IMLebanon

الحريري: «داعش» والتدخل الإيراني غريبان عن المنطقة

عقد سلسلة لقاءات في الكابيتول والخارجية وكيري أكد له التزام واشنطن باستقرار لبنان

الحريري: «داعش» والتدخل الإيراني غريبان عن المنطقة

بينما المشهد السياسي الداخلي لا ينفكّ يغرق أكثر فأكثر في دوامة المدّ والجزر المستحكمة بمجمل الملفات والعناوين المؤسساتية ربطاً بالشغور الرئاسي المترنّح والمتأرجح على حبال التعطيل والتأجيل، وقد فرض مسلسل عدم اكتمال النصاب أمس إرجاءً جديداً لجلسات انتخاب الرئيس حتى 13 أيار المقبل، حضرت الهموم والاهتمامات اللبنانية بقوة في واشنطن خلال الساعات الأخيرة من خلال اللقاءات التي يعقدها الرئيس سعد الحريري مع المسؤولين الأميركيين وأبرزهم أمس وزير الخارجية جون كيري الذي أكد له التزام واشنطن باستقرار وحياد لبنان طالباً في المقابل «من إيران ونظام الأسد والآخرين» احترام السيادة اللبنانية. في حين أوضح الحريري لدى مغادرته مقر الخارجية الأميركية أنّ البحث تناول «كل الأمور التي تهمّ لبنان وبخاصة الاستقرار والفراغ الرئاسي» بالإضافة إلى التباحث في «مشاكل المنطقة» والمساعي الجارية لتحييد الساحة اللبنانية عنها، مشدداً في معرض تأكيده عدم الوقوف «ضد إيران» بل ضدّ تدخلها في الشؤون العربية على أنّ هذا التدخل «غير مقبول وغير بنّاء» سواءً في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن، مع إشارته إلى أنّ «ما يُسمى «داعش» والتدخل الإيراني هما أمران غريبان عن المنطقة».

أما وزير الخارجية الأميركية فعبـّر لدى استقباله الحريري والوفد المرافق في مكتبه في الوزارة عن قلق بلاده حيال الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية والأعباء والتحديات التي تواجه لبنان في ملف النزوح السوري، وقال: «نحن ملتزمون بشكل خاص للعمل في سبيل استقرار لبنان وأمنه (…) كما نرى أهمية إبعاد تأثير «داعش« و«النصرة» و(الأزمة في) سوريا عن الوضع في لبنان ليتمكن من الحفاظ على احترام سيادته وحماية وضمان مستقبله»، وأضاف: «نحن نقف بشكل قاطع ضدّ كيانات كـ«حزب الله» وغيرها تستخدم مواقع وأماكن في لبنان وجواره ما يتسبب بنزاعات«، متعهداً في المقابل باستمرار الولايات المتحدة في «دعم القوى المسلحة اللبنانية وقوى الاعتدال وكل الذين يودون العمل معاً بسلام لتأمين المستقبل الذي يستحقه الشعب اللبناني».

بدوره، شدد الحريري في مستهل اللقاء الموسّع الذي عقده مع كيري على أنّ «لبنان يمرّ حالياً بأوقات صعبة جداً بينما المنطقة تمرّ بأوقات خطيرة»، مشيراً في هذا السياق إلى أنّ موضوع مشاركة إيران وبعض الفصائل كـ«حزب الله» في نزاعات المنطقة «تعاظم إلى درجة كبيرة بحيث أصبح يشكل خطراً». وأردف قائلاً: «نحن لسنا ضد إيران إلا أننا نرى أنّ تدخلها في الشؤون اللبنانية أمر لا يريده الشعب اللبناني». وشكر في المقابل واشنطن على دعمها الجيش الذي «يشكل ركيزة أساسية لأمننا».

وبعد انتهاء اجتماعه والوفد المرافق مع رئيس قسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد ماكين، تحدث الحريري إلى الصحافيين فوصف لقاءه كيري بـ«الصريح» وقال: «تحدثنا عن المشاكل التي تحصل في المنطقة، فلبنان في عين العاصفة، وهناك خلافات جذرية حيال ما يحصل بيننا وبين «حزب الله» في ما يخص سوريا والعراق واليمن، ونحاول قدر الإمكان أن نحيّد لبنان عنها لكي لا يمر بمرحلة من عدم الاستقرار (…) وهذا ما يهمنا في كل الحوارات التي نجريها (…) إلا أنّ هذا الأمر لا يمنع من أننا نرى أنّ دور إيران في لبنان وسوريا واليمن والعراق هو دور غير بنّاء».

ورداً على سؤال، شدد الحريري على أنّ من يريد أن يكون تدخله بنّاءً في لبنان عليه «أن يقدّم مساعدة إلى الدولة وليس إلى فريق سياسي معيّن ليستقوي على الفرقاء السياسيين الآخرين، وكذلك الأمر بالنسبة لباقي دول المنطقة»، داعياً إلى الاقتداء في هذا المجال بما تقوم به المملكة العربية السعودية من توفير «الإمكانات للجيش والدولة لتتمكّن من بناء مؤسساتها».

وإذ لفت في ما يتعلّق بالتطورات اليمنية إلى أنّ «الحزم» العربي مستمر إن كان في اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان، أجاب الحريري رداً على سؤال حول إمكانية انتقال عاصفة الحزم إلى سوريا قائلاً: «إن شاء الله، نتمنى كل الخير للشعب السوري. نحن في العام 2015 نشاهد براميل متفجرة يتم رميها على الأطفال والنساء والمدن السورية، ويُقتل الآلاف والآلاف وهناك من يفتخر أنهم جزء من دول الممانعة»، وشدد في ضوء ذلك على وجوب «إنهاء هذا النظام في سوريا لأنه قتل الشعب السوري« مذكراً بأنّ نظام الأسد «لطالما أطلق على نفسه اسم الممانعة إلا أنه لم يقم بأي عمل ضد إسرائيل بل ضد الشعب سواء في لبنان أو في سوريا».

الكابيتول

وكان الحريري قد استهلّ لقاءاته في العاصمة الأميركية باجتماع عمل عقده والوفد المرافق في مبنى الكابيتول مع تجمّع النواب الأميركيين المتحدرين من أصل لبناني وأصدقاء لبنان في الكونغرس برئاسة السيناتور الجمهوري داريل عيسى والسيناتور الديموقراطية غوين غراهام، وبعد الاجتماع أوضح عيسى أنّ الرئيس الحريري أطلع المجتمعين على «احتياجات القوى الأمنية اللبنانية والخطوات المطلوبة لإيجاد الحلول العملية في ما يتعلق بمسألة اللاجئين السوريين وحاجاتهم» مع إشارته إلى أنّ نصفهم أطفال. 

وبينما أكد السيناتور الأميركي أنّ أعضاء «التجمّع» سيعمدون إلى نقل وجهة نظر الحريري إلى أعضاء الكونغرس لناحية «رؤيته في ما يتعلق بالتضامن في سبيل تحقيق الوحدة الوطنية في المجتمع وسيادة الشعب اللبناني»، لفت في موازاة اعتباره أنّ «الوضع في لبنان جيّد مقارنةً مع يجري في المنطقة» إلى أنّ موضوع الشغور في سدة الرئاسة الأولى «يشكل أولوية للرئيس الحريري».