«المستقبل» يحيي الذكرى في البيال وترقّب وطني لمضامين كلمة الحريري
رولا عبدالله
ليس بعدد أيام الغياب التي تربو على أربعة آلاف ونيف، ولا بتعابير الوجد والفقدان والاشتياق، ولا بتعداد الحشود الوافدة الى الضريح، ولا بعدد المقاعد المتراصفة في البيال، ولا باستفقادة حيث الشعلة تضاء وتلتهب على الطريق البحري، ولا في بساتين صيدا ودوّار طرابلس والطرق التي تأخذ إلى البقاع والجبل والإقليم وغيرها.. يتظهّر الحجم الحقيقي للشوق إلى «الرفيق» الذي منذ حزم الوطن في قلبه واستكان في قلب البلد، بقي عالقاً مثل غصّة في القلوب التي لا تزال على الوعد تترحم وتتصبّر وتأمل خيراً، وكلما عصف شباط برياحين الذكرى تعرى الحلم من وجعه منتفضاً على سنوات الغياب بمزيد من أحلام أرادها الرئيس الشهيد أن تبقى متّقدة في مستقبل ليس فيه دمار وتفرقة وكانتونات وتقاسيم هوجاء. مستقبل يكون بلون السماء، غزيراً كما خير المطر المنهمر في الذكرى، زكياً كما رائحة الرفاق والشهداء الذين حملوا القضية إلى المجد، أولئك الذين ذهبوا إلى الموت في خطى ثابتة، وإليهم تحضر الحشود اليوم من الجهات الأربع، في مناسبة عصية على التجاوز من دون ورود بلون الحب، وأكاليل بلون السلام وشموع بعبق الإيمان.
هناك عند الضريح، يتلاقى أحباب الرئيس هذا الصباح، من كل المذاهب والأديان والأطياف. وكما في كل عام، يحضر العلم وشال الثورة ووردة وشمعة وبادرة خير في أن يزهر حلم الرئيس المزيد من الوفاق والتوافق. الحلم المنحاز دوماً إلى هواء المدينة المفتوح على بحرها، والمنحاز إلى دستور يُحاسب القتلة ويتتبعهم ولو بعد مئة عام، والمنحاز أيضاً إلى الإصرار على الانتقال من حالة الشغور إلى الدولة، والمنحاز إلى جولة على الخط البحري الذي يأخذ إلى السان جورج، وإلى التمثال وإلى الشعلة وإلى البيال عصراً حيث اللقاء المنتظر مع العائلة الصغرى والكبرى.. ومع الرئيس سعد الحريري في كلمة تؤكد على ثوابت الرئيس الشهيد، وخياراته في تغليب مصلحة الوطن على الاعتبارات الشخصية والفئوية، ليلامس في حضور سياسي وشعبي عناوين المرحلة وما آلت إليه الملفات الداخلية وموقف «المستقبل» منها. على أن تكون للحريري كلمة ثانية
متلفزة مساءً، حيث اللقاء يستذكر الأب، الأحلام والإنجازات والمشاريع والوصية المختومة بالبلد الوديعة، وبجلجلة الدرب الذي اختاره الإبن ليبقى البلد كما حلم به الرئيس الشهيد متعالياً على العصبيات، منزّهاً عن الانقسامات، ومنحازاً على الدوام إلى الحوار ولغة العقل والعيش الواحد والمستقبل الذي لا تشوبه غمامات سوداء أو بشائر فتن متنقلة.
وفي الذكرى تكابر الدمعة فوق هتاف شباب ينده ويردد: «عالوعد نكمل دربك». الوعد الذي قطعه الرئيس الشهيد للبلد بأن يبقى الأحلى والأغلى، والوعد الذي قطعه الابن للشهيد والشهداء بأن يبقى البلد محفوظاً في القلب، والوعد الذي قطعه البلد للشهيد والشهداء بألا ينزلق إلى مدارك العتمة والجهل.. ذلك هو «المستقبل» حلمك يا دولة الشهيد، وبعد 12 مرة 14 شباط لا يزال الحلم حاضراً، قوياً، صلباً.. وما زلت تجول في البال والبلد متفقداً، مطمئناً: شو الأحوال؟ شو الأخبار؟