الخاطفون يستأنفون نكء جراح الأهالي.. وسلام يؤكد مواصلة التفاوض ورفض الابتزاز
«الخيار الثالث» لتحرير العسكريين.. وإبراهيم إلى دمشق
«مذبوحين» ألماً وقلقاً وهلعاً خشية تنفيذ تهديدات ذبح أبنائهم، ثارت ثائرة أهالي العسكريين المخطوفين أمس، فبادروا إلى قطع الشوارع في وسط العاصمة وعند أتوستراد القلمون، مدفوعين باتصالات هاتفية تهديدية من الخاطفين تتوعّد بتصفية الأسرى خلال ساعات ما لم يتم التراجع عن أحكام الإعدام الصادرة بحق عدد من السجناء الإسلاميين. وإذ نجحت الاتصالات المضادة على المستوى الرسمي في إبطال مفاعيل هذه التهديدات وإعادة فتح الطرقات، أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ الاتصالات اللبنانية تمحورت بشكل أساس مع الوسيط القطري أحمد الخطيب الذي طمأن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى عدم جدّية التهديدات بتصفية أي من العسكريين في هذه المرحلة. في وقت كشفت مصادر رسمية لـ«المستقبل» أنّ خلية الأزمة الحكومية كانت قد أبلغت الخطيب رسمياً بعد اجتماعها الأربعاء الفائت الموافقة على «الخيار الثالث» لتحرير العسكريين الذي نصّ وفق مطالب «جبهة النصرة» على مقايضة كل عسكري بـ5 سجناء من لبنان و50 من سوريا، لافتةً إلى أنه على هذا الأساس سيتوجّه ابراهيم إلى دمشق هذا الأسبوع بغية استطلاع مدى استعداد النظام السوري للتعاون في سبيل إتمام هذه الصفقة.
وبينما أشارت إلى أنّ خلية الأزمة ستلتئم غداً برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام للتداول في مستجدات الملف، لفتت المصادر في معرض نقلها تساؤل بعض أعضاء الخلية عن المنطلقات والموجبات التي ستدفع النظام السوري إلى إطلاق سجناء لديه في سبيل تحرير عسكريين لبنانيين، إلى فرضية أن يكون النظام مهتماً ومعنيّاً بإتمام هذه الصفقة في حال تم إدراج مقاتل «حزب الله» الأسير لدى «النصرة» عماد عيّاد ضمن لائحة الأسرى المطلوب مقايضتهم مع هؤلاء السجناء. وأوضحت في هذا الإطار أنّ لائحة الأسماء التي قدّمها «داعش» والنصرة» إلى الوسيط القطري تتراوح بين 40 و50 إسماً بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المسجونات لدى النظام السوري، مع إشارتها إلى أنّ لوائح الخاطفين لم تكتمل بعد بصيغتها النهائية خصوصاً وأنّهم لا يزالون يعمّمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بيانات تطلب ممن لهم سجناء في سوريا تزويدهم بأسمائهم لإدراجها على لوائح المقايضة.
وعن جنسيات السجناء الذين يطالب الخاطفون بالإفراج عنهم، أفادت المصادر أنّها لا تشمل فقط أسماء لبنانية وسورية وفلسطينية بل هي تتضمن كذلك سجناء خليجيين، مشددةً في المقابل على أنّ الحكومة اللبنانية ترفض رفضاً قاطعاً تسليم أي مواطن خليجي إلى أي من الجهتين الخاطفتين.
أهالي العسكريين
وكان رئيس الحكومة قد واكب قبيل مغادرته إلى الإمارات صباح أمس تحركات الأهالي والاتصالات الرسمية التي جرت معهم لطمأنتهم، مطلعاً في هذا السياق من النواب جمال الجراح وهادي حبيش ومحمد الحجار وفادي كرم على نتائج زيارتهم الأهالي المعتصمين قرب السرايا الحكومية، في حين كان الوزير وائل أبو فاعور يعلن بعد لقائه الأهالي قرار إعادة فتح الطرق التي قطعوها عند رياض الصلح والصيفي والمرفأ وأتوستراد القلمون ربطاً بالتطمينات التي نقلها إليهم بإرجاء تنفيذ تهديدات الخاطفين «ثلاثة أو أربعة أيام»، جازماً في ما يتعلق بالأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من السجناء الإسلاميين بأن «لا خلفية سياسية وراءها».
بدوره، وإذ ساهم وزير العدل أشرف ريفي في تبريد تهديدات الخاطفين من خلال البيان التوضيحي الذي أصدره للتأكيد على أنّ «حكم الإعدام في حق الموقوفين الإسلاميين هو حكم مخفّض إلى المؤبد»، مشدداً في الوقت عينه على أنّ القضاء لا يتدخّل في عملية التفاوض الجارية عبر خلية الأزمة لتحرير العسكريين، أوضح ريفي لـ«المستقبل» في ما خصّ هذه الأحكام أنها قضت من الأساس بخفض العقوبة من الإعدام إلى المؤبّد ولم يتم تخفيضها ربطاً بالتهديدات. وفي معرض إشارته إلى الإشكالية الكامنة في الفارق بين المحكومين والموقوفين في سجن رومية، لفت ريفي إلى أنه في حال تضمنت لوائح الخاطفين أسماء محكومين يطالبون بالإفراج عنهم فذلك يجب أن يتم إما من خلال عفو عام يصدره مجلس النواب أو عفو خاص يوقّعه كل أعضاء مجلس الوزراء نيابةً عن رئيس الجمهورية.
سلام: لن نخضع للابتزاز
وبُعيد وصوله إلى الإمارات في زيارة رسمية تنتهي اليوم، أكد الرئيس سلام في دردشة مع الإعلاميين أنّ المفاوضات مستمرة لتحرير العسكريين لكنّها «معقدة»، مشدداً على أنّ الوسيط القطري «يقوم بواجباته» في هذا المجال.
ومساءً، قال رئيس الحكومة خلال حفل الاستقبال الذي أقامته الجالية اللبنانية في دبي على شرفه بدعوة من قنصل عام دبي سامي نمير: «نعيش في كل لحظة مع العسكريين المخطوفين، فالإرهاب يفرض علينا شروطاً، وهناك معاناة الأهالي الذين علينا بلسمة جراحهم»، وأردف: «نحن نفاوض ليس على لبنان، بل من أجل تحرير هؤلاء المخطوفين ضمن إطار كرامة لبنان. لن نخضع للابتزاز ولن نضعف أو نستكين أمام التهديد، وهذا يتطلب تضامن اللبنانيين في ما بينهم».