جعجع مصمّم على استكمال الحوار مع عون.. والرئاسة رهينة «الفيتو الإيراني»
الحكومة تعود بآلية «الفاعلية والسلاسة»
بعد «وقفة التأمّل» القسرية التي فرضت على مكوّنات الحكومة التبصّر والإمعان في مخاطر المرحلة وما تستدعيه من ضرورة الإسراع في مغادرة ذهنية «التعطيل والنكايات» على طاولة مجلس الوزراء منعاً لإدخال البلد في نفق الفراغ المشرّع على مصراعي الدولة ومؤسساتها من بوابة الشغور الرئاسي، تعود الحكومة إلى الالتئام غداً وفق آلية عمل ترتكز إلى نصّ الدستور وتدمج في تطبيقاتها بين «الفاعلية والسلاسة» بحسب ما عكست الدعوة الصريحة التي وجّهها الرئيس تمام سلام أمس إلى جميع مكونات حكومته بوجوب تحمّل «مسؤولية صون الوضع الحكومي وتعزيز تماسكه للحؤول دون تعريض المناعة الوطنية للخطر»، مشدداً في هذا السياق على حتمية إعطاء «الأولوية القصوى في المرحلة الراهنة لتسيير عجلة الدولة بفاعلية وسلاسة».
بيان «العودة»
سلام، وفي بيان أصدره بالتزامن مع دعوته مجلس الوزراء إلى الانعقاد غداً لاستكمال البحث في جدول الأعمال الذي كان مطروحاً على الجلسة الأخيرة، أوضح أنّ هذه الدعوة أتت «بعد التواصل مع جميع القوى السياسية المشاركة في الحكومة (…) إدراكاً لأهمية التعامل مع الملفات الحيوية بروحية التوافق التي تم اعتمادها منذ بدء مرحلة الشغور الرئاسي الاستثنائية»، مؤكداً في المقابل ضرورة «الابتعاد عن الأغراض الفئوية» والعمل تالياً على أساس «التوافق الذي يتسع للتباين في الآراء من دون أن يكون وسيلة للشلل أو ذريعة للعرقلة والتعطيل». وختم سلام «بيان العودة» بالتعويل على أن تشكّل «النيات الطيبة التي أعرب عنها جميع الفرقاء فرصة جديدة ومثمرة للعمل الحكومي»، مع تجديد مطالبته بالاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة التوازن إلى المؤسسات الدستورية.
«فيتو» رئاسي إيراني
وفي الغضون، يبدو الأفق الرئاسي مسدوداً أكثر من أي وقت مضى وفق مرصد «معراب» السياسي ربطاً بـ«الفيتو» الإيراني المفروض على الانتخابات الرئاسية حتى إشعار آخر تضمن فيه طهران وصول رئيس حليف للجمهورية الإسلامية ولمشروعها الذي يجسّده «حزب الله» في الجمهورية اللبنانية. وفي ضوء هذا الفيتو الذي تبلّغه رئيس دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا جان فرنسوا جيرو صراحةً خلال زيارته الأخيرة لطهران، لا يرى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «حلولاً أو مخارج رئاسية على المستوى المحلي» ما لم يبادر الأفرقاء المعنيون على الساحة المسيحية أنفسهم إلى «لبننة» الاستحقاق الرئاسي بوصفها الصيغة الوحيدة القادرة في هذه المرحلة على تعطيل مفاعيل «فيتو» إيران وتحرير رأس الجمهورية من قيود التعطيل، وفق ما عبّر جعجع أمس خلال لقاءات صحافية في معراب شاركت فيها «المستقبل». أما عن الحوار الجاري مع «التيار الوطني الحر» فيبدو جعجع مصمّماً من جهته على استكمال طريق هذا الحوار واستنفاد كافة فرص إنجاحه لا سيما على صعيد العمل الدؤوب بين الجانبين بهدف «طي صفحة الماضي» وإخراج مسار العلاقة بين «القوات» و«التيار» من ذهنية العداء والتناحر إلى عقلانية التواصل الندّي والودّي بين الجانبين بغية تحويل الخلاف اختلافاً لا يفسد في السياسة قضية.
وفي ما يتعلق بالأوضاع الأمنية، يؤكد جعجع أنه لا يستشعر «مخاطر عسكرية حقيقية» على البلد بالاستناد إلى ما أثبته الجيش من جهوزية عالية وفاعلية في التصدي لبؤر الإرهاب وصدّ هجمات المجموعات المسلّحة على الجبهة الحدودية الشرقية مع سوريا، وأعرب في هذا المجال عن اطمئنانه إلى «الكارت بلانش» الممنوح من كافة الأفرقاء السياسيين للمؤسسة العسكرية وإلى أهمية عمليات التسليح الجارية والمرتقبة للجيش، كاشفاً في هذا السياق عن توجّه نحو الإسراع في تعزيز قدرات سلاح الجو اللبناني من خلال استئجار طائرات حربية من دولة الإمارات العربية المتحدة ووضعها في تصرّف الجيش ريثما يتم الانتهاء من تصنيع وتجهيز الأسلحة والآليات والمقاتلات الجوية المنتظرة بموجب الهبات العسكرية المموّلة من المملكة العربية السعودية.
وعما يتم تداوله من معارك منتظرة بين الجيش والمجموعات الإرهابية بعد ذوبان الثلوج في المنطقة الجردية عند السلسلة الشرقية، أعرب جعجع عن ثقته بأنّ «ما بعد الثلج سيكون كما قبله»، مذكّراً في هذا السياق بالحملات الإعلامية التي شنّها البعض نهاية الصيف الفائت وروّج فيها لوجود مخاطر وشيكة على الجبهة الحدودية مع حلول فصل الشتاء على أساس أنّ تراكم الثلوج وتدني درجات الحرارة في أعالي الجرود سيدفع المجموعات المسلّحة إلى التوجّه نزولاً نحو عرسال وغيرها من البلدات اللبنانية، ثم ما لبث أن «تراكم الثلج ويكاد يذوب الثلج» ولم يحصل أي شيء من هذا القبيل.