على سكة التكتم والعمل، يواصل القطار الانتخابي شقّ طريقه الصعب نحو محطة التوافق المنشود وسط تضاريس سياسية وحزبية وطائفية محاطة بألغام ينبغي تفكيكها وعقبات يُفترض تجاوزها ومنزلقات لا بد من تجنبها بغية تلاقي النوايا وتقاطع الطروحات والجهود عند صيغة نهائية جامعة لقانون الانتخاب العتيد. واليوم، تُستأنف الاجتماعات التشاورية بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» و«حركة أمل» و«حزب الله» لاستعراض آخر المستجدات على خارطة القانون الانتخابي في ضوء ما توصلت إليه الاتصالات المفتوحة بين الأطراف الأربعة والمتداخلة بينهم وبين مختلف الأفرقاء على الساحة السياسية.
وفي الانتظار، لوحظ أمس تصاعد وتيرة الهواجس الانتخابية لدى بعض المكونات الوطنية ربطاً بالتسريبات المتعلقة بصيغ «المختلط» المطروحة على طاولة البحث والتشاور، في وقت أبدت مصادر مواكبة للمشاورات الانتخابية لـ«المستقبل» استغرابها للحملات المتصاعدة سياسياً وإعلامياً في معرض التصويب على محاولات التوصل إلى مشروع قانون انتخابي جديد يمزج بين النظامين النسبي والأكثري، مؤكدةً أنها حملات تنطلق من أحكام افتراضية مسبقة تؤجج الهواجس ولا تعالجها، سيما وأنّ مسودة مشروع «المختلط» التي يتم تداولها حالياً على الساحتين السياسية والإعلامية وتتمحور حولها مختلف أنواع الانتقادات والاعتراضات إنما هي في واقع الأمر «مسودة غير دقيقة وغير نهائية» سواءً على مستوى التقسيمات والمعايير أو على صعيد توزيع المقاعد النيابية بين الانتخاب الأكثري والنسبي.
وأمس، لفت الانتباه تقاطع اشتراكي – كتائبي معترض على مسار التشاور الحاصل حول قانون الانتخاب العتيد رفع بموجبه «اللقاء الديمقراطي» سقف انتقاده للاجتماعات الانتخابية التشاورية إلى درجة تساؤل النائب أكرم شهيب من بيت الكتائب في الصيفي: «مَن أعطى الحق للجنة الرباعية بأن تتحكّم بالموجودين في البلد؟»، وأضاف إثر اجتماع وفد «اللقاء» برئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل: «بكل شجاعة نقول إن ظروف النسبية غير مؤاتية اليوم ونسعى إلى التوزان والعمل المشترك من أجل قانون لا يُلغي أحداً»، وأردف: «مما قرأناه ووصلنا بالتواتر (حول المسودة المسرّبة لمشروع قانون المختلط)، نعتبر أنه مشروع هجين لا علاقة له بالتوازن ولا بوحدة معايير ولا بصحة تمثيل، وفيه نبرة استعلاء ورغبة في الإلغاء وهذا غير وارد بقاموسنا السياسي على مر كل المراحل التي مررنا بها».
بدوره، شدد الجميل على أنّ «موضوع الجبل خط أحمر والمطلوب قانون يؤمن صحة التمثيل والتعددية والديموقراطية في هذا الظرف كي يتمكن كل فريق من أن يتمثل على قدر حجمه»، آملاً «أن يكون العمل على قانون الانتخاب موضوعياً ويراعي هواجس الجميع».
ولاحقاً، زار كل من وفد «اللقاء الديمقراطي» ورئيس «الكتائب» عين التينة حيث اجتمعا تباعاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وتناقشا معه في مستجدات النقاش الدائر حول ملف قانون الانتخاب.