Site icon IMLebanon

التمديد بـ95 صوتاً: «القوات» تمنع الفراغ

باريس تشيد بتوقيع هبة الثلاثة مليارات وتؤكد بدء التسليح مطلع 2015
التمديد بـ95 صوتاً: «القوات» تمنع الفراغ

بعيداً عن دهاليز الحسابات الضيّقة حزبياً وشعبوياً، ولأنها باتت معركة وجود تخوضها الدولة في مواجهة محاولات إخضاعها وتفريغ مؤسساتها الرئاسية الثلاث، أخذت «القوات اللبنانية» على عاتقها وكاهلها إنقاذ المركب الوطني ومنع إغراقه في فراغ شامل يتهدّد الكيان ويهدّ أسسه المرتكزة على دستور المناصفة وميثاق العيش المشترك، فانحازت أمس كما دأبها عند المحطات المفصلية إلى جادة المسؤولية الوطنية المتعالية على شتى أنواع المزايدات والمغالاة في خطب ود شارع من هنا أو قضاء انتخابي من هناك، معزّزةً بصوتها الراجح مسيحياً وميثاقياً ووطنياً كفّة التصويت في المجلس النيابي ضد الفراغ بأكثرية 95 صوتاً أقرّت تحت وطأة الشغور الرئاسي قانون التمديد لولاية المجلس النيابي حتى 20 حزيران 2017.

وبعد الجلسة التشريعية التي أقرت التمديد على وقع تصفيق نيابي حاد تقديراً لموقف «القوات»، مع التدوين في محضرها أنه سيُصار إلى «العمل على إنجاز قانون انتخابي جديد» مع الإشارة إلى إمكانية إجراء انتخابات مبكّرة بعد انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار القانون الجديد «إذا زالت الظروف الاستثنائية» التي حالت دون إجراء الانتخابات راهناً، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري اللجنة النيابية المكلفة درس مشروع قانون الانتخاب إلى اجتماع ظهر الاثنين في 17 تشرين الثاني في عين التينة. في وقت عبّرت على هامش الجلسة مجموعة ناشطين في ما يُعرف بالحراك المدني عن اعتراضها على إقرار التمديد من خلال محاولة إقفال الطرق المؤدية إلى ساحة النجمة رافعين شعارات مطالبة بإجراء الانتخابات.

جعجع

ولشرح ملابسات وحيثيات عملية التمديد، بادر رئيس حزب «القوات» سمير جعجع إلى عقد مؤتمر صحافي في معراب حمّل فيه تكتل «التغيير والإصلاح» المسؤولية الكبرى عن هذه العملية لكونه «ارتكب خطيئتين مميتتين أدّتا بشكل حتمي إلى تمديد ولاية المجلس. الأولى هي تعطيل التكتل الانتخابات الرئاسية، بينما تكمن الخطيئة الثانية في تلكؤ التكتل حكومياً والتواطؤ على تعطيل الانتخابات النيابية»، مذكّراً في هذا المجال بأنّ «كل الفرقاء في الحكومة عيّنوا ممثلين لهم في هيئة الإشراف على الانتخابات إلا وزراء التغيير والإصلاح». وقال جعجع: «أصبح واضحاً أنّ هدف هذا التكتل هو إسقاط جميع المؤسسات الدستورية القائمة كمقدمة لتغيير النظام برمته من خلال مؤتمر تأسيسي، وهذا تفكير مدمّر لم يكن بالإمكان مجاراة التكتل فيه، ما وضعنا أمام خيار مرّ وحيد لم نكن نرغب به وهو الموافقة مرغمين على قرار التمديد. إذ بين التمديد والانتخابات نحن مع الانتخابات لكن بين التمديد وإسقاط الدولة والذهاب إلى المجهول نحن مع التمديد».

وفي حين وصف رئيس «التيار الوطني الحر» بأنه «بطل الحروب الخاسرة والمغامرات الفاشلة»، أوضح جعجع أنّ ما جرى في المجلس النيابي أمس تحت وطأة الشغور الرئاسي هو «تفضيل التمديد على القيام بقفزة في المجهول» في حال عدم التمديد وعدم إمكانية إجراء انتخابات نيابية قبل نهاية ولاية المجلس في 20 الجاري، لافتاً في الوقت عينه إلى «وعد الرئيس بري بإقرار قانون انتخابي جديد قبل نهاية هذا العام».

مواقف من التمديد

في المواقف من إقرار التمديد، شدد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لدى مغادرته مجلس النواب على أنّ «التمديد هو لمنع الوقوع في الفراغ على مستوى السلطة». في حين أكد رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة أولوية انتخاب رئيس للجمهورية وضرورة «المبادرة من أجل انتخاب شخصية تجمع الغالبية الساحقة من اللبنانيين». كما لفت رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى وجوب «العمل على انتخاب الرئيس» وإلى أنّ التمديد أتى خشية الوقوع في الفراغ. أما رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية فقال: «نحن انسجمنا مع موقفنا السابق المؤيّد للتمديد».

وعلى الضفة المقابلة، تحدث وزير الخارجية جبران باسيل من الرابية باسم تكتل «التغيير والإصلاح» ليعبّر عن رفض التمديد وإحجام وزراء التكتل عن توقيع مرسومه، مشيداً في الوقت عينه بإشارة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي من سيدني إلى أنّ «التمديد غير دستوري في الأنظمة الديموقراطية». ورداً على سؤال صحافي عن أسباب عدم تقديم نواب «التيار الوطني» استقالاتهم تعبيراً عن رفض التمديد لولايتهم، اكتفى باسيل بالقول: «لن نترك الساحة لأحد، نريد أن نناضل في كل موقع سياسي».

هبة 3 مليارات

في غضون ذلك برز على مستوى العمل باتجاه تعزيز قدرات الدولة ومؤسساتها الشرعية، تأكيد باريس، غداة توقيعها في الرياض عقد تسليح الجيش اللبناني بموجب الهبة السعودية بقيمة 3 مليارات دولار، أنّ تسليم الأسلحة للبنان سيبدأ في الفصل الأول من العام المقبل.

إذ وبعدما أشاد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بتوقيع العقد أمس الأول في المملكة العربية السعودية بين وزير المالية السعودي ابراهيم عساف ومدير شركة «أوداس» الفرنسية العامة لتصدير السلاح الفرنسي ادوار غيو بحضور قائد الجيش العماد جان قهوجي، مشدداً على كون هذه الهبة ستساهم في «تعزيز الجيش اللبناني الضامن لوحدة لبنان واستقراره وفي مساعدته على أداء مهمته في الدفاع عن التراب الوطني ومحاربة الإرهاب»، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب.» أمس عن مصدر في وزارة الدفاع الفرنسية إشارته إلى أنّ الاتفاقية الموقعة مع السعودية «تنصّ على تسليم مروحيات قتالية ومروحيات ثقيلة مخصّصة للنقل وطائرات استطلاع من دون طيار من نوع «أس دي تي اي» وزوارق دورية مسلّحة وآليات مدرّعة ومدافع وأسلحة ثقيلة وصواريخ مضادة للدروع وأجهزة اتصال ومراقبة»، مؤكداً في هذا الإطار «التوافق في وجهات النظر» بين باريس والرياض حول تأكيد «عدم تأثر استقرار لبنان بالأزمة السورية».

وأوضح المصدر أنّ «أولى عمليات التسليم ستبدأ في الفصل الأول من 2015 وستمتد على ثلاث سنوات، بحيث تتم المرحلة الأولى من خلال عمليات نقل يقوم بها الجيش الفرنسي (لشحنات تسليح) تضم آليات ومدافع وصواريخ مضادة للدبابات»، على أن يُصار لاحقاً إلى «تسليم معدات يتم إنتاجها بشكل تدريجي وصولاً إلى تسليم المروحيات في المرحلة الأخيرة» من هذه العملية، مع إشارته إلى أنّ فرنسا ستتولى بموجب الاتفاق مع السعودية تأمين تدريب الجيش اللبناني على الأسلحة الجديد والمحدّثة على مدى عشر سنوات. وكشف المصدر عن زيارة سيقوم بها وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان إلى الرياض في 30 الجاري، مشدداً على وجود «إجماع أوروبي على ضرورة تعزيز (قدرات) الجيش اللبناني».

وفي سياق متصل، أعلن المكتب الإعلامي للرئيس ميشال سليمان أمس أنه أجرى اتصالاً بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز شكره خلاله «على توقيع عقود هبة المليارات الثلاثة الاستثنائية مع الدولة الفرنسية التي قدمتها المملكة قبل انتهاء الولاية الرئاسية بالإضافة إلى هبة المليار دولار التي شقت طريقها إلى التنفيذ» أيضاً. ونقل سليمان عن الملك عبدالله تشديده خلال الاتصال على دعمه «للبنان الموّحد بمسلميه ومسيحييه أياً كانت مذاهبهم بالإضافة إلى دعم المملكة للجيش اللبناني الذي يحافظ على وحدة لبنان».

كما أعلن سليمان أنه «للغاية نفسها أجرى اتصالاً بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند شاكراً إياه على توقيع عقود الهبة» السعودية، ومتمنياً عليه «الإسراع في بدء التنفيذ».