IMLebanon

العونيون يعتدون على الجيش.. وسلام يحجّم باسيل

الحكومة تعطّل التعطيل وتقرّ بند المستشفيات و«الآلية» قيد النقاش بعد الفطر

العونيون يعتدون على الجيش.. وسلام يحجّم باسيل

بالعين المجرّدة وبالوقائع المتجردة من أي نوازع سياسية، ثبت أمس أنّ «الحشد الشعبي» هي عبارة فضفاضة قياساً على تجمهر العشرات من مناصري «التيار الوطني الحر» في وسط العاصمة تلبيةً لنداء رئيسه النائب ميشال عون في مشهدية رأت فيها أوساط مسيحية «صورةً هزيلة ونتائج استطلاعية مبكّرة غير مشجعة لشعبية الجنرال». أما في جوهر المشهدية فدلالات ومؤشرات لافتة ومؤسفة جسّدها العونيون في الشارع من خلال اعتدائهم على الجيش وإصابتهم 7 عسكريين بجروح مختلفة، بينما كان الوزير جبران باسيل يتعدّى في حرم مجلس الوزراء على صلاحيات رئيس الحكومة محاولاً الاستعراض أمام عدسات الصحافيين بادعائه الدفاع عن حقوق المسيحيين والتحدث نيابةً عن «رئيس الجمهورية»، قبل أن تبوء محاولته بالفشل وينقلب الاستعراض تحجيماً له من قبل الرئيس تمام سلام الذي سارع بحزم واقتدار إلى وأد الشرارة العونية والانتفاض لصلاحيات الرئاسة الثالثة موبّخاً باسيل وسط تصفيق وتأييد وزاري عارم بالقول: «إن لم تستح فافعل ما شئت، عيب عليك عم تقلل أدب.. كلامك لا يليق لا بوزير ولا بالدولة».

ومن الرابية، أطلّ عون بعد الظهر بمؤتمر صحافي متوتر جديد هاجم فيه الحكومة والمؤسسة العسكرية والوسائل الإعلامية مستهدفاً بشكل أساس الجيش على خلفية إصداره بيانات تؤكد اعتداء مناصري «التيار الوطني» على العسكريين في محيط السرايا الحكومية وتوثّق بالصور لحظة معالجتهم في المستشفى المركزي جراء الجروح التي أصيبوا بها جراء الاعتداء العوني.

وبعيداً عن «همروجة» باسيل الإعلامية والغوغائية السياسية والميدانية، خلص المشهد في محصلته إلى تسطير جملة ثوابت تشير في أبرز خلاصاتها إلى تأكيد نجاح الحكومة في تعطيل التعطيل الهادف إلى شلّ انتاجيتها من خلال إقرار بند دفع مستحقات المستشفيات، في مقابل إخفاق وزراء «التيار الوطني» في فرض بند التعيينات العسكرية بنداً وحيداً على جدول أعمال جلسة الحكومة وعدم قدرتهم على منع الموافقة على مرسوم «توزيع الاعتمادات على المؤسسات العامة والخاصة للعناية»، بينما جاء طرح الرئيس سلام إدراج موضوع البحث في مقاربة عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي للنقاش في الجلسة المقبلة بعد عطلة عيد الفطر ليشكل مخرجاً مشرّفاً للمأزق الذي وضع العونيون أنفسهم فيه جراء تصعيدهم ونزولهم إلى الشارع من دون طائل.

وقائع الجلسة

إذاً، اغتنم وزير الخارجية فرصة وجود المصورين الصحافيين داخل قاعة جلسة مجلس الوزراء أمس قبل انطلاقها فباغت المجلس متخطياً الأعراف السياسية والخطوط الحمر الأخلاقية بالسماح لنفسه بافتتاح الجلسة قبل رئيس مجلس الوزراء، مقاطعاً سلام أثناء محادثته الوزير وائل أبو فاعور بالتوجه إليه أمام عدسات الكاميرات بإدانة ما وصفه «سلب الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور لرئيس الجمهورية» ليستطرد باسيل بعدها بالقول: «أنا رئيس الجمهورية». عندها انتفض سلام فحجّم باسيل ووبخه على تعديه على صلاحيات رئيس الحكومة الذي يملك وحده افتتاح الجلسات قائلاً له وفق ما نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل»: « هيدي وقاحة مش هيك بيتصرفوا في مجلس الوزراء.. تقول إنك تتحدث نيابةً عن رئيس الجمهورية هل رئيس الجمهورية يتحدث بهذا الأسلوب؟». وأردف رئيس الحكومة: «تفضّل ترأس الجلسة، لم يسبق أن جرى وصف رئيس مجلس الوزراء بما وصف به من على منبر وزارة الخارجية أمس (الأول على لسان باسيل إثر اجتماعه بوزراء «حزب الله» و«المردة» و«الطاشناق») من أنني أقوم بسرقة موصوفة».

وإذ وصف الأداء العوني بـ»الغوغائية» ورفض أن يعلّمه أحد كيفية ممارسة صلاحياته في رئاسة الحكومة، بادر سلام إلى صدّ وزير «حزب الله» محمد فنيش حين حاول الإدلاء بمداخلة لمؤازرة باسيل قبل أن يكون رئيس الحكومة قد افتتح رسمياً الجلسة وأعطى الإذن للوزراء بالكلام. ثم باشر باستهلاليته السياسية معرباً فيها عن انزعاجه للأجواء الراهنة في البلاد ومشدداً على كونه منفتحاً إزاء أي نقاش في مجلس الوزراء من دون أن يعني انفتاحه هذا قبولاً بتعطيل عمل الحكومة ربطاً بالضرر الذي سيلحقه ذلك بالبلد، وقال: «وضعنا لا يسمح بتحريك الشارع، الذهاب إلى المجهول يعرّض البلد للمخاطر، علينا أن نعمل وندرس جدول أعمالنا ونحل مشاكل الوطن والناس وإذا كان هناك فريق عاجزا عن حل مشاكله السياسية خارج مجلس الوزراء فيجب ألا يلقيها على المجلس».

وفي معرض نقلها مجريات الجلسة وما تخللها من مداخلات، نقلت المصادر أنّ الوزير نبيل دي فريج استغرب ادعاء باسيل أنه يمثل رئيس الجمهورية في الجلسة وذكّره بأنّ صلاحيات الرئيس تنتقل في غيابه إلى 24 وزيراً ولا يستطيع أي وزير أن يحتكرها وحده، وأضاف مستنكراً الخطاب الطائفي الذي يؤدي إلى حرب أهلية: «أنا مسيحي في «تيار المستقبل» وأتصرّف في السياسة كلبناني مسيحي وضمن عائلتي كمسيحي لبناني»، ثم توجّه بالشكر لرئيس الحكومة على صبره وعلى كونه «وضع حداً لقلّة الأدب على طاولة مجلس الوزراء».

بدوره، انتقد الوزير أكرم شهيب أداء باسيل بوصفه وزيراً للخارجية مستنكراً أن تكون «رأس الدبلوماسية اللبنانية هيك» ورافضاً ادعاءه بأنه يمثل رئيس الجمهورية في الحكومة. بينما شدد الوزير أبو فاعور على عدم جواز مخاطبة رئيس الحكومة بهذا الأسلوب.

كذلك رفض الوزير سجعان قزي تطاول باسيل على مقام وشخص رئيس الحكومة معرباً عن أسفه لوصول الأمور إلى هذا المستوى، وهو ما أكد عليه أيضاً الوزير بطرس حرب قائلاً: «نأسف لأن يصل أداء البعض في الحكومة إلى هذا الدرك من التعامل مع رئيسها وأقترح يا دولة الرئيس بعد ما ظهر من كلام عبر وسائل الإعلام، ومنعاً لمحاولة كسر رئيس مجلس الوزراء، أن يصار إلى إقرار بند على الأقل من جدول الأعمال تأكيداً للعزم على استمرار العمل الحكومي». كما كانت مداخلات داعمة لرئيس الحكومة من قبل عدد من الوزراء من بينهم الوزير رشيد درباس والوزيرة أليس شبطيني التي استنكرت «الكلام الكبير» الذي قاله باسيل في مواجهة رئيس الحكومة.

وفي المقابل، وبينما لفت الانتباه التزام الوزير علي حسن خليل الصمت وعدم الانخراط في جملة الردود والردود المقابلة خلال المشادات الكلامية التي حصلت في الجلسة، حاول وزيرا «حزب الله» محمد فنيش وحسين الحاج حسن مساندة باسيل من خلال محاولة الالتفاف على تهجمه المباشر على رئيس الحكومة عبر اعتبارهما أنّ ما قاله «فُسّر بخلاف ما قصده».

ثم كانت مداخلة للوزير نهاد المشنوق تمنى فيها على الرئيس سلام مرافقته لعقد اجتماع جانبي يجمعه بكل من فنيش والحاج حسن وباسيل، ثم ما لبث أن خلص الاجتماع إلى تبريد الأجواء والاتفاق على رفع جلسة مجلس الوزراء بعد إقرار بند دفع مستحقات المستشفيات نظراً لضيق الوقت، على أن يصار إلى استكمال بنود جدول الأعمال في جلسات لاحقة إثر الانتهاء من مناقشة مسألة آلية عمل الحكومة في الجلسة المزمع عقدها بعد عطلة عيد الفطر.