الحريري يؤكد «الاختلاف مع حزب الله إلى يوم الدين».. ويتحدّى المزايدين
عون لـ«المستقبل»: كنتُ مع «النسبية» وما زلت
توّج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون النفحة التفاؤلية الوطنية بقرب بلوغ رحلة البحث عن قانون الانتخاب خط نهاياتها السعيدة، فبدا حريصاً على طمأنة اللبنانيين إلى كون المعضلة الانتخابية باتت على وشك الانتهاء قائلاً لـ«المستقبل»: «أنا متفائل، وطالما نعمل لبلوغ الحل فمن المؤكد أنّه سيُبصر النور قبل 19 حزيران المقبل». وعلى وقع تأكيد أوساط القصر نهاراً أن «النسبية حُسمت وأن النقاش يدور الآن حول الدوائر»، شدّد الرئيس عون أنه كان مع النسبية «وما زلت».
وإذ أبدى استغرابه في إطار متابعته الصحف اليومية لسيل المواقف المتضاربة بين «متفائلة من دون سبب ومتشائمة من دون سبب»، ذكّر عون بأنه «منذ البداية» لم يكن يوماً ضد النسبية، وأردف مضيفاً: «حتى مشروع القانون الأخير الذي طُرح وجرى رفضه كان نسبياً، وبالتالي نحن ليست لدينا أي مشكلة مع النسبية لكننا نريدها مع ضوابط لأنّ التوزيع السكاني قاتل». ورداً على سؤال حول ما إذا كان يرى بوادر اتفاق على «الضوابط» المنشودة، أكد رئيس الجمهورية أنّ «هناك ضوابط جيدة طُرحت في عدد من المشاريع لكنها رُفضت»، ليختم حديثه بتجديد الإعراب عن تفاؤله بالمنحى الإيجابي
الذي تسلكه المشاورات لبلورة صيغة قانون الانتخاب العتيد.
وفي سياق تفاؤلي متقاطع، أكد نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان لـ«المستقبل» حصول «تحوّل إيجابي كبير في ملف القانون الانتخابي خلال اليومين الأخيرين»، مشدداً على أنّ «رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لعب دوراً أساسياً في التقدم الحاصل»، مع تنويهه في الوقت عينه «بالإنجاز الذي تحقق والمُتمثل بقبول رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط باعتماد النسبية في قانون الانتخاب».
عدوان الذي جزم بأنّ تفاؤله ليس للاستهلاك الإعلامي إنما هو «تفاؤل مبنيّ على وقائع ملموسة»، لفت إلى أنّ المشاورات مستمرة بزخم إيجابي للتوصل إلى التوافق وولادة القانون الجديد قبل 19 حزيران «وربما أبكر من هذا التاريخ»، مشيراً في هذا المجال إلى أهمية «خارطة الطريق التي وضعت لإنجاز القانون وكان أول بنودها وقف التراشق السياسي والإعلامي»، وكشف عدوان أنه بصدد «عقد اجتماع مع الرئيس الحريري خلال اليومين المقبلين للبدء في بحث المسائل المُتعلقة بالدوائر الانتخابية وبعض التفاصيل الأخرى» في مشروع القانون التوافقي المرتقب.
الحريري
في الغضون، برزت سلسلة مواقف لرئيس مجلس الوزراء خلال الساعات الأخيرة عبّر فيها بكثير من الوضوح عن ثقته بالثقل التمثيلي الوازن الذي يتمتع به «تيار المستقبل» على مساحة الخارطة الوطنية، مشدداً على كون التيار هو «الأكثر تمثيلاً في كل لبنان» وسيحرز نحو 28 مقعداً نيابياً في الاستحقاق الانتخابي المقبل وفق أي قانون يتم اعتماده.
وخلال مقابلة أجراها معه الإعلامي أحمد عدنان عبر قناة «روتانا خليجية»، وضع الحريري عدم التوصل إلى تفاهم مسبق مع عون كان من شأنه أن يؤدي إلى ترشيحه لرئاسة الجمهورية عام 2008 في خانة «الخطأ الاستراتيجي»، وذلك في ضوء ما بدا له من تعاون متين بينهما منذ بداية العهد وحتى اليوم، كما أكد في الوقت ذاته متانة «العلاقة الاستراتيجية» التي تربطه مع حزب «القوات اللبنانية» بمعزل عن الاختلاف حول «بعض الأمور التفصيلية»، في حين اكتفى رداً على سؤال حول تشديد جنبلاط في الآونة الأخيرة على أن «لا حليف له سوى رئيس مجلس النواب نبيه بري»، بالقول: «صحتين على قلبو».
أما عن علاقته بـ«حزب الله»، فجدد رئيس مجلس الوزراء وصفها بأنها كناية عن «ربط نزاع»، مؤكداً وجود أمور يختلف فيها مع الحزب «من هنا إلى يوم الدين في موضوع سوريا وسلاحهم وطريقتهم في توجيه السلاح إلى داخل البلد»، مع إشارته إلى كون خطابات الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله «لا تُفيد لبنان لا من قريب ولا من بعيد»، إلا أنه شدد في المقابل على أنّ همّه الأساس يبقى النهوض بالبلد وحمايته وحماية أبنائه بمنأى عن اختلافه الجوهري مع الحزب «في كل الأمور التي يؤمن بها إقليمياً».
وفي معرض تحدّيه المزايدين عليه في موضوع «حزب الله»، لفت الحريري إلى كون الحزب يُمثل مع «حركة أمل» الشريحة الأكبر من الطائفة الشيعية في البلد، وعليه أردف متوجهاً إلى كل الذين ينتقدون تشكيله حكومة تضم «حزب الله»: «ماذا فعلوا هم مع «حزب الله» عندما كانوا في السياسة؟ أقول لكل الذين ينتقدونني في السياسة، لنفترض أنّ سعد الحريري قرر اليوم أن يتنحى، فلتتفضل يا فلان لتُشكل حكومة، مع من ستُشكلها؟»، أجابه المحاور «مع حزب الله»، تابع الحريري إذاً: «فليسكتوا ويحترموا أنفسهم».
وإذ أبدى ثقته باستمرار عمل المحكمة الخاصة بلبنان لكشف ومحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، شدد رئيس الحكومة في ملف الأزمة السورية على كون «بشار الأسد هو المجرم الأساسي في كل هذه المعادلة والمجرم الأكبر في عصرنا هذا»، بينما جدد التأكيد في ما خصّ العلاقات مع إيران على وجوب أن تكون «من دولة إلى دولة وليس على شكل التدخل الذي يحصل في لبنان أو المنطقة».