الى الأزهر، الفاتيكان والمرجعيات الدينية في النجف الأشرف وقُم.
ويتكوّن جدول اعمال هذه القمة من ثلاثة بنود، هي:
1- رفض التعرّض للمسيحيين وقهرهم والاعتداء عليهم.
2- التشديد على الوحدة الاسلامية.
3- نَبذ التطرف ومواجهته.
في غضون ذلك أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، أمس، أمام مجلس الشيوخ، أنّ الضربات الجَوّية التي تنوي واشنطن شَنّها في سوريا، ستستهدف معاقل «داعش» ومراكزه القياديّة وشبكاته اللوجستيّة.
وفيما أسقطَ هذا التنظيم المُتطرّف طائرة حربيّة تابعة للقوّات النظاميّة السوريّة فوق مدينة الرقة، وفق ما أفادَ «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، تَعكف السلطات التركيّة على إنشاء منطقة عازلة على الحدود بينها وبين كلّ من العراق وسوريا، تحسّباً لأيّ هجمات قد تشنّها «داعش»، وفق ما أعلن الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان.
توازياً، وفي مؤشّر إلى نيّتها تصعيد عمليّاتها القتالية ضدّ مناطق خاضعة لسيطرة الإرهابيّين، استهدفت المقاتلات الأميركية للمرّة الأولى، أمس، مواقع لـ«داعش» قرب بغداد. وفي وقت سارعَت السلطات العراقية الجديدة إلى الترحيب بهذه الخطوة، أعلنت قوات البشمركة الكرديّة سيطرتها على أربع قُرى مسيحية غرب اربيل في منطقة كردستان العراق بعدما طردت مسلّحي «داعش» منها.
وأعلن رئيس مجلس النواب الاميركي «الجمهوري» جون باينر أمس تأييده خطّة الرئيس باراك أوباما «القوية» لتسليح مسلحي المعارضة السورية وتجهيزهم وتدريبهم لقتال المتطرفين، داعياً الكونغرس الى المصادقة على هذه الخطة.
وقال إثر اجتماع للحزب الجمهوري لإقناع أعضائه بالموافقة على خطة اوباما في تصويت حاسم يتوقّع أن يجري اليوم: «بصراحة أعتقد انّ طلب الرئيس منطقي». وأضاف: «لا سبب لدينا لعدم الموافقة اذا طلب منّا الرئيس ذلك».
برّي وتشريع الضرورة
داخلياً، كان الحدث السياسي البارز ما أعلنه عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان عن استعداد «القوات» وتيار «المستقبل» لـ«تشريع الضرورة».
وقال بري لـ«الجمهورية» انّ لقاءه وعدوان «كان إيجابياً»، حيث اكّد عدوان أنّ «القوات اللبنانية» مع عقد جلسات تشريع للمجلس وبلا شروط. وأضاف بري: هذا موقف لـ»القوات» متقدّم عن السابق. وأشار الى انّ «عدوان شدّد على أن يكون التشريع محصوراً بالقضايا الضرورية، فأكدتُ له انّ هذه النقطة لا خلاف عليها».
واعتبر برّي انّ ما حصل بينه وبين عدوان هو «تفاهم مبدئي، ولكنه ينتظر ترجمته مع حلفاء «القوات»، في اعتبار انّ تيار «المستقبل» يقول انه مع التشريع لكنه متضامن مع حلفائه بسبب عدم انتخاب رئيس». وأضاف: «هذا الامر يتدبّر بين الحلفاء».
عن لقائه عضو كتلة «الكتائب» النائب سامي الجميّل، قال بري: «الجمّيل أبدى الاستعداد لكلّ ايجابية من دون ان يقول كـ»القوات» انه يؤيّد عقد جلسات تشريعية».
وأكد بري أنّ «هناك خمس أولويات لا يمكن الاستغناء عن بَتّها في ايّ جلسة تشريعية:
أولاً- سلسلة الرتب والرواتب.
ثانياً- سندات اليوروبوند.
ثالثاً- رواتب الموظفين في القطاع العام.
رابعاً- الموازنات العامة المُحالة الى المجلس النيابي
خامساً- قانون الانتخاب أو ما يتعلق بتعديل بعض بنوده.
وقال بري: «هذه بنود ملحّة لا يمكن تأخيرها ويمكن إقرارها في جلسة او اكثر، ولكن مبدأ استعادة المجلس التشريع يعني عقد أكثر من جلسة. وبناء على ايّ تفاهم باستئناف المجلس عمله التشريعي، سأدعو هيئة المكتب الى الاجتماع لوَضع جدول أعمال جديد للجلسات ينطلق من الجدول السابق الذي يتصدّره مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي لا تزال جلسته مفتوحة».
وعن موضوع الانتخابات، والكلام المتصاعد عن تمديد ولاية المجلس مجدداً، أكد بري إصراره على إجراء الانتخابات، خصوصاً انّ الوضع الامني اليوم أفضل ممّا كان عام 2013، فيومها كانت طرابلس مشتعلة وصيدا كانت تشهد اضطرابات «. ولاحظ انّ «الوضع الامني في لبنان هو أفضل من دول مضطربة أجريَت فيها انتخابات كالعراق».
وكرّر بري رفضه تمديد الولاية النيابية، وقال: «إنني أحترم ما يقرره المجلس النيابي، ولكن اذا طرح التمديد في أيّ جلسة فسأصوّت وكتلتي ضده». وأضاف: «انّ موقفي هذا ليس للمناورة ولا للمقايضة، ولم يسبق لي أن قايَضت، لا في سلسلة الرتب والرواتب ولا في موضوع عمّال الكهرباء، وإنني مقتنع بأنّ الوقت حتى 16 تشرين الثاني مُتاح للتحضير للانتخابات التي ستجرى في ذلك الموعد.
ولذا، اذا اقتضى عقد جلسة للمجلس لتعديل بنود في قانون الانتخاب تنسجم مع اجرائها، فسأدعو اليها». وأضاف: «اذا كان هناك قرار بالتمديد فيجب ان تتخذ الحكومة موقفاً بذلك وتقدّم التبريرات وتتحمّل هي المسؤولية».
وقال: «عندما أكدتُ الاصرار على الانتخابات حصلَت هَجمة على الترشيحات وادخلت الى الخزينة أربعة مليارات من الترشيحات التي بلغ عددها خمسمئة، علماً انه في حال عدم إجراء الانتخابات فإنّ الخزينة ستكسب ملياراً ومئتي مليون ليرة لبنانية، لأنّ الاشخاص الذين ترشّحوا للدولة في ذمّتهم مالاً، كالضرائب، ستستوفيها فورا وتُعيد لهم ما تبقى. وبالتالي، نحن في هذه الحال خدمنا الخزينة بتحريك الموضوع».
وإذ سأل بري لماذا التمديد؟ قال: «عندما حصل التمديد عام 2013 كان هناك اتفاق على مجموعة قوانين، ولكن حكومة ميقاتي استقالت يومها فقالوا «لا نُشَرّع في غياب الحكومة»، وكان هناك جدول أعمال في مجلس النواب يضمّ 45 بنداً. ثم حصل الشغور الرئاسي، فقالوا «لا نشرّع في غياب الرئيس» فلماذا التمديد إذاً لمجلس لا يعمل؟ إنّ هذا المجلس بات كثمرة السفرجل «كلّ عَضّة بعَضّة».
عدوان
وكان عدوان قال بعد لقائه وبري: «نحن مع تشريع الضرورة، أيّ سلسلة الرتب والرواتب، لأننا نريد التشريع في هدوء لِما يخدم المصلحة الوطنية، ولا نريد التشريع تحت ضغط الشارع وضغط التهويل والتهديد. واليوم لا يوجد لا تهويل ولا تهديد، إنما هناك ضرورة، وقد اقتربنا كثيراً من سلسلة تخدم الوضع المالي واستقراره»، معتبراً أنّ «التشريع في سلسلة الرتب والرواتب بات أمراً ملحّاً، وهناك أيضاً قضيّة «اليوروبوند» وهي مسألة ملحّة وعلينا إقرارها، وكذلك قضية الموازنة التي ننتظرها منذ أعوام فيما البلاد تسير من دونها».
ونقلَ عدوان عن برّي تأكيده مجدّداً أنّ «الاولوية تبقى لانتخاب رئيس للجمهورية، وعلينا السعي ليلاً ونهاراً، واليوم قبل الغد، ليكون عندنا رئيس»، مؤكّداً «استعدادنا وتيار «المستقبل» للذهاب الى تشريع الضرورة، وأن يعمل المجلس النيابي الأسبوع المقبل على هذه المواضيع». وأعلن عن تفعيل «مبادرة «14 آذار» في شأن الاستحقاق الرئاسي في الايام المقبلة».
زيارة قطر وأمن الإنتخابات
الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ وزير الداخلية نهاد المشنوق سيثير في جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً موضوع الانتخابات النيابية في ضوء القراءة المعمّقة التي أجراها مجلس الأمن المركزي أمس وانتهى فيها الى عدم وجود ايّ صعوبة في إجراء هذه الانتخابات على المستويين التقني واللوجستي، وأنه يبقى على الحكومة اتخاذ القرار السياسي والأمني على أن يتقدّم قادة الأجهزة الأمنية خلال أسبوع بتقويم أمني وبتوقعاتهم في هذا الشأن.
وكشفت مصادر وزارية انّ جلسة مجلس الوزراء، التي ستنظر في جدول أعمال عادي من 45 بنداً، ستتناول نتائج زيارة الرئيس تمام سلام الاخيرة لقطر والمساعي الجارية لتزخيم المبادرة التركية ـ القطرية للإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و«جبهة النصرة» في جرود عرسال.
ريفي يردّ على جنبلاط
وقال وزير العدل أشرف ريفي، في ردّ غير مباشر على النائب وليد جنبلاط، على أثر زيارته مجلس القضاء الأعلى: «نحن نعرف واجباتنا، ولا نريد من احد أن يَدلّنا عليها. ومن اليوم الأوّل لتسَلّمي وزارة العدل كانت أولويتي تسريع المحاكمات.
نعرف ما هو المطلوب منّا ونعرف واجباتنا القانونية والوطنية من دون إشارة من أحد. ونحن نقوم بعملنا، وأقول انّ القضاء في لبنان قضاء مستقلّ لا يقبل التدخّل من احد، كما لا أقبل ان يتدخل أحد في عملي كوزير للعدل». وأكّد: «إننا لا نتدخّل في التسويات السياسية، والقضاء يلتزم القانون ويقوم بواجبه القانوني فقط، والمطلوب من السلطة السياسية أن تقوم بواجباتها».
ابراهيم والقطريون
وعاد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس الأول من قطر، بعد اجتماعات عقدها مع الفريقين المفاوضين التركي والقطري لتقويم المرحلة الأولى من المفاوضات التي قادها القطريون والمراحل اللاحقة.
وفضّلت مراجع معنية عدم الدخول في ايّ تفاصيل تتصِل بمهمة فريق الوسطاء وما أنجزه حتى اليوم، وعمّا إذا كان الفريق القطري قد عاد الى بيروت لاستئناف مفاوضاته مع الخاطفين. وتردّد أمس، نقلاً عن مراجع ديبلوماسية عربية معنية، انّ هذا الفريق سيصِل بيروت في الساعات المقبلة بعدما كانت عودته متوقعة مع ابراهيم.
تسليح الجيش
وينتظر ان يبحث مجلس الوزراء في ما آلت اليه المساعي الجارية لتسليح الجيش اللبناني وتجهيزه بالعدة والعتاد، في ضوء إعلان وزارة الدفاع أمس انّ هِبة المليار دولار السعودية وضعت قيد التنفيذ.
وفي هذا السياق علمت «الجمهورية أنّ زيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق المقررة لروسيا «هي زيارة استطلاعيّة بشقّين: الاول سياسي والآخر عسكري، حيث سيبحث في إمكان شراء سلاح روسي لقوى الأمن الداخلي يُغَطّى من الهِبة السعوديّة، حيث سيعمد الى تنويع مصادر شراء الأسلحة والمعدات والتجهيزات، وعدم حَصرها بدولة معيّنة».
مخيّمات النازحين
وقالت المصادر انّ مجلس الوزراء سينظر في بعض الملفات الإدارية وخصوصاً ما يتصِل منه بالمساعي المَبذولة لإنشاء مخيمين نموذجيين للاجئين السوريين على الحدود اللبنانية ـ السورية الشمالية والعقبات التي تعترض هذا المشروع قبل التنسيق مع المنظمات والهيئات الدولية التي سيقع على عاتقها التجهيز والدعم المادي. وسيُطلع رئيس الحكومة المجلس على حصيلة لقائه أمس مع الخلية الوزارية لشؤون النازحين.
وأكّدت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» أنّ «مشروع إقامة هذين المخيّمين اصطدم بعراقيل عدّة، خصوصاً في منطقة الشمال، حيث أنّ الوضع الامني هناك لا يساعد من كل النواحي، فيما يمكن إقامة مخيّم في البقاع قرب نقطة المصنع لنقل نازحين من عرسال بُغية تخفيف الضغط عنها».
لكنّ المصادر تساءلت «هل يمكن إقامة مخيّمات في البقاع من دون التنسيق مع النظام السوري، وسط استحالة قبول وزراء «14 آذار» بهذا الأمر؟». وأكدت أنّ «فكرة المخيمات تحتاج الى قرار سياسي كبير غير متوافر حتّى الآن، ما يشير الى أنّ هذه الفكرة لم تسلك طريقها الى التنفيذ حتى الآن».
إجتماع ثلاثي
وفي الوقت الذي بدأت تتفاقم المشكلات المالية، ولا سيما منها المتصلة بالإعتمادات الخاصة بالكهرباء ورواتب الموظفين لشهر تشرين الأول المقبل، عقد ليل أمس في وزارة المال اجتماع ثلاثي، ضَمّ الى وزير المال علي حسن خليل وزير الصحة وائل ابو فاعور ونادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، خُصّص للبحث في القضايا المالية.
وقالت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» انّ البحث ركّز على امور محددة، منها ما يتصِل بتوفير مخرج لقَوننة صرف الرواتب والأجور في القطاع العام في ضوء إصرار بري على انعقاد مجلس النواب لتشريع العملية واستصدار القوانين الخاصة بها، وكذلك اصدار اليوروبوند وتوفير الإعتمادات لمؤسسة كهرباء لبنان.
وأضافت: «تبيّن للمجتمعين انّ المبالغ الخاصة بباخرتَي إنتاج الطاقة التركيتين بدأت تتراكم وتطالب الشركة بها قبل الموافقة على زيادة إنتاجها من 280 ميغاوات الى 380 ميغاوات لتغطية النقص الحاصل جرّاء الأعمال الطارئة على معملي دير عمار والزهراني والاضطرار الى فصل بعض المعامل عن الشبكة، ما وَضعَ أجزاء من بيروت الإدارية بداية ليل أمس ومناطق أُخرى في العتمة».
إقفال الترشيحات
أعلن وزير الداخلية والبلديّات نهاد المشنوق إقفال باب الترشيحات للانتخابات النيابية على 514 مرشحاً بينهم 35 مرشحة. ولفت في مؤتمر صحافي عقده منتصف ليل أمس في وزارة الداخلية إلى أنَّ المسائل القانونية والدستورية قد أنجزت، وللمرة الأولى ستحصل انتخابات خارج لبنان في الكويت وسيدني ومالبورن في أوستراليا»، لافتاً إلى أنّ «الانتخابات النيابية ستجري في 16 تشرين الثاني على أساس قانون الستين، وللمرّة الأولى يجري الترشح بواسطة نظام مكننة متطوّر».
وشدد على أنّ القرار أصبح في مجلسي الوزراء والنواب، مذكّراً بأنه طلب من رؤساء الاجهزة الامنية والعسكرية خلال اجتماع مجلس الامن المركزي، رفع تقارير مفصّلة خلال أسبوع تتضمَّن تقويماً للأمن السياسي والوضع الامني المحيط بالعملية الانتخابية، مشيراً إلى أنّ «العمليّة تحتاج الى أكثر من 7000 قلم اقتراع، و21000 عنصر من قوى الأمن الداخلي».
وأضاف: «إذا كان هناك قرار سياسي بإجراء الانتخابات، فإنّ الوزارة مستعدة بكل التجهيزات»، معلناً أنه «ملتزم قرار كتلة «المستقبل» سواء أكان التمديد أو عدمه»، مشدداً على أن الأولوية هي لإجراء الانتخابات النيابية لا التمديد.