Site icon IMLebanon

الحريري «يُحنّن».. وحزب الله «يُجنّن»

 

 

بعدما اطمأن المعرقلون إلى نجاح عرضهم المستمر على «خشبة التعطيل» فارضين إيقاعاً تدميرياً لمشروع استنهاض الدولة يحاصرون من خلاله كل الآمال المعلّقة على دور الحكومة العتيدة في إطلاق عجلة هذا المشروع بكافة أبعاده التنموية والإصلاحية والاقتصادية والحيوية، بات مركب التأليف يتأرجح عملياً بين ضفتين متقابلتين، الأولى ضفة الدستور ونصوصه التي تمنح رئيس الحكومة المكلّف حصرية قيادة دفة هذا المركب بالتعاون مع رئيس الجمهورية، بينما على الضفة الثانية يتمترس «حزب الله» متربّصاً ساعياً إلى قرصنة دفة المركب الحكومي وحرفه عن مساره الدستوري. وتصديقاً لمقولة «هناك كلام يحنّن وكلام يجنّن» التي كان قد استهل بها الرئيس المكلّف سعد الحريري مؤتمره الصحافي الأخير في «بيت الوسط»، برزت خلال نهاية الأسبوع ترجمة عملية لهذه المقولة، مع كلام للحريري تفاؤلي هادئ وهادف إلى أن «يحنّن» ويزخّم آفاق الحلول المتاحة تأسيساً على ما يجمع اللبنانيين، مقابل كلام لمسؤولي «حزب الله» عالي النبرة والسقف «يجنّن» ويذكي الخلافات بين اللبنانيين تكريساً لما يفرّق بينهم ويشق وحدتهم الوطنية.

 

ففي «نصف الكوب الملآن» من المشهد، جاء إعراب رئيس الحكومة المكلّف أمس عن أمله في التوصل إلى حل لأزمة التأليف، قائلاً: «في نهاية المطاف أنا متأكد أننا سنصل إلى حلّ وعلى الجميع أن يعي أنّ الدستور هو الذي يجمعنا»، ولفت الحريري في كلمة ألقاها، خلال تسلمه رسالة الاستقلال التي جاء بها غطاسون من قعر البحر، إلى ضرورة «التركيز على ما يجمعنا» في البلد، مُفضّلاً عدم الغوص في الحديث عن تعطيل ولادة الحكومة تعزيزاً لفرص الحل المرتقبة.

 

أما في «نصف الكوب الفارغ» من المشهد، فقد أطلق «حزب الله» العنان أمس لبعض نوابه وقيادييه، على شاكلة النائب حسن فضل الله والشيخ نبيل قاووق، لتسعير النار تحت صفيح التأليف الساخن وإضفاء حماوة تصعيدية على أجواء البلد من خلال استخدام عبارات استفزازية بحق رئيس الحكومة المكلّف تتهجم على المرجعية الرئاسية والسياسية للطائفة السنية في الدولة تحت ستار المطالبة بتحصيل تمثيل النواب السنّة الستّة التابعين لقوى 8 آذار في التشكيلة الحكومية العتيدة، تحت طائل استخدام «الإصبع المرفوع» تهديداً وتهويلاً باستمرار تعطيل تأليف الحكومة في حال استمرار رفض توزير أحد هؤلاء النواب الستّة.

 

وتحت وطأة هذه الأجواء السلبية، وبينما كان رئيس الجمهورية ميشال عون قد أكد أمام زواره السبت أنّ «أزمة التأليف كبرت» مستعيناً بحكمة «سليمان الحكيم» علّها تُساهم في دفع اللبنانيين إلى الرأفة بوطنهم الأم، برز مساءً تشديد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي فور عودته من روما غداة لقائه البابا فرنسيس والمسؤولين في الفاتيكان على أنّ «تعطيل الحكومة لم يعد جائزاً مهما كانت الأسباب ولأي مطلب شخصي أو فئوي» كان، وأردف الراعي متأسّفاً: «عندما نُسأل في الخارج لماذا لا يوجد عندكم حكومة جديدة بعد، فإننا نضع رأسنا في الأرض، فالعالم كله يحب لبنان ويا ليت اللبنانيين والمسؤولين فيه يحبونه كذلك».