حوار «المستقبل» ـ «حزب الله» ينطلق مساءً على «قاعدتَي» تخفيف الاحتقان وإنهاء الشغور
طهران تعاين الفراغ.. وعين التينة ترعى «كسر الجليد»
بخلاف مشهد الاختناق المروري الذي أطبق أمس على مختلف مفاصل البلد تحت ضغط الأعياد والأمطار والإجراءات الأمنية المواكبة للزائر الإيراني علي لاريجاني، تلوح على خارطة التقاطعات السياسية إشارات ارتخاء وحلحلة مرجوّة على صعيد الاحتقان المذهبي والاختناق الرئاسي، مدفوعةً بانطلاق عجلة الحوار المرتقب بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» مساء اليوم برعاية عين التينة على المستوى الداخلي، والمؤشرات الواضحة التي عكست على المستوى الإقليمي استشعار طهران «خطر استمرار الشغور الرئاسي على استقرار لبنان» من خلال زيارة «المعاينة» التي قام بها لاريجاني للوضع اللبناني مسلّماً خلالها بأنّ «الحاجة باتت ملحّة لملء الفراغ» في سدة الرئاسة الأولى، وسط تأكيد مصادر مواكبة للزيارة لـ«المستقبل» أنّها تندرج في سياق «التماهي الإيراني مع المساعي الفرنسية لإنهاء الشغور الرئاسي».
وعشية انطلاق أولى جلسات الحوار في عين التينة، وضعت مصادر رفيعة في «تيار المستقبل» اللقاء الذي سيعقد مساءً في إطار «كسر الجليد» برعاية وحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ومعاونه الوزير علي حسن خليل، وبمشاركة مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، يقابلهم المعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، حسين خليل، والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله. وشددت المصادر لـ«المستقبل» على كون وفد «التيار» يتّجه إلى عقد حوار مع الحزب يرتكز «على قاعدتين» أساسيتين تتمحوران حول ضرورة العمل الجاد على خفض منسوب الاحتقان السني الشيعي، ووجوب السعي الفاعل لانتخاب رئيس للجمهورية. وهو ما نوّه به مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بعد زيارته الرئيس الحريري في الرياض أمس آملاً من مبادرة الحريري الحوارية «خيراً كثيراً في مجال تخفيف التوتر المذهبي، وفي التمهيد لحوارات يتم التوصل عبرها إلى انتخاب رئيس للجمهورية».
بالعودة إلى زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني، فقد أوضحت مصادر مواكبة للزيارة لـ«المستقبل» أنّ لاريجاني عبّر بشكل صريح، مباشر وغير مباشر، عن «رسائل» إيرانية دافعة لقطار الحوار الداخلي في لبنان توصلاً إلى توافقات لبنانية تتيح رفع الحظر المفروض على الانتخابات الرئاسية، مشيرةً في هذا السياق إلى كون الزيارة إنما تندرج في إطار التعهدات التي قطعتها طهران لفرنسا بالعمل مع حلفائها في لبنان على إيجاد السبل التوافقية الآيلة إلى انتخاب رئيس للجمهورية. وكشفت المصادر في هذا الإطار أنّ المشاورات الجارية بين الفرنسيين والإيرانيين حول الملف اللبناني توصلت إلى قناعة مشتركة مفادها أنّ لبنان الذي أثبت كونه من أقوى الكيانات في المنطقة بفعل ما أظهره من صمود ومناعة في مواجهة أخطار العواصف و«الدواعش» الإقليمية، بات اليوم مهدداً بتداعي صموده ومناعته في حال استمرار الفراغ الرئاسي وعدم الإسراع في انتخاب رئيس توافقي للبلاد، باعتبار ذلك يشكل المدخل الرئيس لتعزيز التحصينات الوطنية على الساحة اللبنانية.
وكان لاريجاني قد جال أمس على عين التينة والسرايا الحكومية حيث التقى كلاً من بري ورئيس الحكومة تمام سلام، وأطلق جملة مواقف إزاء الملفات المحلية والإقليمية والدولية خلال هذه الجولة التي شملت كذلك إلقاء محاضرة في كلية الحقوق في مجمع الرئيس الشهيد رفيق الحريري الجامعي في الحدث بالإضافة إلى لقائه وفداً من الفصائل الفلسطينية بمشاركة السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور. ومساءً عقد المسؤول الإيراني مؤتمراً صحفياً في فندق فينيسيا تناول فيه الاستحقاق الرئاسي قائلاً: «حصلت مشاورات معنا، إذ إنّ الحاجة باتت ملحّة لملء الفراغ الرئاسي، والجمهورية الإسلامية تدعم أي حلحلة في هذا الملف»، مع توجيهه رسالة لافتة للانتباه إلى «المسيحيين اللبنانيين» بوصفهم «المعنيين الأساسيين في هذه القضية» مؤكداً «وجوب أن يضافروا جهودهم» في سبيل إنهاء الشغور في سدة الرئاسة الأولى، في إشارة توقف عندها المراقبون لناحية وضعها في خانة الرسالة الإيرانية الدافعة باتجاه ضرورة انفتاح الحليف المسيحي لـ«حزب الله» رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على سائر الأفرقاء المسيحيين، وفي طليعتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بغية بلورة توافق مسيحي – مسيحي على ملف رئاسة الجمهورية.
وفي معرض إبدائه «دعم إيران كل حوار، لا سيما بين تيار المستقبل وحزب الله»، شدد لاريجاني على كون «المصلحة اللبنانية العليا لا يمكن أن تقوم إلا بالحوار». وذلك بعد أن كان أعرب من عين التينة عن تثمين طهران للرعاية التي يوليها الرئيس بري لهذا الحوار، مبدياً تفاؤلها بأنه «سيفسح المجال أمام تقريب وجهات النظر بين التيارات السياسية الفاعلة على الساحة اللبنانية بما يؤدي إلى حلحلة العديد من المشاكل السياسية التي لا تزال قائمة (…) وإيجاد المخارج اللازمة لها».