«حزب الله» عند سليمان: جلسة «غسل قلوب» تخلّلها تفهّم وعتاب حول «إعلان بعبدا»
«المعلومات» تفكّك «خلية بعثية» لخطف معارضي الأسد
في «رسالة» أمنية نوعية تؤكد أنّ الساحة الداخلية لم تعد مستباحة أمام النظام المترنّح في دمشق وفلوله الاستخباراتية في لبنان، أطبقت شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي أمس على إحدى خلايا النظام السوري في البقاع الغربي وتمكّنت من تفكيكها وتوقيف معظم عناصرها بعد مداهمة أماكن تواجدهم بعمليات مباغتة ومتزامنة في عدد من مناطق البقاع. وكشفت مصادر أمنية رفيعة لـ«المستقبل» أنّ الخلية المستهدفة، وهي تضم مجموعة من عناصر «حزب البعث» برئاسة مسؤول الحزب في البقاع الغربي ماجد منصور، كانت تقوم بعمليات خطف منظّمة لمواطنين سوريين معارضين لنظام بشار الأسد وتهريبهم لاحقاً إلى سوريا حيث يتم تسليمهم إلى النظام، مشيرةً إلى أنّ آخر ضحايا هذه «الخلية البعثية» كان السوري محمد أحمد النعماني الذي جرى خطفه منذ نحو خمسة أيام من إحدى مناطق البقاع الغربي ومن ثم تمّ تهريبه وتسليمه إلى أحد ضباط مخابرات الأسد في دمشق.
الخلية التي كانت عملياً تقوم بتسليم المواطنين السوريين المعارضين ليصار إلى تصفيتهم على أيدي النظام السوري، أوضحت المصادر الأمنية أنّ عناصرها تمكّنوا في الآونة الأخيرة من خطف وتهريب نحو 4 سوريين معارضين إلى سوريا، وحينما توافرت معطيات أمنية عن ارتكابات هذه المجموعة تم وضع زعيمها ماجد منصور تحت المراقبة بحيث جرى رصد أعماله والتثبّت من كونه يتولى على رأس مجموعة من عناصره عمليات خطف المعارضين السوريين واحتجازهم في مكان معيّن تمهيداً لتهريبهم وتسليمهم إلى ضابط مخابرات في دمشق.
وفي تفاصيل عمليات الدهم التي تمت أمس في عدد من مناطق البقاع الغربي، أوضحت المصادر أنّها جرت بشكل متزامن شمل مداهمة منزل منصور وأماكن أخرى يتواجد فيها عناصر الخلية المستهدفة، لافتةً إلى أنه وبينما تمكن منصور من الفرار قبل الإطباق على منزله، أسفرت العملية عن توقيف أخوته خالد وعلم ومنصور محمد منصور، بالإضافة إلى السوري محمود حسن الملقّب بـ«محمود صبحة»، فضلاً عن ضبط أسلحة حربية في المنزل. في وقت جرى توقيف عناصر آخرين من مجموعته في مناطق أخرى ليبلغ عدد الموقوفين المتورطين في خلية خطف السوريين المعارضين 7 حتى الساعة، فيما تقوم الوحدات الأمنية بتعقب وملاحقة 3 آخرين لا يزالون فارين.
ورداً على سؤال، أفادت المصادر أنه أثناء تنفيذ وحدة تابعة لشعبة «المعلومات» عملية دهم منزل أحد المطلوبين في هذه القضية، المدعو هيثم سلمان حمد، في قضاء راشيا، تعرضت الوحدة الأمنية لإطلاق نار من قبل حمد فردّت عليه بالمثل ما أدى إلى إصابة أحد العناصر الأمنيين بالإضافة إلى إصابة المطلوب وإلقاء القبض عليه ثم نقله للمعالجة في أحد مستشفيات المنطقة، مشيرةً إلى أنّ أعضاء الخلية الموقوفين يخضعون حالياً للتحقيق لدى شعبة «المعلومات» حيث يتم التركيز على كيفية عمل هذه الخلية والطرق التي استخدموها في تهريب المخطوفين من لبنان لتسليمهم إلى النظام السوري.
سليمان و«حزب الله»
في الغضون، برز أمس على شريط المتابعات الإخبارية مشهد الزيارة التي قام بها وفد من «حزب الله» برئاسة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إلى دارة الرئيس ميشال سليمان. وبينما وضع رعد الزيارة في إطار «التعزية» بوفاة والدة سليمان، أشار في الوقت عينه إلى أنّ «المناسبة فتحت المجال لتبادل وجهات النظر في ما يهم مصلحة لبنان ومستقبل الوضع فيه»، مؤكداً في هذا السياق أنّ «الحوار كان ودياً وعميقاً وصريحاً». أما سليمان فشدد على «أهمية الحوار بين الجميع شرط أن يستند إلى المصارحة والحقائق لتكون نتائجه أفضل»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «الحقيقة تُقوّي منطق الحوار».
ووصفت أوساط سليمان لـ«المستقبل» أجواء اللقاء بأنه كان بمثابة «جلسة غسل قلوب استمرت على مدى أكثر من ساعة»، مشيرةً إلى أنّ وفد «حزب الله» أبدى «كثيراً من الود خلال اللقاء وأظهر نيةً واضحةً بالانفتاح على الرئيس سليمان من ضمن إطار انفتاح الحزب على الحوار مع تيار «المستقبل» وغيره من الأفرقاء السياسيين في البلد».
وإذ كشفت أنّ النقاش خلال الجلسة تناول موضوع «إعلان بعبدا»، أوضحت الأوساط أنّ «الرئيس سليمان عاتب «حزب الله» على تنكّره لهذا الإعلان ثمّ هجومه عليه وصولاً إلى قول الحزب «فليبلوه ويشربوا ماءه» في مواجهة المدافعين عن المبادئ التي نصّ عليها الإعلان». وفي المقابل نقلت الأوساط أنّ «وفد الحزب أبدى تفهّمه لموقف سليمان من «إعلان بعبدا» بمعزل عن الاختلاف على النظرة إلى الأمور في هذا الإطار».
مجلس الوزراء
مؤسساتياً، عقد مجلس الوزراء جلسة عادية أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام غابت عنها الملفات الخلافية لا سيما منها ملف الاتصالات في ظل غياب وزير الاتصالات بطرس حرب الموجود في القاهرة ووزير الخارجية جبران باسيل الموجود في الأرجنتين. أما ملف النفايات فأكدت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّه تمّ التوافق على طرحه بنداً أولاً على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الثلاثاء المقبل بدل الخميس لمناسبة حلول عيد الميلاد.
وعن مجريات الجلسة، أوضحت المصادر أنّ الموضوع الأهم الذي طرح خلال الجلسة كان بند «الجامعات»، كاشفةً أنّ إشكالاً حصل حول الملف تمثل باعتراض وزراء الرئيس سليمان على عدم إدراج ملف الجامعة التي طلب ترخيصها ضمن لوائح الجامعات الواردة في هذا البند، مستفسرين من وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب عن سبب عدم إدراج كافة ملفات الجامعات المستوفاة للشروط على جدول أعمال الجلسة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها. أمام ذلك، تم إرجاء منح كل التراخيص الجديدة للجامعات بسبب اعتراض وزراء سليمان، مع ملاحظة المصادر الوزارية أنّ وزيري «حزب الله» التزما الحياد في مقاربة هذه المسألة.
وعن ملف العسكريين المختطفين، وبينما أكد رئيس الحكومة في مستهل الجلسة أنّ «خلية الأزمة مستمرة في مهمتها من دون انقطاع وأنّ المفاوضات الصعبة والمعقدة تسير ببطء»، نقلت المصادر الوزارية عن سلام قوله: «نحن من جهتنا نتعامل بجدية تامة مع هذه القضية الوطنية لكنّ الخاطفين للأسف لا يتعاملون في المقابل بجدية مع هذا الملف»، موضحاً أنهم يواظبون على تغيير مطالبهم في سبيل تحرير العسكريين، ومؤكداً العمل وبذل كافة الجهود على أمل في أن تقابل الجدية بجدية مماثلة من الجهات الخاطفة لكي يصل هذا الملف إلى خواتيمه المرجوة.