يجول زعيم تيار المردة سليمان فرنجية البلاد بطولها وعرضها من اقاصي الشمال الى جرود جزين في الجنوب مروراً بجبل لبنان، ليس في الامر مجرد سياحة فالرجل زعيم مسيحي خسر الرئاسة الاولى وهي بالقرب من فمه، ولكنه وان لم يصل الى بعبدا لا يبدو في موقع المنتظر للايام والسنوات المقبلة، بل هو في مستوى المبادر الذي يبدو انه طرح وعمد الى تأجيل الاستحقاق الماروني الاول جانباً حتى ولو من باب توسيع كتلته النيابية، فهو العارف ان رئيس الجمهورية في لبنان لا يتم انتخابه في المجلس النيابي سوى في نوادر المحطات، كما حصل مع جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية، بل تصل الرسالة اقليمية ودولية.
ولكن حسب اوساط «المردة» هذا لا يعني ان لا تكون الكتلة النيابية اكبر واوسع تمثيلاً بفعل التوازنات المحلية داخل المجلس النيابي والتمثيل الحكومي على حد سواء ومن الطبيعي ان يزور رئيس المردة مختلف الشخصيات والمرشحين الذين تجمعه بهم قواسم مشتركة ورؤية موحدة نحو مستقبل لبنان عموماً والمسيحيين بشكل خاص مستبعداً بشكل كلي اللقاء مع قياديين او نواب في التيار الوطني الحر، وان كانت الاستراتيجية العامة ما زالت تجمع بين الطرفين من حيث النظرة الى المقاومة وسوريا، ولكن في التفاصيل لا شيء لافت تقول الاوساط فالنائب فرنجية تربطه علاقات عائلية وسياسية بمختلف القيادات التي زارها، ولكنها في مجملها «تزكزك» العونيين في مختلف مساراتها من الشمال الى الجنوب بل وصولاً الى التلويح بالفراق.
وتشرح المصادر نفسها فحوى تحركات فرنجية بالقول: انها تصب في خانة تجميع القوى القريبة منه تمهيداً لمعركة الانتخابات النيابية التي ستكون قاسية الى حد كبير خصوصاً في دائرة البترون – الكورة – زغرتا – بشري، حيث النقل الاساسي لتيار المردة، والتي بدأ فرنجية في نسج تحالفات يمكن وصفها بالجوهرية خصوصاً مع القوات اللبنانية حيث المسار الحواري بين الطرفين تخطى مرحلة تجميد الارض وتهدئتها وصولاً الى ما يمكن استخلاصه بناء علاقة ودية بين المردة والقوات، وهذا الامر حسب هذه المصادر غير مستبعد، فالطرفان وان كانت المصائب الماضية ثقيلة الوزن، الا انها تهون ما دام رأس التيار الوطني الحرّ مطلوب اقله من ناحية المردة.
وتلفت هذه المصادر الى ان امكانية خوض الانتخابات معاً يمكن ان تحصل في اية لحظة بعدما استوت نتائج الزيارات بين معراب وبنشعي وباتت الطريق سهلة المنال وغير مخيفة بين الطرفين قياساً على الماضي، وهنا تتحدث هذه المصادر عن تشجيع من الرئيس نبيه بري ولكن من «بعيد لبعيد» ولا اهتمام مباشر من حزب الله بتطوير العلاقة بين جعجع وفرنجية ما دام كل حزب يلعب الى حد ما داخل ملعبه دون اذية الآخر، خصوصا وان ما بين فرنجية وحزب الله ثوابت جامعة يمكن وضعها جانباً في طريق التحالف مع القوات كما فعلت الاخيرة مع التيار الوطني الحر وفق المفهوم نفسه: يقف كل طرف على اساسياته والباقي يمكن تحريكه.
وتقول هذه المصادر ان لا ضرر سيلحق بحزب الله من تقارب المردة والقوات بل يمكن ان يشكل ويفتح طريقاً موازياً للقوات كما حصل سابقاً من تفاهم القوات والتيار الذي يبدو هذا الاخير في وصف المصادر بالطفل «السباعي» الذي ولد قبل وقته، ولذلك يمكن ملاحظة عوالم واشارات المرض عليه من فترة الى اخرى ولكن الطرفين حتى الساعة لا يريدان الخلاص من هذا الجنين!!
وتشير هذه المصادر الى جملة زيارات فرنجية وفق التالي:
1- زيارة تم وصفها بالعائلية الى النائب بطرس حرب بالقرب من معقل الوزير جبران باسيل، وعلى خلفية تواجد المردة في هذا القضاء يمكن البناء عليها اكثر من غيرها في الاستحقاق النيابي المقبل كما حال الكورة وزغرتا، ويعرف باسيل تماما ان الزيارة الى تنورين حصلت من مدينة البترون وبالقرب من منزل وزير الخارجية صعوداً نحو الجرد، ويبدو ان القوات حسب المسار المستعجل والمكرر مع المردة لم يصبها اي أذى حتى الساعة سوى امكانية ترميم العلاقة بينها وبين بطرس حرب والتي ستلامس لزوم عدة المعركة النيابية فكل شيء وارد من الآن حتى موعد الانتخابات.
2- اللافت في سياحة فرنجية زيارته الى مدينة جزين معقل التيار الوطني الحر ولقائه مع المرشح ابراهيم عازار في منزل الأخير، ولكن هذه الزيارة لم تكن معززة بالعائلتين لدواع تختص بعازار، وفي مجمل الحال، فان اقصى ما يمكن تقديمه لنجل النائب الراحل سمير عازار الذي كان حليفاً ملتزماً لبري امكانية الحديث عن الاصوات الشيعية في قضاء جزين بعيداً عن صيدا حيث من المفترض ان يكون الحلف متيناً بين التيار الازرق والتيار الوطني.
3- اما زيارات فرنجية للوزير السابق فريد هيكل الخازن في منزله فهي تحولت الى عملية تفقد معتادة لمنزله الثاني في كسروان ولطالما كانت حاشدة، اما الزيارة الاخيرة فكانت متنوعة النشاطات والوجوه السياسية التي اصطحبها فرنجية معه والتي لاقاه فيها الخازن، وتبدو مرافقة فرنجية من قبل عقيلته ونجليه طوني وباسل والوزيرين السابقين روني عريجة ويوسف سعادة وبحضور عائلة الخازن بأكملها ومساعديه، كل هذا يجعل من التطلع نحو كسروان حيث انطلق العماد ميشال عون الى موقع الرئاسة محط اهتمام لافت وله دلالات واسعة توازي اهمية البترون بحيث يمكن الاستنتاج من قبل هذه المصادر ان زيارات فرنجية تتجه بوصلتها نحو مكامن قوة العهد الحالي والتيار الوطني الحر بالتحديد مع العلم ان هذه المصادر تكشف ان رئيس المردة سوف يزور مناطق بعبدا وجبيل وفق قاعدة: أينما يتواجد العونيون سوف نكون، واذا لم نستطع الفوز سوف نلحق الخسارة بالخصم، وكل المهم ان لا تفوز بعض الاسماء تشبثاً بالمعاملة بالمثل كما توضح هذه المصادر التي تأخذ في الحسبان ان وفرة زيارات فرنجية الى المناطق تقفز فوق بيت الوسط وبعبدا ولكن يبقى السؤال: كيف ستوفق القوات بين حصول تفاهمها مع المردة اقله في الانتخابات مع المستقبل والتيار؟؟