الحريري يؤكد التصدّي لكل ما يمسّ استقرار لبنان والعرب
مشاورات «التريّث» ترسم خارطة المواقف اليوم
على نية «النأي» الجدّي بلبنان عن صراعات المنطقة وعن كل ما يسيء إلى بيئته العربية الحاضنة، يلتئم الشمل الوطني اليوم في قصر بعبدا للتشاور في «نقاط التريث» الثلاث التي أعلنها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري صبيحة عيد الاستقلال من القصر الجمهوري باعتبارها نقاطاً محورية في عملية تحصين البلد وحماية استقراره وركائزه البنيوية بكافة أبعادها الدستورية والمؤسساتية والسياسية والأمنية والاقتصادية والعربية. وبينما يُفترض في ضوء مشاورات «التريث» اليوم أن ترتسم خارطة مواقف الأفرقاء وتوجهات كل منهم إزاء «اتفاق الطائف والنأي بالنفس وعلاقات لبنان العربية»، يبقى الهدف الوطني المنشود من هذه المشاورات اغتنام فرصة «التريث» وتحويلها إلى لحظة مفصلية جامعة تكرّس آليات عملانية تطبيقية لمفهوم النأي بلبنان من شأنها أن تقرن الأقوال بالأفعال وتحفظ استقرار البلد وتصون علاقاته الأخوية مع العرب.
وعشية انطلاق المشاورات، أوضحت مصادر بعبدا لـ«المستقبل» أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون سيعقد لقاءات مكوكية على مدار ساعات نهار اليوم مع ممثلين لكل الكتل والأحزاب والسياسية المتمثلة بالحكومة بالإضافة إلى حزب «الكتائب اللبنانية» للبحث مع كل منهم في نقاط التريث الثلاث والاستماع إلى آرائهم وتصوراتهم حيالها، مشيرةً إلى أنّ عون وعلى ضوء ما سيتكوّن لديه من خلاصات لهذه المشاورات سيعقد مساءً اجتماعاً مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء سعد الحريري لوضعهم في نتائج مشاوراته مع الأفرقاء للبناء عليها وتحديد الخطوات الوطنية التالية في سبيل بلورة الأمور.
وكان الحريري قد شدد على أنّ كل جهوده واتصالاته تصب في خانة «خدمة البلد والناس»، لافتاً إلى أنّ خطوة التريث الذي اتخذها بناء لطلب رئيس الجمهورية إنما «هي لإعطاء فرصة لمناقشة وبحث مطالبنا وشروطنا الأساسية بتحييد لبنان وإبعاده عن الحرائق والحروب بالمنطقة وتطبيق سياسة النأي بالنفس عملياً بالممارسات والسياسات المتبعة والالتزام باتفاق الطائف»، وأردف: «نحن لن نقبل بمواقف «حزب الله» التي تمس بأشقائنا العرب أو تستهدف أمن واستقرار دولهم، وهناك جدية بالاتصالات والحوارات القائمة للاستجابة لطروحاتنا وعلينا أن نبني عليها».
وإذ لفت الانتباه خلال استقباله في «بيت الوسط» المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى إلى أنّ الأزمة الأخيرة «كشفت
نوايا وتوجهات البعض لضرب الاستقرار واستهداف البلد لغايات ومصالح خاصة»، أضاف الحريري متعهداً التصدي «لهؤلاء بكل إمكاناتنا لأجل الحفاظ على الوحدة والاستقرار والنهوض بلبنان نحو الأفضل»، وسط تحذيره من وجود «أقاويل وإشاعات خبيثة تُبث بين الناس لاستهداف أهل السنّة، تارةً باتهامنا بالتنازلات من هنا وتارةً أخرى بالتهاون بمصالح وحقوق السنّة عموماً»، منبهاً إلى أنّ ذلك مجرد «كلام سياسي هدفه محاولة هدم هذا الكيان السنّي الذي تمثله دار الفتوى ورئاسة الحكومة لغايات ومصالح شخصية»، وختم: «من موقعي كرئيس للحكومة أؤكد حرصي الشديد على حقوق السنّة كما سائر المذاهب والطوائف الأخرى في الوطن (…) وواجبي أن أجمع الناس الذين يريدون الحفاظ على مصلحة الوطن العليا ووحدته واستقراره أما الذين يريدون شراً بلبنان لغايات محلية أو خارجية فسأتصدى لهم وأواجههم بكل قوة».