الحريري: قادرون على التغيير ومتمسّكون بالتضامن العربي
«في الفقه واللغة والقانون»، احتدمت خلال الساعات الأخيرة أزمة تفسير رئاسي لنص المادة 59 بين عين التينة وقصر بعبدا في ضوء خروج رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى العلن باجتهاد دستوري رداً على تأخير فتح دورة استثنائية للمجلس استقاه من روحية الدستور الفرنسي بما يتيح تمديد العقد العادي الحالي ذاتياً لمدة شهر إضافي ينتهي نهاية حزيران من دون الحاجة إلى انتظار استخدام رئيس الجمهورية صلاحيته بفتح الدورة الاستئنائية، مستنداً في ذلك إلى كلمة «تأجيل» انعقاد المجلس الواردة في نصّ المادة 59 والتي لا تعني، بحسب بري (الذي يُخبئ في جعبته «مفاجآت أخرى قادمة» وفق زواره)، سوى تأخير مدة الانعقاد إلى موعد آخر «فإذا ما انقضت المدة المؤجلة يعود المجلس للانعقاد فيستمر انعقاده حُكماً لتعويض الفترة التي أُجّلت»، الأمر الذي سارع القريبون من بعبدا بالرد عليه عبر قناة «otv» متسلّحين بـ«المادة 32 من الدستور التي تؤكد بنصٍ واضحٍ لا لبسَ فيه أن العقد النيابي تتوالى جلساتُه حتى نهاية شهر أيار.. ونقطة على السطر». وبعيداً عن الرد والرد المضاد، كانت لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مساءً كلمة وطنية جامعة مركزيتها «حماية لبنان وتعزيز كرامة اللبنانيين»، مشدداً فيها على ثابتتين جوهريتين تتمحوران حول «الإيمان بالقدرة على التغيير» ووجوب «التمسك بالتضامن العربي».
وخلال مأدبة الإفطار التي أقامها غروب أمس في السراي الحكومي بحضور رسمي تقدمه رئيس مجلس النواب إلى جانب حشد من الرؤساء السابقين وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية وشخصيات سياسية وروحية وديبلوماسية واقتصادية وإعلامية، دعا الحريري «كل السياسيين
والزعماء إلى اعتبار التفاهم السياسي الحاصل فرصة حقيقية لحماية لبنان وتعزيز كرامة اللبنانيين»، مشيراً في إطار حديثه عن «الحرب الاقتصادية والإنمائية والمعيشية» التي تخوضها حكومته إلى إنجاز دراسة مشاريع مهمة «تنتظر فقط صدور قرارات سياسية جريئة بعيداً عن المحاصصة والطائفية والفساد وشبهاته، وعن الذين تهبط عليهم فجأة صحوة النزاهة والشفافية».
وإذ تساءل: «هل هناك من يريد للدولة أن تفشل ليبقى المواطن رهينة بعض السياسات الخاطئة؟»، نبّه رئيس مجلس الوزراء في معرض مقاربته ملف قانون الانتخاب إلى أنّ «المهل الدستورية تداهم الجميع، وما بعد منتصف ليل 19 حزيران لن يكون كما قبله»، محذراً من أنّ «العودة إلى قانون الستين أو التمديد ستُشكل هزيمة للجميع واهتراءً لا يصب في مصلحة البلد». وفي حين نوّه بالجهود التي يبذلها بري للتوصل إلى قانون جديد وعصري للانتخابات، جزم الحريري بحتمية التوصل إلى هذا القانون «لأنّ الفشل غير مسموح به ولأنه الموضوع الوحيد الذي لا يزال يفصلنا عن الاستقرار الذي يجب أن نعيشه».
الحريري، الذي دعا بمناسبة حلول شهر رمصان كل المنابر الإسلامية في العالم العربي إلى إعلانه «شهراً لنبذ التطرف ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله»، أعرب في هذا السياق عن التطلع إلى «استكمال إمساك الجيش بكامل الحدود الشرقية والشمالية لضبطها في الاتجاهين»، مع تجديد التأكيد على حصرية مسؤولية الجيش والقوى الأمنية في حماية الاستقرار، والتشديد «في المقلب الآخر على أنّ التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية لا يُعبّر عن الدولة اللبنانية وحكومتها ومؤسساتها الشرعية التي تلتزم ميثاق جامعة الدول العربية»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «التحديات الناشئة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية تستدعي التمسك بالتضامن العربي ورفض الإجراءات الإسرائيلية المعلنة لتهويد القدس الشريف والتي ستُشكل تهديداً جديداً لمشاريع السلام وخروجاً على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة». ليختم كلمته بالتضرع إلى الله «أن ينأى بوطننا عن الحروب والنزاعات، ويحفظ وحدتنا واستقرارنا، ويعين أهل السياسة على التوصل إلى قانون جديد للانتخابات».
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد طمأن اللبنانيين أمس إلى أنّ «الاتصالات قائمة حالياً للاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية على أساس النسبية»، مبدياً الأمل أمام زواره بأن «نبشّر اللبنانيين بإنجاز هذا القانون قبل نهاية ولاية مجلس النواب في 20 حزيران المقبل».