Site icon IMLebanon

عون والحريري يفكّكان «الصواعق» الخلافية: الأولوية للناس

الأمم المتحدة تتمسّك بالعودة «الطوعية» للنازحين.. والجيش يأسف لحملات «تشويه الإنجازات»
عون والحريري يفكّكان «الصواعق» الخلافية: الأولوية للناس

بخلاف كل ما سبقها من تحليل وتهويل وصل بعضه إلى حد «التهليل» بقرب انفراط عقد التضامن الحكومي، انعقدت جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا أمس وسط أجواء من النقاشات الهادئة حلّت برداً وسلاماً على المناخ الوزاري العام تحت مظلة رئاسية نجح خلالها رئيسا الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري في تفكيك «الصواعق» الخلافية التي سعى البعض إلى زرعها على أرضية التوازنات التوافقية، بحيث بدا التناغم واضحاً على طول الخط الرئاسي لا سيما مع تشديد كل منهما على ضرورة النأي بمجلس الوزراء عن أي ملف خلافي وإيلاء الأهمية والأولوية في هذه المرحلة الوطنية النهضوية إلى «قضايا الناس».

ففي الاستهلاليتين الرئاسيتين، سجل عون بدايةً تنويهه بإنجازات الجيش والقوى الأمنية وبتعاون الفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة إزاء تسليم المطلوبين مع تحذيره في الوقت عينه من مغبة تحوّل مخيمات اللاجئين والنازحين إلى بيئة حاضنة للإرهاب، بينما طرح الحريري ضرورة وضع خطة أمنية تلحظ إجراءات أمنية وميدانية واستباقية فعالة من بينها نزع السلاح المتفلت مع دعوته وزارة العدل إلى إعادة النظر ببعض عقوبات السجن لجهة التشدد بمعاقبة مرتكبي الجرائم الجنائية. وعن مجريات الجلسة، أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ

ملف عودة النازحين أثير على طاولة النقاش إثر مطالبة الوزير علي قانصو بتفاوض الحكومة مع حكومة النظام السوري في هذا الملف، الأمر الذي ردّ عليه رئيس مجلس الوزراء بالتشديد على كون «هذه المسألة من المواضيع الخلافية» وقال: «نحن نريد عودة النازحين السوريين الى بلادهم اليوم قبل الغد، لكن نعتبر أن ذلك من مسؤولية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها والتي عليها أن تضع خطة آمنة لعودتهم»، مذكراً بالاتفاق «منذ تشكيل الحكومة على وضع المسائل السياسية الخلافية جانباً ولا حاجة بالتالي لطرح مواضيع تسيء إلى التوافق الحكومي القائم»، الأمر الذي أيّده فيه عدد من الوزراء ومن بينهم الوزير طلال أرسلان الذي لفت إلى أنّ مثل هذه المسألة الخلافية لا يجب بحثها على طاولة مجلس الوزراء إنما على طاولة حوار وطني برئاسة رئيس الجمهورية. وفي سياق متكامل مع توجّه رئيس الحكومة، حسم عون النقاش في هذا الملف متوجهاً إلى الوزراء بالقول: «أتركوا لنا هذا الموضوع أناقشه مع دولة الرئيس وعلى كل حال من يريد من النازحين العودة إلى سوريا لا شيء يمنعه من ذلك».

أما في ملف الكهرباء، فأرجئ البحث بمستجداته ربطاً بغياب وزير الطاقة سيزار أبي خليل عن جلسة الأمس بداعي السفر، في حين نقلت المصادر أنّ أمين عام مجلس الوزراء فؤاد فليفل أكد لعدد من الوزراء أنّ التباين الذي كان قد ظهر بسبب خطأ مطبعي بين نص قرار مجلس الوزراء بشأن المعامل العائمة وبين نص الإحالة إلى إدارة المناقصات بهذا الخصوص تم تصحيحه.

عملية عرسال

وفي ما يتصل بالعملية العسكرية النوعية في مخيمات النازحين في عرسال والتي انتهت إلى تفكيك خلية انتحارية كانت تُعد لتنفيذ هجمات إرهابية في الداخل اللبناني، برز إبداء مجلس الوزراء تقديره لدور الجيش وما قام به من عملية استباقية في ملاحقة الإرهابيين، رافضاً في المقابل «كل صوت يُشكك بصدقية» هذا الدور، مع التأكيد بأنّ تحقيقات ستُجرى لتثبت أنّ المؤسسة العسكرية ملتزمة «التزاماً كاملاً بالواجبات القانونية والإنسانية». وفي الإطار عينه كان رئيس الجمهورية قد نبّه إلى وجوب تجنب إغراق البلد في أي جدل بيزنطي، مستذكراً «واقعة محاصرة محمد الفاتح القسطنطينية فيما كان أهلها منشغلين بالجدال حول جنس الملائكة في جدل بيزنطي لا ينتهي ويصرف الجهد عن الجوهر»، علماً أنّ وزير الدفاع يعقوب الصراف وضع المجلس أمس في الملابسات الحقيقية لوفاة أربعة أشخاص من الموقوفين في عملية عرسال مؤكداً أن الوفاة ناتجة عن «سكتة قلبية».

وفي السياق عينه، أعربت مصادر عسكرية لـ«المستقبل» عن تأسفها لبعض «حملات التشويه» التي يتعرض لها إنجاز الجيش في مخيمات عرسال للنازحين، مذكرةً بأنّ «أي من المدنيين لم يسقط خلال العملية التي لولا نجاحها لكان الأمن الوطني برمته بخطر بعد ما تكشف من مخطط انتحاري كان الإرهابيون يتحضرون لتنفيذه في عدد من المناطق اللبنانية». وكشفت أنّ هذه العملية كان من المقرر تنفيذها في وقت سابق إثر «معلومات استخباراتية حول وجود عبوات وأحزمة ناسفة وغرف لصناعتها» في هذه المخيمات، غير أنّ الجيش آثر تأخير التنفيذ حرصاً منه على اختيار توقيت ملائم وظروف مؤاتية محكمة للإطباق على الإرهابيين من دون المساس بأي من المدنيين، لافتةً الانتباه في هذا السياق إلى أنّ أحد العسكريين فقد بصره خلال العملية جراء محاولته حماية فتاة سورية نازحة.

وعما أثير حول وفاة أربعة موقوفين، أشارت المصادر العسكرية إلى أنهم توفوا قبل التحقيق معهم نتيجة سكتة قلبية بخلاف ما أشيع عن تعرضهم للتعذيب علماً أن شخصين توفيا للسبب عينه فور توقيفهم، لافتةً إلى أنّ التأخير بالإعلان عن وفاة الموقوفين الأربعة مردّه إلى انتظار المؤسسة العسكرية صدور تقرير الطب الشرعي لتبيان أسباب الوفاة، تمهيداً لرفع تقريرها بذلك إلى القضاء المختص المسؤول عن الإعلان عن الأمر.

الأمم المتحدة: طوعية العودة

في الغضون، برز في الحوار الإعلامي الذي أجراه كل من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ ونائب المنسق الخاص والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني حول دور الأمم المتحدة وأولوياتها في لبنان، تجديدهما التأكيد بالنسبة إلى موضوع عودة اللاجئين إلى سوريا، على موقف الأمم المتحدة المتمسك بأنّ «أي عودة للاجئين إلى بلادهم يجب أن تكون طوعية وفي ظروف تتسم بالسلامة والكرامة»، مع التشديد على أنه «مبدأ مركزي للقانون الدولي».

وإذ لفتا إلى استحالة «الإجابة الآن عن إمكانية وجود مناطق يمكن أن يكون اللاجئون مستعدين للعودة إليها في المستقبل القريب، لأن الوضع (في سوريا) لا يزال هشاً للغاية والصراع مستمر»، أكدت كاغ على كون وجود اللاجئين السوريين في لبنان هو «وجود موقت» نافيةً في المقابل وجود أي بحث في موضوع توطينهم.