الحريري وجعجع يبحثان «سبل الخروج من المأزق».. وقهوجي يؤكد بدء الاستفادة من هبة المليار
«ستاتيكو» على كل الجبهات.. من الرئاسة حتى النفايات
في حقبة وطنية عزّت فيها المعادلات التوافقية وندرت العناوين الجامعة، برزت خلال الساعات الأخيرة عبارة «توافقية» أجمع عليها الأقطاب والسياسيون الذين استوضحتهم «المستقبل» حول المستجدات في مختلف الملفات والقضايا: «لا جديد». عبارة عكست إقراراً بواقع الدوران في حلقة مفرغة من «الستاتيكو» على كافة الجبهات.. من معضلة الرئاسة المستدامة، إلى التعثر النيابي الطاغي على عمل لجنة التواصل «الانتخابي» ما دفع «القوات اللبنانية» إلى تعليق مشاركتها فيها، مروراً بالضياع الحاصل في قضية العسكريين المختطفين واستفحال أزمة الثقة بين ذويهم وخلية الأزمة معطوفاً على قول قائد الجيش العماد جان قهوجي «في فمي ماء» تعليقاً أمس على هذه القضية، وصولاً حتى الاختلاف المحتدم حول «النفايات» على وقع تحذير تكتل «التغيير والإصلاح» من أنها «ستملأ شوارع بيروت وكسروان والمتن والضاحية في حال لم يتم التوافق على هذا الملف في جلسة مجلس الوزراء المقبلة».
وفي هذا السياق، أوضح عضو التكتل وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب لـ«المستقبل» أنّ المشكلة القائمة في ملف النفايات تكمن في مسألة إيجاد مطمر بديل من مطمر الناعمة الذي سيتم إقفاله في 17 كانون الثاني المقبل، وسأل: «إذا لم يتم إيجاد حل لهذا الملف قبل إقفال مطمر الناعمة وانتهاء صلاحية عقد سوكلين، أين ستذهب الدولة بالنفايات؟» وأردف: «حتى ولو تم تجديد عقد سوكلين، وجرى الاتفاق على مسائل الجمع والكنس والفرز، يبقى هناك موضوع العوادم التي تحتاج إلى ردم فأين نطمرها إذا أقفل مطمر الناعمة ولم نجد المطمر البديل؟».
وإذ نوّه بالخطة الجديدة الموضوعة لناحية تخفيف الأعباء الناتجة عن النفايات، أشار بوصعب إلى أنّ ذلك لا يلحظ الحلول المناسبة لما نسبتُه 30 % من النفايات التي تحتاج إلى طمر. ولفت إلى وجود عدة اقتراحات قيد الدرس والتشاور في ما يتصل بعمليات الطمر، من بينها أن تتولى الشركات الخاصة إيجاد الحلول لهذا الموضوع، واقتراح آخر يقول بطمر النفايات في المساحات التي تشغلها المقالع والكسارات المخالفة، ورأي ثالث يقترح أن يقوم كل قضاء بطمر النفايات الناتجة عنه ضمن نطاق القضاء الجغرافي. إلا أنّ بوصعب شدد حيال ذلك على أنّ حسم الأمور في هذا الاتجاه أو ذلك إنما يحتاج إلى «قرار سياسي» لا يزال غير محسوم حتى اللحظة.
أزمة العسكريين
أما على صعيد أزمة العسكريين المختطفين، فقد تفاقم التوتر الناتج عن هذه الأزمة نتيجة التخبط الحاصل على جبهة المفاوضات والوساطات المعلقة مع الخاطفين. في حين جدد تنظيم «داعش» أمس عملية ابتزاز الأهالي وتهديدهم باستئناف تصفية أبنائهم خلال الساعات المقبلة، الأمر الذي دفعهم إلى تصعيد تحركاتهم الميدانية واصطدامهم بحرس السرايا الحكومية لدى إقدامهم على إحراق الإطارات المشتعلة عند مدخل السرايا أثناء انعقاد خلية الأزمة برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام.
وعلى هامش الاجتماع، طالب عضو الخلية الوزير علي حسن خليل باسم كتلة «التحرير والتنمية» بأن يصار إلى «اتخاذ خطوات جدية والبت في موضوع مرجعية التفاوض وآليته». بينما شدد وزير الداخلية نهاد المشنوق من جهته على «عدم وجود فوضى داخل خلية الأزمة بين ما هو سياسي وما هو أمني»، مؤكداً في هذا الإطار أنّ «قناة التفاوض معروفة وتعمل، و(المدير العام للأمن العام) اللواء عباس ابراهيم هو رئيس المجموعة الأمنية (المعنيّة بعملية التفاوض) باتفاق الجميع»، مع الإشارة في الوقت عينه إلى أنّ الحكومة «لا تقفل الأبواب أمام كل من يريد المساعدة» وتجديده المطالبة بالحصول على «تعهد خطي من الجهات الخاطفة بعدم قتل العسكريين باعتباره المدخل إلى استئناف التفاوض».
الحريري وجعجع
وأمام «الستاتيكو» المستحكم بمفاصل البلد، شدد الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال لقائهما أمس في الرياض على «أهمية تهدئة الأجواء السياسية والحفاظ على الأمن والاستقرار وضرورة مواصلة التشاور والبحث للخروج من المأزق السياسي القائم والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية». وكان جعجع قد واصل لقاءاته الرسمية مع المسؤولين السعوديين فاستعرض التطورات والتحديات في لبنان والمنطقة مع كل من وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز ورئيس الاستخبارات العامة السعودية الأمير الفريق أول خالد بن بندر بن عبد العزيز. في حين أطلق جملة مواقف سياسية خلال حفل الاستقبال الذي أقامته الجالية اللبنانية له في مقر السفارة في الرياض، بحيث انتقد «مدّعي العمل لمصلحة المسيحيين ومدّعي المقاومة بينما هم يعملون في الوقت نفسه على تعطيل الانتخابات الرئاسية»، مشدداً في المقابل على أنّ حلّ الأزمة الرئاسية يكمن في مشاركة الجميع في جلسات انتخاب الرئيس والاحتكام لقوانين اللعبة الديموقراطية أو «التفاهم بكل بساطة على شخصية توافقية، بدءاً من الفرقاء المسيحيين وصولاً إلى جميع اللبنانيين».
وإذ أعرب عن «الشكر الكبير للمملكة العربية السعودية ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز» ذكّر جعجع بوقوف المملكة التاريخي إلى جانب لبنان وصولاً إلى تقديمها هبتي الأربعة مليارات دولار لتسليح القوى العسكرية والأمنية الشرعية، مشدداً على كون هذه الخطوة إنما «تجسد إيمان السعودية بأنّ الجيش هو الوحيد القادر على تأمين الاستقرار والأمن للبنانيين«.
وفي المستجدات ذات الصلة، برز تأكيد العماد قهوجي أمس أمام وفد المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع أنّ «الجيش بدأ يستفيد فعلياً من هبة المليار دولار التي أودعها الرئيس الحريري في مصرف لبنان»، وذلك غداة توقيعه في اليرزة ملحق اتفاقية الأسلحة الفرنسية مع ممثل شركة «أوداس» تنفيذاً لهبة المليارات الثلاثة.