«سيريَتل» تنتهك التغطية اللبنانية وتقنص النازحين.. والموفد القطري يعود إلى الجرود اليوم
برّي عن بيان الحريري: كلّو على بعضو حلو
في ما عدا الهلع الذي دبّ في القاعة العامة لدى وقوع عدسة كاميرا من الطابق العلوي المخصّص للصحافيين على إحدى طاولات القاعة وتدحرجها على الأرض، لم تخرج جلسة الانتخابات الرئاسية أمس عن روتين سابقاتها تعطيلاً للنصاب وترحيلاً للانعقاد بلغ هذه المرّة حافة نهاية ولاية المجلس النيابي مع تحديد 19 تشرين الثاني موعداً لانعقاد الجلسة الرئاسية المقبلة. ولأنّ البلد يترنّح سياسياً وأمنياً عند حافة هاوية سحيقة تهدد بإغراق الدولة في فراغ شامل لم يعد يحول دونه سوى تمديد مفروض بقوة الشغور الرئاسي لولاية المجلس، بادر الرئيس نبيه بري إلى تأكيد دعوته لعقد جلسة التمديد الأسبوع المقبل، موضحاً لـ«المستقبل» أنه سيحدد اليوم تاريخ انعقاد الجلسة. بينما أشاد رئيس المجلس بالبيان الذي أصدره الرئيس سعد الحريري أمس الأوّل مؤكداً على كونه «خطاباً جيّداً بكل مضامينه، سواءً تلك المتصلة بالوضع في لبنان أو بالتصدي للإرهاب»، وأردف قائلاً عن بيان الحريري: «كلّو على بعضو حلو».
وإذ آثر عدم استباق الأمور على صعيد موعد انعقاد جلسة التمديد، لفت برّي إلى كونه لا يزال ينتظر «استكمال الاتصالات» الجارية لبلورة خارطة مواقف الأفرقاء المسيحيين من الجلسة، وأضاف: المشاورات لم تنتهِ بعد، وما زلت بانتظار جواب «القوات اللبنانية».
العسكريون المخطوفون
وفي الغضون، تتواصل فصول أزمة العسكريين الأسرى لدى تنظيمي «داعش» و«النصرة» على وقع وتيرة شبه يومية من التهديدات الابتزازية التي يتلقاها أهالي العسكريين من خاطفيهم، ما دفع الأهالي ليل أمس إلى تصعيد تحركاتهم الاحتجاجية في وسط العاصمة حيث عمدوا إلى إشعال الإطارات المطاطية أمام السرايا الحكومية تعبيراً عن تعاظم غضبهم جراء التأخير الحاصل في تحرير أبنائهم.
وكان رئيس مجلس الوزراء تمام سلام قد ترأس أمس اجتماعاً لخلية الأزمة خُصّص للتداول في آخر ما توصلت اليه الاتصالات الهادفة الى تحرير العسكريين. في حين أفاد مصدر مطلع على مجريات المفاوضات «المستقبل» أنّ «الموفد القطري لا يزال موجوداً في لبنان حيث أجرى خلال الساعات الأخيرة جولة مفاوضات مع خاطفي العسكريين في جرود عرسال»، كاشفاً أنّ «الموفد سيستكمل مهمته بجولة مفاوضات أخرى يجريها اليوم مع الخاطفين في الجرود، على أن يعود من هناك بجواب يحسم مسألة مطالبهم بشكل واضح ونهائي».
«سيريَتل»
على صعيد وطني منفصل، برز في الآونة الأخيرة خرق تقني موصوف للسيادة تُمعن في ارتكابه شركة الاتصالات الخلوية السورية «سيريَتل» في المناطق البقاعية، حيث ينتهك إرسال الشركة السورية التغطية اللبنانية للإرسال في تلك المناطق من خلال إقدامها على توسيع رقعة تغطيتها لتجتاح بها مساحات واسعة من البقاع ولبنان الشمالي، وفق ما نقل مراسل «المستقبل» أحمد كموني عن خبراء اتصالات في المنطقة، موضحين أنّ اقتحام «سيريَتل» الأجواء اللبنانية ناتج من ضعف تغطية الشبكة اللبنانية والتشويش الذي تتسبب به الشبكة السورية في تلك المنطقة الحدودية بشكل يصل إلى حد فقدان المشترك بالشبكة اللبنانية إرساله الهاتفي في كثير من المواضع هناك، لا سيما في المربّع الذي يشمل قرى الخيارة وحوش الحريمة والروضة والمدخل الشرقي لبلدة المرج وفي منطقة الصفرا وتل الأخضر.
قنص.. واقتناص
وبينما تعمل «سيريَتل» التابعة لرامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد على «قنص» الاستهلاك الخلوي للنازحين السوريين في لبنان من خلال خرق الأجواء اللبنانية وتسويق وحدات اتصال و«تشريج» خاصة بالشبكة السورية داخل لبنان، يلاقيها في المقابل على الجانب اللبناني من المناطق الحدودية بعض مقتنصي الفرص الطامعين باستثمار هذا الخرق السوري لتحقيق الكسب المادي، بحيث أقدم هؤلاء على إقامة منشآت غير قانونية في بعض مناطق البقاع الشمالي تشمل إنشاء مراكز ثابتة مجهّزة بعمود إرسال وأجهزة إلكترونية لتوفير الاتصالات غير المشروعة بين سوريا ولبنان، في حين أقدم أصحاب بعض الأراضي التي تقع ضمن نطاق التغطية السورية إلى استحداث أكشاك بيع توفّر للسوريين الموجودين في البقاع خدمات استهلاكية من بينها تلك المتصلة بإجراء مكالمات عبر الشبكة السورية من داخل الأراضي اللبنانية.
ولعلّ أبرز الأمكنة التي تشهد حركة إقبال كثيفة لإجراء المكالمات الخلوية السورية في المناطق اللبنانية المستهدفة بالخرق، تقع ضمن نطاق بلدة حوش الحريمة ومنطقة الصفراء جنوب بلدة قب الياس، بالإضافة إلى أمكنة أخرى قرب بلدات مجدل عنجر وبر الياس والخيارة، إلى درجة بات النازحون السوريون وبعض السكان المحليين يطلقون على المراكز المستخدمة في إجراء الاتصالات السورية مسمّيات شعبية من نوع «سنترال الحوش» و«كابين الصفرا» وصولاً إلى «خيمة سيريَتل» في دير زنون.
.. والبلديات تناشد الوزارة
في المقابل، دعا رئيس بلدية حوش الحريمة محمود رباح وزارة الاتصالات إلى المسارعة لوضع حدّ للتأثيرات السلبية المتأتية من تشويش «سيريَتل» على شبكة الاتصالات الخلوية اللبنانية في البلدة وفي عدد من أرجاء منطقة البقاع الغربي، مستعرضاً لـ«المستقبل» معاناة أهالي البلدة لناحية تعذّر إجراء مكالماتهم الهاتفية عبر شبكتي الخلوي «أم تي سي» و«ألفا» نتيجة اجتياح إرسال «سيريَتل» للأجواء اللبنانية.
وإذ أشار إلى أنّ شركة «ألفا» استحدثت في الآونة الأخيرة جهاز تقوية داخل حوش الحريمة لتخفيف حدة تأثير إرسال الشبكة السورية داخل الأراضي البقاعية، إلا أنّ رباح أكد في الوقت عينه أنّ «النتيجة لم تكن بقدر المرتجى»، لافتاً الانتباه في هذا السياق إلى أنّ «المشتركين في شبكتي الخلوي اللبنانيتين في حوش الحريمة وبعض القرى المجاورة مثل القادرية والخيارة والروضة والمزارع الواقعة بين حوش الحريمة ومجدل عنجر، إنما يتكبدون فواتير خلوية مرتفعة من دون الحصول على الخدمة المتوخاة».
حرب
وأمام هذا الواقع، أكد وزير الاتصالات بطرس حرب أنه يتابع هذا الموضوع منذ فترة، وقال لـ«المستقبل»: «بدأتُ متابعة هذا الخرق على أكثر من مستوى، حيث كنت قد ركزتُ في أكثر من مؤتمر خارجي على أنّ هناك خرقاً للسيادة اللبنانية في ملف الاتصالات الخلوية. أما على المستوى الداخلي فقد كلفتُ مسؤولين معنيين في الوزارة بمعالجة هذا الخرق تقنياً بالتنسيق مع الشركتين اللبنانيتين من أجل التصدي لهذا الخرق وتعزيز تغطية الشبكتين الوطنيتين في تلك المناطق». وختم حرب بتأكيد متابعته من كثب لهذا الملف «تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة».