ردّ «الدستوري» مرجّح الجمعة.. وخط «شبكة كاربوزوف» سوريا ـ لبنان ـ الأردن
«حزب الله» يقايض والأهالي يصعّدون: عن أي هيبة تتحدثون؟
«أمِن الحق أنهم يُطلقون / الأُسدَ منهم وأن تُقيّد أُسدي».. لعلّه بيت القصيد الأكثر إنباءً عن حال أهالي العسكريين المخطوفين بعدما نزل عليهم أمضى من صواعق تشرين نبأ مقايضة «حزب الله» خاطفي مقاتله في سوريا عماد عياد وصولاً إلى تحريره أمس إثر «مفاوضات سرّية خاضها الحزب مباشرةً ومن دون أي وسيط مع الخاطفين» وفق ما أوضحت لـ«المستقبل» مصادر وثيقة الاطلاع على هذه العملية التي قضت في نهاية المطاف إلى مقايضة عياد بأسيرين لدى الحزب. وعلى وقع أزيز رصاص الابتهاج الملعلع في الضاحية الجنوبية لبيروت احتفالاً باستقبال عيّاد ليل أمس، توجّهت آمنة عمار والدة العسكري الأسير حسين عمار بسؤال عبر «المستقبل» إلى قيادة «حزب الله» التي كانت طيلة الفترة الماضية تشدد على عدم جواز اعتماد مبدأ المقايضة مع المجموعات الخاطفة لتحرير العسكريين بداعي ضرورة الحفاظ على «هيبة الدولة»، قائلةً: «تعرقلون عملية المبادلة مع خاطفي أبنائنا وأنتم تعملون في الخفاء وتجرون مفاوضات مباشرة مع الخاطفين لتحرير أسراكم.. فعن أي هيبة تتحدثون؟».
وإذ أعربت في حديثها الى «المستقبل» (ص 2) عن اعتقاد أهالي العسكريين بأنّ «حزب الله» لا يريد لأبنائهم أن يخرجوا إلى الحرية «بل يريدهم أن يُقتلوا حيث هم ليقول للجميع إنه لا وجود للدولة في لبنان»، أكدت أم حسين أنّ الأهالي سيعمدون إلى التصعيد اليوم بعدما كُشف المستور عن مفاوضات «حزب الله» مع الخاطفين، ولمطالبة الدولة «بأن تحزم أمرها لتحرير عسكرييها». في حين أوضح حسين يوسف والد العسكري المخطوف محمد يوسف لـ«المستقبل» أنّ الأهالي سيعقدون اجتماعاً موسّعاً عند العاشرة من صباح اليوم لاتخاذ القرار المناسب حيال الخطوات التصعيدية المرجح اتخاذها، وأردف: «عندما سمعتُ خبر المقايضة بين «حزب الله» والخاطفين أصبتُ بخيبة أمل لم أكن أتوقعها أبداً (…) فمن المضحك المبكي كيف أنّ الحزب الذي يعرقل ملف تحرير أبنائنا يسعى جاهداً في الوقت عينه لتحرير أسراه»، معتبراً في المقابل أنه «بات في إمكان الدولة الآن الرد على رفض «حزب الله» مبدأ المقايضة واتخاذ المبادرة لمبادلة بعض المسجونين بأسراها العسكريين الذين يمثلون كل البلد».
أما في المشهد القضائي، فتتجه الأنظار إلى اجتماعات المجلس الدستوري الخاصة بدرس الطعن المقدم من «التيار الوطني الحر» ضد تمديد ولاية مجلس النواب. وبينما يعود المجلس للالتئام اليوم في اجتماع مصغّر للعمل على وضع مسودة القرار المنوي إصداره بشأن الطعن تمهيداً لانعقاد الهيئة العامة للمجلس الجمعة المقبل، رجحت مصادر متقاطعة لـ«المستقبل» أن يسلك قرار المجلس الدستوري طريقه نحو الصدور بسرعة وقد يكون ذلك بعد غد الجمعة، مبديةً اعتقادها أنّ عدم التوصل خلال اجتماع الأمس إلى مسودة القرار المنشود إنما يأتي في إطار المساعي الجارية لبلورة مسودة قرار تحظى بإجماع أعضاء المجلس.
وعن الخيارات المطروحة على طاولة المجلس الدستوري، يؤكد خبير دستوري لـ«المستقبل» أنّ «أعضاء المجلس في وضع لا يُحسدون عليه نظراً لكون التمديد المطعون فيه حصل فقط قبل أيام من انتهاء ولاية المجلس الماضية ما وضع الجميع أمام مأزق دستوري قوامه إما الفراغ أو التمديد»، لافتاً الانتباه في معرض ترجيحه رد الطعن إلى أنّ «الخلفيات الدستورية المرجّح اعتمادها في مقاربة هذا الموضوع تنطلق من بديهيات مبدأ استمرار المؤسسات باعتبار المجلس الدستوري مسؤولا كذلك عن ضمان انتظام عمل مؤسسات الدولة ودرء خطر تمدّد الفراغ في مفاصل السلطات الدستورية من الرئاسة الأولى إلى مجلس النواب».
شبكة كاربوزوف
أمنياً، برز أمس إنجاز جديد في سجل الإنجازات النوعية التي تحققها قوى الأمن الداخلي من خلال القبض على الخبير الكيميائي في تصنيع حبوب «الكبتاغون» و«باز الأمفيتامين» البلغاري «ب. كاربوزوف» الذي يُعتبر من أخطر المصنّعين في العالم لهذه الحبوب بحسب ما جاء في بيان الأمن الداخلي، موضحاً أنّه بناءً لمعلومات توافرت لمكتب مكافحة المخدرات المركزي في وحدة الشرطة القضائية عن دخوله لبنان بطلب من الفلسطيني م. خلف والسوري س. القناص بغية طبخ وتصنيع الكبتاغون والعمل على تهريبها إلى إحدى الدول الخليجية، تمكّن المكتب في عملية نوعية واستباقية استمرت لنحو شهرين من توقيفهم بعد مداهمة أماكن تواجدهم في بيروت والجنوب والبقاع، وذلك نتيجة عمليات متابعة واستقصاء ورصد تمت بالتنسيق مع السلطات الأمنية في المملكة العربية السعودية.
وكشفت مصادر أمنية لـ«المستقبل» أنّ الموقوف البلغاري يدعى بوريس كاربوزوف والشخصين المتواطئين معه في شبكة تصنيع وتهريب الكبتاغون هما الفلسطيني محمود خلف والسوري سامي هجيج القناص. وفي سياق سردها تفاصيل رحلة القبض على هذه الشبكة، أوضحت المصادر أنّ معلومات كانت قد وصلت منذ أشهر إلى الأجهزة الأمنية المعنيّة تفيد أنّ كاربوزوف يعتزم المجيء إلى لبنان لإتمام عملية تصنيع وتهريب حبوب كبتاغون لكن من دون تحديد تاريخ مجيئه، وتبيّن بحسب الاستقصاءات أنه كان بالفعل قد دخل عدة مرات الأراضي اللبنانية حيث مكث في عدد من الفنادق لفترات معينة قبل أن يعود أدراجه مغادراً لبنان.
على الأثر، تضيف المصادر أنه وبينما كانت عمليات التعقب والمتابعة تتكثف لرصد زيارته الجديدة وصلت برقية أمنية من السعودية منذ قرابة ثلاثة أسابيع توثّق معلومات تفصيلية عن كاربوزوف بشكل يتقاطع مع المعلومات الأمنية اللبنانية حول هويته وأعماله فتم بناءً على ذلك ترقب لحظة وصوله الى لبنان وإلقاء القبض عليه يوم الأحد الفائت. وكشفت المصادر الأمنية أنّ كاربوزوف اعترف أمام المحققين بأسماء المتعاونين معه في شبكة تصنيع وتهريب الكبتاغون وهم الموقوفان خلف والقناص بالإضافة إلى أفراد آخرين جاري العمل على تعقبهم وتوقيفهم، مشيرةً إلى أنّه كان قد أتى إلى لبنان بطلب من السوري سامي القناص لتصنيع آلة كبتاغون وتهريبها إلى الأردن، وجرى توقيف القناص في البقاع بعدما تبيّن أنه ومحمود خلف حضرا من بلغاريا لإتمام الصفقة.
وإذ لفتت إلى أنّ أحد أفراد الشبكة الذي كان من المفترض أن يتسلم الشحنة في الأردن تمهيداً لإعادة تهريبها إلى دول خليجية توارى في الآونة الأخيرة عن الأنظار بعدما شعر بانفضاح أمر الشبكة لدى أجهزة الأمن الأردنية، أوضحت المصادر الأمنية أنّ المافيات في بلغاريا تاريخياً هي من المنظمات المخترعة لمخدرات الكبتاغون، لافتةً في هذا السياق إلى أنّ شبكة كاربوزوف كانت تتخذ من خط سوريا لبنان الأردن أرض عبور لتهريب الحبوب المخدرة إلى دول أخرى، مع إشارتها إلى أنّ سوريا باتت تشكل أرضية خصبة لصناعة الكبتاغون خلال السنوات الأخيرة بحيث يتولى تجار سوريون عملية التصنيع داخل الأراضي السورية بينما يقوم أشخاص لبنانيون بتسهيل عملية تخزينها في الأراضي اللبنانية تمهيداً لتهريبها إلى الأردن ومنها إلى وجهتها الأخيرة في عدد من الدول المستهدفة لا سيما في الخليج.