لقاء عوني «طويل وصريح» مع السنيورة والمشنوق في الرابية اليوم.. وإبراهيم إلى اسطنبول
قهوجي لـ«المستقبل»: عرسال تحت السيطرة والمراقبة 24/24
توزّعت الأحداث وتنوعت أمس بين سلسلة أنباء وتغطيات مباشرة احتلت صدارة النقل التلفزيوني والرصد الإعلامي.. من لاهاي حيث يتابع اللبنانيون، سواءً الداعمون منهم لكشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أو أؤلئك العاملون على طمسها، وقائع مدوّية عن الدوافع السياسية الكامنة وراء ارتكاب الجريمة، إلى بيروت حيث تتوالى اللقاءات والاجتماعات على أكثر من مستوى لبحث مستجدات الأحداث والطروحات الموضوعة على نار المداولات الحامية، وفي طليعتها تلك المتصلة بالهواجس التي أثارها تهديد «حزب الله» بتمدّد معركته من جرود القلمون السورية إلى جرود عرسال اللبنانية بذريعة عدم تحمّل الجيش اللبناني مسؤولياته في تلك المنطقة الحدودية. وهو تهديد دفع تيار «المستقبل» وكتلته النيابية إلى المسارعة لتطويقه والتصدي لمحاذيره وتداعياته الخطرة على الاستقرار الوطني، سياسياً عبر وفد التيار إلى حوار عين التينة مع الحزب، وعسكرياً من خلال اللقاء الذي عقده وفد الكتلة أمس مع قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي أكد لوفد «المستقبل» أنّ الوحدات العسكرية المنتشرة في المنطقة الحدودية «مستعدة تماماً للدفاع عن الأرض اللبنانية»، مطمئناً في الوقت عينه إلى أنّ «الوضع في جرود عرسال تحت السيطرة والمراقبة 24/24 ساعة».
وأوضح قهوجي خلال اللقاء، بحسب ما نقلت مصادر الوفد لـ«المستقبل»، أنّ «الجيش يراقب تحركات المسلحين في الجرود اللبنانية بشكل متواصل عبر الطائرات المتخصّصة التي يسيّرها دورياً في أجواء المنطقة»، مشيراً في هذا السياق إلى أنّ «الأسلحة الجديدة التي تصل تباعاً إلى المؤسسة العسكرية تساهم بفاعلية في تمكين الجيش من القيام بدوره في إطار رصد ومكافحة المجموعات الإرهابية والتصدي لمحاولات تسلل أو تقدّم أي من مسلحيها باتجاه المنطقة الحدودية». وخلص قائد الجيش إلى التشديد أمام وفد «المستقبل» قائلاً: «نحن نسيطر على المنطقة و«ما فيهم يعملوا شي» وحدات الجيش في جهوزية تامة ونقوم بواجباتنا على أكمل وجه ومستعدون لتنفيذ أي قرار تأخذه الحكومة»، وأردف: «لا خوف على عرسال وجرودها، وأساساً المسلحون الذين هربوا من معارك القلمون السورية باتجاه الجرود اللبنانية أعدادهم قليلة جداً»، نافياً بذلك ما يتم التهويل به والترويج له عن نزوح آلاف المسلحين من القلمون إلى جرد عرسال.
أما في ما خصّ موضوع الاعتراضات الوطنية على الحكم التخفيفي الصادر عن المحكمة العسكرية بحق الإرهابي المدان بالجرم المشهود ميشال سماحة، وبينما تظاهر ممثلو المنظمات الشبابية في 14 آذار و«الحزب التقدمي الاشتراكي» أمام المحكمة أمس للتنديد بتسامحها مع المجرم سماحة، فلفتت مصادر وفد «المستقبل» إلى أنّ أعضاء الوفد حرصوا خلال اللقاء مع قهوجي على التأكيد أنّ موقف الكتلة المناهض لحكم سماحة «لا ينسحب ولا ينعكس بأي شكل من الأشكال على موقفها الداعم بالمطلق للمؤسسة العسكرية»، موضحين أنّ جُلّ ما تريده كتلة «المستقبل» هو الاحتكام للقانون والعدل عبر الأطر القانونية والقضائية المتجسدة بطلب تمييز الحكم إحقاقاً للحق والعدالة. بينما اكتفى قائد الجيش بالتعليق على الموضوع بالإشارة إلى أنّ الموضوع بالنسبة إليه «قضائي بحت لا دخل لقيادة الجيش به»، وإلى أنه علم بالحكم مثله مثل سائر اللبنانيين لدى صدوره عن المحكمة العسكرية.
مجلس الوزراء
تزامناً، أفادت مصادر وزارية «المستقبل» أنّه في مستهلّ جلسة الحكومة التي عُقدت أمس لمتابعة مناقشة مشروع الموازنة العامة طلب وزيرا «التيار الوطني الحر» الياس بوصعب وجبران باسيل الكلام فأثارا مسألة الوضع في عرسال وجرودها، فردّ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام طالباً عدم الخوض في هذا الموضوع باعتباره من خارج جدول أعمال الجلسة المخصّصة حصراً لاستكمال درس الموازنة. غير أنّ كلاً من بوصعب وباسيل أصرّا على طرح الموضوع «لتبيان خطة الحكومة حيال منطقة عرسال واستيضاح وزير الدفاع (سمير مقبل) عن دور الجيش وتحضيراته لمواجهة التحديات المحدقة بالمنطقة».
وحين لم تلقَ تساؤلات الوزراء العونيين أي تعليق أو تجاوب من قبل أعضاء المجلس رغبةً منهم بعدم إغراق جلسة الموازنة في نقاشات وسجالات سياسية من خارج جدول الأعمال، تولى الرئيس سلام الكلام قائلاً: «هذا الموضوع من صلاحياتي وأنا أوافق على ضرورة مناقشته في المجلس لكن في وقت لاحق وليس في جلسة مخصصة للموازنة». علماً أنّ المصادر الوزارية توقعت أن يعاود وزراء «التيار الوطني» إثارة هذا الملف مجدداً خلال انعقاد الجلسة العادية لمجلس الوزراء اليوم.
الحوار: استقرار أمني وحكومي
وكان وفد «تيار المستقبل» إلى حوار عين التينة قد أثار خلال الجلسة التي عقدت أمس الأول موضوع عرسال في ضوء ما فُهم من كلام أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله بوصفه تنبيهاً للجيش إلى أنه في حال عدم انخراطه في معارك مباشرة مع المسلحين المنتشرين في المنطقة الجردية المحاذية لعرسال فإنّ مقاتلي الحزب سيتولون مباشرة لعب هذا الدور. ونقلت مصادر الوفد لـ«المستقبل» أنّ وفد «حزب الله» ردّ على الاستفسارات التي أثيرت على طاولة الحوار موضحاً أنّ «الحزب يدعم الجيش، وموقف السيد نصرالله لم يكن أبداً موجهاً ضد الجيش بل هو أتى في إطار حثّ الجيش على القيام بدوره وتحمّل مسؤولياته في عرسال».
وإذ أكدت المصادر أنّ النقاش بين وفدي «المستقبل» و«حزب الله» خلص إلى إبداء الجانبين «حرصاً مشتركاً على الاستقرار في البلد أمنياً وحكومياً»، لفتت في ما يتصل بملف التعيينات الأمنية والعسكرية إلى أنّ وفد الحزب أعرب من جهته عن تأييد مطالب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون حيال هذا الملف، في حين أبلغ عضو وفد «المستقبل» إلى الحوار وزير الداخلية نهاد المشنوق المتحاورين أنه يعتزم اتخاذ قراره بشأن منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي قبل 5 حزيران المقبل «تمديداً أو تعييناً» لكونه ملزماً قانوناً باحترام هذا السقف الزمني، رافضاً في المقابل «ربط هذا الملف بملف تعيين قائد الجيش» باعتبار أنّ كلاً من هذين الملفين يجب التعامل معه على حدة «مدير الأمن الداخلي في حزيران وقائد الجيش في أيلول».
المشنوق، الذي انتقد التداول إعلامياً بالسجالات الحاصلة حول ملف التعيينات الأمنية والعسكرية لأنّ من شأن ذلك أن يؤثر سلباً على أعضاء السلكين الأمني والعسكري، سيقوم اليوم بزيارة الرابية لمناقشة هذا الملف مع عون، وذلك في إطار الجولة التي يقوم بها للغاية نفسها على القيادات السياسية والتي سبق أن استهلها بلقاء عقده مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب.
لقاء «طويل وصريح» في بلس
إلى ذلك، برز أمس اللقاء الذي عقده وفد تكتل «التغيير والإصلاح» مع رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة في مكتبه في بلس بحضور عدد من أعضاء الكتلة التي وصفت مصادرها اللقاء بأنه كان «طويلاً وصريحاً جداً»، موضحةً لـ«المستقبل» أنّه انتهى إلى وعد من الكتلة بدرس مبادرة عون الرئاسية انطلاقاً من اتفاق الطائف ومن عدم إمكانية تعديل الدستور في المرحلة الراهنة، في مقابل الطلب من تكتل «التغيير والإصلاح» المبادرة بدوره إلى دراسة الطرح الذي كان قد قدّمه الرئيس سعد الحريري منذ سنتين والذي يقضي باعتماد حل متكامل لتطبيق الطائف عبر تجسيد مضامين وثيقة «إعلان بعبدا» في مقدمة الدستور وانتخاب مجلس شيوخ وفق صيغة اللقاء الأرثوذكسي وتطبيق اللامركزية الإدارية واعتماد قانون للانتخابات النيابية وفق الدوائر المصغرة تكريساً لمفهوم العيش المشترك.
وإذ لفت الرئيس السنيورة خلال اللقاء إلى أنّ تصويت كتلة «المستقبل» لصالح أي مرشح رئاسي يجب أن يكون مقروناً بشكل بديهي باقتناع وتفاهم سياسي بينها وبين طروحات ومواقف الشخصية التي ستتبوّأ سدة رئاسة الجمهورية، كشفت المصادر أنّه حين أثار وفد الرابية موضوع مبادرة عون من زاوية «استعادة حقوق المسيحيين» حرص النائب هادي حبيش على لفت انتباه الوفد الزائر إلى كون كتلة «المستقبل» لا تقارب الاختلافات الحاصلة في وجهات النظر حول الملف الرئاسي وغيره من القضايا الوطنية من منطلقات طائفية بل بوصفها اختلافات تتمحور حول قضايا ومقاربات سياسية ووطنية بعيداً عن أي نزعة مذهبية أو طائفية. وفي إطار المصارحة الكاملة التي سادت اللقاء، نقلت المصادر أيضاً عن النائب أمين وهبي تساؤله أمام الوفد العوني عن أسباب عدم قبول تكتل «التغيير والإصلاح» بأي تسوية تفضي إلى انتخاب رئيس توافقي للجمهورية والإصرار حصراً على انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، في حين أنّ كلاً من موقعي الرئاسة الثانية والثالثة تم التوصل بشأنه إلى تسوية سياسية من خلال توافق وطني أفضى سابقاً إلى انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب، ولاحقاً إلى تعيين الرئيس تمام سلام رئيساً لمجلس الوزراء.
بدوره، صرّح النائب آلان عون باسم وفد «التغيير والإصلاح» قائلاً بعد اللقاء: «أهمّ إيجابياته أننا استطعنا إخراج هذه العلاقة من مرحلة رمادية إلى مرحلة وضوح أكثر من ناحية المآخذ والهواجس ومطالب كل من الفريقين، وعلى أساسها اتفقنا على استكمال هذا التواصل»، وأضاف عون رداً على سؤال: «نحن متفقون مع كتلة «المستقبل» على تطبيق الطائف ولا أحد يطلب تغيير الدستور ولا حتى نسف الطائف، لكن مشكلة المسيحيين مع الطائف كانت بطريقة تطبيقه».
إبراهيم إلى اسطنبول
على صعيد منفصل، وغداة الأجواء الإيجابية التي رشحت عن اجتماع خلية الأزمة المعنية بمتابعة قضية العسكريين المخطوفين، علمت «المستقبل» أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم سيتوجّه قبل نهاية الأسبوع الجاري إلى اسطنبول للقاء الوسيط القطري، ربطاً بالإيجابيات التي حصلت في الآونة الأخيرة على خط التفاوض مع الخاطفين في تنظيم «جبهة النصرة» ووضعت مسألة تحريرهم على نار حامية تمهيداً لتنفيذ صفقة مبادلتهم «قريباً جداً» بعدد من السجناء غير المحكومين وغير المدانين بجرائم إرهابية.