Site icon IMLebanon

الوساطات تنتظر سلام والجيش سيمنع تحويل طرابلس «عرسال – 2»

تبنّت جلسة استثنائية لمجلس الأمن الدولي تَرَأسها الرئيس الاميركي باراك اوباما، أمس، قراراً مُلزماً لوَقف تدفّق المقاتلين الاسلاميين المتطرفين الاجانب الى سوريا والعراق، واحتواء الخطر الذي يشكّلونه على بلدانهم الاصلية.ويفرض القرار الملزم، الذي تمّ تبنيه بالاجماع، على الدول مَنع مواطنيها من الانخراط في تنظيمات متطرّفة، مثل «الدولة الاسلامية»، تحت طائلة فرض عقوبات. وترأس الرئيس الاميركي هذا الاجتماع النادِر الحدوث، وحَضره العديد من رؤساء الدول والحكومات، بينهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

وقال أوباما إنّ تكتيك الإرهاب ليس بالجديد وإنّ الكثير من الدوَل رأت مواطنيها يُقتلون على يد الارهابيين، مُندداً بمقتل الرهينة الفرنسي.

وأضاف: «التدفّق غير مَسبوق للمقاتلين إلى أفغانستان وليبيا وسوريا والعراق، فهناك أكثر من 15 ألف مقاتل أجنبي أتوا إلى سوريا حسب المعلومات الاستخباراتية. هؤلاء الإرهابيون يشكلون تهديداً فورياً».

وأكّد أوباما أمام الجمعية العمومية، التي انطلقت أعمالها في نيويورك، أمس، مواصلة بلاده الحرب على الإرهاب، وتعهّدَ بالقضاء على «داعش»، مشيراً الى انّ إدارته تعمل مع حلفائها لإضعافها ثم تدميرها تماماً. وقال: «إنّ اللغة الوحيدة التي تفهمها هي القوة». وعَلّق على مقاطع الفيديو التي نَشرتها «داعش» مؤكداً انّ «لا إله يقبَل بها».

وأكّد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في الجلسة، أنّ التحاق المقاتلين هو نتيجة لِما يحدث في سوريا، وأضاف أنّ «قيادة غير مسؤولة في العراق وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا أدّيا إلى هذا الأمر».

وتابع بان: «دَققتُ ناقوس الخطر السنة الماضية حول هذا الخطر، ونحن بحاجة إلى استراتيجية شاملة في سوريا لمواجهة الإرهاب وتجنّب زيادة التشدد وموت المدنيين».

الضربات الجوية

الى ذلك، أكّد الجيش الأميركي أنّ «الضربات التي نفّذها التحالف الدولي ضدّ «داعش» استمرّت ليل أمس الأوّل، واستهدفت مقارّ مهمّة له في كلّ من العراق وسوريا، حيث دُمّرت آليّات عدّة وموقعاً لتخزين الأسلحة».

وأعلنت القيادة العسكريّة الأميركيّة الوسطى أنّ «الضربات التي استهدفت مواقع «داعش» استمرّت ليل الثلثاء، لترتفع بذلك الأهداف الإرهابية المُستهدفة إلى 198 في العراق، و20 في سوريا».

وأشارت إلى «انضمام طائرات حربيّة فرنسيّة إلى الطائرات من دون طيّار والمُقاتلات الأميركيّة في تنفيذ ضربات فوق العراق، وشارك ائتلاف من الحُلفاء العرب في العمليات فوق سوريا». وتابعت: «استهدفت الضربات ليل الثلثاء، غربَ بغداد، آليّتَين مُدرَّعتين لداعش وموقعاً لتخزين الأسلحة، ودَمّرت أيضاً ضربتان أخريان مواقع قتاليّة للتنظيم تُهدّد أربيل». ولفتت إلى أنّ «الضربات التي نُفّذت الثلثاء في سوريا استهدفت 8 آليات لـ«داعش» شمال غرب بلدة القائم الحدوديّة مع العراق».

حراك سلام

وفي نيويورك، واصلَ رئيس الحكومة تمام سلام لقاءاته، على هامش أعمال الجمعية العمومية، على أن يُلقي كلمة لبنان غداً. وقد زار أمس الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في مقر إقامته في نيويورك، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل والوفد المرافق، وتخلّل اللقاء عرض للأوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة. ثم التقى سلام الرئيسَين الفلسطيني محمود عباس والتركي رجب طيب اردوغان للغاية نفسها.

من جهته، التقى باسيل نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل، وعرض معه لموضوع مكافحة الارهاب وتسليح الجيش اللبناني.

الوضع الداخلي

داخلياً، وفي ضوء ترقّب المشهد الاقليمي، تركزت الاهتمامات على متابعة ردود الفعل على كلمة الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله الذي أكّد دعمه المُطلق للحكومة في الملفات كلها، ولا سيما منها التفاوض لإطلاق العسكريّين المخطوفين، فيما بَدا أنّ القوى السياسية استفادَت من انشغال الرأي العام في متابعة ضربات التحالف الدولي لمواقع «داعش» و«النصرة» في سوريا، كذلك انشغاله في متابعة تَحرّك أهالي العسكريّين المخطوفين، من أجل تمرير جلسات تشريعية تحت عنوان «تشريع الضرورة» بهدف إقفال ما تبقّى من ملفات خلافية، وحَصر الاهتمام بانتخاب رئيس جمهورية جديد، ومتابعة الوضع العسكري والأمني بدقّة في عرسال، لمَنع الإرهابيّين من تعريض استقرار لبنان للاهتزاز.

المخطوفون والتصعيد

وفي هذا الوقت، واصلَ أهالي العسكريّين المخطوفين تصعيدهم فأقفلوا طرقاً في البقاع والشمال، وأعلنوا استمرارهم في إقفال طريق ضهر البيدر. وقالوا، في بيان، إنّ «الدولة لم تُعِرنا أيّ اهتمام، لذلك قرّرنا الاستمرار في إقفال الطريق على أن نُعلن خطوات لاحقة، ومن بينها خطوات قد تؤثّر في حياتنا كأهالي».

وأضافوا: «نعيش الآن صفقة كذب ونقول للدولة: «الكرة في ملعبك»، ولا نريد خلية أزمة وإنما خلية حلّ، كما أنّ الطريق سيستمرّ مُقفلاً حتى إشعار آخر». وحَمّلوا الحكومة مسؤولية «ما حصل وما سيحصل للعسكريّين»، ووَجّهوا نداءً الى «كل مسؤول أمني يتّصل بنا: لقد فقدنا الثقة بأنفسنا وبأيّ مسؤول يطلب منّا فتح الطرق، فليفتح طريق عرسال ويأتِ بالمخطوفين».

مصدر أمني

في هذا الوقت، أوضح مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ «الجيش يتعامل بمسؤولية عالية مع إقفال أهالي العسكريّين المخطوفين الطرق، ولن يُقدِم على فتحها عنوة، فالأهالي أبناؤنا، كذلك فإنّ الإرهاب لن يستطيع أن يوقِع مواجهة بيننا وبينهم».

المشنوق

في غضون ذلك، كشف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّ الاجتماع الأمني الذي عقد أمس الأول في وزارة الدفاع «بحثَ في كلّ الخيارات للافراج عن العسكريّين المحتجزين في جرود عرسال». وأشار الى أنّ «المقايضة واردة، استناداً إلى القوانين المرعيّة الإجراء، وكل ما يُقال غير ذلك هو غير صحيح على الإطلاق».

وأشار إلى أنه «يتفهّم تماماً مشاعر أهالي العسكريّين المحتجزين، لكن عليهم أن يعلموا أوّلاً أنهم يقطعون الطرق على أهلهم من دون أن يؤثر ذلك على القتلة والمجرمين الذين يحتجزون أولادهم».

وطمأنَ المشنوق أهالي العسكريين الشهداء الى أنّ «دماء أولادهم لن تذهب هدراً»، وقال لأهالي المحتجزين إنّ «معاناة أبنائهم والواجب الذي تفرضه المسؤولية الوطنية علينا، هما الحافز الذي يدفعنا الى مزيد من العمل لإنهاء هذه المأساة بكلّ الوسائل المُتاحة، وهي ليست قليلة. وإنّ الجهد المبذول والمتعدد الاتجاهات داخلياً وخارجياً، وإن تطلّب وقتاً، إلّا أنه سيحقق في النهاية ما نتمنّاه لاستعادة عَسكريّينا المُحتجزين سالمين مُعافين».

وكان المشنوق غادر ظهر أمس الى فرنسا للقاء الرئيس سعد الحريري بُغية التشاور معه في المستجدّات. وعلمت «الجمهورية» انّ هذه الزيارة تأتي «للبحث في آخر التطورات في شأن العسكريّين المخطوفين وما يمكن القيام به من مَساع لحلّ هذه القضية».

وأشارت المعلومات الى أنّ «الهمّ الآن هو أمني وهذه المسألة ستحتلّ المساحة الكبيرة من البحث بين الحريري والمشنوق، من دون إهمال بقيّة الملفات»، نافية «أيّ تحضير لوساطة جديدة أو محاولة فتح قنوات اتصال جديدة مع الخاطفين، بل إنّ المفاوضات تحصل عبر القنوات المعروفة، وأيّ محاولة من جهة أخرى ستُشوّش على عملية التفاوض».

وأكّد مرجع أمني لـ«الجمهورية» انّ «كل المخارج المطروحة ليست سهلة إذا ما أُخضِعَت للقرار السياسي في ظلّ فقدان التوافق الحكومي حول ما يمكن القيام به، إذ انّ هناك مَن يعتقد انّ اللبنانيين قادرون على حلّ هذه المسألة، فيما يعتقد آخرون انّ التعقيدات الخارجية هي التي عَطّلت المساعي التي بُذِلت حتى الآن».

وأضاف: «إنّ الإتصالات التي أجريَت مع اهالي المخطوفين لم تؤتَ ثمارها، وانّ التصعيد له اسباب أخرى غير الإنسانية والعائلية، وهي تتعدى الإطار الذي تعتمده الحكومة في ظل الصعوبات الداخلية والخارجية». وختم: «إننا نتفهّم ردّات فِعل الأخ والأب والأم والزوجة، ألله يساعدهم».

وفي مجال آخر كشفت مراجع معنية انّ كلّ التحركات على مستوى الوساطة القطرية قد تجمّدت في اليومين الماضيين، ما دفعَ الى انتظار اللقاء الذي عُقِد بعد ظهر أمس بين سلام والرئيس التركي في نيويورك وتناول الموضوع نفسه. ولم يتبلور حتى ليل أمس مدى قدرة تركيا على التحرّك في هذا الملف، لأنّ الاتصالات السابقة لم تكن مطمئنة ولا مضمونة. ولذلك، بقيَ الأمر رهناً بنتائج لقاء سلام ـ أردوغان.

مصدر عسكري

وأكّد مصدر عسكري أن «لا خطط أو استعدادات لشَنّ هجوم عسكري ضد المسلحين السوريّين في جرود عرسال والقلمون، وانّ الخطة الحالية التي يعتمدها الجيش تأتي تنفيذاً للقرارات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية أخيراً، وتقضي بفَصل عرسال عن أطرافها حيث ينتشر المسلحون في الجبال».

وأضاف المصدر: «إنّ الهدف من هذا الإجراء هو قطع إمدادات المسلحين من عرسال». وتحدث عن اجراءات جديدة للجيش في شأن أصحاب كسّارات الحجارة والبساتين المنتشرة في المناطق الوعرة على الحدود مع سوريا. وتشمل هذه الاجراءات السمَاح لأصحاب الكسّارات بإدخال كمية مازوت تكفيهم لعمل يوم واحد، لكي لا يتمّ تهريب أيّ كميّات للمسلحين، والسماح لكلّ مزارع بحَمل طعام يكفي لشخص واحد».

وأشار المصدر الى انّ «الجيش ينتشر على طول الحدود الشرقية «إلّا انّ تركيزنا الحالي هو على عرسال لأنها منطقة عمليات»، ونفى وجود «تنسيق ميداني مع الجيش السوري أو مع «حزب الله» في أيّ معارك يخوضها الجيش ضد المسلحين السوريّين في المنطقة».

وأوضحَ أنّ الجيش اللبناني «يَقصف أصلاً مواقع المسلحين على السفوح التي تطلّ على الجهة اللبنانية، بينما غالبية الغارات الجوية السورية تتركّز على المقلب الآخر»، وأضاف: «أحياناً نستهدف بالمدفعية بعض مواقع المسلحين، وفي الوقت نفسه تشنّ طائرات سورية غارات على المكان نفسه، وهذا دليل على غياب التنسيق، لأنه وفق قوانين العِلم العسكري لا يجب قَصف منطقة بالمدفعية خلال إغارة طائرات حربية عليها».

وحول تأثير القصف المدفعي على التفاوض في شأن إطلاق العسكريّين الأسرى، قال المصدر العسكري: «انّ الجيش لا يقصف مواقع المسلحين بهدف شَنّ عمل هجومي، نحن نقوم بالقصف المدفعي حين ينفّذون انتشاراً ظاهراً للعيان أمام مواقعنا. وبالتالي، يهمّنا ألّا نَستنفِد ذخيرتنا اذا لم يكن هناك من أهداف مؤكدة».

استهداف الجيش في طرابلس

الى ذلك، تحدث مصدر أمني رفيع لـ»الجمهورية» عن «استهداف 3 حواجز للجيش اللبناني في طرابلس، وعن إصابة جندي»، واعتبر أنّ «الهدف من محاولة فتح معركة في طرابلس هو الضغط على الجيش وإلهائه وإدخاله في معارك جانبية لحَرف الأنظار عن عرسال، وبغية التفاوض على فتح ممرّ للإرهابيّين».

وأكّد انّ «طرابلس لن تؤثّر على عرسال بعدما أحكمَ الجيش السيطرة وباتَ الوضع العسكري ممتازاً»، مشيراً الى أنّ «مخابرات الجيش تلاحِق المجموعات التي تستهدف الحواجز في طرابلس». وتَوَقّع «سقوط إحدى أكبر المجموعات الإرهابية في المدينة التي تقوم بهذه الأعمال، قريباً، لأنّ الجيش لن يسمح بتحويل طرابلس عرسال 2».

تساؤلات جعجع

وفيما يراوح ملف الاستحقاق الرئاسي مكانه، سأل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمس، رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون: «قُل لنا ماذا تنتظر يا جنرال؟ لماذا تستمرّ في مقاطعتِك لانتخابات رئاسة الجمهورية؟ ماذا تنتظر للافراج عن موقع الرئاسة؟ ربما إذا أعطيتَنا سبباً واحداً مُقنعاً، قد نشاركُك في المقاطعة، لكننا لا نرى سبباً وجيهاً واحداً لذلك، بينما نرى لبنانَ يغرقُ أكثرَ فأكثر في الفوضى واللامبالاة والمقاطعة واللامسؤولية والعَتمة».

وآلان عون يردّ

وردّاً على تساؤلات جعجع، قال عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «إننا ننتظر جواب فريق قِوى 14 آذار، وتحديداً الفريق المسيحي فيها، ومن بينها الدكتور جعجع، أن يقولوا لنا كيف يمكن للمسيحيّين أن يكون لهم رأي وازِن في اختيار رئيس الجمهورية، الموقع المسيحي الذي يعود لهم في هذه التركيبة الطائفية، باستثناء ما يُعرَض علينا من حَذف كلّ مرشّح مسيحي يتمتع بصفة تمثيلية من السباق الرئاسي؟

فهل يريد فريق 14 آذار المسيحي أن يكرّس هذا النمط منذ اتفاق الطائف حتى اليوم؟ أم يريد أن يضع يده في يدنا من أجل تغيير جذري في عملية انتخاب الرئيس وإعادة المسيحيّين فعلاً الى المعادلة والقرار»؟ وختم عون: «حتى الساعة، لم نتلقّ أيّ جواب شافٍ، ونحن ما زلنا في انتظاره».

التشريع

في غضون ذلك، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري انّ الاجواء حول عقد جلسة تشريعية والاتفاق على مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب إيجابية حتى اللحظة، وانه ينتظر التفاهم على تفاصيل السلسلة كلها لكي يدعو هيئة مكتب المجلس الى الاجتماع. وقال، وفق ما نقل النوّاب عنه، إن «لا علاقة لانعقاد الجلسة التشريعية بموضوع التمديد للمجلس»، مضيفاً: «لم يفاتحني أحد في التمديد، وأنا ما زلتُ على موقفي الداعي الى إجراء الانتخابات النيابية».