موقف «المردة» يُركّز على أولوية برنامج الحكومة لا أشخاصها
بإنتظار نتائج تحرك الروسي والفرنسي واللواء عباس إبراهيم، المواقف على حالها في العلن، لكن لا بد للحراك الجاري ان يُثمر حلحلة في مكان ما، لا سيما ان بعض الجهد ينصب على محاولة عقد لقاء مصارحة ومكاشفة وغسل قلوب بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، على الأقل لشرح وتوضيح مواقف الطرفين وهواجسهما والخروج برؤية متقاربة لتشكيل الحكومة. وهو الامر الذي يعمل عليه بشكل خاص اللواء ابراهيم والجانب الفرنسي عبر السفيرة آن غريو التي التقت قبل ايام قليلة (يوم الخميس) باسيل في اللقلوق، في إطار المساعي الفرنسية المستمرة للحل حسب مصادر «التيار الحر».
هذا في الجانب الداخلي، الذي سيتأثر حكماً سلباً او إيجاباً بما حصل يوم السبت، من تجمع سياسي حزبي في بكركي وكلمة البطريرك بشارة الراعي التي استهدف فيها مكونات سياسية كثيرة، لحثها على تلبية مطالب الناس وتشكيل الحكومة ومعالجة الوضع المعيشي، عدا كلامه عن «الدويلة والسلاح غير الشرعي» الذي يقصد به حزب الله. وعن التدويل الذي يرفضه اكثرمن طرف سياسي وازن وفاعل.
لكن ثمة سؤال يتردد في الكواليس السياسية والدبلوماسية عن الدور الاميركي في كل ما يجري، وما هي اسباب واهداف تحرك السفيرة دوروثي شيا بين الفترة والفترة، وهل ترصد نتائج المساعي الجارية، وبخاصة المسعى الروسي الاخير الذي تولاه مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط وافريقيا الكسندر بوغدانوف مع الرئيس الحريري ومع رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية؟ وهل من مسعى اميركي لتعطيل المبادرة الروسية في لبنان ليبقى لها وحدها مع فرنسا وعبرها سبق الحل، لا سيما وان الروسي مهتم بإنعكاس اي حل في لبنان على الوضع في سوريا واميركا لديها موقف آخر حول الوضع السوري؟
تقول مصادر«المردة» عن سبب الاتصال الروسي بفرنجية: يرى الروس في فرنجية شخصية سياسية موثوقة، ويهمهم الوقوف على رأيه ورؤيته لمسار الاوضاع والحلول الممكنة، وذلك نتيجة علاقة قديمة ومترسخة بينهما. عدا عن انه شخصية لها مكانتها ودورها وتأثيرها في الوسط السياسي اللبناني، لذلك كان اتصال بوغدانوف به قبل يومين، حيث حثّ بوغدانوف جميع الاطراف على إيجاد الحلول بالتوافق بين بعضهم وتحقيق الاستقرار السياسي المؤدي الى تحقيق تعافٍ واستقرار اقتصادي لاحقاً. وجاء ذلك لأن موقف «المردة» من موضوع الحكومة يقوم على اولوية برنامجها ومهمتها وتنفيذه وفق جدول زمني واضح ومحدد بلا إطالة، اكثرمما يركز على شكل الحكومة واشخاصها. وان يكون الوزراء كفوئين من اصحاب اختصاص فعلي وغير مُقيّدين بضوابط سياسية ولو كانت لهم ميول او مواقف سياسية، حتى تتمكن من إنجازمهمتها المحددة وتحصل على الدعم المطلوب من الدول المانحة. وبهذا المعنى يتلاقي موقف «المردة» مع المبادرة الفرنسية ومع رغبة الرئيس الحريري حول كيفية تشكيل الحكومة، لا سيما وان «المردة» لامطالب صعبة لها وهي تسهّل تشكيل الحكومة لكنها ضد إختزال أي طرف.
ويقول متابعون للتحرك الروسي انه دخل على خط المساعي بزخم بعد معرفته ببعض تفاصيل التحرك الاميركي، الذي يرى الجانب الروسي انه يهدف إلى تشكيل حكومة بمواصفات اميركية كاملة لا تناسب الوضع اللبناني، وتسبّبُ عرقلة لمساعي الحل من جهة، وما يعنيه ذلك من تأثير على الوضع في سوريا الذي تلعب فيه روسيا الدور المحوري الاول والمؤثر من جهة اخرى.
ويضيف المتابعون: ان الأميركي يعمل على ان تكون له الحصة الاكبر من النتائج في كل ما يجري في لبنان والمنطقة، ولو لم ياتِ الحل بالكامل على يديه بل على يد حلفائه ومنهم فرنسا. فإذا نجح حصد النتائج واخذ الحصة الاكبر من قالب الحلوى اللبناني، وإذا فشل يكون بعيداً عن الصورة لكنه قد يُعرقل الحلول التي يسعى إليها الآخرون.
وهنا يُطرح السؤال: هل فعلاً يُعطّل الاميركي والروسي الواحد على الآخر ام انهما يتكاملان في تأييد ودعم المبادرة الفرنسية؟.