رئيس الحكومة: كل جهودي منصبّة على منع الانقسام وإعادة الأمل
بري: «القطوع مرق» والحريري أنقذ البلد
بخلاف ما يجسده هذا التاريخ الأسود في مخزون الذاكرة الوطنية، حلّ 13 نيسان برداً وسلاماً على اللبنانيين وبقيت ذكراه المشؤومة بعد 42 عاماً معلّقة على جدران الماضي عبرة لمن يعتبر من معابرها وصورها الموصومة بالاقتتال الأهلي وخطوط التماس المخزية بين أبناء الجلدة الوطنية نفسها. اليوم، وبعد كل التجارب في الداخل والمحيط، بات اللبنانيون بمعظمهم على يقين أكثر من أي يوم مضى أنهم إما رابحون جميعاً إذا ربح الوطن أو جميعهم خاسرون إن هُم خسروا الوطن. وعلى هذه القاعدة الذهبية ارتكز الحل الدستوري الذي أرجأ انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر، مشرّعاً الأبواب أمام فرصة التفاهم على قانون انتخابي جديد بين الأفرقاء، وموصداً إياها أمام مخاطر الفراغ والانقسام والانزلاق إلى لعبة الشارع والشارع المضاد، وهو حلّ نجح في تأمين تقاطع تسووي للأزمة عمل على بلورة خطوطه الإنقاذية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بين قصر بعبدا وعين التينة، حيث شدد رئيس المجلس نبيه بري أمام زواره أمس على محورية الدور الذي لعبه رئيس الحكومة في هذا المجال قائلاً: «القطوع مرق» والرئيس الحريري أنقذ البلد.
ونقل زوار بري لـ«المستقبل» إشادته بالجهود التي بذلها الحريري للتوصل إلى صيغة تأجيل انعقاد المجلس، مؤكداً أنه كان على تواصل دائم معه على مدار ساعات الأمس، وقال: «الله يعينو تعب كتير حتى وصلنا للحل، ودوره كان أساسياً في تطويق المشكل الكبير الذي كان يتهدد البلد». ورداً على استفسارات الزوار، لفت رئيس المجلس النيابي إلى أنه كان على علم مُسبق بالقرار الذي سيتخذه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وجهّز سلفاً البيان الذي جرى تعميمه من عين التينة بعد دقائق من انتهاء كلام عون، مضيفاً في معرض تجديد التنويه بقرار رئيس الجمهورية: «جيد أنه استخدم الحق الذي يمنحه إياه الدستور قبل فوات الأوان (مع انتهاء العقد العادي للمجلس النيابي) وإلا كانت الكارثة قد وقعت، علماً أنها ليست المرة الأولى التي يُتخذ فيها قرار تعليق جلسات البرلمان بل سبق أن استُعمل هذا الحق ثلاث مرات في زمن الانتداب أعوام 1933 و1934 و1936»، وأردف: «أما اليوم وبمعزل عن الآراء المتفاوتة بين أحقية الرئيس من عدمها في إصدار القرار الذي اتخذه، يبقى الأهم بالنسبة لي أنّ ما حصل أنقذ البلد من الفراغ»، كاشفاً أنه حين تلقى اتصال التنويه بموقفه من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي لفت انتباه غبطته بالقول: «إذا على قانون اختلفنا هيك كيف لو صار فراغ؟ وإذا وصلنا إلى الفراغ وبتنا أمام مؤتمر تأسيسي جديد مَن سيدفع الثمن؟». ليخلص بري إلى الإعراب أمام زواره عن اطمئنانه إلى كون «البلد ربح في نهاية المطاف والحل الذي توصلنا إليه أخرجنا من النفق»، جازماً بأنّ «الفراغ في المجلس النيابي لن يحصل وسيتم التوصل إلى قانون انتخاب جديد أكيد».
وبالحديث عن القانون العتيد، فقد برزت أمس جملة معطيات على خارطة المواقف السياسية من المشروع التأهيلي على أساس طائفي أكثري، أبرزها ما كشفته مصادر قواتية رفيعة لـ«المستقبل» لجهة تريث حزب «القوات اللبنانية» في الموافقة على هذا المشروع وفق الصيغة التي طرحها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، مشيرةً إلى أنّ التريث مردّه بالدرجة الأولى إلى كون القيادة القواتية لم تطلع بعد على هذه الصيغة إنما علمت بها بالتواتر، ثم أنّها وربطاً بما تنامى إليها حول مضامين المشروع تعتبر أنه يحتاج إلى بعض التعديلات سواء لناحية تقسيماته أو لجهة الشرط التأهيلي. في حين برز أمس موقف لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عبّر فيه عن اعتقاده بأنّ مشروع التأهيل الطائفي المطروح لقانون الانتخاب «يُلغي الشراكة الوطنية»، موضحاً أنه «يفرز ويفرّق بدل أن يُقرّب ويجمع».
الحريري
في الغضون، ولمناسبة حلول الذكرى الـ42 لاندلاع الحرب الأهلية، كانت لرئيس الحكومة سلسلة لقاءات وأنشطة ذات صلة بالذكرى أمس، شدد فيها على المسؤولية الجماعية واليومية لمنع أي منزلق يودي بالبلد إلى الحرب الأهلية، فقال في كلمة مصوّرة متوجهاً إلى اللبنانيين: «نقوم بكل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف، لكنني بحاجة لمساعدتكم لكي نوقف مخاطر عودة الحرب في اليوميات، بتربية أولادنا، بتوعية شبابنا وشاباتنا، هذا الجيل الذي لم يعرف الحرب الأهلية، ونلجم أنفسنا عن التصرفات والكلام الذي يغذي شبح الحرب من دون قصد».
ومساءً، أكد الحريري في كلمة ألقاها خلال افتتاحه العرض الأول لمسرحية «هنا بيروت»، على مسرح المدينة في الحمرا، بدعوة من جمعية «مارش» في ذكرى الحرب الأهلية، أنّ «الكلام وحده لا يكفي» لتجنّب العودة إلى الاقتتال الأهلي ونبذ العنصرية بكل أشكالها الطائفية والمناطقية والتهميش، وأضاف: «لذلك كانت كل جهودي في المرحلة السابقة التوصل لتسوية سياسية توقف انزلاق البلد نحو الكارثة من جديد لا سمح الله، وكل جهودي في المرحلة الحالية منصبة على منع عودة الانقسامات، وفي الوقت نفسه إعادة إطلاق الأمل خصوصاً للشباب بإيجاد فرص العمل، وتخفيف عبء إخواننا النازحين السوريين على الاقتصاد والخدمات العامة، لكي لا يستخدم أحد هذا العبء ذريعة لكي يعيد التعبئة عنصرياً وطائفياً في البلد».