قطر تنسحب من ملف العسكريين.. والأهالي يتوعّدون السرايا بـ«الثأر»
فرنسا تستطلع إمكان النأي بالرئاسة عن الاشتباك الإقليمي
في سياق متقاطع مع الأهداف الفتنوية للخاطفين، بدا خلال الساعات الأخيرة أنّ ملف العسكريين يجنح نحو مسالك غير مطمئنة على صعيد السلم الأهلي تحت وطأة المطبّات والمزالق الآخذة بالبروز سواءً على الأرض من خلال حواجز ميليشيوية يجاهر مسلّحوها في البزالية بكونها تستهدف خطف «العراسلة»، أو على مستوى تصريحات ومصطلحات بعض أهالي العسكريين وأخطرها أمس توجيه أحدهم رسالة تحذيرية توعّد فيها «من على هذا المنبر الحسيني» حيث يقام عزاء الشهيد علي البزال بأنّ «ثأر» الأهالي «سيكون في السرايا الحكومية». بينما طرأ قرابة منتصف الليل منعطف خطر على مسار التفاوض لتحرير العسكريين، مع إعلان الدوحة تعليق مساعيها لتحرير العسكريين «نتيجة فشل الجهود المبذولة» على خط الوساطة القطرية. وفي خضم هذا المشهد المثقل بالتداعيات التصعيدية التصاعدية ربطاً بأزمة العسكريين المختطفين، ستكون الأزمة الرئاسية اليوم محط استطلاع فرنسي لمدى إمكان النأي برئاسة الجمهورية عن الاشتباك الإقليمي، وفق ما لخّصت مصادر ديبلوماسية لـ«المستقبل» مهمة مدير الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو في لبنان.
وأوضحت المصادر، قبيل وصول جيرو مساء أمس إلى بيروت، أنّ المباحثات التي يبدأها اليوم مع المسؤولين اللبنانيين وتستمر حتى نهار الغد «تتركز حول ضرورة فصل الملف الرئاسي اللبناني عن الأوضاع الإقليمية»، لافتةً إلى أنّ التحرك الفرنسي في هذا الإطار إنما ينطلق من كون «لبنان ليس في مقدوره أن يبقى منتظراً على رصيف التعقيدات الإقليمية، لا سيما وأنه بات واضحاً أنّ الأزمة السورية طويلة وأنّ المفاوضات النووية الإيرانية الغربية لا تزال بعيدة عن تحقيق النتائج المتوخاة منها».
على هذا الأساس، أشارت المصادر الديبلوماسية إلى أنّ جيرو سيتناول خلال محادثاته اللبنانية «إمكان إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية بما يتيح انتخاب رئيس جديد للجمهورية يتوافق عليه الأفرقاء اللبنانيون، على قاعدة ضرورة التنبّه إلى أنّ استمرار الشغور الرئاسي لن يضفي على الوضع في لبنان إلا مزيداً من الصعوبة والتعقيد».
وإذ وضعت المصادر زيارة الموفد الفرنسي إلى لبنان في إطار الجولة التي يعتزم القيام بها في المنطقة وتشمل إجراء مشاورات مع كل من الرياض وطهران حول الملف الرئاسي اللبناني، علمت «المستقبل» أنّ جيرو سيعود إلى باريس بعد انتهاء محادثاته في بيروت لوضع القيادة الفرنسية في أجواء ونتائج محادثاته اللبنانية قبل أن يستأنف جولته العربية والإقليمية.
قطر تعلّق وساطتها
بالعودة إلى ملف العسكريين المخطوفين، فقد تفاجأ المراقبون ليل أمس ببيان صادر عن وزارة الخارجية القطرية نقلته وكالة الأنباء القطرية الرسمية «قنا» وأعلن «عدم إمكان استمرار دولة قطر في جهود الوساطة لإطلاق سراح العسكريين اللبنانيين الذين تم اختطافهم في أغسطس الماضي في محيط بلدة عرسال«، موضحاً أنّ هذا القرار «جاء نتيجةً لفشل الجهود المبذولة» على خط هذه الوساطة التي أكدت الخارجية القطرية أنها «جاءت لأسباب إنسانية، وانطلاقاً من حرص دولة قطر على الحفاظ على أرواح الأبرياء، وذلك بعد طلب من الأشقاء في لبنان الوساطة القطرية«.
وفي حين أعربت الخارجية القطرية عن «بالغ أسفها لمقتل الجندي اللبناني» علي البزال، جددت في الوقت عينه الإعراب عن «حرص دولة قطر على بذل كافة الجهود الديبلوماسية من أجل الحفاظ على الأرواح».
.. والأهالي يتوعدون
وكان أهالي العسكريين قد واصلوا أمس عمليات قطع وإعادة فتح الطرق، بينما عقد وفد منهم مؤتمراً صحافياً في حسينية بلدة البزالية إثر مشاركة عائلة البزال في تقبل التعازي باستشهاد إبنها. وإذ حرص معظم أعضاء الوفد على تأكيد كون علي البزال «شهيد كل لبنان»، برزت في المقابل اللهجة التصعيدية التي استخدمها طلال طالب والد العسكري المختطف محمد طالب بقوله متوجّهاً إلى رئيس الحكومة تمام سلام: «خذ الموقف الشجاع لإطلاق سراح أبنائنا خلال الساعات المقبلة (…) لأنّ ثأرنا لن يكون في عرسال بل سيكون في السرايا الحكومية».
البزالية.. وعرسال
وفي الغضون، لفت الانتباه تقرير مصوّر بثته أمس المؤسسة اللبنانية للإرسال «lbci» واستصرحت فيه أحد المسلّحين المنتشرين على طريق البزالية حيث جاهر بكون الحواجز الميدانية المقامة في البلدة إنما تستهدف خطف «العراسلة»، مشدداً على أنّهم لا يبحثون عن شخص محدد من أبناء عرسال بل «كل شخص من عرسال هو مستهدف» بعمليات التدقيق التي تتم عند هذه الحواجز.
وفي التقرير نفسه، برز الإعلان كذلك عن أنّ زوجة البزال، رنا الفليطي، موجودة في عرسال ولم تتمكن من حضور عزاء زوجها الشهيد في مسقط رأسه لأنّ ذويه رفضوا حضورها، وهو ما أكدته إحدى قريبات الشهيد بالقول لمراسل «lbci» إنّ عائلة البزال لا تقبل مشاركة الفليطي في مأتم زوجها «إلا في حال أحضرت معها علي، حياً أو ميتاً» ربطاً باتهام إخوانها بالانتماء إلى «جبهة النصرة».